تَصَحُّر نفسي--كميل فياض
2015-07-26 16:27:57
عمومًا ما نطالعه على الفيسبك من قبل المشاركين ، وعلى المواقع الالكترونية وفي مختلف وسائل الاعلام  ، يعبر على الغالب عن حاجات نفسية يراد تقاضيها من الغير ، هي تعبير عن علاقات شخصية مغلقة مع الذات تعكس نفسها في الخارج بصور مختلفة من (الانفتاح)  ..
 وهو نوع من الأمن المعنوي المتوفر سيكلوجيًا لدى الآخرين ، ونريد منهم تحقيقه لنا .. لماذا عمليًا نحن نحتاج الى الآخرين .. الى موافقاتهم  وإعجاباتهم .. ؟
 وفي غير مكان ، هل واجباتنا ( الاجتماعية ) افراح واتراح الخ ، التي يعيش معظم ابناء مجتمعنا  في توتر وفي قلق تجاهها ، لئلا يفوتهم متوفى او عريس دون مشاركة ذويه ، هل هي واجبات اخلاقية مجردة – كما اراد الفيلسوف كانط ربما -  ؟ ام ان القلق هو على مكانتنا الشخصية وعلى اسمنا الشخصي من (الضياع والإسفاف)  ؟ 
في كل الأحوال هو قلق "ايغوئستي"   نفسي ، مهما صبغناه بمعاني السمو والكمال  ، رغم انسانيته في وجه من وجوهه طبعًا .. وهناك من يذم نفسه ليمدحها استحلابًا للاعجابات  - كنشر احدهم " انا لست راض عن نفسي "  فكثير من المقولات الاكثر صدقاً والأكثر إصابة للحق ، يكش عنها الأصدقاء ،  لأنها لم تدغدغهم بما فيه الكفاية وربما لم يفهموا مغزاها وعمقها .. 
فالواجب يطوي  خلف اخلاقيته وانسانيته ( اسمنا اللامع وشخصيتنا المعنوية المحترمة) ، ولا اقصد بهذا الطرح  اننا يجب ان نعتزل الناس وان لا نشاركهم مناسباتهم وان لا نتفاعل مع افراحهم واحزانهم .. انما ان نتوقف عن النفاق لأنفسنا وعلى انفسنا في تضاعيف ذلك .. ان ننظر بعمق اكثر وبشفافية اكثر الى انفسنا بهدف معرفة جوهر ما تسعى اليه ، لأن جوهر ما تسعى اليه ، في كل ما تسعى اليه نفوسنا ، لا يوجد بالذات في تلك النشاطات العَرَضية المسماة اجتماعية واخلاقية وواجباتية الخ .. 
ونحن نتكرر ونتكرر في نفس المطالب من خلف كل النعوت والاوصاف والاصباغ  والبدلات .. بينما هو فيما لا نستطيع الحصول عليه من تلك النشاطات ، وفيما ليس قابلاً لإدراكه فيها .. واذن لماذا لا نتحول قليلاً عن نشاطنا  الذهني النفسي الغريزي ، عن عاداتنا الذهنية المطالِبة بنفس طبيعة الاستجابات ، التي نريدها اضخم واوسع واكثر وأشبَع .. لماذا لا نتوقف قليلاً عن تفكيرنا الذي عمومًا ما نقسمه بين ادبي وفكري واخلاقي وروحي ومادي وديني ودنيوي الخ الخ ، على غير هدى وبدون حق وبدون مراعاة للحقيقة ..
 فنشاطاتنا المصنفة لمختلف الصفات ، ومنحنا لكل صفة مظهر خاص به ، كالديني ، والدنيوي خصوصًا ، ما هي الا اقنعة اضحت شفافة عن نفس العقلية ونفس النفسية لدى مختلف الربطات والعمائم والازياء ..
هكذا عندما لا نعد نميز بين روح وطقس ، بين حرف ومعنى ،وجوهر ومظهر ، تتصحر نفوسنا كما هو حاصل ، كتعبير مقابل انعكاسي عن اتساع التصحر البيئي ربما .. 
 
كميل فياض
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق