الشاعران: محمود درويش وحنا ابراهيم وقصة سجل أنا عربي. بقلم الكاتب: محمد علي سعيد
2015-08-23 08:58:56
* لكل نص إبداعي خلفية حياتية/ واقع، هزتّ مشاعر وأفكار المبدع، فاعتمدها وأنشأ نصه، وكثيرا ما تضيع معطيات القصة الحقيقية بسبب عدم التوثيق المباشر من قِبل المبدع أو ممن يعرفون القصة أو خبث نوايا البعض لأسباب غير موضوعية. ولحسن حظي أني أعرف أسرتي الشاعرين جيدا، وسمعت هذه التفاصيل منذ زمن، ولأن ما قرأته عن محمود درويش لم يُشر الى دور حنا ابراهيم في حياة وشعر درويش، ارتأيت من باب الأمانة العلمية توثيق القصة للمستقبل. (سأحاول أن أوثق بعض القصص الأخرى كوني من أكثر متابعي وموثقي الحركة الأدبية المحلية.
استقرت عائلة محمود سليم درويش في قرية دير الأسد بعد عودتها الى الوطن بعد نزوح (بعد تدمير قيته البروة عام 1948) دام سنة تقريبا، وبقيت فيها حتى عام 1965حيث انتقلت العائلة لتستقر نهائيا في قرية جديده (القريبة جدا من مدينة عكا)
• حدثني صديقي الشاعر: حنا إبراهيم أكثر من مرة (ومنذ زمن بعيد) عن علاقته مع محمود درويش واسرته وخاصة جده حسين الذي كان قارئا كاتبا ومهتما بالسياسة ومواظبا على أخذ جريدة الاتحاد وقراءتها، ويكتب حنا في مقالة يستعرض فيها ذكرياته مع محمود درويش ".. وفي ذات يوم، قال لي جده: "عندنا ولد يكتب الشعر، ولم يلبث أن نادى على حفيده محمود قائلا: "هات أشعارك، فرجيها لعمك حنا"، وجاء محمود بدفتر أنيق، قرأت ما كتب، فذهلت ولم يكن عمره يزيد عن 12 عاما، كان في الصف الخامس أو السادس، قلت للجد: " لا تحسب أني أجاملك.. لا أعرف شاعرا كتب شعرا جيدا في مثل هذا السن، أعتقد أننا أمام شاعر واعد سيكون شاعرا كبيرا جدا".. والتفتُ إلى محمود وقلت له: دير بالك على هذا الدفتر صحيفة مع الحدث المحرر الأدبي في 15- 8- 2008".. وأخذ حنا إبراهيم يعيره الكتب (الشعرية، خاصة) ليقرأها ويطّلع على ما يكتبه من شعر، عندما يعطي صحيفة الاتحاد لجده ويجلس معه ويرشده. 
• وكتب حنا تزكية لمحمود لينتسب الى الحزب الشيوعي، ليعمل محررا في أدبياته، وبهذا تنازل عن وظيفة موعود بها بسبب ظروفه الصحية التي ساءت نتيجة لمرضه، ولكنه تنازل لكي يكسب الحزب موهبة شعرية في قامة محمود درويش، قبل أن يغريه حزب المبام .. وفيما بعد عملا معا في تحرير منابر الحزب. 
• وحنا إبراهيم هو الذي عناه محمود درويش في قصيدته الخالدة "بطاقة هوية" والتي عُرفت بعنوانها: "سجل أنا عربي"، فمعطيات القصيدة متطابقة جدا مع تفاصيل حياة حنا إبراهيم، ناهيك عن العلاقة القوية والحميمية بين الاثنين، فهو الكادح الذي يعمل في المحجر (المقلع) وله ثمانية أطفال وهو من قرية شيوعية هي البعنة وكانت معروفة بلقبها: البعنة الحمراء (حيث بلغت نسبة التصويت للحزب الشيوعي فيها 88% في إحدى الانتخابات).. والأرض التي صودرت في تلك الفترة أقيمت عليها مدينة كرميئيل.
• ومما كتبه حنا ابراهيم في تقريضه لديوان درويش الأول "عصافير بلا أجنحة" الصادر عام 1960. "... ولكني كلما عدت لديوانه، يساورني شعور من يمر بجانب شجرة نامية على ضفة نهر وإن كانت بعد صغيرة لم تكتمل شخصيتها إلا أنك لا تشك لحظة في أنها ستصبح شجرة باسقة تهزأ بالعواصف وتصمد في وجه الأعاصير وتنشر الظل الوارف الى مسافات بعيدة. مجلة الجديد عدد 1 لعام 1961ص51-53". إنه أدق استشراف لما وصله الشاعر محمود درويش فيما بعد. 
• أبونا حنا الذي أمد محمود درويش بالكتب، وكان محمود يعرض عليه قصائده ليراجعها معه، كما جاء في المسلسل التلفزيوني "في حضرة الغياب" الذي تناول حياة الشاعر هو حنا إبراهيم، وما زلت أتساءل لماذا لم يكن هذا الأمر واضحا، وما المانع من نص "صديقنا الشاعر حنا إبراهيم" بدلا من "أبونا حنا". والتساؤل نفسه حول عدم إنصاف دور الشاعر الوطني حنا إبراهيم في حياة وشعر محمود درويش وخاصة في بداية المشوار. * إنها الأمانة العلمية التي ما زلنا نفتقر اليها عفوا أو عمدا... والله أعلم
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق