أداء فريضة الإضراب هي الأفضل بقلم: مارون سامي عزّام
2015-09-22 09:12:36
افتُتح العام الدّراسي بانتظام، هكذا أعلنت وزارة المعارف بضجّة إعلاميّة كبيرة جدًّا، وهذا كان همّها الوحيد، وهي الأم الحقيقيّة لكل المدارس، بينما تخلّت كليًّا عن رعاية أولادها المدارس الأهليّة، التي تمرّدت بإضرابها المفتوح، على الظُّلم التربوي، لأنها تشكو من تقليص مُزمِن بالميزانيّات التي تمنحها لها "أسرة" المعارف، ليس كحقٍّ إلزامي بتمويلها، أسوةً ببقيّة مدارس إسرائيل، بل كمُسكّن لأوجاع التمييز، لكونها مدارس وطنيّة، فانتفضت على الظُّلم التربوي الملحَق بها من قِبَل حكومة إسرائيل، التي هَجّرت الطلاب من بيتهم الأكبر وهي المدارس الأهلية.
نتنياهو جَليفر العصر الحديث، يَرى المدارس الأهلية أقزامًا، لا تستحق منه أي اهتمام، يتعلّم أبناؤها في صفوفٍ عبارة عن مجسّمات تدريسيّة مُصغّرة يجب إغلاقها، لأنّها بنظره غير قائمة على الخريطة التعليميّة الموسّعة لوزارة المعارف، إلى الآن يرفض التدخّل، كي يُهجّر طلاب هذه المدارس، إلى المدارس الحكوميّة المنتشرة في الوسط العربي، التي فتح بعضها حدودها التعليميّة أمام بعض الطلاّب المهجّرين، فاستقبلت الهاربين من التعسُّف العنصري للجهاز التربوي الإسرائيلي الرّسمي، هذا ما تقوم به للأسف بعض المدارس الحكوميّة العربية، تعتقد أنّها تُعطيهم إعانات تعليميّة، رغم أنها تخدِم مصلحة الدّولة العليا، لا غير.
كأولياء أمور نرفُض رفضًا باتًّا أن يُهجّر طلابنا وطالباتنا إليها، الذين اعتادوا على مُدرّسي المدارس الأهلية، ومناهجها عالية المستوى، وأعتَبر هذه الخطوة خطيرة... فمن خلال استخدام الحكومة لهذه الطّريقة، عمليًّا تمحيها من ذاكرتهم، هكذا تُهجّر الطلاّب من تاريخ آبائهم وأجدادهم الذين لم يتعلّموا فقط في المدارس الأهلية بل تعلّقت بذاكرتهم.
لم يترُك المجتمع العربي المدارس الأهلية، تُعارك السلطة لوحدها، بل قرع أجراس تضامنه مع مطالبها العادلة في أرجاء البلاد من كل أطيافه، لأنها عُرِفَت عبر التّاريخ، بنبذها لكل أنواع التمييز، لدرجة أنها شَرّفت وما زالت تُشرّف مؤسّسات مجتمعنا بإنجازات طلابها... سواء في الجامعات الإسرائيليّة أو العالميّة، نادت بالتّسامُح الدّيني، عُرِفَت بتاريخها الحضاري العريق المليء بالتضحيات.
نتَج عن هذا الإضراب، إضرابًا نسائيًّا، لأن بعض الأمهات العاملات، اضطررن أن يُعطّلن أعمالهن، حتّى لزِمنَ بيوتهن، وتفرّغن لرعاية صغارهنّ، وبدأت عطلتهنّ الصيفيّة الإجباريّة. هذا الإضراب المتواصل عَطّل حركة بعض ربّات البيوت عن القيام بواجباتهن المنزليّة كما يجب، لتواجد أبنائهن حولهن طوال النّهار، فغيّروا خِطط أعمالهن المنزليّة المعتادة، وتأقلمن مع أهواء أبنائهنّ.
لقد خصّص وزير وزارة المصارف الدّينيّة، نفتالي بِنِت، للمدارس الدّينيّة اليهوديّة في الميزانيّة الجديدة، ميزانيّة ضخمة، وذلك تنفيذًا للابتزازات الائتلافيّة، لكنّه يأبى أن يخصّص للمدارس الأهلية الميزانية المطلوبة، مع أن المدارس الدّينيّة اليهوديّة لا تتعلّم المنهاج الذي وضعته وزارة المعارف، لا تتعلّم المواضيع الأساسيّة، تحرّض ضد نظام حُكم الدّولة، تتمرّد على الحكومة، بينما تسير المدارس الأهليّة وِفقَ منهاج وزارة المعارف الرّسمي، وتلتزم التزامًا كاملاً بنُظُمها وقوانينها، تنفّذ شروطها، لأنها مدارس تُقدّس القانون وليس فقط تحترمه.
من الأقوال "المأثورة" للوزير بِنِت: "القضيّة الفلسطينيّة مثل شظية في المؤخّرة!!"، أمّا أنا فأقول، إن إضراب المدارس الأهلية، سيبقى شوكةً في عيونكم، ولن تستطيعوا اقتلاعها بسهولة، إلى أن تلبّوا كل المتطلّبات التعليميّة المطروحة أمامكم، والأقساط الشّهريّة التي تُجبى من الأهالي، فهُم ليسوا مصادر تمويل، ولا تتوفّر لديهم مواردًا طبيعيّة، يستخرجون منها المال بكميّات وفيرة، لكنّهم يملكون إدارة منزليّة، يجب أن يحرصوا عليها... يتمتّعون بإرادة مجتمعيّة حديديّة، لا يمكن لأي سلطة ثنيها، أو حتّى كسرها، لأنّنا لن نُهجّر طلابنا إلى المدارس الحكوميّة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير