الراي الحر | عندما يتقاعد الضمير مبكراً بقلم : د.نجيب صعب / أبوسنان

الاحد 29.09.2024

الرئيسية >> الراي الحر

(اضف تعقيب)

عندما يتقاعد الضمير مبكراً بقلم : د.نجيب صعب / أبوسنان

2016-02-18 18:22:23

التقاعد والتقاعد المبكر أمران مألوفان في حياتنا اليومية , وقد يأتيان بعد عمل شاق وخدمة اجتماعية متنوعة وجهاد كبير ومتواصل في سبيل تأمين لقمة العيش الحرة , اما في مؤسسة عامة او خاصة او في مكتب حكومي او في دائرة ما وذلك بعد قضاء فترة زمنية لا بأس بها من حياة الانسان أياً كان وفي اي منصب عمل , وقد يخرج المرء للتقاعد العادي او المبكر بموجب ارادته هو , وهذا التقاعد كما يعلم الجميع يحّول الراحة بعد ان عمل وجدّ في مجال اختصاصه واقتنع بما فعله وبذله من جهد في الحصول على مقابل ما بذله ليؤمّن لذويه حياةً هنيئة رغيدة ومحترمة , وخاصة اذا كان هذا المرء قد عمل بأمانه واخلاص وبمحاسبة ضميره عند الحاجة , عندها تراه مطمئناً , هادئاً منوعاً مرتاحاً من هموم الدنيا.

واذا قضى فترة عمله القانونية كاملة يخرج ايضا الى التقاعد , واذا احسن العناية بهذه المهنة تراه راضياً بما حققه وبما حصّل بموجب شيء قد عمله وفي اقدميته في العمل ان كان ذلك تقاعداً مبكرأ او عادياً.

هذا ما قد يفعله كل انسان حر أمين مخلص متفاني في العمل , كريم النفس ويتحلى بضمير يردعه وهو نفسه يرضخ لهذا الضمير من باب الايمان والقناعة وعمل الخير.

والمشكلة اخواني واخواتي القراء الاعزاء ليست عند خروج هذا او ذاك الى التقاعد اما مبكراً او عادياً , وانما المشكلة عند خروج الضمير الى التقاعد مبكر.

فقد كنت قد تطرقت في احدى المقالات سابقاً بعنوان "عندما يكون الضمير في اجازه" وعندها يتصرف صاحب هذا الضمير بموجب اجازة وقد يرتكب كثيراً من الافعال غير المرضية لالله ولا لعبيدة.

ونحن الان بصدد خروج الضمير الى التقاعد المبكر , حيث أن في مثل هذه الاحوال قد يتجاوز كل الحدود , وفي هذا السياق سألت احد الاصدقاء الأوفياء والذين يدركون الافعال انواعها وابعادها حيث قلت:

يا اخي ماذا تقول في خروج بعض ضمائر الناس الى التقاعد ؟؟؟ اجابني بكل راحة نفس وارتياح ونظرات ثاقبه مسؤولة وعميقة الهدف حيث قال : في هذه الحال يا أخي لا حدود لأفعال الشيطان , وعندما يخرج ضمير البعض الى التقاعد المبكر فهذه مصيبه يا اخي ... قلت واية مصيبة في ذلك ؟؟

اجابني والابتسامة لا تفارق محياه قائلاً: عندما يتجرد المرء صاحب الضمير المتقاعد من كل انسانية , نعم يتجرد من كل الاخلاق , ويبتعد عن المثل العليا , وتراه يفعل ما يخطر بباله مخترقاً جميع الخطوط الحمراء في حياة المرء والمجتمع.

وماذا تقصد بذلك يا صديقي ؟؟

اجابني موضحاً : قد يلجأ الانسان الذي تقاعد ضميره الى ادنى دركات الاخلاق ويتعرى من الصفات الانسانية , فتراه يبدع في الكذب وقد يتفنن في ذلك ويدجل كثيراً الى حد خلط الحابل بالنابل , وقد يسلك مسالك لا اخلاقية وربما يخون زوجته واسرته وبيته وذويه , ويتظاهر بأنه من اغنياء هذا العصر , الا ان الامر غير ذلك , وهو يعلم علم اليقين من هو وكيف يتصّرف في الاشاعات والاكاذيب والمكايد التي قد يظن انه يدري بها لوحدة وخاصة انها من صنعة هو , الا ان الامر ليس كذلك فكثيرون يعلمون من هو وما هو يفعل ولو تظاهر العكس , قلت ماذا تقصد بذلك ؟؟؟...

هو صاحب الضمير المتقاعد يتزيى بأخمل جلد , فلاخانةً عنده لما يسمى انسانية , فالخيانة والسلب والسرقة بشتى انواعها هي حرفته المفضلة , واموال الحرام عنده حماة الديار وهو لا يعلم ان كل ما يقوم به يغضب رب العالمين , وانه مهما جمعّ من اموال باحتيال او بغير احتيال وبطرق ملتويه ومختلفة وغير مسؤولة , فحصيلة عملة سيئة وسيئة جداً , وقد تثبت له الايام عاجلاً ام اجلاً ما يظن انه يجهله.

قلت: وماذا تنصح امثال هؤلاء الجبناء امثال هؤلاء الاغبياء امثال هؤلاء الغوغائيين ؟؟؟

اجابني قائلاً : امثال هؤلاء يا أخي يظنون ان الله خلقهم من طينه اخرى , والعكس هو الصحيح , ويظنون ان احداً لا يدري من افعالهم المشينة , وعلى رأي المثل القائل "الفضيحة الها ريحه ومبتتخباش!!!" , واكثر من ذلك تراه يغوص في الكذب واختلاق البدع والاشاعات وترويجها ضد فلان او علاّن , ذلك ليس لذنب ارتكبه هذا او ذاك وانما لأغراض منبعها اللؤم والحسد , وانت تعرف يا اخي اذا التقى اللؤم والحسد معاً ورافقهم ضمير متقاعد لا يعرف الحدود في الشذوذ والعمل الحرام والذي لا يمكن ان يعود على صاحبه الا بالويلات دون ان يدري , واخيراً لا بد من اشعار هؤلاء بقليل من الضمير الحي , لعلهم يدركون ابعاد اعمالهم السيئة والتي لا تجدي نفعاً بالمرة , والعكس هو الصحيح , لعلهم يهتدون الى السراط المستقيم انشاء الله.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير

تعليق فيسبوك

تعليقك على الموضوع