(الداروينية على المحك) ما هو مُركَّبنا الوجودي الظاهري ؟ كميل فياض
2016-05-01 07:05:34
قد تكون دعوتنا لتحقيق الانسانية وللتحقق بالجوهر الانساني ، دعوة عبثية الا لقلة من البشر .. لا اقول هذا بناء على تجارب الماضي التاريخي لهذه المحاولات وحسب ، وانما اربط هذا الشعور بالواقع التالي - وانا اعتمد على مبدئين هنا – العقل والحدس : البشر في نظري ليسوا احفاداً للقرود فقط  كما جهد تشالرز دارون عبر ابحاثه ومؤلفاته، بل يبدو انهم ينتمون بيلوجياً وفيزيائياً لجميع الكائنات ، ففي كل منا من كل ما هو موجود من حي وجماد : حديد  ، فسفات ، صوديوم ، كلسيوم ، كربون الخ .. وفينا ديدان ، زواحف ، برمائيات ، حشرات ، طيور ، ومن كل اصناف وانواع وأجناس الحيوانات .. واذا اعملت المقارنة والتمييز في صفات البشر – سواء الشكلية والسلوكية –  واذا نظرت بتفرس الي هيئاتهم  ستدرك ذلك ..
 فهناك ما هو اقرب للسلحفاة ، او للضفدع ، او للصرصور ، او للصقر ، او للدب ، او البغل ، الفيل ، النمر ، الزرافة، الوعل ، القط ، الأفعى ، السمكة الخ الخ .. حتى ان هناك من يشبه بعض الحشرات الصغيرة كالنمل والهسهس.. ولا مبالغة في القول بل هو الواقع .. ومن تغلب عليه الأرنبية – مثلاً - يكون جباناً ، ومن تغلب عليه السلحفائية يكون متأنياً حكيماً ،ومن تغلب عليه الغزلانية ، او القطية يكون رشيقاً ، ومن تغلب عليه الصفة الأسدية يكون شجاعاً ، ومن تغلب عليه الثعلبية يكون مكاراً ومخاتلاً وهكذا، في سائر الصفات والطباع ..
 ولا يوجد شيء اسمه بشر كنوع او كجنس مستقل بصورة خالصة ، لكن هناك قلة يغلب عليها صفات حيوانات وحشرات وطيور ايجابية وهم المثقفون ،والمصلحون ،والأبطال، والانبياء، والحكماء ، فيُشبَّهون بالنحل ، والفراش ، والحمام ، والأسود ، والجياد..
ان وجود (الانسانية) عموماً هو خرافة ، لا يوجد انسان ولا انسانية ، الا في بعض النزعات المركبة وفي الكلام والتفكير ، في الخطابات والامثلة والمقولات والقصص والنظريات .. لكن الى كل ما سلف وفي اعماق وخلفيات كل منا هناك المطلق الروحي .. لا اقول هذا لمجرد ( المكابرة ) وعدم التخلي عن ( الحقيقة العرفانية التجاوزية للوجود هنا) ففي كل منا تكمن نزعات الإطلاق للجمال والغنى والحياة ، ايضًا يمكننا الاعتماد في التحقق من ذلك على العقل المقارن وعلى الحدس ، فلا نطلب الكمال عبثاً ولم تأتي فكرة الكمال من عدم .. والأهم من القياس العقلي والفراسة والحدس في ذلك ، هو التجربة الباطنية والرؤية الاشراقية .. لكن التحقق من ذلك اقرب الى الحظ  منه الى الاجتهاد والكسب .. ولأن الأمر كذلك اي غير معطى من معطيات الأبعاد الثلاثة  للوعي  : الحسي ، النفسي ، والفكري ، فقد حرصتُ على اعتبار الانتماء البشري في الجملة المذكورة اعلاه ، انتماء ( ظاهري) اذ ان انتماء الكون بكل ما فيه في الخلاصة لمطلق غير قابل للتحديد والتعريف ، من حيث ان التعريفات والتحديدات والتوصيفات تتكون في اطار الابعاد الثلاثة المذكورة للوعي ، وهي من مادتها.. والهندوس يقولون ان الروح مجبور ان ينتقل عبر كل الكائنات في مسار تصاعدي ، من الكائنات البدائية حتى يبلغ التحقق في الجوهر الازلي اخيراً ..          
 
كميل فياض
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق