مِلْحُهُ على ذيلُه (1) بقلم د. نجيب صعب – ابو سنان
2015-10-15 16:08:36
الأمثال الشعبية في بطون مجتمعنا العربي وثناياه آخذة مأخذها في الاتجاهين الايجابي والسلبي وهذه الامثال حقاً قيلت ليس بشكل عفوي , وإنما نتيجة حادثة أو حدث أو مناسبة , أو نسبت بعض الأمثال الى اعمال اجتماعية , أو جماعية حيث أنه على ألغالب تطابق هذه الأمثال كثيراً من الأمور الاجتماعية في خضم حياتنا المثقلة بالمستجدات اليومية والتي كثيراً ما تتماشى مع المستجدات .
وفي هذه العجالة حديثنا عن المثل " مِلْحُه على ذيلُه " حقاً انّ هذا المثل في ايامنا الحاضرة مشبع بما ينطبق عليه من تصرفات ومن امور في غالبيتها تلبس معنى هذا المثل وربما يكون مفصلاً عليها تفصيلاً , وقد التقيت بصديق يعز علي كثيرا لأنه امين وموضوعي في اقواله وسديد في رأيه , سألته يا أخي ما هو المقصود بالمثل " مِلْحُه على ذيلُه " , فأجاب : أخي هذا المثل له عدة معاني ويقصد به كثير من المواضيع على ارض الواقع فمثلاً يأتيك احدهم وتبذل امامه الغالي والنفيس في مساعدته وتقديم كل ما يمكن تقديمه , وعلى حسابك الشخصي , وربما تأويه في بعض الأحيان في منزلك وترعاه نظراً لوضعه الذي يستوجب ذلك , وقد تعمل كل هذا وتطبقه على ارض الواقع بكل ثقة وأمانة واخلاص , وقد تعتز انت بهذه الخدمة على امل ان يكون ضميرك مطمئناً في هذه الناحية , وأسديت ما يمليه عليك ضميرك الحي قلت : هذا جيد , الا انه أردف قائلاً : الأمر يتعلق بما يكون تصرف ذلك المرء بعد ان اكل وشرب وحظي بمأوى وبكل ما حصل عليه , تراه ينكر العيش والملح والحفاوة فهذا ينطبق عليه المثل " مِلْحُه على ذيلُه" " .
وماذا تقول يا صديقي عن انسان آخر تودّدَ اليك , ونال اكراماً وكرامة منك , وحظي بودك وباحترامك له وتقديمه في كثير من الأحيان بأمور لم يحلم ان يحصل عليها مدى الدهر لولا توسله اليك وتوسلك انت في موضوعه لينال ما يبغيه وإذا به يتنكر لكل هذا, ونراه ينكر الحلو وأثره فما رأيك بمثل هذه الناس ؟
أجابني صديقي بإسهاب قائلاً: يا عزيزي هذه النادرة تملأ الدواوين , والمناسبات فكثيرون كما ذكرت هذا نهجهم " مِلْحُهُم على ذيلُهم " ويتنكرون لما توسلوا من اجله ولما حصلوا عليه دون عناء.
(2)
وماذا تقول يا صديقي بإنسان آخر يتردد عليك كثيراً , وينعم بكثير من نصائحك وبمعروفك في كثير من لأمور , مساعدات , عناية , امانة , اخلاص وأنت مستمر بهذا النهج الا انّك تدرك
انه يتربص لك في كل لحظة وفي كل مناسبة تتاح له للأخذ والنيل منك , وربما يأخذ دربه بالذم والقدح !!! قال صديقي يا اخي هذا من الذين بدون مواربة " ملحه على ذيلُه " .
وقد يأتيك آخر بمنتهى البساطة , ويتظاهر كأنه أفقر خلق الله , ويتقرب منك كثيراً , وأنت من منطلق الضمير الحي وليس الغباوة تبذل المستطاع في مساعدته , وسرعان ما تستوضح الأمور اكثر تراه حيّة سامة , منافقاً خائناً كذوباً الخ . . .
ما رأيك ؟ هذا هو الانسان الذي " مِلْحُه على ذيلُه " بدون ريب فإليه لا تقترب !!! وعنه ابتعد !!!.
وقد يأتيك آخر متورط بالمشاكل , في حيرة وكأنه خسر مال قارون , أو أنه
فقد أعز ما يملك , وقد يشكو لك أمره , وتنبري لمساعدته بطيب قلب وتسعى لمساعدته , ويدرك أنّه لولا تدخلك ومساعيك لما حقق هدفه وبالضبط عند نيل وتحقيق مراده كأنّ شيئاً لم يكن , يتنكر لكل ما اكده , ووعده , وليس هكذا فقط وإنما يقلب الحقيقة كذباً لأغراض عنده في نفس يعقوب فماذا تقول ؟ والله يا أخي هذه أمور وأحوال صعبة لا تدل على الوفاء ولا تدل على الأمانة, وإنما تدل على نكران الجميل وطمس الحقيقة وهو الخاسر في نهاية المطاف لأنه " مِلْحُه على ذيلُه ".
وعلينا صديقي أن نجمل القول حيث انّ الأمثلة على الأشخاص والمجموعات
والأسر من هذه النوعية لا حصر لها في مجتمع اليوم, والخوف من هؤلاء أن يغرروا في
الناس وربما يصدقهم الأبرياء وطيبو النفوس والآدميون , فعلينا جميعاً كل المخلصين كل الأمينين على مصالحهم ومصالح المجتمع ان نعمل معاً ما في وسعنا لمقاومة هذه الظواهر قدر المستطاع ليتعود الناس على انماط غير هذه وليتعود الناس على حفظ وتقدير العمل الطيّب لصاحبه ورد المعروف بمثله ليُعِلن كل من " مِلْحُه على ذيلُه " افلاسه الأخلاقي والانساني والاجتماعي , وليصبح هؤلاء وحيدين دون سمير في المجتمع ولتعريهم الأسر والأفراد والأطياف الاجتماعية على اختلافها لأنه بدون ريب في ذلك صلاح للمجتمع عامةً وللأفراد خاصةً .
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير