الاحتجاج الاجتماعي الأكثر عدلا
جدعون ليفي
هآرتس، 2017/4/23 ترجمة: أمين خير الدين
الاحتجاج الاجتماعي الأكثر عدلا في إسرائيل، وغير المضر بأحد، تقوم ضد هذا الاحتجاج الاجتماعي الأكثر عدلا في إسرائيل حملة تحريض دنيئة وسافلة، بإيقاع من الحكومة وبمشاركة تلقائيّة من وسائل الإعلام. يُصوَّر هذا الاحتجاج الأكثر عدلا في إسرائيل على أنه خطر وتهديد للأمن.
الاحتجاج الاجتماعي العادل، الشجاع والأكثر عمقا في هذه الأيام في إسرائيل، هو إضراب مئات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، اليوم ينهي أسبوعا. أتمنى لو كان لدينا أصحاب ضمير لينضموا للإضراب، أو على الأقل ليتظاهروا تأييدا له. بدلا من ذلك يوجد لدينا شباب الاتحاد الوطني، يوقدون المناقل مقابل نوافذ سجن عوفر، كي يزيدوا من عناء الجائعين. سلوك دنيء يقوم به اليمين السادي. وضدّ هذا العرض المرفوض لم يعترض أحد.
الاحتجاج الاجتماعي الأكثر عدلا لا يُعرض على حقيقته، على العكس، يُعْرض المشاركون فيه على أنهم قَتلَة بشعون. هل كل المساجين اليهود "قَتَلَة بشعون" لكن الخطاب الإسرائيلي لا يحب شكوكا أخلاقيّة، عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين. يُعْرض الأسرى الأمنيون على أنهم قَتَلَة ولا أحد يذكركفاحهم، يتعرض كفاحهم لوصمه بعدم شرعية جارفة من قِبل ماكينة التفسيرات العسكريّة التي تُمْليها المخابرات العامة.
إنتبهوا للتفسيرات الممجوجة: الموضوع صراع فلسطيني داخلي من أجل منفعة شخصيّة لمروان برغوثي، برغوثي ضدّ عبّاس – كل ثرثرة دعاية جهاز الأمن، الموضوعة من أجل مغمغة أهداف الإضراب. لا أحد يسأل: إضراب عن الطعام لأكثر من ألف شخص، مع كل مشاقة وعذابه، من أجل منفعة سجين محكوم عليه بمؤبّد مُضاعف أربع مرات؟ هل مَن يصدّق ذلك؟ هل هناك مَنْ يعرف حقيقة الأمر، عندما يقولون إضرابا عن الطعام؟ ألا يمكن أن يضحي هؤلاء الشجعان بأجسامهم ولا سمح الله بأرواحهم، من أجل قضايا عادلة؟
أهدافهم عادلة ولا مثيل لعدالتها. ليس فيها طلب واحد مُبالغ فيه. يطلبون مُعاملة إنسانية. هل من يعرف طلبا أكثر عدلا من هذا الطلب؟ يريدون هواتف عموميّة مثل المجرمين اليهود، الأكثر سفالة، ويطلبون تمديد وقت زيارة أبناء العائلات. يطلبون أن يتصوروا أحيانا مع أحبائهم، وأن يحظوا بعلاج طبي معقول. وبمكيّفات هوائية في السجون في الشمال والجنوب. ومراحيض للزائرين الذين ينتظرون ساعات طويلة خارج السجن. وإمكانيّة الدراسة لمَن فُرِض عليه أن يمضي مُعْظَم حياته داخل السجن. وطبعا إنهاء الاعتقالات الإداريّة، باختصار يطلبون قليلا من العدل، هذه مطالب إنسانية وليست سياسيّة.
إقرأوا عن الإضرابات عن الطعام. كلّها تقريبا كانت عادلة وتحظى اليوم بالتقدير. بدءا من إضراب العبيد السود في السفن البريطانيّة عن الطعام في القرن أل -18، والإضراب الكبير عن الطعام الذي قام به أسرى أل- IRA في شمال إيرلندا ولغاية إضراب الطلبة الصينيين عن الطعام في تاين – آن- مان، المهاتما غاندي، أندريه سحاروف، إيبي نتان. وشخصيّات كانت قُدْوة. والآن مروان البرغوثي، وقد وصفته "يديعوت أحرونوت: بِ "الحرّض". على ماذا يُحرّض بالضبط؟ على إدخال كتب إلى السجن؟ على هاتف عمومي؟
بينهم قَتَله، أقليّة جدا، ولكن لهم حقوق أيضا. بعضهم بسبب نشاط سياسي. وبعضهم بدون محاكمات. وأخيرا أُضيف إليهم مُتّهمون بنوايا مُخَمّنة. وجميعهم جزء من كفاح شعب من أجل الحريّة. وهذا من المفروض أن يثير الاحترام لدى الإسرائيليين. فُرِضت عليهم أحكام كبيرة، لا معايير لها، بالنسبة لليهود وطبعا بدون إجراءات قضائيّة منطقيّة. وكذلك شروط سجن صارخة بالعنصرية بلا خجل بالنسبة لليهود.الآن يناضلون من أجل حقوقهم الأساسية، ينبغي دعمهم، يجب مقاومة حملة التحريض ضدهم، أهداف إضرابهم أكثر عدلا من حملة التحريض التي يقودها جلعاد أردان وأكثر أخلاقا من غوغائيّة يئير لبيد.