الطائفة المعروفية قبل مؤتمر يركا للسلام وبعده بقلم: حاتم حسون – شفاعمرو
حدثان هامان ومفصليان شهدتهما الطائفة المعروفية هذا الشهر، حدثان لهما مدلولهما وانعكاسهما على مستقبل الطائفة على ضوء المستجدات التي ستفرضها المتغيرات المحلية والإقليمية المتسارعة. الحدث الأول هدم بيت رايق سرحان من قرية حرفيش بتاريخ 20/11/2016، والأمر الثاني هو مؤتمر يركا الأول للسلام، الذي عقد يوم السبت الموافق 26/11/2016. الحدث الأول برهن بما لا يقبل الشك ان سياسة الارضاء والترضية التي انتهجتها القيادة التقليدية، باستثناء بعض الأصوات التقدمية، قد اثبتت فشلها وعدم وملاءمتها للعصر الذي نعيشه، والذي يفرض علينا مواجهة سياسة حكومات إسرائيل المتعاقبة بصورة مغايرة تتصف بالمواجهة من جهة وبالمهنية والتخطيط من جهة ثانية، لان الحكومة التي تهدم بناء بني على أرض خاصة وتحمي بيوتا بنيت بلا ترخيص وعلى أراض مسلوبة يجب التعامل معها بنفس الأسلوب، وقد اثبتت التجارب ان الوقوف في وجه الظلم والظالم، سينتصر وينجح في نهاية المطاف، حتى ولو كلف ثمنا باهظا، لان الحق يعلو ولا يعلى عليه.
الحدث الآخر هو انعقاد مؤتمر يركا الأول للسلام، هذا المؤتمر جاء بهدفين رئيسيين يشار لهما بالبنان، الأول تحريك عملية السلام المتعثرة منذ سنين، والمطالبة باستئنافها على قاعدة القرارات الدولية، خاصة حل الدولتين المتفق عليه من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، إنشاء خطاب مصالحة تاريخي بين شعبي هذه البلاد، والتعلم من تجارب شعوب أخرى في العالم انتقلت من الصراع والعنف الى المصالحة والبناء من جديد لحياة مشتركة، تجنّب الشعوب مآسي الحروب وكوارثها.
المؤتمر أكد ان الحل ممكن ومتيسر إذا ما توفرت الإرادات السياسية والشعبية لذلك، وهو المخرج من دوامة العنف وسفك الدماء، كذلك حذر المؤتمر من ارتهان الصراع لخطاب التطرّف القومي والديني الأمر الذي يثير القلق ويضيء أكثر من إشارة حمراء لمستقبل الصراع.
ولعل الأمر الهام الذي انطلق من هذه المبادرة المباركة انه فاتحة لتحرك شعبي، سيفرض تطويره الصحيح الى تأثير مؤكد على صانعي القرار على كافة الأطر الفاعلة على الساحة المحلية وعلى المحافل الدولية، وذلك توكيدا لإرادة الناس جميعا وموقفها التوّاق الى السلام والحياة المشتركة.
البلاد بحاجة الى سلام من شأنه ان يكون عامل استقرار وازدهار في المنطقة والعالم، وهذا ما ذكره رئيس مجلس يركا المحلي، وهيب حبيش، بأن السلام سيفتح الباب امام إسرائيل الى العالم العربي ويحد من أزمة البطالة والحصار في الجانب الفلسطيني، أي ان السلام سيعود بالفائدة على الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء.
من جهة أخرى، اثبت مؤتمر يركا ان الطائفة المعروفية، التي كانت دائما مع الحق وضد العدوان، بين ظهرانيها قوى وكوادر حرّة قادرة على النهوض بها من هذا السبات غير المبرر لتأخذ دورها الريادي، خاصة في عملية السلام، وأنها لن تكون أداة طيعة بيد السلطة تستغلها في ظروف محنتها لتنفض عنها سواد الوجه ولتبيض صفحتها على الملأ وتشحير وجه الطائفة امام العالم.
مواقف الطائفة المعروفية على مر التاريخ، تتلخص بجملة حكيمة أطلقها المغفور له، أسد الشوف، الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين، حين قال: " ليس منا من يعتدي، وليس منا لا يرد الاعتداء"، هذه المعادلة تثبت ان بني معروف يقفون دائما مع الحق ويناصرون المظلوم.
جاء مؤتمر يركا مفصليا في حياة الطائفة المعروفية في البلاد، ولعل الكم والكيف الذي تواجد في القاعة الرياضية في يركا، عربا ويهودا، رجالا ونساء، كفيل بأن يعطي ضوءا مشعا في نهاية النفق وكفيل بان يعطي الامل بمستقبل مشرق لنا ولشعوب المنطقة والعالم أجمع. فمن اليوم وصاعدا سيكون الحديث عن وضع الطائفة المعروفية ما قبل مؤتمر يركا وما بعده.
من هنا، أدعو كافة الدوائر على الساحة المعروفية، ان تنضم الى الكوادر والدوائر التي شاركت في المؤتمر، لانه لم يأت ليقصي أحدا، بل جاء ليوحد الطائفة في طريق السلام والمحبة والتعايش المشترك، والتواصل من أجل الخير للجميع، فمن حضر فاز ومن تغيب لسبب ما فإننا نهيب به ان يضع يده بيدنا لندعم عملية السلام، وقد كان الله بعون العبد ما دام العبد بعون أخيه، والسلام عليكم، والسلام من اسماء الله الحسنى.