تاهَت القضيّة!!بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان.عَكّا
2016-01-18 22:32:21
 
بَعيدًا عَن العَواطف وَالأحاسيس التي تميّزنا كعَرب عَن غيرنا مِن باقي الشّعوب فكما هُو مَعروف أننا شَعب يُحكم عَواطفهُ أكثر مِن عَقلهِ وَهذهِ هيَ إحدى مَشاكلنا الكبرى.
تاهَت أفكاري حَقيقة بينَ كثرَة الآراء وَالأقاويل التي دارَت في الآونة الأخيرَة بشأن قضيّة نشأت مِلحم والذي باتت سيرته عَلى كلّ لسان يَهودي قبلَ العَربيّ! 
نَشأت مِلحم صاحِب القضيّة الغامِضة حَتى الآن!! وَسَيَبقى كذلك..
حَرَّم الله قتل النّفس بجَميع الأحوال وَهذا أمر لا جدال فيهِ وَلا نِقاش.
لا بُدّ في هذا السِّياق أن ننتقد أنفسَنا وَلو لمَرّة واحِدَة لعَلنا نتعَلم أن نُحَكّم عَقلنا وَالمَنطق بَعيدًا عَن العِواطِف وَالمَشاعِر الجَيّاشة التي تعترينا كلّ مَرّة بحَيث أن يَصِلَ فينا الأمر أن ننعَتَ إنسان قاتل عَلى أنهُ "شَهيد"!!
مَع وَضع النّقاط عَلى الحُروف لا يُمكننا انتقاد الإرهاب وَالعُنف وَالفِعل بمِثلهِ!!
قالَ تعالى في كتابهِ الكريم في سورَة الإسراء بسم الله الرحمن الرحيم "وَلا تَزُرُ وازرَة وزْرَ أخرى" صَدَق الله العَظيم.
نَشأت مِلحِم الذي قَتلَ كما تبيَّن لنا مِن خِلال الفيديو ببرودَة أعصاب أشْخاص لا يَهمّني في الحَقيقة ما هِيَ دِيانَتهم! وَلكن ما يَهمّني في المَوضوع أكثر مِن الهَروَلة وَراءَ الدّيانة وَالطائفية هِيَ ما الأسْباب التي دَفعَت نشأت إلى فِعل هذا العَمَل الغير واضِح حَتى اليَوم والذي لا يُبرّر إلى حَدّ ما؟!!
ليسَ بإمكان أي أحَد الحُكم عَلى ما فعلهُ نشأت لأنَّ الخلفيّة لمْ وَلنْ تَتضِحْ!! لذلك لا نَستطيع الإحْتفاء بما فعل وَنعتهُ "شَهيد" وَلا نَستطيع أيضاً أنْ نندفعَ وَراءَ الصَّحافة وَالشّرطة التي تلعبُ دورًا مٌهمًا في هذا المَوضوع!
لا بُدَّ أن نَجدَ للوَعي والضَّمير مكاناً فينا!!
ما بينَ الاضطراب النّفسي وَالشَّهادَة وَالشّاباك وَتصفيَة الحِسابات تاهَت القضيّة!!
ليسَ تبريرًا لِما فعلهُ نشأت طبعًا لأنني لا أؤيد ما فعلَ بشكل قاطع, لكن ! رُبّما مَرَّ نشأت فِعلا بظروف نفسيّة صَعبّة بَعدَ مَوت ابن عمّه وَصَديقه عَلى يَد الجَيش مِمّا وَلد عِنده الدّافع للقتل أو الإنتقام الشّديد وازدادت لديهِ هذه الرّغبة بَعد فشلهِ مُحاولة اختطاف سِلاح مِن جُندي وَبدخوله السّجن طبعًا مَع الإضافة إلى ما رَآه وَما عاشهُ في السّجن وما شَعَرَ بهِ حينها قد تكون تلكَ الرّغبة وَصَلت ذروتها,(وَأكّد اضطرابهُ والدهُ وَأقرَّ أنَّ هُناكَ مُسْتندات طبيّة تثبت ذلك)ليسَ تحليلاً نفسيًا صائبًا ربما, ولكن! لا يَجب الحُكم عَلى أيّ شَخص دونَ الأخذ بعَين الاعتبار ما حَثه عَلى فِعل ما فَعَل رُغم أنّ ما فعلهُ لا أظن أنّ هُناك مَن يقبلهُ إنسانيًا وَضميريًا وَدينيًا حَتّى!!
عَندَما تمَّ الكشف عَن هَويتهِ كعَربيّ تمَّ التّنبؤ مِن قبل الصَّحافة العِبريّة وبالأخَص التي تَهوى الإصطياد بالمِياهِ العَكرة عَلى أنّ نشأت قامَ بعمليّة إرهابيّة ضدّ الدّولة وضدّ مُواطنين يَهود بالتحديد مَع أننا لو نَرى أن ذات الصّحافة نفسَها نشرَت أن نشأت قتل الشاب العَرَبي أمين شَعبان فسنتأكد أنّ هذهِ الصّحافة لا تحمل أيّ نوع مِن المِصداقية فهيَ تناقضُ نفسَها بنفسها دونَ أن تدري وَهُناك مَن يتبعها أيضًا دونَ أن يَدري فلو كانت فِعلاً عَمليّة إرهابيّة قوميّة فلم قتلَ نَشأت الشّاب العَربي والذي يَحمل نفس دينهُ أيضًا؟!
هذهِ الصّحافة تَسعى لزَرع الفتنة بَين العَرَب وَاليَهود بأرجاء الدَّولة وَتعمَل عَلى تكبير الفجوَة القائِمَة بينَ المُجتمَعَين وَبالذات في ظلّ الأحداث الأمنيّة الغير مُريحَة في الآونة الأخيرَة.
ولكن هذه الشّماعة السّهلة (القضيّة القوميّة) يُهرول وَراءها طبعًا الكثيرين مِن اليهود اليَمينيين المُتطرّفين تاركين تساؤلا كبيرًا لما لنشأت أن يِقتل ابن مُجتمعه وابن دينه أمين شَعبان؟؟ والذي لم يُذكر أسمهُ سِوى عَلى أنه قُتلَ عَلى الأرْجَح عَلى يَد نشأت! (حَقيقة لم أعْرف ما كانَ هَدَف الشّرطة هنا عندما اهتمت ونسَبَت هذه التهمَة له ولم تهتم في التدقيق عَلى ذكر أسم الشاب إلى جانب المُواطنين اليَهود الذين قتلا في العمليّة!! باتَ الضّحايا في العمليّة اثنان وتهمَة القتل لثلاثة!)
مؤسف أن يُهمّش أسمهُ فقط كونهُ عَربي!! فإن كانت العمليّة قوميّة أو جنائيّة أو تخريبيّة أو تحمل تسميات أخرى لا يَهمّني فيجبُ أن يأتوا على ذكرهِم جَميعهم وليسَ الإكتفاء فقط بذكر المُواطنين اليَهود!! إلى جانِب ذلك فقد تمَّ تهميش أسم أمين شَعبان عَلى يَد العَرَب أيضًا عِندَما نَعتوا نشأت بشَهيد وَلم يَكترثوا لا لأمين ولا لعائلتهِ الثكلى! 
مَنَ المُمكن أن أكون قد تأخرّت في ذكر الرّأي َالذي قالَ أن نشأت كانَ عَلى عَلاقة مَع الشّاباك الإسرائيلي والذي استغلهُ واستخفَّ بعَقله واستغنى عَن خدماته فقام نشأت باللجوء للإنتقام مِن الشَّخص الذي كانَ مَسؤولاً عنهُ في الشّاباك وقرَّر قتلهُ وتصفيتهُ في المَقهى الذي كانَ يَترَدّد إليهِ إلا أنَّ الرَّصاص لم يَطلهُ بَل طالَ أشخاص آخرين وَهذا السَّبَب وَالمُحَفز الأكبر رُبَّما الذي أعْطى لهُم الحَق بتصفيتهِ لاحقا وَعَدَم الإكتفاء باعتقالهِ فقط!! فاعتقال نشأت سَيَكونُ بمَثابَة جَبهَة صارمَة كانت سَتفتح لاحقا عَلى الشّرطة وَعَلى الحُكومَة لأنه سَيَكون هُناكَ تحقيقات وأسئلة وأجوبة ودفاع وهذا عَلى الأرجَح ما سَيُوضِّح خلفيّة العمليّة لاحقا وَهذا ما لا تريدهُ الشّرطة بَل مِن الأسهَل عَليها أن تكتفي وَتتأرجَح عَلى حِبال أنَّ العَمليّة عَلى خلفيّة قوميّة. 
بمّا أنَّ هُناك غموض سَيبقى يَكتنف هذهِ القضيّة فلا يُمكننا نَعت نشأت بشَهيد! هذا الأمر الذي تداولهُ العَديد ممّا زادَ التأكيد للمُواطنين اليَهود وَللدّولة أجمَع أن العمليّة فعلاً عَلى خلفيّة قوميّة, تاركينَ رَفض الإسلام للقتل! وَتاركينَ جُثة أمين شَعبان مُهمَلة وَتاركين أيضًا الشيء الأهَم وَالأعظم وَهُوَ أنَّ الله وحدهُ فقط يَعلم مَن ماتَ شَهيداً أو لا!!
حَقيقة مِن خِلال هذه القضيّة اكتشفتُ "الخيال الواسِع" وَ"التفكير العَميق" وَالكلام التافه وَ"الإنتصارات الخرافيّة" التي يَتشبّث بها الكثير في مُجتمَعنا العَربي!
الرَّحمَة وَالمَغفرَة لهُم جَميعَهُم, فلا يَجوزُ عَلى الأموات سِوى الرَّحمَة.
ماتَ نشأت بَعدَ أسبوع مِن مُطاردة الشّرطة لهُ وماتَ سِرّه الذي لا يُبَرّر فِعلتهُ مَعَهُ!!
فمن الآن مُمكن للجَميع أن يتقوّل بما يُريد فليسَ هُناك مُتهم يُدافع عَن نفسه أو يَرد عَليهم أو حَتى يُبرّر فعلته!
ماتَ نشأت وَتركَ للمُحللين والمُواطنين عَلى حَد سَواء جَبهة تفكير حُدودها السّماء!!
بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان.عَكّا 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق