علي بابا والحرامية في عرض راقص لفرقة موال
نهاد ومعين شمشوم يبدعون فنا لا يقل عن مستوى أرقى الفرق الفنية في عالمنا
نبيل عودة
لم أتوقع حين تلقيت دعوة لحضور البرنامج الراقص "علي بابا والحرامية" الذي قدمته فرقة موال للرقص الشعبي والحديث من مدينة الناصرة، التي يديرها الثنائي نهاد ومعين شمشوم، أن أكون أمام إنتاج فني متكامل ، رقصا ، موسيقى وتعبيرا صامتا، بحيث يقضي المرء ساعتين مذهولا ومتفاجئا من اللوحات الراقصة والتعبيرية ، والموسيقى التصويرية التي أضفت على العمل رونقا بلغة الموسيقى مطابقا ومتمما لما نشهده من حركات راقصة.
قلت لم أتوقع ، واعني أن خيالي الواسع لم يستوعب ان شبابنا بقيادة فنانين هما نهاد ومعين شمشوم قادرين على تركنا مذهولين أمام اللوحات الراقصة التعبيرية ، وان تنقلنا الأحداث الراقصة ( اذا صح هذا التعبير) الى داخل حكاية علي بابا والأربعين حرامي.. عبر عرض راقص ترافقه موسيقى تعبيرية لا يقدر عليها إلا فنان متمرس يتحكم بفنه الموسيقي،وقادر على ان يجعل اللحن أشبه بالكلمات التي تخاطب الجمهور...
شاهدت خلال سنوات حياتي ، خاصة أثناء وجودي في الاتحاد السوفييتي آنذاك..عشرات البرامج الفنية من اوبريت، باليه، رقص شعبي، غناء غجري وكونسرتات موسيقية، واعترف ان برنامج علي بابا الراقص أعادني 45 سنة الى الوراء حين كنت في موسكو..
المفاجأة لم تكن متوقعة، لم أتوقع هذا المستوى الراقي الذي لا يقل بمستواه عما ترسخ في ذهني من تلك الأيام. حقا كانت نوستالجيا أيقظت في نفسي أجمل الذكريات الفنية التي شاهدتها وسحرتني أثناء تواجدي للدراسة في موسكو وقتها.
ما لفت انتباهي ان البرنامج الراقص علي بابا، دمج بين الرقص التعبيري والتمثيل الصامت، وهو ما شاهدته بباليه سوفييتي آنذاك.. هي باليه "سبارتاكوس" حيث كانت اول باليه (بالنسبة لي على الأقل) تدمج بين الرقص الساحر والتمثيل الصامت. وهي باليه وضع موسيقاها الملحن الأرمني آرام خاتشادوريان.
وضع الموسيقى التصويرية لعلي بابا ، الملحن النصراوي الموهوب والمبدع بشارة الخل، أبدع بشارة موسيقى تعبيرية عبرت بوضوح عن تطور وقائع أحداث الحكاية التراثية علي بابا والحرامية. الموسيقى لعبت إلى جانب التعبير الراقص، دورا هاما، استطاع بشارة أن ينقل المشاهد إلى قلب الحدث، بموسيقاه التي شعرت أنها أشبه بالراوية التي تروي الحكاية. دمج الموسيقار بشارة الخل بين اللونين الموسيقيين الشرقي والغربي.. هذا لا أقوله لأني خبير موسيقي، بل مجرد متذوق، ومندمج باللحن المرافق للحركات الراقصة، بل وأتجرأ وأقول أن الموسيقار بشارة الخل استطاع ان يعبر في موسيقاه عن تسلسل أحداث الحكاية، والانتقال بالمشاهد – المستمع، الى المضمون، وقد لمست ان موسيقاه عبرت بكل قوة عن الحالات الدرامية في الحكاية الراقصة. بدءا من الحوار وصولا الى العقدة واستمرارا للحدث الدرامي والتفجير طبقا لتطور الحدث الحكائي بالرقص التعبيري.
كتب السيناريو وأخرج البرنامج معين شمشوم، معين ونهاد تتراكم لديهم خبرات طويلة ، فقد أسسوا فرقة موال التي قدمت هذا العرض الراقص ، عام 1982، ونشاطهم لم يتوقف منذ ذلك الوقت، وعام 1999 استلموا مركزا خاصا بهم هو قاعة سينما ديانا سابقا. وشارك بنشاط الفرقة عبر تاريخها مئات الشباب والصبايا.
هذه الفرقة المبدعة تستحق كل دعم لتستمر بهذا العطاء الحضاري المميز.
آمل ان الفت أنظار المؤسسات الرسمية الى أهمية دعم نشاط فرقة موال النصراوية التي يبدو انها تستعد قريبا لإنتاج أوبريت غنائي راقص، سيكون ذلك خطوة كبيرة مميزة بمسيرة الفرقة ونشاطها الفني .
صمم الملابس للعرض مصمم الأزياء غصوب سرحان، وشكلت تصميماته بعدا إبداعيا للمضمون ألحكائي للعرض الراقص. ولا يمكن ان لا نشير الى الديكور الممتاز الذي صممه احمد كنعان.
جدير بالذكر ان فرقة موال شاركت بالعديد من البرامج المحلية والدولية، منها المشاركة بمهرجانات محلية وعربية، مثل مهرجان جرش في الأردن، وقدمت برامجها الراقصة في الدوحة - قطر، الإمارات، دبي، الشارقة، رأس الخيمة، الفجيرة ودار الأوبرا في القاهرة. كذلك في دول غربية مثل بلغاريا، فرنسا، اسبانيا والمانيا. وقد أنشات الفرقة مدرسة لتعليم الرقص الشعبي والحديث تضم اليوم أكثر من 200 طالب من جيل 4 – 17 سنة.