بَعْثَرَةٌ -بقلم: أمين خير الدين
2016-02-10 07:48:26
منذ مات عبد الناصر، جسدا وفكرا وسياسة وإصلاحا، وُقِّعت اتفاقية كامب ديفيد، وفَتَحت الأنظمة العربية، اليساريّة واليمينيّة، الجمهورية والملكيّة، الخلافة والإمارة، أبوابّها وسماءها وماءها وبحرها وبرِّها، وصارت ملعبا تلعب فيه إسرائيل، كما يحلو لها، تدخل متى شاءت، وتخرج متى تشاء بطائراتها بطيّار وبلا طيّار، بسفنها، بغوّاصاتها الذريّة أو التقليديّة، بسفنها الحربيّة أو التجارية أو السياحيّة!
وصارت الأنظمة العربيّة وراثيّة، ينقل زعماؤها الجمل بما حمل، البلاد بشعوبها، وثرواتها، وأنعامها، وأموالها، إلى أبنائهم، كأنّ البلاد عِزبا، والشعوب قطعانا، تنْقل والعصا معها، ومعها أيضا كلاب الحراسة، وسيطرت الأنظمة على المواطن العربي فكريا وأدبيّا وحزبيّا واقتصاديا وفنيّا وتاريخيّا وجغرافيا وإعلاميا مسموعا أو مقروءا و مرئيّا.
وتراجعت القضيّة الفلسطينيّة إلى آخر درجات سلّم أولويّات هذه الأنظمة، وتقلّصت الأراضي الفلسطينيّة بعد أن دنّستها أقدام المستوطنين الوقحين، وكاد النسيان يطويها لولا طفل أو طفلة في الثالثة عشرة من العمر، يجهل سياسة هذه الأنظمة، فيذكِّرنا بأن هناك قضيّة شعب لا زال يذكرها، بعد ن نسيتها وأنستنا إيّاها هذه الأنظمة.
وصارهَمّ الشعوب العربية، بعد أن أنسَوْها القضيّة الفلسطينيّة، أن تسعى للتّفرّق مِللا وطوائف، تتقاتل، ولا تعرف متى وأين ولمَ ولأجل مَنْ تتقاتل!
الشيعة يتقاتلون مع الّسنّة
السُّنة مع العلويين
العلويون مع النّصْرة
النّصرة مع الدروز
الدروز مع الموارنة
الموارنة مع الروم
الروم مع الكاثوليك
الكاثوليك مع الأقباط
الأقباط مع الأخوان
الأخوان مع الأصوليين
الأصوليّون مع العلمانيين
العلمانيّون مع الجيش الحر
الجيش الحر مع النظام
النظام مع جيش الإسلام
جيش الإسلام مع الردة
الردّة مع الخوارج
كلّهم عرب ويقاتلون العرب
والعرب يقاتلون داعش
وداعش يقاتل
التاريخ والجغرافيا
والتراب والحجر
والله والإسلام والبشر
والمواطن العربي البسيط، غير المؤطّر، لا مِن شاف ولا من دري، لا يعرف هذا ولا ذاك، ولا يفرِّق بين يسار ويمين، يتناول حبوبه المهدئة من خلال مشاهدته فيلما لعادل إمام ولبلبه، ويلتهم يأسه مع مواهب هيفاء وهبي، أو وهو يتفرّج على كاظم الساهر في برنامج ذا فويس، "أحلى صوت، صوت صغير وحلم كبير"، وهو يرفع يده، مترددا ليضغط بعصبيّة وانفعال على نصف كُرَة السعد أمامه، إعجابا بموهبة طفل أو طفلة في الثالثة عشرة أيضا، تذكّره بالعراق الجريح، أو سوريا المنتحرة، أو فلسطين الحزينة، وتفتح جرح الأحزان والغضب كما تفتح الأنظمة العربيّة سماءها وماءها وترابها وسفاراتها وغرفها التجارية وغرف نومها أمام الإسرائيليين!!!
2016/2/7
بَعْثَرَةٌ
أمين خير الدين
منذ مات عبد الناصر، جسدا وفكرا وسياسة وإصلاحا، وُقِّعت اتفاقية كامب ديفيد، وفَتَحت الأنظمة العربية، اليساريّة واليمينيّة، الجمهورية والملكيّة، الخلافة والإمارة، أبوابّها وسماءها وماءها وبحرها وبرِّها، وصارت ملعبا تلعب فيه إسرائيل، كما يحلو لها، تدخل متى شاءت، وتخرج متى تشاء بطائراتها بطيّار وبلا طيّار، بسفنها، بغوّاصاتها الذريّة أو التقليديّة، بسفنها الحربيّة أو التجارية أو السياحيّة!
وصارت الأنظمة العربيّة وراثيّة، ينقل زعماؤها الجمل بما حمل، البلاد بشعوبها، وثرواتها، وأنعامها، وأموالها، إلى أبنائهم، كأنّ البلاد عِزبا، والشعوب قطعانا، تنْقل والعصا معها، ومعها أيضا كلاب الحراسة، وسيطرت الأنظمة على المواطن العربي فكريا وأدبيّا وحزبيّا واقتصاديا وفنيّا وتاريخيّا وجغرافيا وإعلاميا مسموعا أو مقروءا و مرئيّا.
وتراجعت القضيّة الفلسطينيّة إلى آخر درجات سلّم أولويّات هذه الأنظمة، وتقلّصت الأراضي الفلسطينيّة بعد أن دنّستها أقدام المستوطنين الوقحين، وكاد النسيان يطويها لولا طفل أو طفلة في الثالثة عشرة من العمر، يجهل سياسة هذه الأنظمة، فيذكِّرنا بأن هناك قضيّة شعب لا زال يذكرها، بعد ن نسيتها وأنستنا إيّاها هذه الأنظمة.
وصارهَمّ الشعوب العربية، بعد أن أنسَوْها القضيّة الفلسطينيّة، أن تسعى للتّفرّق مِللا وطوائف، تتقاتل، ولا تعرف متى وأين ولمَ ولأجل مَنْ تتقاتل!
الشيعة يتقاتلون مع الّسنّة
السُّنة مع العلويين
العلويون مع النّصْرة
النّصرة مع الدروز
الدروز مع الموارنة
الموارنة مع الروم
الروم مع الكاثوليك
الكاثوليك مع الأقباط
الأقباط مع الأخوان
الأخوان مع الأصوليين
الأصوليّون مع العلمانيين
العلمانيّون مع الجيش الحر
الجيش الحر مع النظام
النظام مع جيش الإسلام
جيش الإسلام مع الردة
الردّة مع الخوارج
كلّهم عرب ويقاتلون العرب
والعرب يقاتلون داعش
وداعش يقاتل
التاريخ والجغرافيا
والتراب والحجر
والله والإسلام والبشر
والمواطن العربي البسيط، غير المؤطّر، لا مِن شاف ولا من دري، لا يعرف هذا ولا ذاك، ولا يفرِّق بين يسار ويمين، يتناول حبوبه المهدئة من خلال مشاهدته فيلما لعادل إمام ولبلبه، ويلتهم يأسه مع مواهب هيفاء وهبي، أو وهو يتفرّج على كاظم الساهر في برنامج ذا فويس، "أحلى صوت، صوت صغير وحلم كبير"، وهو يرفع يده، مترددا ليضغط بعصبيّة وانفعال على نصف كُرَة السعد أمامه، إعجابا بموهبة طفل أو طفلة في الثالثة عشرة أيضا، تذكّره بالعراق الجريح، أو سوريا المنتحرة، أو فلسطين الحزينة، وتفتح جرح الأحزان والغضب كما تفتح الأنظمة العربيّة سماءها وماءها وترابها وسفاراتها وغرفها التجارية وغرف نومها أمام الإسرائيليين!!!
2016/2/7
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير