هل خسر دروز اسرائيل ثائرا مثل البلعوس، الذي ذكَّرهم بسلطان باشا الأطرش بقلم زايد خنيفس
2015-09-13 11:50:00
قد لا نُوفّق احيانا حينما نحاول الاجتهاد حول قضايا اقليمية تتجاوز حدود الدولة الى جيراننا أو الى دوائر اوسع تأخذ خيوطها نحو دول عظمى تكون فيها الدول الصغيرة مجرّد احجار شطرنج في لعبة العالم ولعبة القوي الذي يملك كل الخيوط ليبقى واثقا من امساكها من كل اطرافها لكننا بتواضع الفكر القلم وان كنا نطل على الاقاليم من نوافذ عالية ندخل في اجتهادات معلوماتنا ونأخذها نحو الصفحات ولا شك بان حادث طريق الجبل، الذي ادى الى تفجير موكب الشيخ ابو فهد وحيد البلعوس في انفجاره الاول وانفجاره الثاني قرب المشفى الوطني في السويداء حدثا لا يمكن المرور عليه مرور الكرام فقد اضحى مفترق طرق بالنسبة لدروز سوريا الذين لم يكونوا لوحدهم في محنة القطر بل كان معهم في الدوائر القريبة دروز اسرائيل (فلسطين) ودروز لبنان والمهجر والعلاقة واضحة في حسابات الاقليات وفي حسابات أسرار الارواح والنفوس وذهب المحللين وقرئنا تحليلاتهم وتمعّنا في كل كلمة وجملة وصفحة والحقيقة بان الشيخ ابو فهد وحيد البلعوس شكّل حالة لا تشبه حالات سابقة لكنها قريبة جدا من ثورة سلطان باشا الاطرش وفي اجتهادات شخصية حاول البلعوس ان يكون في طريق ثائر سبقه رافضا التبعية والظلم والمستعمرين على افكارهم وعقولهم الممثلة في نظام البعث والحاكم الواحد وانتفاضة "مشايخ الكرامة" لم تأتِ من فراغ بل اتت لتغلق فراغ سياسي واجتماعي عاشه الاحرار في جبل العرب وبالنسبة "لمشايخ الكرامة" والطريق الذي سلكه فقد رفضوا الهيمنة البعثية من سنوات الستين والتي تمخضت قبل اربع سنوات عن انتفاضة ضد الحكم البعثي لكن المعادلة الصعبة التي واجهت الفكرة والفكر "لمشايخ الكرامة "ارتباط المرجعيات الدينية العليا وقيادات في الجيش في السلطة البعثية والتخلص من هذه التبعية كان معضلة امام افكار واهداف " مشايخ الكرامة" ولا شك ادى هذا المشهد الى احداث شرخ في المشهد الدرزي التوحيدي في جبل العرب بين المؤيد والمنتفع من النظام البعثي وبين من ارادوا التخلص من نير البعث الجاثم على عقولهم واجسادهم منذ سنوات الستين.
لا يختلف اثنان في طائفة الموحدين الدروز بان المعلم كمال جنبلاط كان احد ضحايا النظام السوري البعثي فاغتاله مع رفاقه وحاول اغتيال نجله وليد جنبلاط والوزير مروان حماده وكان المشهد البعثي عبر عشرات السنين مليئا في الانقلابات ومليئا في الدم الاحمر هكذا هو النظام وهذه هي النتائج.
لم يرق للنظام البعثي انبعاث قوة (مشايخ الكرامة) على ارض السويداء وجبل العرب ولم يعجبهم سطوع نجم الشيخ وحيد البلعوس فقد شكلت هذه القوة خطرا مباشرا على خاصرة دمشق من الجهة الجنوبية التي تملك حدودا مع اسرائيل والاردن ولم يرق للمقربين من النظام البعثي من ابناء الطائفة الدرزية في السويداء وكل القطر السوري سطوع نجم مشايخ الكرامة والشيخ البلعوس فهؤلاء اصبحوا خطرا على مصالحهم الشخصية وحتى الدينية والاجتماعية وفي هذه المحاور التقت المصالح العليا في التخلص من هذا النجم الساطع وهذا الفكر الملتهب على ارض السويداء ولم يرق للنظام البعثي الدعم المباشر الذي تلقاه الشيخ وحيد البلعوس وجماعته من دروز اسرائيل (فلسطين) وتفضيله حتى في الدعم على بعض الجهات التي ارتبطت في النظام السوري ولربما في محاولة من هذه القوة امساك العصا من الطرفين .
اغتيال الشهيد الشيخ ابو فهد وحيد البلعوس على طريق الجبل والحفرة العميقة وسط الشارع الرئيسي ونحو موكب للقاء الاحبة في احدى القرى خطط له النظام السوري البعثي الاسدي ونفذه على الارض عملاء حتى من المقربين للشيخ البلعوس والاخير كان يكرر دائما ايمانه في القدر حين يقع ولم يتخفض في ستر قناع بل كان وجهه واصحا كالشمس وكان وجهه واضحا في الليل كالقمر هكذا هم الثوار الحقيقين المسلمين قدرهم وروحهم الى الباري تعالى والحقيقة دخل الشيخ البلعوس من خلال الافلام القصيرة الاتية من هناك قلوب الالاف وهو يحمل رشاشا اشتراه بمال اهل الكرمل والجليل ومن سلسلة ذهبية لطفل مر على صندوق التبرعات في البقيعة فعرف الشيخ فضل اهله هنا واغتياله لن يلغي الصور وليبقى السؤال كبيرا ماذا بعد الاغتيال الكبير؟! هل خسر دروز اسرائيل مناضلا ثائرا يشبه سلطان باشا الاطرش؟! ليبقى صورة لمسيرة انسان رفض الذل والتبعية والظلم والايام كفيلة ان تعطينا الجواب.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير