طوبى للرحماء فانهم يرحمون
كلمة رثاء للمرحوم طيب الذكر مبدى عطالله (ابو ايهاب) .
في ذكرى الأربعين لرقاده_بقلم موسى طعمه .
يا اخوه: من كان حسن العباده محبا لله فليتمتع بهذا الموسم البهي السني,كانت هذه الكلمات من عظة يوحنا للفصح المجيد من أروع ما سمعه راحلنا الحبيب في مساء ذاك السبت حينما ذهبت برفقة والدتي وأخوتي لزيارته في المشفى وكم كان قاسيا ذاك المشهد اذ وجدناك أيها الحبيب جالسا على سريرك تجاهد جهادك الحسن وتناجي حبيبك يسوع بكلمات تقطر خشوعا وأيمانا,مستمطرا رحمته ومودعا للروح بين يديه!!!
رحّبت بنا كعادتك بعيون شاخصة ألى السماء وما هي ألا لحظات واذ بك تطلب منّي أن أسمعك ترتيلة ما ,كيف لا وقد كنت عاشقا للتراتيل والتسابيح لله.
وقد كان طلبك هذا كمثل وقع صاعقة هزت كياني وجعلتني أقف مذهولا مرتعدا وسيل الدمع ينهمر على الوجنتين بغزارة,غصّة خانقة كتمت أنفاسي وتمكّنت منّي فلم أتمكّن من مقاومتها, ولكن قدرة الخالق أعانتني وسرعان ما تشدّدت قواي وارتأيت أن أسمعك هذه الترتيله العظيمه مسجّلة بصوت حنون ودافئ لمرتّل أحببناه سوية ,ألا وهو أشرف داود (أبوابراهيم )
نعم أيّها الراحل الباقي في حياتنا ووجداننا,نعم أيّها العبد الشكور يا من دخلت ألى فرح ربّك مسرورا مرضيّا,وقد نلت أجرتك التي استحققتها من لدن الله,أبو المراحم والعطايا الصالحه.
نعم أيّها العظيم في حياتك ومماتك ,يا من تخمّرت بخمير الخلاص والأيمان الثابت فصرت عجينا صالحا ومن ثم خبزا لذيذا تغذى منه نسلك وجميع محبيك.
نعم أيّها العنقود المتلألئ والمتدلّي من كرمة أصيلة,كنت ولا تزال وسوف تبقى تقطر خمرة جيّدة يشرب منها رئيس المتّكأ وتفرح بها نفوس جميع عاشقي الله .
بما أخاطبك أيّها الراحل الباقي بل الساكن في قلوبنا؟!!!.
أجارالرضا كنت؟ أم ابن البلد؟ أم حضرة المهندس؟ أم الأب الصالح؟أم الصديق الوفي؟ أم المؤمن التقي؟أم العامل الأمين؟أم الخادم المطيع؟, فوالله وبحق خالق السماء والأرض لو بحثنا ودققنا في كافة قواميس اللغة لما وجدنا لقبا لائقا يوفيك حقك,أما أنا وبكل تواضع أسمح لنفسي أن أدعوك :كامل الأوصاف بأسرها !!!
أبو ايهاب الغالي,لن أخاطبك كغائب أو بلسان الماضي,مع أنّنا نمتثل لمشيئة الخالق وقدرته ونتقبلها دونما أي اعتراض أو تذمّر.
هنالك في أعالي السماء حيثما ترقد على رجاء القيامه سلطانة بهيّة نقيّة نكرّمها ونعظّم شأنها على الدوام بالصلاة والتسابيح,أما هنا وعلى هذه الأرض الفانيه فلنا سلطانة أخرى جليله ومعززه ولكنّها اليوم وكل يوم تفتقدك بفائق ألمها ولوعتها وكأنّها بصمت أنينها تطلق صرختها المدوّيه منتحبة وقائلة: أنا الأم الحزينه وما من يعزّيها !!! ونحن نجيبها بخشوع مرددين: فليكن موت ابنك حياة لطالبيها!!!
نعم أيّها الراحل الكريم,لن أقول تركتنا بل والله سبقتنا الى الأخدار السماويّه لتقطن في ديار الحق حيث سكنى الأبرار والقديسين,وأنا اليوم أتسائل في حيرة من الأمر,هل كان رحيلك في زمن الصوم المبارك من باب الصدفة لا غير؟!!!
لا وألف لا أيّها الحبيب,فما هذا الرحيل الا نصيب جميل بل عطيّة صالحة ونعمة فوق نعمه وهبك الله اياها لكي تشارك المسيح الفادي وتمضي برفقته في درب الامه الطوعيّه لكيما تنال رحمته وتعاين بهاء قيامته المجيده.
سوف أفتقدك يا محبّ المسيح في كل صلاة وتسبيح,فقد كنت وستبقى واقفا عن يميني مرتّلا من أعماق القلب بكل خشوع وايمان.
ونحن نعلم بدورنا وبكامل وعينا أن الله سبحانه وتعالى وبتدبيره الالهي يمتحن محبيه وخائفيه بالمحن والشدائد لكي ما يزيدهم صبرا وايمانا في نفوسهم ويقوي عزيمتهم بجمرة التقوى المتّقده على الدوام.
وأخيرا أقول لك بكل محبّة ورجاء: أرقد بسلام أيّها الحبيب ولتتنعّم بفردوس الخالق متضرّعا ومتشفّعا لنا أن يرحم نفوسنا ويخلّصنا بنعمته المقدّسه,وما لنا الا أن نردّد قائلين: عزيز على الرب موت أتقيائه!!!
الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا.