اليمين المتطرّف وظاهرة "راجح" راضي كرينّي
2015-09-09 10:01:12
يعيش اليمين المتطرّف في إسرائيل في دوّامة الخوف، وكأنّه يعيش مسرحيّة "بيّاع الخواتم" للأخوَين رحباني على الدوام. يخترع المثيرات المنتِجة للخوف؛ كي يصبح اليهوديّ مواطنًا مفزوعًا ومرعوبًا ومشمئزّا ... والعربيّ رعيّة مشكوكًا فيها، وشخصيّة حذرة ومتردّدة تبحث عن والٍ ليرعى مصالحها وأمورها ... وتدفع حكومة اليمين إلى استثارة سلوك الهجوم في المواطن اليهوديّ وإلى استثارة سلوك الهروب والهجرة و... في "الرعيّة" العربيّ.
في مسرحيّة "بيّاع الخواتم"، يخترع مختار الضيعة شخصيّة "راجح" المعادي للضيعة ليؤثّر فيهم وليظهر جلَده؛ فيصارع المختار راجح ليدافع عن أهل الضيعة ويمنع الأذى عنهم، وينتهي الصراع دائما بانتصار المختار ... استغلّ يافعان منحرفا السلوك وعنيفان قصّة راجح، ونفذّا مآربهما الإجراميّة في الضيعة ونسباها إلى راجح ...
يتّبع اليمين سياسة وسلوكيّات التخويف إعلاميّا، بأساليب الحكم العسكريّ وأجهزة المخابرات الأمنيّة... نتيجة للانحراف النفسيّ والعشوائيّة في إدارة شؤون الدولة، ويبرّر سياسته بهمجيّة وعدوانيّة الشعوب المجاورة ... على أمل كسب تأييد المواطنين (اليهود)، وأن يحذر/يخاف "الرعايا" (العرب) من اعتراض سياسة الوالي وبطش السلطان، ويخضعوا بالتالي للسيادة، ويشاركوا في اللعبة الديمقراطيّة كمقموعين ومستغَلّين.
فلليمين الإسرائيليّ شخصيّات عديدة كراجح ... الفلسطينيّ المدافع والمقاوم راجح، والإيرانيّ الذي يبحث عن الطاقة النوويّة راجح، والمصريّ الذي يبحث عن الغاز راجح، والروسيّ الذي يدعم السوريّ في حربه على الإرهاب راجح، ومردخاي فعنونو راجح و....
تعكس ظاهرة "راجح" في إسرائيل تدهور إدارة/قيادة الدولة السياسيّة؛ التي ترفض سياسة التنافس الحضاريّ العقلانيّ الشريف، وتتمسّك بحالة الصراع السياسيّ المثيرة للمشاعر، لذا عليها أن تختلق المثيرات العاطفيّة للخوف دائما؛ كي تبقي الناس تعيش مرحلة الردّ العاطفيّ (الردّ العاطفيّ في السياسة الرسميّة مشروع إلى حدّ ما)؛ ولتمنعهم من الانتقال إلى مرحلة الردّ العقلانيّ/المنطقيّ. فنراها توجّه السلوك الجماعيّ نحو الخوف، لتوهم طرفًا واحدًا بانتصارها على العدوّ، ولتجيّش وتحشد و"تحمّي" طرفًا ثانيًا، ولتبتزّ طرفًا ثالثًا و... ولتظهر إسرائيل بصورة دولة مسكينة مثيرة للشفقة والإحسان وبريئة من كلّ ذنب، و"فرفور ذنبه مغفور"... فهي تكرّس الاحتلال دفاعًا، وتصادر الأرض حمايةً، وتعتقل وتضطهد وتقمع وتذلّ ذودًا عن الديمقراطيّة، وتقصف المواقع العسكريّة السوريّة لتدفع بالحلّ السياسيّ، وتعالج الجرحى مِن الإرهابيّين والوحوش الآدميّة الذين يحاربون في سوريّة لتحمي الدروز والمسيحيّن هناك!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير