"لو كان نتنياهو بيغنًا أو...شارونًا" بقلم:شريف صعب-أبوسنان
2015-04-18 18:36:29
لو أراد رئيس حكومة إسرائيل المنتخب أن يدخل التّاريخ من أوسع أبوابه في الفترة المقبلة، لسنحت له الفرصة ذلك شرط أن يقحم على خطواتٍ جريئة تؤهّله لذلك. وما عليه إلّا أن يفكّر بعقلٍ نيّرٍ وبنظرةِ شموليّةٍ وأن يتّجه بشكلٍ إيجابيٍّ لحلّ القضايا والأزمات السّياسيّة العالقة الّتي لطالما عانت منها دول وشعوب شرقنا العزيز...خصوصًا النّزاع الشّرق أوسطيّ ما بين دولتنا،إسرائيل، والشّعب الفلسطيني ودول الجوار،هذا النّزاع الّذي فاق عمره المئة عام،من الصّراعات البائسة !
لم تنتهِ صلاةٌ أو حديثٌ في أيّ مناسبةٍ إلّا وأنهاهُ المُتحدّث بأُمنياته أن يعمّ السلام والوئام في أرجاء شرقنا والعالم...وما أكثر ما غنّى المغنون وكتب الكاتبون وابتهل الشّعراء من أجل السّلام الّذي حتّى الآن"لم يرُدّ ولم يصُدّ!"
لقد تمخّضت الانتخابات الأخيرة بنتائجَ أفضت إلى إعادة انتخاب حزب الّليكود كأكبر حزب في الكنيست،برئاسة نتنياهو وبأحقيّةِ تخويله تأليف حكومة جديدة... وها هي فترة التخويل الأولى تقتربُ من نهايتها،وحتّى الآن لم تتمّ عمليّة التّأليف الّتي ستُفضي،ربّما،إلى إنشاء حكومة يمينيّة...متطرّفة تُكدّسُ الصّراع...وتُقدّسُ الإستيطان،واضعةً قضيّة السّلام جانبًا، مُستمرّةً بالتّهويل والتّرهيب من الخطر الإيرانيّ العتيد...علينا وعلى العالم أجمع.
اليوم قد يكون بنيامين نتنياهو قد تجاوز الخامسةَ والسّتين من العمر،ونسبة احتمال تنافسه،مرّة أخرى على قيادة حزبه،مُستقبلًا،ضئيلة جدًا وهو الآن يستطيع أن يُغيّرَ اتّجاه مساره السّياسيّ،المبني على المماطلة والمراوغة،بشكلٍ جذريّ ثمّ الشّروع بمحاولة جديّةٍ نحو حلّ الصّراع بشكلٍ عادلٍ،من خلال إعادة الحقوق إلى أصحابها وفتح أبواب الأمل لحياة أفضل..تُعيد للشّعبين الثّقة المفقودة،علمًا أنّ العالم العربيّ،إجمالًا،قد أعرب عن استعداده للتصالح مع حلّ عادلٍ للصّراع التّاريخيّ وخصوصًا على ضَوء المستجدات الأخيرة...وتفاقم الخطر الإيرانيّ "الشّيطان الأكبر"...الكامن للإيقاع بالدّول العربيّة،المُقطّعة الأوصال،كالعنكبوتِ!
فلو أراد نتنياهو،في الظروف الراهنة،لجرّ وراءه جميع الكتل البرلمانيّة المعتدلة،بما فيها القائمة العربيّة المشتركة..ومعتدلي الّليكود من البراغماتيين.ولتعالى على المصالح الحزبيّة...والشّخصية الضيّقة ولدخل التّاريخ من أوسع أبوابه.عندها سيسجل اسمه في سجلّ الخالدين كرجل سلامٍ حقيقيّ.
لقد أصبحت الفرصة مؤاتية لذلك أكثر من أيّ وقت مضى وما عليه إلّا أن يقرأ التّاريخ أكثر من مرّة ليرى أنّ كلّ نزاعات الشّعوب قد انتهت باتّفاقيات سلميّة.
لقد أثبت بيبي أنّه لاعب مسرحٍ محترف وصاحب شخصيّة كارزميّة قلّما نجدها اليوم عند غيره،خصوصًا بعد معزوفته الأخيرة على أوتار الطّائفيّة والعنصريّة...و"سحجته"الفذّة أمام وفد"العربان"...بعد فوزه العظيم.
ليذهب نتنياهو إلى تاريخ مناحم بيغن الّذي تحوّل إلى أوّل رجل سلامٍ إسرائيليّ،بمجرّد نظرة واقعيّةٍ على الأمور وإلى تاريخ داعية الإستيطان الأكبر أريئيل شارون الّذي تأكّد في قرارة نفسه أن لا أمل للإحتلال وإلى تاريخ الجنرال،رابين،الّذي دفع حياته ثمنًا لإيمانه بصدق طريقه وليقرّر بعدها، إن كانت عنده الجرأة القياديّة والأدبيّة والقوّة على اتّخاذ القرار وليصنع ما صنع هؤلاء وليضع مستقبل الشعوب والأطفال نصب أعينه ،دونما خجل أو وجل...عندها سيذكره التّاريخ وسيُخلّد اسمه عالميًّا وسيسجّل بماءٍ من ذهب في سجلّ عُظَماء الشّعوب!
إنّه يعلم أنّ قضيّة فلسطين هي لبّ الصراع ونقطة البيكار المسبّبة إلى جميع الإرتجاجات والأزمات على مستوى العالم وأنّ حلّها سيهمّد كلّ النزاعات العالميّة وسيقلل من مستوى الكراهية والأحقاد والصّراعات الدّينيّة السّائدة بين الشّعوب قاطبةّ،خصوصًا بين الشّعبين العربيّ واليهوديّ وسيمهّد...لمستقبلٍ أفضل إن شاء الّله، فالحقّ يُعلى ولا يُعلى عليه.
عندها ستخفّ حدّةُ البغضاء وستصفى القلوب بإذن الّله وربّما..."سيلحقنا "نحن عرب الدّاخل الإنصافُ بدل الإجحافِ وتعمّ المساواة وتعود الثّقة المفقودة...وتصبح دولتنا،بإذن الّله،جنّة عدنٍ حقيقيّة على ألأرض،توزّعُ سمنها وعسلها وزبدتها على شعوب المنطقة قاطبةً وعلى شعوب العالم!
إذا ذهب نتنياهو إلى هذا النّهج فستتجنّب بلادنا وشرقنا الويلات والمصائب الّتي ملّها الجميع...وإن لم يَهدهِ الّله فلربّما سيصبح ثاني"باركوخبا/ كوزبا"في تاريخ ااشّعب اليهوديّ الّذي بسبب عناده وتطرّفه وجنونه إنهارت دولته ودفع شعبُه ثمنًا باهضًا على مدى ألفيّ عام!!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير