ترامب واحد من السرب راضي كريني
12/04/2017 - 11:22:14 am

اعتقد البعض أنّ ترامب سيقلب السياسة الأمريكيّة رأسا على عقب، وظنّ البعض الآخر أنّ روسيا تمسك بخناق/بزمام ترامب، وبملفّات فضائح سلوكيّة تجعل من بوتين  قائِدًا للولايات المتّحدة الأمريكيّة، ومقدَّمها وصاحب أمرها، وتجعل من ترامب شريكًا لبوتين في تنفيذ السياسة الروسيّة، واعتبر آخرون أنّ الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب،  لا يستطيع أن يخلّ باحترامه لبوتين، وأن يحيد عن الاتّفاق معه دائما.

لكنّ ترامب لن يغرّد خارج السرب الأمريكيّ، ولن يخدم إلّا المصالح الرأسماليّةالأمريكيّة، ومؤسّساتها، وخصوصا حيتانها العابرة للقارات، وشركات/تجّار السلاح والغاز والنفط، و... وترامب يفتّش في أرجاء العالم عن عملاء، ووكلاء وخدم، و...، ومنفّذين للسياسة الأمريكيّة، ويعمل على خلق "معارضات"/ أدوات متعطّشة للعنف والدم، فاشيّة ونازيّة وإرهابيّة و... في أوكرانيا، وفنزويلا، وسوريّة، والعراق، ومصر، و...، وفي كلّ بلد لا يقرّ بالطاعة والولاء للسيّد الأمركيّ.

سقط البعض في تحليل السياسة الأمريكيّة، عندما اعتمد على تصريحات ترامب إبّان المعركة الانتخابيّة، وعلى أثرها وصداها، وعلى وجوه الشبه والاختلاف بينه وهيلاري كلينتون، وعلى مزاعمه أنّه يحترم بوتين، ويفضّل أن يتّفق معه، وأنّ "هناك قتلة كثيرون" وأمريكا ليست بريئة من القتل، وأنّه يرغب في مساعدة روسيا في الحرب ضدّ "الإرهاب الإسلاميّ".

يتّفق ترامب مع بوتين في نقاط تقاطع المصالح الرأسماليّة الأمريكيّة مع الروسيّة، ترامب يفتّش عن زيادة الربح  والعائدات للمؤسّسات والشركات و... الأمريكيّة، وعن رعاية المصالح الجيو-سياسيّة والإستراتيجيّة الأمريكيّة، وعن بناء المزيد من القواعد العسكريّة وفرض إرادتها كمالكة للعالم ومتحكّمة به؛ فإدارة ترامب، كغيرها من الإدارات السابقة، تمارس سياسة الفوضى على اعتبار أنّ الفوضى تؤدّي إلى النظام، وتفتعل الأزمات على اعتبار أنّ "الأزمة تقود إلى الفرصة " (هيجل)؛ فترفع من مستوى  لغة التهديد والوعيد، والجزرة أحيانا، لتحقّق من خلالها مآرب ومطامع الشركات والمؤسّسات الرأسماليّة الأمريكيّة؛ ويقوم ترامب بتنفيذ هذه السياسة على قدر استطاعته، ولن يغرّد خارج سرب المستغِلّين الرأسماليّين!

لقد وصلت الولايات المتّحدة إلى نقطة نهاية بداية انفرادها المطلق بالنظام الدوليّ جرّاء سياسة الإفراط في استخدام القوّة، وهي نقطة بداية انحدار الامبراطوريّات من قمّة العالم إلى سفح الخطر؛ فسقوط روما كان نتيجة طبيعيّة لعظمة مفرطة/تنامٍ مفرط (المؤرّخ إدوارد جيبون في كتابه سقوط الامبراطوريّة الرومانيّة واضمحلالها)؛ هكذا انهارت بريطانيا العظمى نتيجة لتوسّعها الاستعماريّ، ولالتزاماتها العسكريّة والاقتصاديّة الضخمة، ولاستخدامها للقوّة المفرطة، وكذلك انهار الاتّحاد السوفييتيّ بعد تدخّله العسكريّ في أفغانستان، ونتيجة لـ .... ولهزيمته من الداخل.

لكن، تحطّم الامبراطوريّات يؤدّي إلى حروب و... وإلى نشوء قوى وتوازنات جديدة؛ فتحطّم بريطانيا العظمى أدّى إلى حربين عالميتين، وبالتالي إلى قطبين جديدين.

وأخيرا كما قال عنترة العبسيّ:

لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ        ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ

ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ              إذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبوا

إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها                عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق