شذرات من مخطوط لجمعية مسيحية في كفرياسيف عملت قبل قرن ونيّف-أ. د. حسيب شحادة
2016-02-15 07:48:01
شذرات من مخطوط لجمعية مسيحية في كفرياسيف
عملت قبل قرن ونيّف
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
كفرياسيف قرية عربية معروفة في الجليل الغربي، تقع على تلة ترتفع 75 مترا عن سطح البحر، أُطلق عليها لقب “عاصمة الجليل” في عهد الانتداب البريطاني (أسوة بالمدن: صفد وطبريا والناصرة)، تبعد اثني عشر كيلومترا إلى الشمال الشرقي من مدينة عكا الساحلية، ويعيش فيها الآن قرابة العشرة آلاف نسمة من المسيحيين والمسلمين وأقلية صغيرة من الدروز. تبلغ مِساحتها الإجمالية حوالي سبعة آلاف دونم مربّع، فيها خمس كنائس ومسجدان ومقام للدروز باسم ”مقام النبي الخضر“ (هو إلياهو النبي في اليهودية والقدّيس جرجس/جريس/مار إلياس في المسيحية)، وقد سكنها بعض اليهود في الحيّ الجنوبي حتى منتصف القرن التاسع عشر، وعلى وجه التحديد، عام 1841، ويقال إن هناك كنيسا، أمّا وجود مقبرة يهودية على مِساحة ستة دونمات فأمر ماثل للعيان، وعلى شواهد قبورها نقوش بالعبرية والعربية. جثامين أثرياء عكا اليهود كانت تُنقل إلى كفرياسيف للدفن في تلك المقبرة، لأن عكا كانت خارج حدود الشريعة اليهودية. ويبدو أن مواكب الجَنازة هذه كانت تجري في فترات زمنية متباعدة وهذا يفسّر القول المأثور والخاصّ بكفرياسيف، على ما يبدو، ”شو كِنّو مِيّت يهودي“، يُقال عند لقاء اثنين بعد غياب طويل. ويعتقد أن ديرا بيزنطيا كان قائما في موقع الديدبة شرقي البلدة بجانب الطريق إلى يركا، أمّا الدير الغربي المعروف اليوم بالدار الغربية فيعود تاريخه إلى عهد الصليبيين. ذكر بعض الفرنجة في القرون الوسطى كفرياسيف تحت أسماء مثل Capher Sin, Cafresi، ويقال إن أصل اسم البلدة راجع إلى المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس/يوسف بن ماتتياهو، حوالي 38-100م.، والذي زارها.
يُستفاد ممّا كتبه فيكتور جورن، الذي زار البلدة في نهاية القرن التاسع عشر، أن عدد سكانها آنذاك قد بلغ ستمائة نسمة من ضمنهم أقل من مائة من المسلمين والباقون انتموا لطائفة الروم الأرثوذكس. ولهؤلاء العرب المسيحيين كنيسة يعود تاريخ بنائها إلى أواسط القرن الثامن عشر وهناك من يدّعي أنها شيّدت عام 1600! ولكن في موقع آخر. في شهر شباط من العام 1939 حرق الجيش البريطاني نصف القرية تقريبا ردا انتقاميا على عملية هجوم ضد جنود بريطانيين، وبعد أن تبيّن أن المهاجمين لم يكونوا من الكفارسة قام الجيش بتعويض الأهالي تمثّل ببناء بعض الأبنية ومنها المدرسة الابتدائية التي ما زالت قائمة حتى اليوم. يشير أهل البلدة وبافتخار إلى الحقيقة أن أقدم مجلس محلي في فلسطين كان قد أقيم في كفرياسيف في الحادي عشر من تشرين الثاني عام 1925 وترأسه حنا بولس فينّي قسطندي ينّي اليوناني الأصل حتى العام 1962.
ومن الأمور الجديرة بالذكر في هذه الفذلكة يمكن التنويه بسوق يوم الخميس الشهيرة، التي يعود تاريخها إلى الثلاثينات من القرن الماضي. وكانت في القرية عين ماء معروفة باسم ’العين‘ وران للدواب حتى العام 1959. رُبطت البلدة بشبكة المياه عام 1961 وبالكهرباء عام 1969 وأقيمت شبكة المجاري عام 1986. في العام 1883 أُسِّست المدرسة الابتدائية الأولى في البلدة بمبادرة من الإرسالية الروسية الأرثوذكسية (المسكوبية، نسبة لاسم موسكو بالروسية) وفي تلك الفترة أقيمت مدارس مماثلة في المجيدل والرامة والشجرة. ويذكر أنه ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر فصاعدا شهدت فلسطين تنافسا شديدا بين دول كبيرة كروسيا وفرنسا وانجلترا وألمانيا على ضمّ مسيحيي الديار المقدسة لكنائسها وذلك عبر إنشاء المدارس والمستشفيات وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية (يُنظر في أطروحة الطبيب الدكتور Norbert Schwake، تطور جوهر المستشفيات في مدينة القدس من بداية القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين، ج. 1 + 2، 1983، بالألمانية)؛ من المعروف أن رواد التاريخ الطبي في فلسطين هم الانجليز، وينظر أيضا في كتاب حنا أبو حنا، طلائع النهضة في فلسطين “خريجو المدارس الروسية 1862-1914، بيروت 2005. أما المدرسة الثانوية التي تحمل الآن اسم ينّي ينّي، فإنها الأقدم في الوسط العربي في البلاد ويعود تاريخ تأسيسها إلى العام 1949. ومكانة كفرياسيف المرموقة ولا سيما ثقافيا معروفة للقاصي والداني منذ بدايات القرن الماضي. "كفرياسيف قرية راقية جدا اقتصاديا واجتماعيا، تعنى بزراعة الزيتون وفيها 12 معصرة متقنة، ويكثر عدد المتعلمين فيها ويكاد النشء الحديث أن يكون كله في المدارس. وإذا حكمنا عليها بنسبة عدد سكانها البالغ نحو ألف ألفيناها في مقدمة المدن أو القرى الفلسطينية من حيث الاهتمام بتهذيب أبنائها في المدارس العالية في الخارج" (خليل طوطح وحبيب أيوب خوري، جغرافية فلسطين. بيت المقدس 1923، ص. 67، يذكر مثلا أن عدد سكان القرية عام 1945 وصل 1400 نسمة، 40 درزيا، 350 مسلما، 1010 مسيحيين).
تعود بداية قصة عثوري على المخطوط، المذكور والمحفوظ في مكتب راعي الطائفة الأرثوذكسية في كفرياسيف، إلى محاولات البحث عن جذور الشاب يوليان سمعان الذي غادر مسقط رأسه كفرياسيف عام 1907 وهو ابن سبع عشرة سنة متوجّها إلى المكسيك. في بدايات العام 2006 حمل بريدي الإلكتروني رسالة غير عادية من سيّدة مكسيكية باسم Ana Dalal de Gyves Nazará Matar، تستفسر فيها عن جدّها يوليان نصرة مطر، إذ أنها لاحظت في إحدى مقالاتي المنشورة على الشبكة العنكبوتية أنني من مواليد قرية كفرياسيف. حينها لم أتمكّن من مساعدتها في الموضوع إذ لم يكن لدي أي علم بأسْرة تحمل الاسم ’مطر‘ في كفرياسيف. مشوار آنا في التنقيب عن جذور جدّها يوليان سمعان نصرة مطر الذي توفي في المكسيك عام 1947 تجدّد، على ما أذكر، في بداية العام 2007، عبر مراسلات إلكترونية بينها وبيني. أبدت السيدة آنا إرادة قوية وتعطشا صادقا للتعرف على جذورها، وهل هناك أقرباء لها في قرية جدّها وقريتي أنا. لذلك الجدّ الذي غرس في قلوب ذريته حبّ الوطن والحنين إليه، أخ باسم أندريا هاجر إلى الأرجنتين وشقيقة اسمها ماريا بقيت في البلدة. يوليان تزوج من مكسيكية باسم Bernardina Robles Benitez وأنجبا عشرة أولاد، أربعة صبيان وسبع بنات، وهم المرحومون: Simon, Maria, Josefa, Julian, Enrique وأمدّ الله في أعمارهم: Elvira, Elena, Isabel, Alejandro, Dalal، ودلال هذه المولودة عام 1934 هي أم آنا.
في هذه المرحلة تبيّن لي إثر بعض الاستفسارات أن عائلة مطر كانت موجودة في كفرياسيف وتبدّل الاسم بمرور الزمن إلى ”دار مخولي“ وهناك كذلك عائلة “مطر عبده”، آل شحادة الحلّاق. بالإضافة إلى هذه المعلومة الأساسية اقترحتُ على السيدة آنا بالاتصال الإلكتروني أو الهاتفي عبر برنامج السكايب Skype المجاني بالأب عطا الله (إيهاب) شحادة مخولي موفرا لها هذه العناوين والأرقام. وهكذا كان، تطورت الاتصالات وتزايدت وتيرتها بين آنا وآخرين من عائلة مخولي وفي آخر المطاف تبين بصورة قاطعة وجود صلات القربى بين الطرفين.
كانت لي فرصة سانحة خلال زيارتي الأخيرة للبلدة في تموز عام 2007 للبحث عن كثب عن أية وثائق محفوظة في الكنيسة عن أبناء الرعية قد تثبت أيضا تلك القرابة من جهة وحقيقة اسم Nazará من جهة أخرى. لقاءاتي مع بعض المسنّين والمسنّات (بينهم عمّتي بيكة حريز فرح وعمرها 96 عاما) بغية الحصول على أية معلومة أو حتى إشاعة عن ذلك الشاب المغامر الذي ترك وطنه وهو يافع قاصدا المكسيك لم تأت بأي جديد البتة. التقيت الأب الفاضل عطا الله شحادة مخولي، كاهن رعية الروم الأرثوذكس في كفرياسيف، وتحدثنا مليا عن قريبته السيدة أنا وما تمخّضت عنها الاتصالات الإلكترونية والهاتفية. ثم زرته في مكتبه بجانب كنيسة الروم الأرثوذكس العريقة و”من هون لهون“ تكرّم الراعي وأطلعني على مخطوط يضمّ سبعا وعشرين صفحة غير مسطّرة مكتوبة وأخرى كثيرة ما زالت فارغة ولا أقول بيضاء فهي إلى الصفرة أقرب. وقد اصطادت أول نظرة منّي على أعلى الصفحة الأولى (وضعت خطأ في البداية ومكانها الصحيح ص. 2 والصفحة السادسة هي في الواقع يجب أن تكون الأولى وتحمل التاريخ: الأحد 6 حزيران سنة 1893) الاسم ”سمعان نصرة“ وهو، في الواقع، والد يوليان وهكذا وعلى حين غرّة فُسّر الاسم Nazará بالصيغة الإسبانية أي ’نصرة‘ وليس ”نصر الله“ كما كان يظن البعض من قبل. فورا تمّ إبلاغ الأخت آنا بهذا “الاكتشاف” تلفونيا عبر السكايب والمسنجر وعمّت الفرحة والانفعال ملامحَ وجهها.
هذا المخطوط بمثابة سجّل مقتضب لمحاضر الجمعية المسيحية (ربّما يذكّرنا اليوم بالمجلس الملّي أو بلجنة المالية) التي عقدت ستا وخمسين جلسة ابتداء من أواخر أيار عام 1893 وانتهاء بعشرين نيسان سنة 1898. ولا ندري هل حُلّت تلك الجمعية أم أنّنا لا نملِك أية وثيقة ترصد نشاطاتها في المدة الواقعة ما بين ربيع 1898 والثاني من شباط سنة 1907. في هذا التاريخ الأخير تبدأ اللجنة اجتماعاتها وتعقد تسع عشرة جلسة حتى السابع عشر من تشرين أول عام 1907.
يلاحظ المتمعن في هذا المخطوط أن السيد سمعان نصرة كان عضوا عاملا في الجمعية وحضوره كان مسجلا في الست والخمسين جلسة باستثناء جلسة واحدة فقط إن لم أكن مخطئا وهي جلسة رقم 31 والمعقودة في الخامس عشر من أيار عام 1894. ومنذ الجلسة الثانية (الأولى غير موثقة) التي عقدت في السادس من حزيران عام 1893 يلاحظ نشاط سمعان نصرة وتمتّعه بثقة الأعضاء الآخرين. جاء في محضر تلك الجلسة ”قد صارت المفاوضة بخصوص جمع الاحسان من قمح وشعير البيادر او من البيوت فانتخب لذلك باتفاق الاراء الاخوة مبدا خوري قسطندي الحج يني خليل مزاغيت سمعان نصره ويوضع المجموع عند امين الصندوق...“ وفي جلسة رقم 12 بتاريخ الثالث من تشرين أول عام 1893 طُلب من السيد سمعان نصرة ’تضمين‘ أربعة عشر عرقا من الزيتون تابعة لأملاك الجمعية. كان ثمنها ألف قرش وقد تكرّم بها للجمعية شخص باسم جبر؟ وموقع قطعة الأرض ”يحدها قبلة ملك اسعد الياس الجرجس وشمالا الطريق وشرقا ملك اسعد الياس الجرجس ايضا وغربا ملك صالح اليوسف خاصة ارض ابو سنان..“ وفي الجلسة السادسة عشرة المنعقدة بتاريخ 19/9/1893 كُلّف الاخوان سمعان نصرة وسليم سعيد بشراء فحم وكاز وقنديل وبابور للجمعية وفي ربيع العام 1894 طُلب من سمعان نصرة وقسطندي الحج يني توزيع المساعدة المالية وقدرها مائتا غرش على الفقراء المعوزين في البلدة. وفي الجلسة الثانية والثلاثين بتاريخ 22/5/1893 ورد في نهاية المحضر ”طلب الكاتب دفترا جديدا للحساب فتقرر له مشترى دفتر وتكلف الاخ سمعان نصره بذلك“؛ في الجلسة التاسعة والثلاثين بتاريخ 20/11/1894 يطلب من سمعان نصرة ”حرث الزيتون خاصة الفقراء وعوض أتعابه يأخذ ربع الناتج منهم والحراث يلزم ان يكون ثلاثة سكك“. وينظر في الجلسة الثانية والأربعين المنعقدة بتاريخ 28/1/1895 حيث خوّل سمعان نصرة وحضرة النائب القيام باتصالات في خدمة الجمعية وفي الجلسة الثانية والخمسين التي عقدت بتاريخ 10/3/1896 انتخب سمعان نصرة وسليم السعيد لتوزيع مبلع مائة وثمانية وعشرين غرشا وثلاثة أرباع الغرش على الفقراء. ووَفْقا لما جاء في الجلسة الأخيرة، السادسة والخمسين، بتاريخ 20/4/1898، يُستفاد أن السيد سمعان نصرة كان يمتلك أرضا في الحناديق وجاء ذكر ذلك عند شراء الجمعية لمارس أرض في موقع الحناديق من الخواجة اسعد السعيد، ويحدّ هذا المارس قبلة سمعان نصره وشرقا محمد الصالح وشمالا ارض أبو سنان وغربا سليمان بولص وكان الثمن سبعمائة قرش وكان سعر المجيدي ثلاثا وعشرين وربعا. هذا كل ما يمكن جمعه عن السيد سمعان نصرة والد جدّ السيدة آنا من جهة أمها دلال.
ماذا يمكن استخلاصه عن كفرياسيف عامّة اعتمادا على هذا المخطوط المدوّن في أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين؟
أولا يبدو لي أنه لا بأس في ذكر أسماء الأشخاص الذين كانوا أعضاء في الجمعية وآخرين ذكروا في سياقات المحاضر: ابراهيم توما، ابراهيم (ال)خليل بولص/بولس، قسطندي الحج يني، سليم خليل (ال)سعيد، سمعان نصرة، خوري انطونيوس، مبدا (مبدى، امبدا) جبران خوري، جرجي اللاذقاني (اللازقاني)، خليل مزاغيت (مزاخيت)، الياس سعد قسطندي، مخولة مطر، قسطندي عتقي، مخايل النصر، ابراهيم منصور، خليل ابراهيم ايوب (الايوب)، جرجس ندة وله شقيقان مخايل وخليل، ملحم هرموش، الست حنة نادينا؟ (رئيسة مدارس البنات، المرأة الوحيدة المذكورة في المخطوط بالرغم من تأسيس جمعية نسائية في البلدة في الرابع من شباط سنة 1907 ومهمتها دعم الجمعية الأم ويكون موعد اجتماع النسوة بعد القداس الالهي، وتقدم اشتراكا بمبلغ مجيدتين في السادس من آذار عام 1894، ذلك إذا ما استثنينا ذكرا طارئا لمريم سعيد زوجة عيسى سمارة ووصيّتها في الثامن من تموز 1907)، ابراهيم البواب، سليم الاسعد، المعلم حبيب اليوسف، مخايل عيد، عبد الله البسيط، سليم حنا (ال) قبطي، الحج مخايل عزيزة، ابراهيم اغا؟، الياس مخائيل، شحادة مخوله (شحادي مخولي) عبدو، خليل يوسف حلوة، ناصيف منصور (خلاف بين هذين الأخيرين في الرابع والعشرين من شباط عام 1894، و”غيرة البعض من اعضاء الجمعية اصلحت الخلاف بينهما“)، المعلم اسكندر كزما تبرّع بريال مجيدي عام 1894، واسكندر جبرائيل كزما أرثوذكسي دمشقي تخرج من أكاديمية موسكو الدينية وعمل مشرفا على مدارس الجمعية الروسية بفلسطين ووكيل مراقبة مدارس السمنار (المسكوبية) حسنة الصيت.
يذكر أن السمنار، دار المعلمين بالناصرة، كان قد أسس بتاريخ 21/5/1882، وهناك دفتر رسائل بخط كزما من العام 1901، ويراجع كتاب المرحوم وليد باسم خليف، الناصرة، لوحات وحكايات. الناصرة 2006. وفي هذا السياق نذكر أن المدارس الروسية اهتمت بتدريس العربية أكثر من غيرها، وربما كان السمنار في الناصرة من المعاهد العلمية الأولى، إن لم يكن الأول، في تدريس الأدب العربي بصورة علمية. ومن خريجي السمنار، معهد المعلمين، يمكن ذكر هذه الأسماء اللامعة: خليل بيدس، إسكندر الخوري البيتجالي، كلثوم عودة فاسيليفا، قسطندي قنازع، ناصر عيسى، إبراهيم إلياس ورور، فضيل النمر (من فلسطين)؛ ميخائيل نعيمة، مي زيادة، رشيد أيوب، شكري سويدان (من لبنان)؛ عبد المسيح حداد، نسيب عريضة، إسكندر جبرائيل كزما، أنطون بلان (من سوريا).
أما في القسم الثاني من المخطوط أي من شباط وحتى تشرين الأول عام 1907 فقد وردت هذه الأسماء: النائب الخوري ابراهيم توما (ذكر من قبل والآن هو خوري)، الخوري عبد الله، ابراهيم الخليل، عيسى الياس، مبدا جبران، حبيب عويد(اعويد)، سعيد تركي، عيسى سمارة، قسطندي الحاج يني، ابراهيم الكريني (الكرياني)، ايوب الابراهيم، شحادة مخوله مطر، ميخائيل موسى (الموسى، بصل)، ميخائيل الحاج يني، سليم قبطي، صالح سكس (السكس)، خليل الجريس وولديه نصر ومنصور، عبد الله شحادة (عين عضوا متبرعا إكراميا في الجلسة العاشرة التي عقدت في نيسان 1907 ودفع قيمة اشتراكه عن شهرين آذار ونيسان أربعة غروش)، المعلم لبيب جبران، الموسيو بافل ايفانوف (ناظر المدارس الروسية في ربيع السنة المذكورة)، منصور صياغة بيروتي (”انسان فقير وحصل له مصيبة اي كسر رجله وباتفاق الاراء وجدت الهيئة ان تحسن عليه بريال مجيدي واحد فاشير الى امين الصندوق ان يدفع له ريال مجيدي“)؛ ناظر المدارس اليونانية الشماس ارسانيوس ”حالا ضيفاً عزيزاً في بيت الخواجه اسعد السعيد“؛ مراد؟ دله يتبرع بربع مجيدي في 8/7/1907. ويشارإلى ورود التوقيع ”الخوري عبد الله كاهن روم كفرياسيف“ في الجلسة الأخيرة المثبتة في المخطوط ورقمها 19 وتحمل التاريخ 8/10/1907. يذكر أنه في 2/2/1907 تمّ انتخاب عيسى ايلياس أمينا لصندوق الجمعية وحبيب عويد كاتبا لها ومبدا جبران خوري معاونا للكاتب.
ثانيا حول طبيعة الجلسات ومحتواها وانعقادها ونصّها وأسلوبها: في البداية دأب الأعضاء، ثمانية-تسعة أعضاء، على الاجتماع أسبوعيا يوم الأحد مساء ثم انعقدت الجلسات بدون فترة زمنية محددة، أحيانا فصلت أسابيع لا بل أشهر كثيرة بين الجلسة والأخرى، فعلى سبيل المثال، عقدت الجلسة الخمسون في 24/9/1895 أما الجلسة الواحدة والخمسون فجرت في 25/2/1896. لا ذكر لاسم رئيس الجمعية الذي كان، على ما يبدو، ساكنا خارج كفرياسيف وقد حضر مرة أو اثنتين جلسات الجمعية نهارا وتبرّع بسخاء ومن المعروف تاريخيا أنّ سنجق عكا كان آنذاك تحت ولاية بيروت، وكان الوالي عليه الشيخ أسعد الشقيري (1855-1939). لا ذكر لمقرّ الجمعية، حيث كانت تعقد الجلسات ومن الواضح أن بعض الجلسات كانت تعقد في منزل أحد الأعضاء العاملين، كما يستفاد من محضر جلسة أولى عقدت في الثاني من شباط 1907، محل عيسى ايلياس. ويشار أنه منذ الخامس عشر من نيسان عام 1907 تمّ عقد الاجتماعات في المدرسة الروسية.
محضر الجلسة مختصر يضمّ أسطرا قليلة في الغالب الأعمّ، يستهل عادة بالعبارة ”افتتحت الجلسة بحضور حضرة النائب والاعضاء“ … فلان وعلان ويختتم بالعبارة ”قد تمت الجلسة وبامر النائب اختتمت“ وبعد ذلك هناك ثبت بتواقيع الحاضرين. الموضوع المركزي في الجلسات هو تبيان ”الداخل والخارج“ من المال، إما رسوم اشتراكات شهرية، وإما تبرّعات وإكراميات. من هذه الإكراميات مثلا: الخواجة (لفظة تركية كانت شائعة بفلسطين، معناها ’السيد‘ وهذا لقب للأجنبي) متري ينّي قدّم سكّرة للكنيسة في حزيران عام 1893؛ ”دخول احد الاكراميين الخواجة مخوله مطر للجْنة ودفع ريال مجيدي واعطا للمحتاجين“؛ جمع احسان من قمح وشعير البيادر او من البيوت؛ ”احضر الاخ قسطندي عتقي حبر للجمعية ثمنه غرش وربع وتكلف بمشترى دواة للكتابة وقدم الختم وثمنه بشلك واحد“؛ إكرامية جبر؟ وعروق الزيتون آنفة الذكر؛ ابراهيم الخليل تكرم بتقديم الكاز احسانا للجمعية لآخر فصل الشتاء بتاريخ 10/10/1893؛ جرجس نده تبرع بربع مجيدي في السادس من آذار عام 1894؛ الخواجة مخايل عيد يهدي كيلتين زيت في خريف عام 1896 وثمنهم (هكذا في الأصل) 38 غرشا وكذلك احسان من عبد الله البسيط بشلك واحد؛ تبرع حبيب عويد بتقديم ما يلزم للجمعية من حبر واقلام وورق نشاش؛ الخوري عبد الله يتبرع بدفتر حسابات الجمعية؛ فتكرم احدنا ابرهيم الخليل بالاوضة العالية خاصته؛ في 19/2/1907 يتبرع الاعضاء بشراء قهوة وفناجين وغلاي. الوضع المالي للجمعية بتاريخ 9/11/1894 كان: الداخل 1083 غرشا و32 بارة ونصف والخارج 260 غرشا و25 بارة والصافي 823 غرشا وسبع بارات ونصف.
ومن مهامّ الجمعية التي كان لها مكتبة، مساعدة الفقراء وحلّ النزاعات وشراء ما يلزمها مثلاً: حلّ مخاصمة حساب فيما بين الخواجة خليل ميزاغيت والخواجة قسطندي في السادس عشر من آب عام 1893، شراء عديلة فحم ونصف رطل قهوة؛ دفع ميرة الزيتونات؛ مقابلة مشائخ البلدة ومذاكرتهم بمسئلة الخطيبة، بتاريخ 18/3/1907.
ومما يجدر ذكره بصدد عادة الكاتب الإملائية غياب التشكيل إلا نادرا، تنوين الفتح في بعض العبارات والشدة في ”يضمّن الزيتونات“، كتابة النون النهائية في الكلمة بسن ونقطة عليها، لا سن في حرف الضاد، السين النهائية في الكلمة ذات سن وكذلك الشين والضاد، والفاء الأجنبية تكتب بنقاط ثلاث.
عينة من الاستعمالات اللغوية:
قد اظهر امين الصندوق ان الخواجة متري...
اشتراك الاكرامية
قد صارت هذه الجلسة نهارا؛ ان تصير الجلسة ..الساعة سبعة أي الظهر
طلب ايضا علم الداخل مالا والخارج.
صارت مفاوضة بخصوص جمع الاحسان
صارت المصادقة على الجلسة
قد صار انتخاب المعلم...
لحد ما يصير بيعه
تقرر ان يصير جلسة
صار تاخير من بعض المشتركين
قايمة باسمآء المتاخرين ليصير التبصر بتحصيلهم
وقد صار تسليم مفتاح مكتبة الجمعية
قد صار دفع من الاصل الاشتراك
قد صار تنمير دفتر الكاتب فبلغت عدتها 150 صفحة
صارت مذاكرة (أي: نقاش، حديث، تبادل آراء) بخصوص توزيعة للفقرا
فتقرر ان لا يصير تاخير عن الدفع
صار دفع مال يوركو
...وتكلف (فلان) بمشترى دواة
تكرم على الجمعية ... ارض تحتوي
تقرر باتفاق الاراء (أي بالإجماع)
عرض ارادته بالدخول عضوا
بثمن قيمته (أي مقداره) الف غرش
الحجّة بمعنى اتفاقية بيع وشراء
اصلحت (الجمعية) الخلاف بينهما
فاوعد باتمام ذلك (هذا الاستعمال أي ’أفعل‘ بدلا من ’فعل‘ الموجود في عدة لهجات عربية فلسطينية مثلا في المثلث لا علم لي به بلهجة كفرياسيف، مثل: أحكى بمعنى “حكى”).
الواقع بمعنى الموافق لتاريخ
واظهر ان ثمنه بشلك واحد
يحدها قبلة ملك اسعد الياس الجريس
قد اضهر المنتخبون انه قد دخل بهذه الجلسة
وتقرر مشترى فردت؟ فخم و...
تقرر ان تكون التوزيعة من يد احدنا سمعان نصرة و...
لم يحضر في هذه الجلسة (فلان وعلان)
في الجلسة الاتية
قدم كل من امين الصندوق والكاتب صورة الحال الحساب
انتخاب عضو كمالة عدد العاملين
فارسلت الجلسة سالت حضوره
قطعة الزيتون الموقوفة للجمعية
رتب على نفسه (أي تعهد، أخذ على نفسه)
حضر تحرير (أي رسالة) من سيادة الرئيس يطلب فيه
يكون مغروماً بدفع بشلك
في الجلسة الاتية يصير قطعهم (أي يفصلون من العضوية) من جسم الجمعية..
هل انجز (أي وفى بـ) وعده .. لعدم وجود صائغ في عكا للختوم
ان يقيما بوظيفتهما، الزهراوي يساوي ستة غروش وخمس بارات والمجيدة في بعض السنين ساوت ثلاثا وعشرين غرشا (هناك مرة واحدة على الأقل وردت لفظة “خرش” بدلا من غرش التي كانت مألوفة وقتئذٍ).
نيافة المطران
وختاما رأيت اقتباس فقرتين تتطرقان إلى مسألة تغيّب الأعضاء عن بعض الجلسات والعقوبة على ذلك:
”… وصارت ايضاً المفاوضة بخصوص ليلة الجلسة فتقرر باتفاق الاراء ان يصير جلسة في كل احد مساءً الساعة واحدة ونصف بعد الغروب وصارت المفاوضة ايضاً بخصوص ان من يتأخر عن الساعة ونصف ليلة الجلسة وما قدم عذزاً مقبولاً يكون مغروماً بدفع بشلك علاوة عن قيمة اشتراكه الشهري...“ بتاريخ 2 شباط شرقي سنة 1907.
”… وباتفاق اراء الاعضاء المذكورين قد قر الراي بشان الاعضاء الذين مضى عليهم تلث او اربع جلسات ولم يحضروا انه اذا لم يحضروا في الجلسة الاتية يصير قطعهم من جسم الجمعية...“ بتاريخ 1 تموز شرقي سنة 1907.
هذه عصارة ما يمكن تلخيصه على ضوء هذا المخطوط ذي السبع والعشرين صفحة، وهو غير كامل، ومما لا ريب فيه أن هناك مخطوطات ووثائق أخرى مثل دفاتر الحسابات والإيصالات وقانون الجمعية الذي كان محفوظا في برواز زجاجي كما ورد في طيات المحاضر. لغة هذا المخطوط سليمة إلى حد بعيد وهي في الواقع أفضل بكثير من مقالات كثيرة تنشر اليوم في العديد من الصحف الإلكترونية التي لا حصر لها. يطمح الباحث أن يتعرف على طبيعة محتويات مكتبة الجمعية؟ أثمة مخطوطات أخرى في الكنيسة أو لدى بعض أبناء القرية تنتظر الاكتشاف ونفض الغبار عنها بغية التحقق من كفرساوي رحل بعيدا عن بلده وأحفاده أو أحفاد أحفاده يسألون عنه مثلما جرى بصدد يوليان سمعان نصرة مطر الكفرساوي المكسيكي وحفيدته آنا دلال التي زارت هي وأقارب لها كفرياسيف عدّة مرات؟ مثل هذه الوثائق تساعدنا على معرفة موثقة وأفضل لحياة أجدادنا وعاداتهم وتقاليدهم وهي راسخة في أرض الوطن رسوخ جذور الزيتون العمّاري الضاربة في أعماق الأرض.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير