كل انسان في هذه الحياة يسعى جاهدا ليكون ودودا , مقبولا لدى المحيطين به , الاهل والاقارب , الاصدقاء , المسؤولين , وبالطبع ان يكون مقبولا على من يهوى ايضا وخاصة اقرب المقربين اليه من الجنسين .
وبدون شك ان للمودة مقومات انسانية , اجتماعية وتربوية , يترتب على المرء ان يتحلى بها وان يسلك في حياته بموجبها , لان المودة في معناها وجوهرها امر ينطوي على الكثير الكثير من السمات والصفات والمزايا الخلاقة التي تفرض على الاخرين الاحترام والمودة المتبادلة في معظم مجالات الحياة .. في البيت , في الاسرة , في الضاحية , في الحي وفي القرية الواحدة , وربما في المجتمع برمته .
واذا تمكن المرء من التحلي ولو بقسم منها فيمكنه ان يكون في الطريق الصحيح حيث انه يحظى بمودة الناس من قريببين وبعيدين .
ومما لا ريب فيه ان الادب بمعناه الانساني وليس فقط بمعنى الادب الاخر يشكل رمزا انسانيا, نهجا اخلاقيا, تعاملا مقبولا, سيرة محمودة وتصرفات مشرفة في تعامل المرء اليومي في حياته , في البيت , في مكان العمل وفي المجتمع .
وان يكون المرء اديبا في توجهه , في اتصالاته , في تعامله , في احترام الغير واعطائه حقه ايا كان هذا المرء او ذاك , وبغض النظر عن منزلته الاجتماعية وحالته المادية او مرتبته السياسية الخ...... يضعه هذا النهج وبدون شك انسانا في موقع المودة الاكيدة والخالصة , مفضلا ومقبولا على الغير , وتتعمق كذلك مودة الناس اليه حتى من اقرب المقربين ومن المسؤولين وذوي الشأن. .
ومن مقومات ترسيخ المودة بين الناس ان يكون المرء متواضعا في نفسه ومع كل من يتعامل معهم في انواع التعامل المتعددة والمختلفة ايضا , فالانسان المتواضع ايا كان هذا المرء ومهما علا شأنه , وارتفعت منزلته وتعززت مكانته ولا يهم موقعه الاجتماعي , الانساني , السياسي والعائلي , فاذا كان متواضعا , خلوقا , ينظر الى من حوله بروح التواضع وعن صدق في النفس وفي العمل وفي النهج وبنوايا حسنة وسليمة , وكذلك يؤدي مهامه ويقوم بها خير قيام , بعيدا عن العنجهية , بعيدا عن التكبر , تغلب على معقوليته ونهجه روح التواضع , بدون ريب فان هذه المقومات جميعها تعمل وبصدق على تعزيز مكانته وتعميق مودة الاخرين له , ذلك بفضل ما اخططه لنفسه من نهج حياتي بتواضع وانسانية وبمسالك خلاقة .
ولا يمكن لاحد ان ينكر ان الانسان المتدين الدارس في امور الدين والذي يسبر غوارها , وكذلك المرء القريب من الدين والمؤمن الذي يعي نواهي الدين ويعمل بموجبها يمكنه ان يلعب دورا ايجابيا وفاعلا في نشر المودة وتعزيزها وترسيخها بين الناس من قريبين وبعيدين .
وان كانت هذه التوجهات صادقة , سليمة وصحيحة ترتكز حقا على المبادئ والامور الدينية , الحقه , بدون شك ستكون ثمارها ايجابية على اصحابها وعلى ذويهم وتعكس المودة على الاخرين , الامر الذي يجعل هذا المرء او ذاك في موقع المودة والرفعة بين ذويه ومعارفه وفي صفوف محيطه .
الا اننا يجب الا ننسى ان هناك نفر من الناس ينهجون في بعض الاحيان نهجا استقلاليا لموقعهم في الحياة , فلا يكونوا امينين على تصرفاتهم , وقد يقومون بها ويؤدونها لاغراض واهداف رخيصة , منبوذة وغير مقبولة , وقد تظهر نتائجها فيما بعد, وفي مثل هذه الظروف والاحوال ينبغي على المرء ان يكون حذرا وان يكون واعيا ويقظا لما يدور حوله في هذا المجال .
واخيرا لا يسعني الا ان انوه في هذه السطور الى ان تجمع المسالك الحياتية المذكورة : الادب , التواضع والدين وما يدور في فلكها , جميعها تكون عاجلا ام اجلا منبتا امينا للمودة وتعمق كذلك روح التفاهم والتعاون لترسم التقدم والجناح في صفوف البيت الواحد , الاسرة الواحدة , المحيط الواحد , وربما ابعد من ذلك في صفوف ونواحي المجتمع باسره.