التيفن – المصادرة, التوزيع, التمزيع وأكل حقوق بقلم : غالب سيف
2016-08-15 07:02:20
التيفن – المصادرة, التوزيع, التمزيع وأكل حقوق بقلم : غالب سيف
تبنى وزير الداخلية اريه درعي قبل أيام توصيات ما يسمونه " لجنة حدود", أُوكل لها الوزير بحث توزيع موارد ضريبة الأرنونا من المجلس المحلي الصناعي تيفن ( توفانيتنا), بحيث تحصل المجالس اليهودية المجاورة على 57% من الموارد ( معلوت 31%, كفارهفراديم 15% والمجلس الاقليمي معاليه يوسف على 11%) ونحن أصحاب المُلك والأرض والحق نحصل على 43% فقط ( كسرى-سميع 23% ويانوح-جث 20%).
قبل الخوض بتفاصيل ما تعنيه هذه الجريمة الحكومية الجديدة بحقنا في يانوح-جث , كوننا أصحاب الأرض التي اقيمت عليها هذه المنطقة الصناعية المُميزة والغنية, لأنها نشأت في منطقة نفوذ مجلسنا وكانت تحت ملكيتنا العامة حتى العام 1990 وأقيمت على اراضينا المصادرة (صودرت عام 1960), مما يجعلها حق ثابت لنا, في كل الحالات وبغض النظر عن الظروف وتوازنات القوى المتصارعة حولها, وطبيعة وتفاصيل المعركة التي رافقت هذا الصراع أو حجمه او فترته, مع التشديد والتأكيد بأن الوزير درعي بالذات, ( صاحب السِجِل الحافل , ليس جنائيا فقط .. وبالمشبرح خريج الحبوس), يُسجل له في حسابه الأسود القاتم بحقنا, أنه هو من نفذ عملية مصادرة هذه المنطقة ( قلبنا النابض) من منطقة نفوذنا عام 1990 , ليُسجّل أول سابقة تاريخية والتي لا مثيل لها في العالم ولم تتكرر لا قبلها ولا بعدها, أي مصادرة منطقة صناعية من أصحابها, والأمر الموجع أكثر في هذا السياق أن توقيع درعي على أمر المصادرة الأليم واللئيم هذا جاء لنا في شهر آذار, شهر يوم الأرض الخالد, لذلك سِجِله وسِجِل السلطات الاسرائيلية معنا, لهذا السبب ولغيره, أمرّ من العلقم.
نعترف أن حجم ووزن هذا التفصيل , أي مصادرة التيفن منا, من المعادلة العامة, أي صراعنا كعرب فلسطينيين, أصحاب هذا الوطن الأصليين, على التمسك بمجمل حقوقنا الخاصة والعامة وخاصة الأرض, هو في الواقع صغير, رغم التفاصيل المُثيرة والكثيرة لهذه المعركة المريرة والطويلة , بِدءاً من قرار الحكومة عام 1976 ( قرار اقامة مستوطنة كفارهفراديم – المرشحة من قِبل المؤسسات أن تستولي علي التيفن منا), أو بالأحرى منذ بدأت المؤسسات الصهيونية والحكومية التحضيرات المطلوبة لإصدار القرار الحكومي هذا, وقرار التوزيع أعلاه يُثبِت ويؤكد من جديد بكل قوة ووضوح أن المعركة ما زالت في أوجها, رغم هذا الكم والكيف الذي تحويه هذه المعركة, إلا ان التيفن كقضية محلية تبقى تفصيلا صغيراً ومحلياً, بالمقارنة مع ضياع الوطن, إلا أنه, (وهذا هام جداً لفهم حقيقة وطبيعة وحجم وفترة حصول هذه المعركة الطويلة والجبارة, بكل المعايير والمفاهيم, رغم أن الحديث يدور حول مساحة محدودة لا تتجاوز ال- 3400 دونم هي منطقة نفوذ التيفن, ويضاف اليها حوالي 7500 دونما من منطقة نفوذ مجلسنا الحالية , كان مخطط لها أن تكون لصالح اقامة المرحلة الثالثة لبناء مستوطنة كفارهفراديم الفتية جداً), والذي اريد الاشارة له أن هذه الأمور وغيرها تأتي لتؤكد بشكل جلي ومترابط ان معركة التيفن هذه هي جزء لا يتجزأ من الصراع بين المشروع الصهيوني العام وبيننا اصحاب الوطن الاصليين, ومع عقيدتهم الصهيونية الأساسية والرئيسية المبنية على الاستيلاء على الأرض الفلسطينية ومن ثم قلع اصحابها وبعدها زرع مستوطنيهم ومستوطناتهم مكاننا, أي سياسة اقلع وازرع العنصرية. لذلك فان كل مرحلة او تفصيل او جزء من هذه المعركة المحلية الطابع , تتحول تلقائيا الى جزء من الصراع القومي والطبقي الكبير والمرير, الذي ما زلنا نقع وبكل شراسة تحت ظلمه وقساوته وخطورته, خطورة لم ولن تهدأ أو تُلغى إلا بتوقيف هذه الممارسة وهذه التعديات, وبالنسبة لنا في يانوح-جث إلا بإرجاع حقنا عن طريق ارجاع التيفن لمنطقة نفوذنا, وما قرار التوزيع والتمزيع هذا, ورغم أهدافه العلنية المجحفة والمخفية المخيفة, إلا محفز جديد لعمل هذا الواجب.
في حينه, وبالذات في بداية الثمانينات من القرن الماضي, وبعد أن نجحت السلطات في تضليل الأهالي عندنا في قرى مركز الجليل ( يانوح, كسرى, كفرسميع وجث الجليل), وتحضير الميدان, على المستويين المحلي والقطري, بشكل دقيق ومتناسق ,لتنفيذ عملية مصادرتهم القاسية والظالمة هذه, وكان ملفت للنظر في حينه كم من الطاقات استثمرت لتتم هذه المصادرة بشكل سهل وناعم, أي بلا معارضة أو مقاومة .. وبدون طنطنة وأجراس ووجع رأس يلحق هؤلاء المعتدين, وايضاً لكي لا يلحق أي "اقلاق راحة" أو تشويش لبرامج وأرباح صاحب المصلحة المباشرة من المصادرة, الصناعي الثري جدا ستيف فارتهايمر, والذي بنفسه قاد وأشرف وأدار هذه المعركة, على كل المستويات وبكل القوة الفظيعة التي يملكها, وهي رهيبة, كونه أغنى أغنياء البلاد وصاحب نفوذ عابر القارات والمؤسسات.. وهكذا شاءت الظروف لتجمع ضدنا وضد أرضنا , ضد منطقة نفوذنا, وضد حقوقنا ومصالحنا, رأس المال والسلطة, , وأمام هذه الحالة ومقابل هذا الحشد الصهيوني الهائل وهذه القوة الجبارة والعاتية وغير المسبوقة بتركيبتها ضدنا , ورغم أننا وبالفعل والحقيقة قرى فقيرة, نائية ومُهمشة, ونجحوا في دب الصراعات والخلافات التافهة ما بينها وفي داخلها.. وكانت غالبية الأهالي كما يقولون " في الجيبة الصغيرة".. رغم كل هذا مكنتنا الظروف والتطورات, في حينه وعند بدأ مراحل تنفيذ المخطط, أن نُدرك تفاصيل عامة عنه, وبحكم أحداث جرت لا مجال هنا لذكر تفاصيلها الكثيرة, مكنتنا من استنباط ما مخطط لهذه الشريحة العربية الفقيرة والمعزولة والمهمشة من ظلم وسلب لحقوقها وأرضها, وفي هذه المعادلة المُختلة من توازن القوى, والتي فيها كان ينقصنا كمُعتدى علينا الكثير الكثير من مؤهلات المقاومة والصمود والتصدي, أمور بدونها كان بالأكيد كنا سنكون اللقمة السائغة في فم هذا المفترس الرأسمالي, الكاسر والمدعوم, نعم جرت المعركة هذه في هذه الحالة بالغة الخلل من توازن القوى, وبالرغم, ونقولها بفخر واعتزاز وثقة بصحة وجدارة الموقف ووضوح الرؤيا, أننا نجحنا أن نتدارك الأمر وقبل فوات الأوان, خاصة عندما نجحنا في خلق اجماع محلي على موقف موحد وواضح, وشكلنا آلية نضال وحدوية ومُميزة (حتى اليوم– لجنة الدفاع عن الأرض يانوح-جث , والتي تنتخب كلجنة فرعية من لجان مجلسنا المحلي يانوح-جث, ورئيسها كان وما زال فضيلة الشيخ الوقور الشيخ ابوعلي مهنا فرج – صاحب الباع الطويل في معركة التيفن هذه , خاصة بعد التفاهمات الجماعية التي أجمعنا عليها, وكاتب هذه السطور كان مركزها حتى العام 2013 ), ونتيجة وكتحصيل حاصل لهذا الاجماع الفكري والتنظيمي كان لنا انجازات كثيرة ومن أهما أننا فرضنا على الحكومة اعادة غالبية أراضينا لمنطقة نفوذ مجلسنا المحلي, ومنعنا حتى الآن تحويل التيفن وال- 7500 دونم من منطقة نفوذنا الى منطقة نفوذ مستوطنة كفارهفراديم, وأما المهمة الأساسية التي بقيت قيد التنفيذ أمامنا هي المباشرة في العمل المطلوب لارجاع التيفن لمنطقة نفوذنا.. هذا الأمر تعرفه لجنة الحدود والوزير والكبير والصغير في اروقة الدوائر الحكومية, وبدل أن يحترموا حقنا ويعوضوا علينا تمييزهم لنا ومصادرة أرضنا وحقوقنا, وكما تتطلب العدالة ذلك جاءنا الوزير صاحب السِجِل هذا بهذا القرار, مما يفتح جروح قديمة ويضع أمامنا تحديات جديدة , لأننا لن نستكين لهذا الخلل الجذري الذي جاء به قرار التوزيع , لأن هدفه المخفي هو تمزيع ( تمزيق), عدا عن كونه توزيع لحقنا ولمُلكنا , وهو حلقة اخرى من حلقات مسلسل المصادرات التي لحقت بنا والتي من غير الطبيعي أن نقبل استمرارها أو تمزيق مشروعنا القاضي بارجاعها, خاصة عندما يكون الموقع على أمر مصادرتها وتوزيعها هو نفس الوزير .. ولّ شو السيرة وكأن الزلمة مستوطي حيطنا.
لمنع أي التباس ولتوضيح الصورة والموقف, حريّ بالتنويه والاشارة أننا في يانوح-جث وعلى المستوى الرسمي والعام, لم نتنازل عن حقنا بالتيفن ولو للحظة , وكما اعترف بذلك أمامنا رئيس الدولة اليوم السيد روبي ريفلين, عندما جلسنا معه بمبادرتنا وكوفد رسمي, لبحث موضوع ارجاع التيفن لمنطقة نفوذنا, كان هذا في الكنيست حينما كان رئيساً لها عام 2013 , حينها أعلن امامنا وأثناء هذه الجلسة الرسمية وبالحرف الواحد : " أنا أشهد (أي ريفلين غ.س) أن يانوح-جث لم تتنازل عن حقها في التيفن ولو للحظة, أعرف هذا كوني من صناع القرار, وكوني في الكنيست ومن الوثائق الكثيرة التي بحوزتي ومن مصادر شتى", كلام واضح وصحيح ويعكس الحقيقة, ولكنه بعكس ومتناقض بالكامل مع ما يدعونه بعض المزورين والمأجورون وخدام السلطة ورأس المال, المحليين وفي عامة البلاد, عندما يحاولون نقض هذه الحقيقة الثابتة, وقرار الوزير درعي البائس هذا يتجاهل هذه الحقيقة ولا يعيرها لا هي ولا حقنا أي اهتمام.
توزيع حقنا هذا ومداخيل مجلس التيفن ومنحها لغيرنا, كان هذا الذي استفاد من هذا التوزيع البائس من كان, هو جريمة نكراء بحقنا , تضاف لسلسلة الجرائم الرسمية التي لحقتنا, ولا حق ولا شرع يسمح لا للوزير ولا لمن فوقه أو تحته بأن يتجاوز حقنا المثبت, وفقط للتنويه عن مدى الاجحاف الذي لحقنا من هذا القرار نسأل ببساطة السؤال البديهي : لماذا يحق لمعلوت الحصول على حصة الأسد من حقنا , ولا يحق لنا الحصول لا على أرنونا ولا على ذرة تراب من مناطقهم الصناعية, كيف يجوز حصول أمر كهذا, سؤال ينطبق على الآخرين أيضا. وأمام هذه الحالة ورداً عليها, نقول بكل موضوعية وبعيداً عن أي اعتبار خارج عن السياق, أولاً وقبل كل شيء نشيد بأهلنا في يانوح-جث بأن لا يستسلموا أبدا لأن الجريمة تتطلب مقاومتها أولا وأخيرا وليس الاستسلام لها ولصاحبها, وواجب أن لا نسمح لهذا الوزير المتحمس كل الوقت للتعدي على حقنا وممتلكاتنا, ولا للحكومة العنصرية تكرار تعدياتهم علينا, وبدل ذلك علينا التوجه ومطالبة الحكومة والكنيست بأن يعملوا على الغاء الفقرة الظالمة لنا في قانون الحدائق الصناعية, والذي بموجبها تمت مصادرة التيفن منا, أو تعديل القانون بحيث يسمح الأمر بإرجاع التيفن وكما كانت لمنطقة نفوذ مجلسنا, لأن التوزيع هذا يهدف أولا وأخيرا الى سلب حقنا بأن تكون هذه الموارد من نصيبنا, وأكثر يهدف الى خلق محاولة ضمنية لتمزيع حقنا الثابت على هذه الأرض الى درجة تضييعه لا سمح الله, الأمر الذي ممنوع أن نُسلم به أو نستكين له أو نضعف في سبيل منعه أو الاستسلام حياله , كذلك واقولها بصراحة وبصوت عالي أنه علينا وقف المناوشات الداخلية الجارية الآن بين ظهرانينا, وعلى السريع ( حلنا نتعلم ومش ناقصنا).. والتوحد والالتفاف حول لجنة الدفاع عن الأرض يانوح-جث وقرارات المجلس المتكررة وقراراتها, والتي اتخذت كل الوقت بالإجماع, والهادفة الى ارجاع التيفن لنا وبهذه الطريقة, هكذا نوقف التوزيع الماكر والمُضِّر وغير الاخلاقي هذا , ونمنع ونصد محاولة التمزيع لحقنا الثابت على هذه الأرض, وعلى هذه الأرض ما يستحق النضال, ولكي لا يضيع حقنا هذا ولمنع توزيع هذه الثروة الهائلة, بكل المقاييس, ولكي لا تُوَزّع لمن لا ينقصه ولا يستحقها وله الباع الطويل في الاعتداء على حقوقنا وأرضنا, وكما جرى حتى الآن. فقط للتذكير بحقيقة ساطعة, نحن في يانوح-جث قلناها كل الوقت, أننا لن نعارض ارجاع ولو شاقل واحد أو ذرة تراب واحدة من حقنا في التيفن, لكن موقفنا وبوصلتنا سيبقيان ثابتان ثبوت جبالنا الجليلية العالية وخاصة موقفنا وهو واضح وجلي وضوح الشمس, نحن نريد ارجاع التيفن لمنطقة نفوذنا, أمر يعرفه الصغير والوزارة والوزير وكل من عنده بصر وبصيرة. وبالنسبة لنا مقولة المرحوم سلطان الأطرش لا يضيع حق وراءه مطالب هي مقولة مُنزلة, وخلاصة القول نقولها بمليء الفم لا لتوزيع حقنا وألف لا لقرار الوزير, ولا ولن يتم للوزير والوزارة تمزيع حقنا .. وإرجاع التيفن لمنطقة نفوذنا هو الحل.
(يانوح-جث)
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير