مسيحيٌّ أنا في زمنِ الاضطهادِ !! بقلم ربيع فرح - كفرياسيف
2015-09-12 17:27:41
تتوالى على مرآنا صورٌ مؤلمةٌ لحياةِ الإنسانِ المعاصرِ ذي العولمةِ التّقنيّةِ الرّقميّةِ بأبشعِ ما فيها من ألمٍ وحزنٍ وضيقٍ وشدّةٍ، فتارةً نرى أطفالًا يبلعهُم البحرُ العميقُ، وتارةً نرى أناسًا تلتهمهُم النّارُ البشريّةُ، فهلْ عصرُ الاضطهادِ قد فتحَ أبوابَهُ لنا مرّةً أخرى؟! أم نورُ المسيحِ سيُشرقُ قريبًا لنا؟!
أينَ أنتَ أيّها المسيحيُّ من كلِّ هذا؟! ألستَ بعدُ تردِّدُ أينَ الإلهُ وما من إلهٍ يستجيبُ؟! أينَ الخلاصُ والفرحُ؟!
 
ليسَ الخلاصُ في مسيحيّتِنا هو التّخلّصُ من الألمِ والتّجاربِ والاضطهادِ الواقعِ علينا واّلذي ينخرُ قلبَنا ليلًا نهارًا، إنّما الخلاصُ هو فرحُنا وتعزيتُنا وسطَ التّجاربِ والآلام (كو 1: 24)، وماذا يعني هذا؟ هلْ فرحُنا الدّائمُ في اضطهاداتِنا هو الحياةُ بحدِّ عينِها في المسيحِ؟ أقولُ نعم كقولِ بولسَ الرّسولِ "اِفرَحوا في الرَّبِّ كُلَّ حينٍ، وأقولُ أيضًا: افرَحوا. ليَكُنْ حِلمُكُمْ مَعروفًا عِندَ جميعِ النّاسِ. الرَّبُّ قريبٌ" (في 4: 4-5).
 
ها إنّنا نشاهدُ نعمةَ فرحِ الاضطهادِ تتلألأُ في سماءِ قلوبِنا معلنةً لنفوسِنا الواهنةِ رويدًا رويدًا قُربَ مملكةِ مجدِ نورِ المسيحِ السّماويَّةِ تقشعُ وتبدّدُ ظلامَ ملوكِ الأرضِ. هذه هيَ مسيحيّتُنا الحقّانيَّةُ وليسَ شيءٌ سواها "وجميعُ الّذينَ يُريدونَ أنْ يَعيشوا بالتَّقوَى في المَسيحِ يَسوعَ يُضطَهَدونَ" (2تي 3: 12)، فآلامُ طبيعتِنا السّاقطةِ هي هبةٌ من المسيحِ في هذا العالمِ "لأنَّهُ قد وُهِبَ لكُمْ لأجلِ المَسيحِ لا أنْ تؤمِنوا بهِ فقط، بل أيضًا أنْ تتألَّموا لأجلِهِ" (في 1: 29).
 
الرّبُّ رحومٌ، رحيمٌ، وطويلُ الأناةِ، لا يتركُنا يتامى – نحن المتمثّلينَ بهِ والمقتبلينَ كلمتَهُ – نتلاطمُ بينَ أمواجِ البحرِ الدّفينِ، فنورُ المسيحِ قد هدّأ عاصفةَ ظلامِ العالمِ والرّوحُ القدسُ أنارَ وفرّحَ قلوبَ المؤمنينَ "وأنتُمْ صِرتُمْ مُتَمَثِّلينَ بنا وبالرَّبِّ، إذ قَبِلتُمِ الكلِمَةَ في ضيقٍ كثيرٍ، بفَرَحِ الرّوحِ القُدُسِ" (1تس 1: 6).
 
ها هو عزاؤنا نحنُ المسيحيّنَ يسطعُ لنا في المسيحِ يسوعَ، إلهِ كلِّ تعزيةٍ، فهو "الّذي يُعَزّينا في كُلِّ ضيقَتِنا، حتَّى نَستَطيعَ أنْ نُعَزّيَ الّذينَ هُم في كُلِّ ضيقَةٍ بالتَّعزيَةِ الّتي نَتَعَزَّى نَحنُ بها مِنَ اللهِ. لأنَّهُ كما تكثُرُ آلامُ المَسيحِ فينا، كذلكَ بالمَسيحِ تكثُرُ تعزيَتُنا أيضًا" (2كو 1: 4-5)
فآلامُنا لا تذهبُ سُدىً، فمَن يحتمِلُ بصبرٍ سيكونُ لهُ نصيبُ الحياةِ الأبديّةِ، ويرِثُ معَ المسيحِ متى أتى في مجدِ مُلكهِ السّماويِّ "فإنْ كُنّا أولادًا فإنَّنا ورَثَةٌ أيضًا، ورَثَةُ اللهِ ووارِثونَ مع المَسيحِ. إنْ كُنّا نَتألَّمُ معهُ لكَيْ نَتَمَجَّدَ أيضًا معهُ" (رو 8: 17)
 
 أحبّائي في المسيحِ...
الرّاحةُ السّرمديّةُ الأبديّةُ من الآلامِ والاضطهادِ والحزنِ لنْ تكونَ في زمنِ غُربتِنا على أرضِ الظّلامِ، بل هناكَ في سماءِ ملكوتهِ حيثُ "سَيَمسَحُ اللهُ كُلَّ دَمعَةٍ مِنْ عُيونِهِمْ، والموتُ لا يكونُ في ما بَعدُ، ولا يكونُ حُزنٌ ولا صُراخٌ ولا وجَعٌ في ما بَعدُ، لأنَّ الأُمورَ الأولَى قد مَضَتْ" (رؤ 21: 4). 
أناشدُكُم باسمِ مخلّصِنا يسوعَ المسيحِ أن تتوبوا عن خطاياكُم لأنَّ التّينةَ "مَتَى أفرَخَتْ تنظُرونَ وتَعلَمونَ مِنْ أنفُسِكُمْ أنَّ الصَّيفَ قد قَرُبَ" (لو 30: 21) جاهِدوا الجِهادَ الحسنَ بالصّومِ والصّلاةِ والأعمالِ الحسنةِ وثِقوا بأنَّ نعمةَ ربِّنا ومخلِّصِنا يسوعَ المسيحِ لهُ المجدُ الدائمُ سوفَ تُؤازِرُكُم في جِهاداتِكُم الرّوحيّةِ. 
بشفاعاتِ الفائقةِ القداسةِ سيِّدتِنا والدةِ الإلهِ الدّائِمةِ البتوليّةِ مريمَ وسائرِ القدّيسينَ آمين...
 العبدُ الخاطئُ
ربيع فرح - كفرياسيف
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق