القيادة ومقوماتها بقلم د.نجيب صعب –ابو سنان
2015-06-10 16:58:48
رغم تفسير معنى أو معاني القيادة في بعض الاحيان بشكل غير دقيق، ورغم إعتبارها زعامة بالمعنى شبه الخاوي، ورغم أن الكثيرين في هذا الكون يعتبرونها اداة للاستبداد أو البطش أو الانفرادية في العمل والنهج ، ورغم أعتبارها غذاء للاطماع والأنانية، رغم كل ذلك، القيادة لها معانٍ سامية واخرى انسانية ، وهي في نظري رسالة مقدسة لو أحسن اولى الامر تفسيرها واستعمالها.
فهناك قيادة دينية ترتكز على الاصول والمباديء والنواهي الصادرة من لب الدين اياً كان هذا الدين واياً كانت هذة القيادة، فهناك اسس وركائز تعتمد عليها هذه القيادة وتستمد قوتها وعنفوانها من الارشادات، ومن النصوص التي وردت في الكتب السماوية، حيث يترتب عليها ان تكون محافظة كل الحفاظ على الاصوليات التي تعلمها هذه القيادة او تلك، من أجل ترسيح القواعد والاسس التي ارتكزت عليها، ترسيخاً في الشريحة الخاصة بها من شرائح المجتمع، وفي ذلك استقامة في النهج وكذلك صلاح الافراد والمجتمع وتحقيق الكثير من الآلام التي يعاني منها المجتمع بمختلف انتماءاته من طمس العادات المثالية والنظم السلميّة التي أخذت تتأثر سلبياً يوماً بعد يوم، من جرّاء الانحدارات والتطورات وما تزفه المغريات العصرية الى ابناء المجتمع وخاصة الجيل الناشئ منهم والذين وبسرعة فائقة يأخذون بتطبيق ما يُزف اليهم من تجديدات وعادات وتصرفات تتنافى والاخلاقيات التي نشأ عليها الانسان والذي أصبح ذلك نهجهم ونظام حياتهم، غير مكترثين بما يدور حولهم او بما ينقل لهم الاهل من حسن الاعمال والتوجيهات، فهنا دور القيادة الدينية يتصدر كل دور ويمكن تعميق النظم بالطرق الحكيمة التي ترتأيها هذه القيادة بتظافر كل القوى الفاعلة من أطر ثقافية تربوية جماهرية خيرية وتطوعية ايضاً.
اما القيادة الاجتماعية فلها ايضاً مقوماتها التي تتمثل اكثر ما تتمثل فيه امانة الرسالة الاجتماعية واذا وجدت هذه الامانة التي تنطوي على كثير من المسالك تمنينا ان تؤدي دورها على احسن وجه، فحذار من استغلال هذه القيادة وتسخيرها للنفس وفقط للنفس، لأنها سرعان ما تنقلب الامور رأساً على عقب، عندها حقاً تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
والقيادة السياسية لها ايضاً مقومات وركائز ينبغي على السياسيين التحلي بها في التعامل والصدق والوفاء رغم النظرة للسياسيين تختلف كلياً عما سبق ذكره، فللقيادة السياسيّة دور فعّال في تدعيم القياديين المذكورين من حيث المكانة والدعم والعمل لما فيه مصلحة المجموع ، رغم انه بين السياسيين انفسهم في مجال القيادة تدور أمور كثيرة ومتنوعة وفي بعض الاحيان تكون اللعبة غير نظيفة ونتائجها لا تحمد عقباها بفضل عدم صفاء النوايا.
أما القيادة العلمية والفكرية فلها ما لها من مقومات من النبل والتضحية في سبيل الوصول الى الهدف السامي، من تحقيق آمال والحصول على الاجازات والشهادات وصرف الاوقات في التجديد والاختراع بموجب البحوث والاعتمادات الحديثة في سبيل تقدم ورقي المجتمع، والتّسهيل عليه في الحياة العصرية من إدخال أحدث المستجدات العلمية نتيجة عمل وكدّ وبذل وعطاء ، فهذه القيادة في كثير من الاحيان تكون مظلومة او مغبونة في صفوف المجتمع رغم تحليها بما تتحلى به من كفاءة ومعرفة وإنجاز، الا انه ينبغي عليها عدم الاكتراث بما ينعتونها به من صفات او تفوهات تنم فقط عن قائليها وعن مستواهم ، لان رسالة القيادة العلمية ذات قوة فائقة، حيث يمكنها تصريف الامور من نواحي علمية مدروسة والتي تعود بالفائدة على المجتمع وليس بالعكس.
وكثيرون من العلماء والمفكرين الذين اخترعوا واستحدثوا اختراعات ووسائل علمية وتركوا لنا دراسات وعلوماً قد تكون في غالبيتها موجهةً لفئات ومجموعات وشرائح في المجتمع تقودها الى الصلاح فيه والى راحته وتسهيل حياته اليومية.
ولا بد من التطرق الى القيادة الاقتصادية التي لا يمكن لأحد التغاضي او تجاهل دورها في تدعيم المجتمع وتطوره، فهذه القيادة ترتكز على الغالب على المقومات المالية والمادية بأ شكالها المختلفة المتعددة والمتنوعة، ويمكن لهذه القيادة في بعض الاحيان ان تكون قد حصلت على هذه الثروة بفضل كدّها وجدّها وسهرها ومتابعتها ومواكبتها للاقتصاديات، أو قد تكون ذلك ميراث قد ورثته هذه القيادة من ارزاق وورش ومشاغل وثروة مالية طائلة، فطالما كانت هذه القيادة قد حققت ما حققته من المكاسب المالية بطرق مشروعة ونظيفة وعرفت واجباتها الاجتماعية والانسانية تجاه مجتمعها، فلا بد الا وتساهم مساهمةً فعّالة في تعزيز الايجابيات ودعم وتطوير المرافق الاجتماعية لما فيه خير المجتمع عامةً.
وخلاصة القول في هذا السياق ان القيادات المذكورة على إختلاف نوعيتها وتنوع مهامها في صفوف المجتمع، ان لم تتحلَ بالصفات والمقومات الآنفة الذكر وتعمل بجدّية لتحقيق وتطبيق ما ترتكز عليه من تعاليم ومبادئ وأنماط، وتعمل كذلك بنوايا طيّبة ومقاصد نظيفة وطرق سليمة لا يشوبها الاعوجاج على اختلاف صوره، فلا يكتب لها البقاء حتماً وستحصد عاجلاً أم آجلاً ثمرة أعمالها ونواياها، وعندها لا مكان للندم واللوم حيث لا يجدي في هذا الظرف أي تعديل حتى مع النفس ذاتها.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير