خطورة الاستمرار على موروثاتنا الدينية المذهبية : كميل فياض
2016-04-29 08:21:20
ولماذا انا مهتم بهذا الموضوع وأوجه خطابي للمثقفين ، رغم عدم استجابة الكثيرين منهم وعدم ابدائهم اي موقف واي رأي ، الا من اعتبر نفسه مثقفاً وهو يؤيد اقامة الدولة الإسلامية على منهاج النبوة لمحاربة الكفار – كما اسمع في دعاية سياسية تتكرر عبر اذاعة فلسطينية – وهو تداخل مشبوه بين الاعتدال والتطرف والارهاب والاكراه الديني .. انتم تعرفون او لا تعرفون ان جميع الفرق والمذاهب التي نشأت في تاريخ شرقنا العربي ومحيطه ، هي بكل ما فيها من لاهوتيات وتفسيرات وتأويلات ، ردود افعال على طغيان قرشي وبدوي فرض نفسه على اي اختلاف في التفكير والفهم .. وما حروب التكفير والردة وغيرها بين المذاهب عبر التاريخ ، سوى ثمار تلك التشكيلات العقائدية التي جاءت شبيهة بالأصل الذي ردت وترد عليه .. ولو ان  الاسلام في جذوره كان تخييرياً حقاً ومتسامحاً، ربما لما نشأت مذاهب مختلفة اصلاً ، واذا كان لا بد لما برز الخلاف بينها على اساس الكفر والتكفير والتطرف والارهاب ، بل يُفترض ان يكون خلافاً  فلسفياً محضاً ، كمذاهب عصر التنوير في اروبا ، واليونان من قبل ، او يكون تفاهما وتفهما كما هو الوضع الديني والروحي في تاريخ الهند وفي حاضرها ، وفي الشرق الاقصى عامةً ..   
واليوم وبعد ما شاهدناه ونشاهده من اقتتال سني شيعي وفظائع سنية وشيعية في عدة بلدان عربية ، فقط من لا يملك الرجولة ومن لا يملك العقل يغمض عينيه ولا يقر بخطورة الاستمرار على عشق ذلك المنهاج وتقديسه.. علينا ان نرفض هذا الماضي الذي لازال يعشش فينا ويفرض نفسه على مستقبلنا كما يفرض نفسه على حاضرنا .. ان عدم فرض العقيدة الدينية وعدم استخدامها سلاحاً للاعتداء على حقوق الآخرين هو تحدي المثقفين اولاً ، وهو ركيزة فكرة فصل الدين عن الدولة ،واقامة الدولة المدنية ذات التعددية الفكرية والسياسية ، تحت حكم القانون الذي يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات ، والا فلننتظر كل بضعة عقود حروباً طائفية ومذهبية على نفس الخلفيات ..  
علينا بجميع مذاهبنا ان نقاطع او نكف عن احتفالاتنا الدينية المذهبية ( القومية) السنوية – خصوصاً كالنموذج التضحوي لدى اخوتنا الشيعة ، في احياء ذكرى مقتل الحسن والحسين ، حيث يتفجر الدم استمراراً لتفجر ذلك الدم المقدس .. علينا ان نكف عن تقديس اسلافنا ومراجعنا الدينية والمذهبية ، فهم جميعاً اصل البلاء فيما نحن عليه حتى اليوم .. 
علينا ان نكف عن الرجوع الى الشيوخ والفقهاء والمراجع الدينية القديمة والجديدة ، لبت مسائلنا ومشاكلنا الفكرية وقضايانا الدنيوية الحاضرة ، فمعظم ذلك لم يصلح لعصره فكيف يصلح للحاضر .. علينا ان نفعل ذلك وسواه مما ينسجم مع فكرة الدخول في عصر التنوير ، الذي بدأه المعتزلة والفلاسفة والصوفيين ، وقطعه عليهم الطغاة الدينيين منذ قرون طويلة ، في الوقت الذي تجاوزت طبيعة هذا العصر شعوب وامم عدة ، هي تلعب بمصيرنا منذ ذاك الوقت وحتى اليوم للأسف ، بسبب تغليب الإيمان على العقل ، وتفويق النص على الروح ..
 
كميل فياض
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق