حين يصرخ المؤمنون في وجه الدينيين: نكاد نختنق تعالوا نحكي! بقلم كمال عدوان
2016-09-18 10:19:52
انتهت الايام العشرة الفضيلة وانتهت ايام عيد الاضحى المبارك ، ولكن الحياة مستمرة وفي السنة القادمة ستعود ايام العشر ويعود العيد على الناس وكل واحد منا ظروفه وبأي حال يعود وبما انه لا جديد تحت الشمس غير ان متغيرات الحياة كثيرة ، العولمة ، شبكات التواصل الاجتماعي ، تطلعات الشباب واهتماماتهم ، شعورهم بالانتماء ورغبتهم بان يكونوا جزء من المجتمع العالمي الوسيع والحضارة وكاننا في سباق مع العصر والانطباع هو ان الشب الدرزي اسرع من الجميع في هذا السباق.
نعم نشترك في هذا السباق الذي نتزاحم عليها مع الاخرين بدون معطيات ومقومات كافية للفوز فيه ، ولعدة اسباب منها ثقافية ومنها مادية ولكن الاهم هو المعطيات الفكرية التي نكتسبها في مجتمعنا الضيق كوننا مجتمع ديني يبني ثقافته وحياته الاجتماعية على هذا الاساس ومثال صريح وواضح على ذالك  هو تهميش البنات والنساء ومنعهم دينيا من ممارسة بعض الامور المطلوبة يوميا كسياقة السيارة ، والتعليم الاكاديمي كونهم نساء.
الواقع الاجتماعي اليوم للطائفة الدرزية كونها طائفة دينية هو شرخ عميق وفجوة اخذة بالتوسع بين الشق المتدين في والشق الغير متدين فيها وهذا ناتج بالدرجة الاولى من انعدام الحوار البناء بين هذين الشقيين لدرجة ان كل طرف من هذه الاطراف متمسك بموقفه حد التعصب والشق الديني هو مركز القوة والمهيمن على مجريات الامور وبلورتها.
السبب الاساسي هو عدم الحوار لذلك اقول للجميع "تعالوا نحكي" ، نعم نحكي لكي نبني مجتمع افضل ولا مكان للخوف طرف من الاخر فالهدف هو الحوار والعمل المشترك وليس السلطة والتسلط.
حتى أواخر الألفية الثانية، كان النقاش دائراً بين المعنيين، حول الصيغة الممكنة للتعايش بين الديني والدنيوي ضمن حيز الحياة العامة والشأن العام ، وبالتالي ضمن أي إطار مجتمعي ، وكان البحث حتّذاك، متمحوراً حول المنهجية الفكرية الآتية: أولاً، ثبت عبر التاريخ البشري، أن «الديني» عامل مكون للوجدان الإنساني.
 
ثانياً، ثبت أيضاً، وعبر تطور المجتمعات البشرية، أن هناك ثنائية حتمية بين ما هو ديني وما هو دنيوي، تفرض نفسها على كل جماعة بشرية. 
ثالثاً، واستناداً إلى ذلك، لا بد من إيجاد صيغة ترعى العلاقة بين الاثنين في أي تشكل بشري، من المجتمع، وصولاً إلى الدولة.
وحتى ذلك الوقت، كان واضحاً أن البشر عبر تاريخهم، جربوا ثلاث صيغ للعلاقة بين الديني والدنيوي ، أولاها، أن يقوم الديني بإلغاء الدنيوي وهو ما جسدته التيوقراطيات، تاريخاً وراهناً، وهو ما خلف ملايين الضحايا وأهوالاً من القهر والظلم والدم والاضطهاد. 
صيغة ثانية قدمها لعالمنا تاريخنا الحديث، هي أن يقوم نظام مجتمعي سياسي، حيث يلغي الدنيوي كل ما هو ديني، وهو ما جسدته أنظمة الأفكار الإلحادية، وهو ما أورث عالمنا المعاصر قمعاً لا يقل قسوة ووحشية عن القمع الديني واضطهاداته. 
ففي الحالتين، كان النظام البشري القائم إلغائياً توتاليتارياً، باسم إله سماوي أو آلهة صنمية أرضية أو ما يعادل الفئتين معاً، من طواطم فوقية أو تحتية، تقوم المجتمعات والدولة على عبادتها، على قاعدة يعيش الطوطم والموت لكل ما عداه.
هكذا كان النقاش السائد حتى نهاية الألفية الماضية، قد رسا إلى حد ما، على ضرورة التسليم بصيغة ثالثة، صيغة وسطية تبدأ من التسليم بضرورة وجود الديني والدنيوي معاً في أي مجتمع حي، وضرورة اعترافهما المتبادل وتعايشهما السلمي والثقافي وحتى المجتمعي والسياسي.
 وهي الصيغة التي أعادت إحياء مفهوم العلمانية، وصولاً إلى مقولة الدولة المدنية، بحيث تكون مؤسسة الدولة قائمة حصينة، وتكون مؤسسة الدين كذلك، وتكون العلاقة بينهما واضحة سوية وعائدة بالخير لكل بشري.
صحيح أن المسألة لم تحل بشكل جذري يوماً ،  وصحيح أن الصراع لم يخفت قط ، غير أن هوامشه كانت قد أمست واضحة، محددة إلى حد ما بين ما سمي علمانية مؤمنة وأخرى ملحدة... ولم يقفل البحث.
غير أن ما نعيشه اليوم في مجتمعنا، ومحيطنا خصوصاً، بات ينذر بانقلاب ، لم يعد الخطر محدقاً بحضور الديني في حياتنا، صار الخطر الجدي والداهم، هو ذاك الذي يتهدد الدنيوي في حياتنا الخاصة والعامة على السواء، حتى ليمكن القول إننا نكاد نقترب من العيش في طائفتنا الدرزية في تيوقراطيات مقنعة تماماً كما كان يحكى عن ديكتاتوريات مقنعة.
فلنستعرض بشكل «نقطي»، الحالة العامة التي وصلنا إليها: أحوالنا الشخصية خاضعة للسلطة الدينية ، ما يعني ذلك من نظام شمولي يطال أعمق ما في شخصية الإنسان ، ولادته وتربيته وإنشاء عائلته وأحوال أفرادها وموته وموتهم وما بعد الموت مادياً وقانونياً... كلها خاضعة لسلطة دينية.
 أضف إلى ذلك، أحوالنا السياسية، خاضعة أيضاً لإسقاطات السلطة  الدينية ، في تمثيلنا وسلطتنا وحدود اختصاص سلطات الدولة وقواعد تداولها والتناوب على مختلف مراكزها ومناصبها.
 بعد أحوالنا الشخصية والسياسية، وصلنا أخيراً إلى حياتنا الثقافية ، مسرحنا وموسيقانا وغناؤنا ونحتنا ورسمنا وأدبنا وإعلامنا وشاشتنا الصغيرة والكبيرة ، كلها صارت خاضعة لمنظومات مخفية حيناً ووقحة حيناً، من الحدود والقيود التي تفرضها سلطتنا الدينية ، حتى صار جلياً أخيراً، أن الديني يجتاح حياتنا العامة، ويكاد يضطهد الدنيوي والمدني وصارت السلطة الدينية فيه هي من يحكم أي كتاب يقرأ واي موسيقى تسمع وكيف يكون الفرح واي اصناف طعام تضع على المائدة واصناف الحلوى وغيرها من هذه التقيديات ولكي الواحد منا يسافر برحلة استجمام مع زوجته بحاجة لتصريح وتدقيق الي اين مسموح والى اين ممنوع وتحرم الزوجة من دينها اذا خالفت هذه التعليمات ، وبالمعنى الاخر اصبحت السلطة الدينية تتدخل في الاحوال الشخصية للمجتمع واحيانا تكون سبب بخراب البيوت والتفريق بين الزوج وزوجته بسبب هذه القيود وبأسم الدين التي وانا اعترف لا استطيع دائما فهم المنطق الذي من ورائها .
أخطر ما في هذا الوضع، أن ليس الملحدون من يطلقون الصرخة في هذه الطائفة ، بل هم المؤمنون من يكادون يصرخون في وجه الدينيين: مهلاً علينا ،  تكاد آلهتكم تبيد إنساننا ، تكاد سماواتكم تدمر أرضنا... نكاد نختنق تعالوا نحكي!
من هذا المنطلق وبحيث في مجتمعنا الكثير من الشباب المثقف كما المشايخ الافاضل لماذا لا يكون هناك في كل واحدة من قرانا مجلس اجتماعي من المشايخ والعلمانين وفي هذا المجلس تتخذ القرارت المتعلقة بالجميع؟
تعالوا نحكي!!!!!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق