ما معنى "التدين" عند الاحتضار ! بقلم كميل فياض
2015-10-06 13:54:27
ما معنى "التدين" عند الاحتضار !
 
ما هذا اللعب الصبياني اخوان ..؟
ان ( نُديِّن ) من نحب من اعزاءنا فنضع على رأسه لفة وهو مشرف على المفارقة إبان الاحتضار .. او في الشهر الذي سلَّم أطباءه امرهم بعد اليأس من علاجه للأقدار ؟!
لا اجزم ان في تلك اللحظات والساعات والأيام الحرجة من حياة المرء – أيًا يكن – من لا يرغب في التدين .. من الطبيعي ان يستنجد كل من يشرف على الغرق بأي شيء ..انه تدين اللحظة الأخيرة التي يفقد فيها الانسان القدرة على الخيار ، فلا يستطيع ان يفعل شراً ولا خيراً.. 
الم يكن شرط توقيع الموحد على وثيقة التوحيد ، ان يكون في صحةٍ من عقلهِ وبدنهِ ؟
ليس عقله فقط .. لئلا يُفرَض عليه ما لا يقع في وسعه وتحت إرادته ..
 في الواقع هذا الخداع  (النعائمي)  للذات  _  اي الذي يشبه تصرف النعامة اذ تدفن رأسها في الرمل ظناً منها انها في مأمن من مطارِدها ، من حيث اعتقادها انه لا يراها اذ هي لا تراه – ان هذا الخداع الديني الذي يمارسه (الأموات) نابع من الفهم الخاطئ للدين وللتدين ولمعنى الدين والتدين ..
وهو جهل بالحق وتشويه للحقائق ، انه تدين "شاش ومَلَس" كما كان المرحوم ابو مروان سلمان فياض يقول .. هذا الرجل الذي رفض التلبس بالدين مُفضلاً التخلق بآدابه  ولو على حساب الخوض في اسراره ، وهو الرجل الطلعة الذي لم يكن يطق ان يرى كتاباً دون قراءة ..    
فكان نموذجاً للمؤمن الجوهري برفضه الخضوع لشرطية التدين المظهري .. ومثالاً آخراً هو المرحوم كمال كنج ، الذي رفض هذا الخداع وهو على فراش  المفارقة ، حيث فاجأته زوجته وهي تلبسه عمامة في رأسه ، فينزعها ويقول لها : هل عرفتني غير مؤمن  وغير آدمي حتى هذه اللحظة ؟! فترد : لا  بل نعم المؤمن والآدمي ، ويقول : لو كنتُ كافراً وغير آدمي طول عمري هل ستغيِّرني اللفة هذه اللحظة ؟ لا :.. اذن أعيديها .. ولا اقصد البتة هنا نزع الشرعية او نزع الفائدة من اللباس الديني الرسمي  بكل احواله ، ولا اقصد البتة التشكيك او الحكم على كل من أُلبس لفة وهو يحتضر .. لكني انتقد الوضعية نفسها عمومًا فهي غير سليمة .. فلم توجد العمامة في الأصل كعامل نفسي مساعد عند خروج الروح فقط ، بل هي رمز ينطوي على معاني المعرفة بالدين والإيمان بالله عز وجل ، وهي عنوان سلوك حياة ومسلك تقوي وجداني ضميري ، والعمامة البيضاء رمز للصدق والوضوح وللطهارة والنقاء – كما ينبغي -      
وبالمرة فإن للتدين خطر ما بعده خطر ، حين يكون سطحيًا وظاهريًا وأعمى .. ولهذا التدين السلبي علامات وسمات في الاعتقاد والسلوك .. من اشدها بؤسًا إخضاع الضمير لتعاليم  وتوجيهات  خاطئة ، حين يكون التعامل مع الآخرين تصنيفي وطبقي ومذهبي صرف ، وحين يكون العمل بالخير تطبيقاً جافاً وآليًا للوصايا والتعاليم وإخلاصًا لها ، اكثر مما هو اختياراً حراً من الداخل من القلب والضمير ، واقتناعًا بصحة العمل بالخير وحب الخير في ذاته ، لا لأجل مكاسب شخصية دنيوية وأخروية .. فمن يختار عن عقل صحيح ونية طيبة وعن بيِّنة ، لا يمكنه ان يكون متعصبًا متطرفاً حقوداً على المغايرين لمجرد انهم مختلفين في المظهر  ..
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق