القرية الدرزية المقترحة والمواقف المتضاربة !!!! بقلم: د. نجيب صعب – ابوسنان
2016-01-30 16:32:24
- الخلاف في الرأي لا يُفسد للود قضيه.
- قرار ايجابي يجب تَفَحّصه وتفحُص ملابساته بشكل عميق وموضوعي.
- الدروز في هذه الديار يعود تاريخهم الى اكثر من 1000 عام.
- لم ولن يرضَ بنو معروف اقامة قرية درزيه على انقاض اية قرية تمشياً مع مبادئهم وشيمهم وتعاملهم بأمانه في الحرص على الارض والعرض والشرف.
- عبر حقب التاريخ امتازت الطائفة بأمانتها وبإخلاصها باحترام الغير وعدم المس به بل صونه وتقديره وهكذا ستبقى.
قرار المجلس القطري للتنظيم والبناء أوصى مؤخراً بإقامة قرية درزيه جديده في الجهة الغربية من الحديقة الوطنية ومنطقة حطين , وشمالي المنطقة الصناعية "جولاني" وشارع 77 في منطقة "قصر نفتالي" في الجليل الاسفل.
وفي المرحلة الاولى ستحوي هذه القرية المقترحة نحو 400 وحده سكنيه على ان يزداد عدد هذه الوحدات مستقبلاً.
وتأتي هذه التوصية بموجب قرار الحكومة بهذا الشأن رقم 5233 والواقع يوم 18/12/2012 حيث سيتم ذلك ضمن الاراضي التابعة للمجلس الاقليمي الجليل الاسفل في منطقة احوزات نفتالي الغربية , هذا ما جاء في البيان الذي صدر عن المجلس القطري للتنظيم والبناء مطلع كانون ثاني 2016.
وقبل ان ادخل في مقالي الموضوعي هذا والذي اترفع فيه عن الغايات والمآرب الشخصية او الحزبية واضعاً اياها جانباً , حيث امام عيناي وناظري فقط المصلحة العامة لهذه الدوحة المعروفية , واحترم ايضاً جميع الآراء على اختلافها والتي تسمع او تكتب هنا وهناك , وكذلك التقارب في وجهات النظر من منطلق أن الخلاف في الرأي لا يُفسد للود قضيه.
وقبل ذلك ارجو ان اشير الى ان الاستيطان الدرزي في هذه البلاد وبإيجاز , لم يكن في فترة زمنيه او تاريخيه واحدة , وانما كان على فترات ولكل منها مواصفاتها وظروفها الاجتماعية والاخلاقية والأمنية والتي بدون شك انعكست على الدروز كما انعكس ايضاً على غيرهم وهي كالتالي:
1. فترة الدعوة للدين الدرزي في مطلع القرن الحادي عشر ومباشرة ذلك زمن الدولة الفاطمية في مطلع العقد الاول منه كما هو معلوم , وذلك بوجود ثلاثة مراكز للدعوة الاول في جبل السماق في منطقة حلب والثاني في بلاد صفد "شمالي اسرائيل اليوم" والثالث في منطقة وادي التيم في لبنان.
1
2. فترة حكم المعنيين الذين وصل حكمهم الى القسم الشمالي من اسرائيل بما في ذلك الكرمل كما تثبت المصادر التاريخية عن امتداد حدود الدولة الى هذه المنطقة وذلك في القرنين السادس والسابع عشر للميلاد.
3. زمن الحكم العثماني واثر زوال الدولة الدرزية بعد حكم المعنيين , ويشير الدكتور سلمان حمود فلاح في كتابه "تاريخ الدروز في العبرية" ص 21 بأن (الاحصاء الوحيد للدروز في هذه البلاد كان سنة 1887 للميلاد حيث كان عددهم 7860 نسمة , وفي سنة 1931 وصل عددهم الى 9148 نسمه , وفي سنة 1945 وصل عدد المعروفيين الى 13000 نسمه , وبعد قيام الدولة بعشر سنوات كان عددهم 20.800 نسمه , اما اليوم فيصل عدد ابناء الطائفة الدرزية في الدولة نحو 120.000 نسمه تقريباً.
وما أن اعلن رسمياً بخصوص قرار اقامة قرية درزيه اخذت الآراء تطلق هنا وهناك بحق او بغير حق , وغصّت الصحف المحلية وربما ايضاً الأجنبية نقلا عن المحلية بالآراء من مؤيد ومعارض ومقترِح وكذلك مواقع التواصل , واختلط الحابل بالنابل , والتسابق على نشر الآراء وابرازها من معظم وسائل الاعلام , وكثيراً ما كانت تُضَخم الكتابات , كل هذا قبل التيقن والتأكد رسمياً وجماهيرياً بشكل موضوعي , وان الكتابة يجب الا تّكون من باب شوفوني يا ناس , فالأمر ليس كذلك , حسنٌ ان يكتب المرء ويبدي رأيه بصراحة , والاحسن ان يكون هذا الرأي وهذه الكتابة موضوعيه وتستند الى الحقيقة بشكل صحيح وكما هي , ذلك خوفاً ان يقع المرء او المجموعة في بعض الاحيان في خطأ او انتقاد , الجميع بغنى عنه , فالتروي والتمعن والدراسة الواعدة لهذا القرار واخذ الامور على محمل الجد وبمسؤولية اكيدة أمرٌ يلزمنا جميعاً , لأننا جميعاً في هذا المجال نرنو الى ما هو افضل واحسن للطائفة استنادا الى الحقيقة تجاه القرار وتجاه اصحاب القرار وتجاه الطائفة خاصة.
وعليه ايضاً يترتب في هذه الاحوال اخذ الامور بتمعن ودراستها عميقاً وعدم التهور واطلاق الشعارات الرنانة , منها الإيجابية ومنها السلبية تارةً لإبراز شخصيات وتاره لإظهار مسؤولية في بعض الاحيان قد تكون جوفاء وتاره معارضة من اجل المعارضة , وكل هذا في نظري لا يخدم الطائفة ومصالحها بالمرة والعكس قد يكون صحيحاً , ذلك من باب أن الطائفة وقيادتها الدينية والزمنية على اختلاف شرائحها بدون أدنى شك تتحلى بمسؤولية وقد تدرس الامور بحذافيرها عن كثب وتعي كل خطوة لتكون موزونه وحكيمه , وهذا بالضبط ما ينبغي عمله استناداً الى مبادئ واخلاقيات الطائفة المعروفية وتمشياً مع وجهة نظر فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية والهيئات الدينية والاجتماعية والجماهيرية والمؤسسات الفاعلة ومنتدى السلطات المحلية وممثلي البرلمان على اختلاف فتراتهم وممثلي شرائح المجتمع الدرزي واطيافه والذين يتمشون بموجب مبادئ الطائفة ويُجمعون بدون شك وبمسؤولية لا تقبل الجدل على معالجة الأمر بشكل جدي وبنظرات ثاقبه لتحقيق الهدف المنشود باحترام لجميع الاطراف وعليه ارجو ان انوه في هذا الصدد الى ما يلي:
2
1. عدم الموافقة والرضى بإقامة قرية درزية على انقاض أية قرية كانت في الماضي , لان ذلك نابع من شهامة الطائفة وحرصاً على كرامة الغير ومن نواهي الدين التوحيدي.
2. اقامة هذه القرية بدون ريب لا تكون بديلاً لتطوير القرى القائمة ولا تكون على حساب خرائطها الهيكلية , والتي يترتب على المسؤولين في سلطاتنا المحلية ووزارة الداخلية
الاسراع وبدون تقاعس وتأجيل لإقرار هذه الخرائط للتسهيل من حدة ازمة السكن التي تستوجب الحل السريع لينعم الجنود المسرحين والازواج الشابة بإقامة اماكن سكنهم دون اللجوء الى المخالفات التي تشهدها قرانا اليوم.
3. اقرار اقامة هذه القرية موضوع ايجابي بالنسبة للطائفة وخاصةً اذا تذكرنا عدد القرى والخرَب التي سكنها الدروز الى ما قبل نحو قرنين من الزمن في هذه الديار وعددها نحو 54 قرية في الجليلين والكرمل , وقد بقي منها زمن الحكم العثماني ما نراه اليوم من القرى والتجمعات السكنية.
4. وعلية لا ارى اي سبب بمعارضة اقامة مثل هذه القرية طالما تتوفر بها الشروط التي سبق ذكرها واهمها: الا تكون على حساب توسيع الخرائط الهيكلية بغية التغلب على الضائقة السكنية في قرانا , حيث يتطلب الامر وبدون تأجيل ايجاد الحل الشافي لهذه الضائقة والتخلص من الغرامات المالية , وهنا وزارة الداخلية والمجالس الدرزية وجميع الهيئات ذات الشأن جميعها مطالبه لإزاحة نير المخالفات والغرامات عن كاهل الازواج الشابة والجنود المسرحين.
5. واذا كان الامر كذلك علام التفوهات الصادرة من مختلف الجهات الخاصة والعامة , بمسؤولية وبغير مسؤولية وقد تكون سابقه لأوانها , وعلام التخوف والتشاؤم , فكرامة الطائفة في نظري ليست في اطلاق التهم هنا وهناك بشكل عشوائي وبدون الاستناد الى حقائق من مختلف الجهات , فالموضوع ليس لهذا او ذاك , لان مصلحة الطائفة الصحيحة فوق كل اعتبار وان إقامة قرية جديده على اراضي املاك الدولة دون ان تكون على انقاض اية قرية فهي امر ايجابي , وعلينا مباركه هذا المشروع , وحبذا لو كانت على انقاض احدى القرى الدرزية خاصة من القرى التي سكنها دعاة الدين الدرزي في هذه الديار وهي كثيره والتي يعود تاريخها الى نحو 1000 عام خلت كما أسلفت , حيث دُمّر قسم منها او تركها سكانها لأسباب عديدة وبتقلب انظمة الحكم فيها منذ قيام الدعوة الدرزية وحتى قيام الدولة.
ولا يغيب عن كل معروفي في هذه الديار وخارجها مواقع الدعوة والقرى الاخرى التي سكنها الدروز وهي كثيره:
ويشهد على ذلك الجوّالة والمؤرخون الذين مروا في هذه البلاد وخاصة ما كتبه المرحوم الشيخ محمد الاشرفاني في كتابه "عمدة العارفين" (المؤلف).
وعن القرى غير المأهولة بالدروز اليوم والتي تركها سكانها او دُمّرت لأسباب عديده ومتنوعة وبقي ما بقي منها دون التطرق الى ملابسات الامور في هذا السياق , فالقرى التي كانت مأهولة بالدروز او سكن فيها الدروز الى جانب اخوانهم من ابناء الطوائف الاخرى وهي:
3
سلامة بالقرب من عرابة , دامة والسافرية بالقرب من كفركنا , ميماس بالقرب من ابوسنان , اكليل , الحنبلية بين جث وميماس , عين عاث بالقرب من ساجور , عمقا , جديدة , كويكات , عين الزيتون وقرى (اقرث , الجيش , فسوطه , دير الاسد , والبعنه والتي منذ 150 سنة واكثر لم يوجد فيها دروز) اما قرى عنبتا , سوق العتيق والجرمق فلا ذكرلهّا مطلقاً في منطقة الجبل , وغيرها.
وفي الكرمل: ام الزينات وهي القرية الوحيدة للدروز التي بقيت حتى اليوم ولا يسكنها الدروز , والقرى التي انقرضت في منطقة الكرمل فهي: الرقطيه خربة الدويمه (الدامون) خربة علي الدين , ام الشقف , خربة البستان , الشلالة , خلة الشربيطه , الخريبّه , جلمة المنصورة جلمة العسفاني .
خلاصة القول ايها المعروفيين الافاضل والسادة المحترمين من مختلف شرائح الطائفة الدرزية وكذلك ممثلي الهيئات الرسمية والشعبية عامة دون استثناء يترتب علينا جميعا ً وبكل مسؤولية ان نرى في هذه الخطوة اقامة قرية درزية مشروعاً ليس ضد مصلحة الطائفة فلدينا كافة الوسائل الإنسانية والاجتماعية والقانونية وحتى السياسية للعمل معاً على تحقيق الهدف وباتفاق عام شريطة ان يتوفر في هذا القرار ما يتناسب وقواعد واسس الدروز المعهودة على مر العصور , وعدم التعرض لأي انتقاد من اية جهة كانت , ويترتب عدم المشاحنات الكلامية من على وسائل الاعلام لان الموضوع في نظري ليس مع فلان وضد علان والمصلحة المعروفية واحدة , وبالالتفاف الصادق والامين علينا جميعاً التوصل الى رأي سديد في موضوع اقامة قرية درزية جديدة والكف عن التراشق والاتهامات التي لا مكان لها بيننا , وان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه انه سميع مجيب.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير