الى رموز الطوائف الدينيين بقلم كميل فياض
2016-02-01 11:36:32
اولا احمد الله لأني اعيش في منطقة تسمح لي ان اعبر عن نفسي ، دون ان يكون من فوقي من يصنف افكاري في خانة التخوين او الإخلال او الافساد او التجديف الخ .. لمجرد انه صاحب سلطة ..
في الواقع من اهم  النتائج التي يفرزها قانون حرية الفكر ، هو حق الاختلاف في الرأي ، والذي يعطي الضعيف صاحب الرأي القوي ، امكانية التغلب على القوي صاحب الرأي الضعيف، في مجال التأثير على الرأي العام ..
 وانتم كرجال دين اقوى مني بكثير ، اذ انتم تمثلون مؤسسات وتاريخ وطوائف يتجاوز عدد بعضها المليار  رأس ، بينما انا فرد لا امثل اي جماعة ، مع ذلك اقول  التالي : عندما تجتمعون كممثلين لطوائفكم واديانكم من اجل المصالحة او من اجل تعزيز المصالحة وتلافي الفتنة ، او الاشكالات السياسية والاجتماعية التي يمكن ان تؤدي الى فتنة بين ابناء طوائفكم ، انما انتم تخدعون انفسكم وتخدعون الناس معكم ، اذ انكم تنطلقون لحل مشكلة او لتلافي الوقوع في مشكلة ، هي من خلقكم اصلاً ، ومن ضمنها انتم تحاولون ايجاد الحل، بدل ان تحرروا انفسكم وعقولكم منها تمامًا.. 
واذ لا ترون المشكلة التي ورثتموها وتتعيشون منها ثقافيًا ومعنويًا ، والبعض يتعيش منها مادياً ايضًا، انما انتم بذلك  كالعمي الذين لا يدرون انهم لا يرون .. وبالذات تصير المشكلة اشد عندما لا تدرون بذلك ، بل تتمسكون بما انتم عليه باعتباره النور ، بل مصدر كل نور وخير .. وربما انتم معذورون في ذلك لا ادري ، اذ حتى لو انتقلتم من الظلمة الى النور لن تدركوا الفرق ، وفي ذلك يكمن اكسير الخلود لجحيم الأزمة والصراع ، بين من تمثلون ، وبينكم وبين من يبصرون ..
فهناك مستويين من العماء :
 مستوى ناتج عن رمد في العيون بحكم الولادة  وهذا لا يمكن شفاؤه ، ومستوى ناتج ببساطة عن كون الانسان قابع في الظلام فقط ، لكن بصره سليم ، ومجرد خروجه من الظلام  يصبح من المبصرين ، وحديثي عمومًا لهؤلاء ، اذ هم فقط من يمكنهم الاستفادة ، اذا ما اقتنعوا بأن العيش في النور افضل من العيش في الظلام  .. 
ولهؤلاء اقول :  هناك نوعين اساسيين من الحجب التي تمنع من الاتصال المباشر بالحقيقة ، حقيقة الوجود ، نوع ثابت مقدس موروث ينتقل من جيل الى جيل، وهو من صنع  "الهة او انبياء وشيوخ "الخ  ، وحجب عادية ، يمكن ان تكون ثقافية ادبية فلسفية الخ ، هي قابلة للتغير ، يمكن تغييرها وتطويرها ، او تبديلها بما هو الطف .. لكن الحجب هي حجب ، تغطي وعي الحقيقة فينا ، وتخلق ثنائيات الادراك التي اولها ( الذاتي والموضوعي ) وسواء كانت هذه الحجب خيرة ام شريرة ،ايجابية ام سلبية هي تمنع الاتصال المباشر والكشف عن الحقيقة ، تمامًا كما ان الغيوم البيضاء والغيوم السوداء – على السواء -  تحجب السماء الزرقاء ، فلا بد من ازالة جميع الحجب الحائلة بيننا وبين ذلك الحضور ، من خلال العمل على التيقظ الداخلي من كل شيء ..  
اصحاب المعتقدات يقيمون الصلة المعرفية بأنفسهم من وراء معلومات وتوجيهات وتعاليم من صنع غيرهم ، هي صادرة عمن غاب عن ناظرهم في ظلمات الماضي السحيق ، فهم مغتربون عن الواقع الزمني وعن الحضور الوجودي ، منفصلون عنه وهم فيه وهو فيهم ، كمن يبحر في سفينة مغلقة لا يرى منها الى البحر شيئاً ، فلو ظل كل الدهر يتحدث عن البحر وعن خصائص البحر من كتب يقرأها ويتعمق فيها ، لن يكون علمه بأفضل من لمحة مباشرة الى البحر .. 
 
لكي نفهم اشكالية الوجود، علينا ان نفهم اشكالية المعرفة بالوجود اولاً :
 
.. تاريخ الفكر يحدثنا عن تقسيم مباحث المعرفة الى مباحث مختلفة ، فهناك مبحث الطبيعة ومبحث ما بعد الطبيعة ومبحث الأخلاق ، الفن ، السياسة ، الادارة ، والاقتصاد الخ .. واهم مبحث في نظري هو مبحث المعرفة لأنه يجب ان يصل بنا الى الضوء الذي نرى به سائر الموضوعات ، وعن طريقه نقيم ونزن ونشهد الخ.. 
ونظرية المعرفة تتطور مع تطور ادوات الادراك والتحقق والاستعمال والوصول والحصول ، ويتمثل ذلك في تغير المفاهيم والمصطلحات ، طالما هناك زوايا وفضاءات معتمة تتكشف .. وقد اتفق كثير من المفكرين والفلاسفة الى ان مبحث المعرفة هو اهم من سائر مباحث الانطلوجيا المتعلقة بالأوجه المختلفة للوجود ، وفي العصر الحديث تضافرت  علوم معينة تحت مبحث المعرفة ، كالفللوجيا والابستملوجيا واصبحت جزء لا يتجزأ من نظرية المعرفة ..
اما في الفهم التقليدي السائد والسطحي ، المعرفة هي ان تجمع معلومات تخزنها وتستعملها او لا تستعملها .. لكن التناول العميق لمفهوم المعرفة يتمثل في الحصول على فهم كيف تتكون المعرفة نفسها ، اي كيف نعرف وكيف تتم عملية المعرفة – سواء – لأنفسنا او للأغراض والأشياء والعلاقات .. وبكلمات اخرى ، ان تعرف المعرفة ذاتها  اولاً .. وبالمعنى السقراطي ان تعرف نفسك بنفسك لا بعرض عارض او بوسائل خارجة في الماهية والطبيعة عن ماهية نفسك .. 
ان الحصول على هذه المعرفة يقول التالي تجاه الوجود عمومًا : الوجود منقسم ظاهرياً الى ظاهر وباطن ، غير ان الناس عمومًا يخلطون بين القسمين ، ويحسبون اجزاء من الظاهر كباطن  .. 
ما هو الظاهر والباطن :
بالأحرى تدخل الافكار والمشاعر والتصورات المختلفة الذاتية والموضوعية على السواء في الظاهر وفي مفهوم الظاهر ، وحتى المتعلق منها بعالم الباطن والروح والله والجنة الخ .. 
 اذ ان الباطن في ذاته هو غير الافكار وغير العقل وغير المشاعر والتصورات ، ولا يمكن الكشف عنه عن طريقها ، بل على العكس من ذلك انها تحجبه وتغطيه وتجزئه – ظاهريًا – الى موضوعات شتى على اساس تماهي ظاهري بينه وبين المجردات الحسية التي تنعكس عن العالم فيه .. ولذلك فان الكشف عنه يقتضي تفريغ جميع المعلومات والافكار وتهدئة الوعي وتسكينه من جميع الانفعالات النفسية .. فالمعرفة بماهية الوجود وهويته هي رؤية باطنية بذات الماهية ، وبمجرد تكوين افكار حولها ، نكون قد خرجنا بالماهية الى عالم الظاهر – رمزيًا - واضفنا حجاباً باسم الحقيقة .. كميل فياض
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق