حتتحاكم.... يعني حتتحاكم أمين خير الدين
2016-06-03 18:54:57
أنا لا أشمت بأحد – معاذ الله – لكن هذا هو مصيرك أيها المتهم، كما هو مصيري ومصير كل عربي في هذه البلاد. 
العربي  في هذه البلاد مرشح للاتهام، وللمحاكمة، وللسجن....وللقتل!
التّهمة. جاهزة خيوطها، والمحكمة سهل انعقادها، وكثيرون هم شهودها وقضاتها، والسجون كثيرة، والرصاص متوفر!!!! 
أنت مستهدف، وفي دائرة الهدف أنت... أيّها العربي!
 حوادث الاغتصاب كثيرة في هذه البلاد...  اتُّهِم فيها – في يوم من الأيام – رئيس الدولة، ورئيس حكومة، ووزراء..وضباط برتب عالية  في  ج.د.ا. وشرطة إسرائيل واتُّهم بها رجال دين، وعلمانيون، ومديرو بنوك، وشركات ومصانع، ومكاتب، ومدارس ومعلمون .... وحتى تلاميذ.
ولم  تفلت أعصاب رئيس الحكومة، ولم  يتعكّر في أية منها دمه أو مزاجه. كما فلتت أعصابه هذه المرة فهدد  وتوعّد.
   الاغتصاب الجنسي مرفوض بديهيا، والأسباب القومية ليست من دوافعه، ولا يحدث بدوافع اقتصادية أو سياسية أو علمية... إنّما يحدث عن شهوة بهيمية، تسيطر على أصحاب الإرادة الضعيفة، بغض النظر عن معتقداتهم وعن ألوانهم وعن قوميّاتهم.
 الاغتصاب الجنسي  ليس له هويّة، حدث في البيت الأبيض وفي غرب ووسط وشرق وشمال وجنوب كل من أوروبا وآسيا وأفريقيا  وحتى القطبين، وقد يحد ث مع الكلاب والحمير والقرود والفهود.
وليس له جنس، مع أنه جنس، قد تغتصب أنثى أنثى مثلها أو ذكرا، وبالعكس.
وقد يحدث مع السليم ومع السقيم، ومع المُعافى ومع الضعيف، ومع القوي.
 أمّا كيف أُعْلِن عن محاولة اغتصاب الفتاة المُعاقة عقليا على أنها تمّت بدوافع قوميّة، فهذا أمر وإن كان يثير الكثير من الأسئلة، إلاّ أنني لا أراه غريبا!
طالما أن العربي مرشح للاتهام، وللسجن، وللقتل، عند الحواجز أو في المظاهرات أو المعتقلات، فلن يكون الأمر غريبا أو صعبا.
  يمكن تلخيص قضية اغتصاب الفتاة المعاقة عقليا، كما كُتِب في هآرتس يوم 2016/6/1 أن الفتاة كانت على عُلاقة غرامية مع  المتهم العربي القاصر سنّا، وعائلة الفتاة، لم تكن راضية عن هذه العلاقة، وقد خطّطت العائلة، مع سبق الإصرار، لإنهاء هذه العلاقة باتهام العربي القاصر على أنه اغتصبها بدافع قومي. 
  وكبرت الكذبة، كما تكبر كرة الثلج عندما تتدحرج على أكوام من الثلج، ونمت في مناخ عنصريّ وابتلعها رئيس الحكومة، والإعلام والشرطة، ومع كبر الكذبة، صدّقها الشارع الإسرائيلي!  وعزفوا على أوتار الكذبة، بتحريض شفاف، مكشوف، اشترك في العزف رئيس الحكومة والشرطة والإعلام، وكان الضحية عربيا فلسطينيا قاصرا.
  لا حاجة إلى فحص منطق التهمة، فالتهمة صحيحة طالما أن المتّهم عربي!
صباح هذا اليوم تراجعت الفتاة في المحكمة عن ادِّعائها، واعترفت أنه ليس ثمة اغتصاب، وأن الاتهام مُفبْرك من العائلة لإنهاء العلاقة.
  لم تقتنع الشرطة، ولا زالت تسعى لغَزْل تُهمة أخرى، بأيّ نول كان، تقول الشرطة أن الفتاة تراجعت :
 ربما لأنها تعبت من التحقيق.
 أو ربما خافت!
ممن خافت؟ هل خافت من المتهم القاصر سنا؟؟
وأنها أي الشرطة لا يمكنها إطلاق سراح الضحية الفلسطيني القاصر سنّا.
 وإنها ستوجه له تهمة الدخول إلى إسرائيل بطريقة غير قانونية، وتهمة المكوث غير الشرعي.
وإنها إذا أطلقت سراح الضحية – القاصر الفلسطيني، ستطلق سراح الفتى البالغ الذي صوّر عمليّة الاغتصاب التي لم تحدث أساسا.
  وإذا فرضنا أن الشرطة أطلقت سراح الضحية، القاصر الفلسطيني،  "المجرم" بدخوله غير القانوني، ومكوثه غير الشرعي، يظل سؤال لا جواب له:
كيف ننقّي الجو من التحريض الأرعن الذي شارك فيه رئيس الحكومة والشرطة والإعلام؟؟ 
 هذا التحريض الذي أشعل الشارع، وحكم على كل عربي بتهمة حقيرة على خلفية قومية!
هل تراجُع رئيس الحكومة كاف لتنظيف الجوّ من الرائحة النتنة للعنصرية التي تحكم الشارع.
 هل تبرئة المحكمة للقاصر العربي كافية لإلغاء التحريض المكشوف الصادر من أعلى المستويات؟
هل تبرئة المحكمة وتراجع الفتاة، واستدراك رئيس الحكومة عما أدلى به يوم الخميس الماضي حين طالب بالاستنكار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، كاف لتغيير نظرة الاتهام التي ستلاحق هذا الفتى القاصر حاليا على امتداد مسيرة أيامه ؟  
كل هذا لن يغير شيئا عند المسئولين.  لأن الاتهام بالدافع القومي فيه إيحاء إلى اتِّهام لكلّ عربي! 
والعربي حيتحاكم ..يعني حيتحاكم، بلغة عادل إمام.
 
2016/6/1 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق