هل الصراع الدائر في سوريا بين مشروعين ؟ كميل فياض
2015-06-19 08:55:14
يُصر البعض على ان الصراع في سوريا  هو بين مشروع قومي عروبي ممانع تقدمي ، ضد مشروع عميل ارهابي دخيل تخلفي  ..
حتى بعد تراكم النتائج الكارثية خلال اكثر من اربع سنوات مضت ، كان هو السبب الرئيس لها - اي النظام – بسبب تمسكه غير الشرعي بالسلطة بأي ثمن ، وبسبب قمعه للشعب السوري وعدم اعترافه بحقه في اختيار قيادته وممثليه في السلطة  .. ولا زال هذا البعض التبريري للنظام  على اقواله ومواقفه وعناوينه نفسها التي تبناها قبل بدء الصراع ، كأن الخلاف هو بين النظام والجيش والشعب من جهة ، وبين دخلاء اجانب ..
قد اتفق مع هذا البعض على ان دول النفط  - التي يتحجج بها كمقابل طغياني عربي - ليست تقدمية وليست ديمقراطية وليست عروبية مثالية . لكني لا اتفق مع هذا البعض على ان  النظام السوري الذي ارتكب كل تلك الجرائم بحق مواطنيه العرب، هو قومي عروبي  تقدمي وما الى ذلك ..  
 
 
الأدلة اوضح واكثر من ان تحصى :
عروبية النظام تجلت  بشهادة من اهله ،وللمثال : يقدم النظام 10200 شخص لكرس ضباط  في مراتب متقدمة ، منهم 10100علويين و100 من جميع الطوائف الاخرى ، هذا يجري ليس ابان الحرب الأهلية الطائفية الجارية ، بل في افضل ايام المجد والهدوء والخطاب العروبي .. اذن لسنا بحاجة من اجل التدليل على (عروبة النظام) ان نرى الداعم الشيعي والعامل الشيعي الايراني وراءه ، ولسنا بحاجة الى ان نرى الحرس الثوري الايراني  في سوريا الى جانب "حزب الله " اللبناني الايراني يدافع عنه .. 
الا ان هناك من لم يفتر عن تصوير المواجهة  في سوريا بين ثالوث ( قيادة  ،جيش وشعب ) ضد دخلاء ومخربين وارهابيين من الخارج كما اسلفنا  وضد مآمرة كونية .. وما الرغبة في التكرار والتشديد على الجمع في القول بين (قيادة ، شعب ، وجيش) الا الحاحاً على الاستمرار في خلط الاوراق ، وتضييع الحق ، وهذا النهج في التضليل يستمر  بعد كل الانشقاقات من جنود وضباط صغار وكبار ، وبعد انضوائهم  في مختلف المجموعات المتمردة ضد النظام ، وهم يعدون بعشرات الآلاف ،غير اعداد المعتقلين والفارين  ..
 
قومية النظام :
يمارس النظام كل انواع الطائفية ويتهم الآخرين بها ، بينما هو يستغلها ويستخدمها – عند الضرورة - ضد بعضها البعض ، ليبقى هو الاقوى والمسيطر ..وآخر ما يحاوله هو تفتيت الجيش اللبناني ، من خلال اقتراحه مد الجنود الدروز بالسلاح ليذهبوا الى سوريا لنصرة اخوتهم هناك ، وذلك جزء من لعبة التقسيم والتفتيت ، التي يشارك امريكا فيها ..
احاول ان ارى المسألة السورية  بمرور الوقت بشكل مختلف عما رأيت حتى الآن ، احاول ان اكتشف خطأي ، فلا ارى الا شعبًا يريد حريته من نظام سلبها منه .. لا زلت ارى التمرد الشعبي في سوريا ضمن رؤيتي لما جرى في تونس وليبيا ومصر .. لا زلت ارى ذلك ايضًا بعد نجاح النظام في خلط الاوراق ، في الفضاء وعلى الارض ..
وها هو يتقلص في الفضاء وعلى الارض ، وعلى الطوائف التي خانها جميعا بما فيهم طائفته ، ان ينفضوا عنه ، فيسقط وحده دون جهد .. اذ ان المستبَد بهم - على حد قول الكواكبي - هم قوت المستبِد وقوته ، فاذا تخلو عنه فقد كل شيء ..
 
يحاول النظام اظهار صورتين :
واحدة تقول ان دول الجوار هي التي تقف وراء دعم الارهابيين ، والثانية تقول ان النظام يدافع عن الوطن ..
بينما في الواقع هو شريك اساس في خلق الارهاب والارهابيين ، وهو يجتهد في ان يكون مقلد محترف لأمريكا ، كما تحاول ايران لعب نفس الدور ، فيصنعون من السجناء والمجرمين واللصوص والمنحرفين ، حركات ومنظمات دينية متطرفة وارهابية .. وما عصبة الاسلام التي هاجم النظام بها لبنان قبل الفوضى السورية بسنوات في مخيم نهر البارد ،الا من مبتكراته . وهو من يقف وراء داعش كنواة ، وقد درب افراد منها ابان الغزو الامريكي للعراق ، ووضع تلك المجموعة على الحدود ، تخوفاً من ذلك الغزو .. باختصار تقاسم النظام مع الآخرين  صناعة الارهابيين  .. لكن النظام يتذاكى دائما بالقول ( هاتوا دليلكم ) فهو شاطر في اخفاء الادلة ، كما  فعل عندما كان يغتال كل اسبوع شخصية في لبنان ، فاذا انكشف الدليل قال : ( شو اسرائيل احسن منا) ..
 
كميل فياض     
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق