شفافية زجليات وقصائد حنا حزّان بقلم الدكتور : منير توما / كفرياسيف
2016-04-19 22:05:59
 شفافية زجليات وقصائد حنا حزّان 
في مجموعة " صباح الخير يا بلدي " 
بقلم الدكتور : منير توما / كفرياسيف
كان الأستاذ الشاعر الزجّال حنا حزان ابن قرية أبو سنان العامرة باهلها , قد أهداني مشكوراً نسخة من مجموعته الزجلية الجديدة التي أصدرها مؤخراً حيث قرأتها واستمتعت بالكثير من قصائدها التي تتناول مواضيع شتى في مختلف نواحي الحياة : الغزلية الرومانسية , الإجتماعية , الإنسانية والوصفية وغير ذلك من الجوانب التي تمسّ حياتنا ومجتمعنا وخصوصاً على الصعيدين المحلي والقطري . 
لقد طرق شاعرنا أبواباً متنوعة من الزجل والشعر الشعبي فأحسنَ وأجادَ برقة شعوره ورهافة حسّهِ وتفاعله الجيّاش في بعض المواقف المجتمعية التي أشارَ إليها بكثيرٍ من الحكمة والشفافية مع أنَّ تركيزه الأكبر كان على الغزليات والرومنسيات التي يشغف بها الشيب والشباب على حدٍ سواء لخفة ِ ظلِّ كلماتها ومعانيها مما يستحوذ على أحاسيس ومشاعر الإنسان باعتباره كتلة من العواطف التي تداعبها وتلامسها الكلمات بمنتهى الأناقة الشعبية الفنيّة . ففي " موشّح في الحب والجمال " (ص9) نرى شاعرنا يستفيض في غزلهِ العابق بألفاظ الجمال ونكهة الحب الدسم نحو الفتاة الفاتنة ساحرة الأوصاف . وفي ذلك يقول : 
لحظك بلسم لجروحي وشالك مشلوح 
نظرة من عيونك واللة بترد الروح 
يام الشّامة والغرّة عطرك بيفوح 
ياسمين وفلّ وزنبق مع مسك وغار 
 
شعرك شلّال الهادر خصرك ممشوق 
خفّة دم ونغاشة هدية من فوق 
كلّك رقة ولطافة مع حسن وذوق 
الزهر تمَرمغ قدّمك هايم محتار 
 
جبينك كالبدر مضوّي ما أدري من وين 
عنقك عنق اليمامة ولك يخزي العين 
أنتِ للدنيا درّة تاج وسيفين 
سيف العفّة المنصانة وسيف الأحرار 
ويسترسل الأستاذ حنا حزّان بإغداقٍ وصف مفاتن فتاتهُ الجميلة هذه بكلماتٍ تفيض حُبّاً وَولَهاً بهذه الحبيبة المعشوقة التي أحبَّها شاعرنا , ولو عبر خيالهِ الحافل بهذه المعاني , وحبّب القرّاء والسامعين فيها لحسنِ أوصافه ِ فيها . 
ويتّضح من قراءتنا لقصائد شاعرنا أنَّ الغزل عنده استحضار تصويري للمحبوب في شتّى مظاهرهِ وشتّى آيات ِ فتنتهِ , يعرض له في تأنٍ وتأمل , كأنّه يرسم لوحة فنيّة بإخراجٍ جمالي لفظاً ومعنى , ويبدو هذا واضحاً في " ميجانا " (ص33) حيث يغني هناك قائلاً : 
يا لابسة الفستان لونه ليلكي 
طعمه رومنسي واختياره لي ولكي 
أنا حالف يمين إن وعدتيني بليلكي 
لأجعل نهاره نور وقدومك سنا 
 
نزلت على البستان تملي سلتا 
غصون الشجر فوقها البلابل سلتا 
دموع العذارى عا خدودها سالتا 
من فرحتي ما عدت أعرف شو بنا 
 
إنَّ شاعرنا يقتطف معانيه اقتطافاً , فكل لفظة تنزل في محلها , فلا وعورة ولا تعقيد ولا اضطراب , ونلمس ذلك في " عتابا من الحياة ومجالاتها "  (ص 39) وهو يقول : 
ما يوم الدهر عاندني وغرْبي 
                                      أجول بهَالدّني شرقي وغربي 
ما بدّي عيش في وحدة وغرْبه
                                      لا بدْ أرجع الى أرض الأحباب 
أيام الفرح والكيف عدّها 
                                     ولا تحسب مرور الزّمن عدّا 
 
كبير القلب بحياته ما عادى 
                                      التسامح شيمة الناس الطياب 
الاه الكون للألفه براني 
                                      وكلام الناس ما بعمره براني 
ينابيع الوفا إن دفقت براني 
                                      لأسقي البشر وأروّي التراب 
وهنا نشعر بمدى حب شاعرنا للحياة حيث يتجلّى في كلماتهِ الحنين والشوق إلى الاجتماعيات مع الناس الأحبّاء والتسامح مع الآخرين انطلاقاً من كون التسامح من خصال الأفراد الطيبين في هذه الحياة . وكل ذلك يؤكد النزعة الإنسانية التي تعتمل في صدر شاعرنا ونفسهِ السمحة . 
ويتابع الشاعر في " قالوا بالمحبّة " (ص41) نهجهُ السابق بشأن التعامل الإنساني الراقي في المجتمع والحياة , فيقدِّم لنا موعظة لممارسة المحبة بألفاظٍ سهلة بسيطة سلسة إنسيابية تدعو الى الخير والعطاء اللذين يشكّلان رافداً من روافد المحبة الحقيقية التي منحها الرب للعالم . 
وقد قال شاعرنا في هذا المعنى : 
المحبة ممارسة مش رمز وأشعار 
                                              وقوافي منمّقة من أدب وأشعار 
المحبة الصادقة للبشر أشعار 
                                               وعمله للصرف يوم الحساب  
المحبة بالقلب يا ناس وسعوا 
                                            لفعل الخير أعطوا كتير واسعوا 
الصديق إن ضاقت الأيام واسعه 
                                           وافرجه من المشاكل والصعاب 
المحبة منحة للعالم هداها 
                                                إله الكون امشوا عا هداها 
هالوديعة رجعوها لل هداها 
                                               امتنان وشكر وعباده وأدب 
ونظراً لقلق شاعرنا واكتراثهِ الشديد لحياة الناس وسلامتهم على مختلف شرائحهم بشأن حركة السير في الطرقات والشوارع , فإنّه يكرّس قصيدة شعبية يقدّم فيها النصائح والإرشادات لسائقي السيارات كي يتريّثوا في الحركة والسرعة حفاظاً على سلامة الناس وتحسّباً من حوادث الطرق الكارثية . وفي قصيدة " يا شوفير السيارة " (ص51) ورد هناك قول الشاعر : 
يا سايق هالسيارة لا تفكرها طيّارة 
سوق بحكمة وحرفة وذوق هذه هي الشطارة 
يا خي طوِّل بالك لا تستعجل دير بالك 
سوق بعقل بطلعه وسهل أمش حسب الإشارة 
لا توقف فجأة بالدرب  رح تعمل حادث عن قرب 
بس اطّلع قدامك منع الحادث مهارة 
الأطفال اللي عقبالك احسبهم مثل عيالك 
اعملّهم مية ألف حساب وأنت مارق بالحارة 
وفي هذه المقطوعة الشعرية الشعبية تتجلّى الكتابة عند الأستاذ حنا حزّان في عفويتها , وسهولة مجراها , وسلاسة تركيبها . إنها تهدف إلى نقل الفكرة في أمانة ودِقَّة , ولا ترى لنفسها أي هدف آخر من أهداف التأنّق والتجمّل . 
وخلاصة القول أنَّ شاعرنا ذو موهبة مُشرقة ساطعة البيان , متذوِّق للإيقاع الشعري , يتحلّى بالفطنة والجرأة الأدبية , توّاق الى محبة الحياة والناس بكامل الروح بكونه شاعراً رقيق العاطفة , مسبوك القول , ألفاظه وكلماته تجد طريقاً رحباً الى قلوب قارئيه ِ وسامعيهِ , فهو الشاعر خفيف الروح , وثّاب الخاطرة , سهل العبارة , توحي معانيه ومضامين أشعاره ِ بكونهِ عنواناً صادقاً للإنسانية , وبالتالي نتمنى له دوام الصحة والتوفيق والعمر المديد مع خالص تهانينا وأصدق تحياتنا بصدور هذا الكتاب , وبالمزيد من الإبداع والعطاء . 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق