الصدق بقلم : ناهد سويلات
2015-07-12 08:32:12
الإسلام عقيدة وعبادة وخلق وآداب، من أكبر كليات الأخلاق التي تنبثق منها عشرات الفضائل، بل مئات الفضائل هي الصدق هو قول الحق الذي يواطئ فيه اللسان والقلب
الصدق هو قول الحق ومطابقة الكلام للواقع. وقد أمر الله -تعالى- بالصدق، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119].ولعظم منزلة الصدق فقد أنثى الله تعالى على أنبيائه بفضيلة الصدق فالصدق ضرورة من ضرورات المجتمع الانساني وفضيلة من فضائل السلوك البشري ذات النفع العظيم أذا أن الانسان الصادق في المجتمع فخر لمجتمعه وما حوله لاحتواء الصدق على كل الفضائل الجميلة في المجتمع الأنساني فالصادق صلاح لمجتمعه وبناء لأسرته وجميع من حوله فالصدق صفه انسانيه محببة الى الله عز وجل فالله جل جلاله حثنا على ان نكون صديقين والرسول عليه الصلاه والسلام كان أصدق البشريه فلقب الصادق الأمين لصدقه وحسن معاملته مع الناس فالصدق يحتوي الاخلاق والتهذيب فالصدق من أجمل معاني الانسانيه لان الصادق دائما أنسان فعال بمجتمعه صادق مع نفسه والناس فالصدق من ارقى الصفات واحسنها خلقا بعكس الكاذب الذي يستمر مدى حياته بهذه الصفه الغير اخلاقيه وغير أنسانيه التي تدعو الى الكفر والفجور فالكذب من ابشع الصفات التي ممكن ان يمتلكها الانسان فالكذب عنصر افساد كبير للمجتمعات الانسانيه وسبب لهدم ابنيتها وتقطيع روابطها وصلاتها ورذيلة من رذائل السلوك ذات الضرر البالغ فالاسلام أمر بالصدق ونهى عن الكذب فالكاذب ممكن اان يفعل اي شيئ من الصفات الغير اخلاقيه وغير انسانيه فالكذب نقاق ورياء والمنافق اياته ثلاث اذا وعد اخلف واذا حدث كذب واذا أأتمن خان
فبالكذب خيانه وخداع وغش وعدم أنسانيه لان الانسان الكاذب يصل الى وضع لا يهمه اي شيئ غير تبرئة كلامه الخالي من الصدق من كذبة الى كذبة أخرى ليظهر أمام الناس بانه صادق وبداخله كذب لا حدود له فالكاذب لا يهمه الله تعالى ولا يخافه. ولا يهمه مشاعر الناس مهما تعدى بحدوده عليها ومهما سبب للبشرية من أذى فهو لا يشعر الا بنفسه فالكذب قد طغى على حياته. وحياته كلها أصبحت كذب بكذب فهو يرى بالكذب انه ينول كل ما يريد من أهداف لتحقيق متطلباته..ولكن الله تعالى في كتابه العزي قال.{واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقًا نبيًا} [مريم: 41].وهنا في هذه الايه يصف الله تعالى النبي ابراهيم بصدقه وعن النبي يوسف عليه السلام بصدقه فقال الله تعالى يوسف ايها الصديق حيث ان الله تعالى جعله عزيزا واخرجه من قوم ظالمين وجعل له اختبارا ليرى مدى ايمانه وصبره وصدقه لان الصدق يعني الايمان والصبر والوفاء وكل الصفات يتحلى بها الصادق وقال الله تعالى {واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيًا} [مريم: 56] وهنا نرى أن اهم الصفات لدى الرحمن هي الصدق فهي صفه محبب الى الله تعالى والى جميع خلقه وكان الصدق صفة ملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان قومه ينادونه بالصادق الأمين، أول صفة وُصِف بها النبي عليه الصلاة والسلام أنه صادق أمين، لا ازدواجية أبداً، ليس عنده شيء باطن وشيء ظاهر، شيء معلن وشيء غير معلن، ولقد قالت له السيدة خديجة -رضي الله عنها- عند نزول الوحي عليه: إنك لَتَصْدُقُ الحديث.
أنواع الصدق:المسلم يكون صادقًا مع الله وصادقًا مع الناس وصادقًا مع نفسه فقط بهذه الصفات نذكره بالصادق حيث
الصدق مع الله: وذلك بإخلاص الأعمال كلها لله، فلا يكون فيها رياءٌ ولا سمعةٌ، فمن عمل عملا لم يخلص فيه النية لله لم يتقبل الله منه عمله، والمسلم يخلص في جميع الطاعات بإعطائها حقها وأدائها على الوجه المطلوبمنه. الصدق مع الناس: فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) [أحمد بن حنبل].
الصدق مع النفس: فالمسلم الصادق لا يخدع نفسه، ويعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، فهو يعلم أن الصدق طريق النجاة، قال صلى الله عليه وسلم: (دع ما يُرِيبُك إلى ما لا يُرِيبُك، فإن الكذب ريبة والصدق طمأنينة) [الترمذي]. فضل الصدق:أثنى الله على الصادقين بأنهم هم المتقون أصحاب الجنة، جزاء لهم على صدقهم، فقال تعالى: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} [البقرة: 177].
وقال تعالى: {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} [المائدة: 119].
والصدق طمأنينة، ومنجاة في الدنيا والآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم أن فيه الهَلَكَة، فإن فيه النجاة) [ابن أبي الدنيا].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليَصْدُقُ؛ حتى يُكْتَبَ عند الله صِدِّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل لَيَكْذِبُ، حتى يكْتَبَ عند الله كذابًا) [متفق عليه فأحرى بكل مسلم وأجدر به أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقه، وأن يجعل الصدق صفة دائمة له، وما أجمل قول الشاعر:
عليك بالصـدق ولــو أنـــه
أَحْـرقَكَ الصدق بنـار الوعـيـد
وابْغِ رضـا المـولي، فأَشْقَـي الوري
من أسخط المولي وأرضي العبيــد
وعـوِّد لسـانك قول الصدق تَحْظَ به
وقال الشاعر:
إن ا للسـان لمــا عـوَّدْتَ: معــتـادُ
الكذب
وهو أن يقول الإنسان كلامًا خلاف الحق والواقع، وهو علامة منعلامات النفاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) [متفق عليه].فالصدق يهدي الى الجنة والكذب يهدي الى الفجور الصدق اسمى المعاني والكذب ابشعها فلا يتفق الصدق مع الكذب كمان لا يتفق الحق مع الباطل فالحق حق والباطل باطل
والمؤمن الحق لا يكذب أبدًا، فقد سئل النبي صلى الله ((أيكون المؤمن جبانا؟ قال نعم ! قيل له: أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال نعم ! قيل له: أيكون المؤمن كذابا ! قال لا ..)) رواه مالك.
والكذاب لا يستطيع أن يداري كذبه أو ينكره، بل إن الكذب يظهر عليه، قال الإمام علي: ما أضمر أحد شيئًا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه.
وليس هناك كذب أبيض وكذب أسود، أو كذب صغير وكذب كبير، فكل الكذب مكروه منبوذ، والمسلم يحاسَب على كذبه ويعاقَب عليه، حتى ولو كان صغيرًا، وقد قالت السيدة أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها- لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إذا قالت إحدانا لشيء تشتهيه: لا أشتهيه، يعدُّ ذلك كذبًا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الكذب يكْتَبُ كذبًا، حتى تُكْتَبَ الكُذَيبَة كذيبة) [أحمد].فيجب علينا ان نكون صادقين مع انفسنا ومع أبنائنا وفى كل شىء لا ينبغي أن تكذب على طفل صغير، وأساساً الطفل يتعلم الكذب من أهله، حين يقال له مثلا: اسكت وفي المساء نطعمك أكلة طيبة،أو اركن الآن، وفي المساء لك نزهة ممتعة، فلا يجد أكلة طيبة ولانزهة ممتعة، كله كذب في كذب، إذاً هنا نعلم اولادنا الكذب دون ان نشعر. والنبى صلى الله عليه وسلم ينهبنا الى خطورة ذلك ويرشدنا ويعلمنا
فعن عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- قال: دعتني أمي يومًا -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا- فقالت: تعالَ أعطِك، فقال لها: (ما أردتِ أن تعطيه؟). قالت: أردتُ أن أعطيه تمرًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو لم تعطِه شيئًا كُتِبَتْ عليك كذبة) [أبوداود].ا لصِّدْقُ أُ ساس الفَضَائِلِ ورَأسُ الأَخلاَقِ، مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ تَحَلَّى بِكُلِّ فَضِيلَةٍ، وخَلّصَ نَفْسَهُ مِنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ، فَكَمَا لاَ يَجْتَمِعُ ضَلالٌ مَعَ هُدَى، وظَلاَمٌ مَعَ نُورٍ؛ لاَ يَجْتَمِعُ صِدْقٌ مَعَ بَاطلٍ وكذبٍ وزُورٍ؛ فَالصِّدْقُ نُورٌ وهِدَايَةٌ، يَأْخُذُ بِصَاحِبِهِ إِلى أَنبَلِ غَايَةٍ وأَسعَدِ نِهَايَةٍ. فِي رِيَاضِ الصِّدْقِ ورِحَابِهِ لاَ يُهضَمُ حَقٌ ولاَ يَضِيعُ عَلَى أَصْحَابِهِ، وحُقَّ لِلصِّدْقِ أَنْ يَتَبَوَأَ المَكَانَةَ الرَّفِيعَةَ، والمَنزِلَةَ المَنِيعَةَ، كَيْفَ لاَ؟ واللهُ وصَفَ بِالصِّدْقِ قَولَهُ وحَدْيثَهُ، فَقَال تَعَالى: ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)) النساء 122 وقَالَ: ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)) النساء87ا نَّ لِلصِّدْقِ فِي الأقوَالِ والأَفعَالِ الدَّورَ الرَّائدَ الفَعَّالَ فِي إِسعَادِ الإِنسَانِ ورَاحتِهِ، وهُدُوئِهِ وطُمَأنِينَتِهُ، يَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلى مَا لاَ يَرِيبُكَ؛ رواه النسائى فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأنِينَةٌ والكَذِبَ رِيبَةٌ وكذا رسولُه الكريمُ فقد أَرسَلَهُ ربنا مُعلِّمًا النَّاسَ الخيرَ داعيًا لهم إلى مَكَارِمِ الأّخلاقِ ومحاسِنِها كما قالَ عليه الصلاةُ والسَّلام « إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكارمَ الأخلاق » [السنن الكبرى للبيهقي وإنَّه مِنْ عَظيمِ الصِّفاتِ التي أمرَ اللهُ تعالى بها وحثَّ عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصِّدقُ، ومِن أَخْبَثِ الصِّفاتِ التي نَهَى عَنْهَا الكَذِبُ فقال ((عَلَيكُم بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلى البِرِّ، وإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلى الجَنَّةِ))، وبَيَّنَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- طَرِيقةً لِتَرْبِيَةِ خُلُقِ الصِّدْقِ وتَكْوِينِهِ؛ حَتَّى يُصْبِحَ طَبِيعةً لاَ تَتَخَلَّفُ عَنْ صَاحِبِها فِي أَيِّ مَجَالٍ، وعَلَى أَيِّ حَالٍ، وعَادَةً تَسْمُو بِهِ إِلى ذُرا المَجْدِ والكَمَالِ، فَقَالَ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكتَبُ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقا))، إِنَّ الصَّدْقَ مَنْبَتُ الفَضَائِلِ، وجِذْعُ شَجَرَتِها ومُتَفرَّعُ غُصُونِها، وهَلِ الإِيمَانُ بِاللهِ والتَّصْدِيقُ بِرُسُلِهِ ووحْيِهِ إِلاَّ شُعْبَةٌ مِنَ الصِّدْقِ؟ فَالمُؤمِنُ الحَقُّ هُوَ مَنْ يَجْعَلُ الصِّدْقَ رَفِيقَهُ، ومَنْهَجَهُ ].وأخيرا من أدعية القرآن الكريم:
﴿وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً ﴾والنبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويهعنه أبو هريرة رضي الله عنه قال:
((لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ - لأن أحدهما يناقض وجود الآخر- وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا )) ان كان صادقاً فليس كاذباً، وإن كان كاذباً فليس صادقاً، أيها الأخوة هذا المعنى الدقيق،الصدق لا يتجزأ، والكذب لا يتجزأ، من كان صادقاً مع الله كان صادقاً مع نفسه،ومن هنا يجب أن ناخذ الصدق مسارنا في الحياة لانفسنا ولمجتمعنا ولفضائله التي لا يملكها غير الصادقين لان الصادق صادق بكلامه موفي بوعوده مأتمن على ما ااتمن عليه اللهم اجعلنا من الصادقين المخلصين.....
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير