العنصريّة سيّدة الشارع الإسرائيلي أمين خير الدين
2016-04-10 18:08:13
الشارع الإسرائيلي محكوم بالعنصريّة، ويسيطر على الفكر الإسرائيلي اقتناع بأن كل ما يقوله صحيح، وما يفعله مسموح به، خاصّة إذا لم يُعْلن عنه، حتّى باتت  هذه الدولة، بيمينها الطاغي، وبيسارها اليهودي الضعيف، دولة عنصريّة لا مثيل لها في بداية الألفيّة الثالثة، تشكّل خطرا على سلامتها الفكرية والاجتماعية والسياسة ومستقبلها القريب أو البعيد، أقول ذلك وأنا مدرك أنني أضع رسي على كفّي، بدلا من كتفي، وأتوقع كل شيء، الخطر والأخطر.
     الشارع الإسرائيلي عنصري بكل المقاييس، ولن يقنعني أحد بكذبة "واحة الديمقراطية"، والديمقراطية الوحيدة  في صحراء  قاحلة من الحريات، ومن حقوق الإنسان، حتى وإن ساد المنطقة سلوك داعشي، لا علاقة له في الإسلام، صفة مقرونة بالقتل والحقد على الحضارة وعلى البشر وعلى الحجر. 
    الشارع الإسرائيلي عنصري بالمقياس الديني، حين يعتمد ويعتقد، منطلقا من إيمان ديني  موغل في القِدَم، أنه شعب الله المختار، وأن الله له وحده، لا يحبّ غيره، وحكايات التوراة، الكتاب المقدس، تشهد على ذلك، وتصرّف رجال الدين اليهود من المتشددين، والمنظمات الدينية المتطرفة، كمنظمة لهباه، وأمناء جبل الهيكل، وأمثالهم، تؤكّد ذلك.
    الفكر الإسرائيلي عنصري على المقياس السياسي، حين تعمل أجهزة الدولة، بكل الطرق، المشروعة وغير المشروعة على إلغاء الآخرين، وعلى يهودية الدولة فقط، وباقي المواطنين – العرب – رعايا، أغراب في وطنهم. كثير من قادة هذه الدولة  تمنوا لهم الموت، وقالوا دون حياء أو خجل، العربي الصالح هو العربي الميّت، وبعضهم تمنى لو استيقظ  يوما ووجد  البحر قد ابتلع العرب، أو لو استطاع أن يحصرهم في زجاجات خانقة وأن معظم المشرّعين الإسرائيليين  يسعون بحماس شديد لسنّ قوانين تفرق بين  مواطن وآخر، في كافة مجالات الحياة.  
     يسود المجتمع الإسرائيلي تفكير عنصري  خطير، رغم كل  محاولات الترقيع والتجميل، ورغم حذلقات رجال السياسة والإعلام، طفت على السطح إحدى  ظواهر العنصرية التي لا مثيل لها في العالم، وإن كانت ليست الظاهرة الوحيدة،  لكنها خطيرة، وهي ظاهرة فصل النساء العربيات عن اليهوديات، في أقسام الولادة في مُعْظم وأكبر مستشفيات البلاد.  
     لا أحد يقلل من مجهود  الأطباء والممرضات والممرضين، عربا ويهودا، ولا أحد ينكر ما يقومون به من إنقاذ لحياة  الكثيرين، ولا أحد يتهمهم بالتقصير المهني، لكن هذا المجهود، وهذا العمل الإنساني المشكور، لا يعفيهم من مسؤولية الصمت على ظاهرة عنصرية  بهذه الخطورة، صارت أمرا واقعا تحت أنظارهم، يعملون على تطبيقها، ويقبلونها  بصمت في أروقة المستشفيات. 
  هذا الفصل في المستشفيات أخطر مظاهر العنصرية، وإن لم يكن المظهر الوحيد، هناك جدار الفصل العنصري، وهناك محطات للباصات للفصل، وهناك شوارع  للفصل، مما يؤكد أن هذه الدولة عنصرية بمقاسات فاقت الدول التي عُرِفت في الماضي بعنصريتها.
  ومما يزيد من بشاعة عنصريتها أنها – أي العنصرية- أصبحت ظاهرة مطلوبة، ومقبولة، يحمل لواءها معظم أعضاء الكنيست من الأحزاب الصهيونية، أحزاب يمينية وأخرى تسمي نفسها يسارية، أعضاء يتظاهرون من على منصات الكنيست، وفي الشارع الإسرائيلي وأمام المحاكم، ومن لم يتظاهر يصمت، حتى صارت هذه الظاهرة أمرا بديهيا ضروريا، له تبريره في المجتمع، وفي ساحات القضاء.  
    جيش الاحتلال لا يقل بسلوكه الإرهابي والعنصري عن الشارع، مرة أخرى، رغم كل محاولات تجميل وجه هذا الجيش، يظلّ بعيدا عن نظافة السلاح، وعن احترام إنسانية الإنسان، حين يتعلق الأمر بالإنسان العربي، ويظل يفتقر للقيم الأخلاقية والإنسانية.
      من يلامس شاطئ التاريخ، دون أن يغوص عميقا، يجد أن مسلسل المجازر التي ارتُكِبت منذ عام 1948 أطول من المسلسلات التركية الهابطة، وأطول من كل المسلسلات الأجنبية، قبل مجزرة  دير ياسين وبعدها، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، كانت مجازر فظيعة في حيفا وفي غزة، وفي الطنطورة، وفي سعسع، وفي عين الزيتون....والقائمة طويلة، إضافة إلى عمليات الاغتصاب أمام الأزواج وأمام الأهل، أضف إلى ذلك قتل الأسرى في حرب سيناء عام1956 ، وفي مضائق المتله، وفي حرب  1967 ، هذه المجازر  تعتبر  جرائم حرب، هذا النهج  سار عليه قادة هذا الجيش سُلّما  للرقي وللوصول إلى أعلى المناصب كرئاسة الحكومة، او تولي أيّة وزارة أو أي منصب رفيع في الدولة.
      وما يجري اليوم على الطرقات، وعند الحواجز من إعدام ميداني لفتيان ولنساء، ثبت في أكثر الأحيان أنهم لم يشكّلوا خطرا على أحد، وليسوا بصدد الاعتداء على أحد، وحتى من دفعه الاحتلال إلى القيام بعملية، كان بالإمكان اعتقاله ومعالجته ومحاكمته.  
  هذا النهج يدافع عنه رئيس الوزراء، وأعضاء كنيست، وإعلاميون، وقضاة، حين يجتهدون لإيجاد علّة للجندي الذي قتل جريحا فلسطينيا ملقى على الشارع، كي يبرئونه، ولا يعوه يبات في المعتقل، ويصمت على هذا النهج يسار يتفرّج، ولا يُحرّك ساكنا، يرتعد خوفا على أبنائه من مستقبل آت لا مُحالة، لا مكان فيه لنظافة السلاح، ونقاء الأيدي، والقيم الأخلاقية.  
  2016/4/8 
  
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق