عذراً .. ما هكذا تورد الإبل يا شيخ منير .. وما هكذا يقابل الأمر بالمِثل أيها الاخوة !!
الحمدلله وكفى .. وصلى الله على السيد الجليل المصطفى .. وعلى آله وصحبه والتابعين ومن اصطفى.
وبعد .. فإنّا نسألك اللهم أن تعلّمنا ما ينفعنا .. وأن تنفعنا بما علّمتنا .. وأن تزيدنا علما
.. إنك أنت العليم الحكيم .
ونسألك أن ترينا الحق حقاً وترزقنا اتّباعه .. وأن ترينا الباطل باطلاً وترزقنا اجتنابه .. وأن تدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
إخوتي وأخواتي الأعزاء .. أهلي الأحباء .. يقول عزّ من قائل في كتابه العزيز :
( ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) (النحل 1255) صدق الله العظيم .
وعليه فإن الدعوة للحليم الودود .. وهي أشرف الرايات وأرفع البنود .. تكون بالحلم والوّد والموعظة الحسنة .. وبالحكمة والكلمة اللينة .. وبالتودد والاحترام والتقريب .. لا بالتقريع والتأنيب .. وبالتواضع والنصيحة .. لا بالترفع والاهانة والفضيحة .. والنصح يكون بالكلمة الطيبة والأقاويل الغضاض .. لا بالخطابات الفظاظ .. والمقالات الغلاظ .. ألم يقل تعالى : ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك ) (آل عمران 159) ؟؟
نعم هذا هو الأمر الرباني .. والنهج النبوي الروحاني .. القاضي بالمعاملة والدعوة بالأسلوب الراقي الإنساني .. وحتى لو جادلوك .. وماروا فيك وبالاحتجاج جالدوك .. فكيف بمواطن الوعظ والإرشاد .. ونصح القول والسداد .. هل يحسُنا إلا بصدق الصفو والوداد ؟؟
ولقد آلمني .. ما ضجت به وسائل الإعلام والتواصل .. بعد نشر مقال الشيخ منير فرّو ( وهو أخ وصديق ).. وهو المقال المقصود .. الذي أثار الكثير من السخط والردود ..
فرأيت لزاماً عليّ .. ومن بالغ الأهمية لديّ .. خاصة بعد الاتصالات المتعددة التي وصلتني .. وحدثتني عن الهرج والمرج وأبلغتني .. وسألت وتساءلت .. وبتوضيح هذا الأمر طالبت .. فرأيت أن أوضح ما أُشكِل .. وأكشف ما أسقِط وأُهمِل !
ولقد قمت بالاتصال بالأخ الشيخ منير .. مستوضحاً متسائلاً عما أُثير .. بعد أن قرأت المقال وراجعتُه ُ.. ففهمت الخطأ واستوضحته .. ومن ثم بيّنتُ لهُ خطأه وأوضحتهُ .. وهو بحسب ما وقفنا عليه ما يلي :-
1- بادءًا ذي بدء .. وقبل كل شيء .. لا بد من التوضيح أن نيّة الشيخ كانت الدعوة إلى الإصلاح .. وترك الخاطئ من أمر الحرية الإنفتاح .. وحثّ بناتنا على الفضيلة .. والابتعاد عن مواضع الشبهة والرذيلة .
2- أخذه الحماس والغيرة .. والحزن بسبب الأحداث السيئة الأخيرة .. التي تحدث وتتكاثر في الطائفة .. والتي تحزن عليها نفوسنا وقلوبنا منها واجفة .. فتملكه الغضب .. حتى كتب ما كتب .. بدافع الغيرة والحرارة والأدب .. لا من علة أخرى أو سبب .
3- رأي الشيخ منير وخطابه هو رأيه وخطابه الخاص .. ولا بد من توضيح هذا الإلتباس .. فهو لا يمثل بالضرورة خطاب الدين .. ولا منهج العلماء الموحدين .
4- في مثل هذه المواضع لا تكفي النية الحسنة .. بل الأداة الصحيحة والكلمة اللينة .. والنصيحة الأخوية الهيّنة .. هما المطلب .. والدواة والمضرَب .. فلطالما ردّد الخالق المجيد .. وشدّد المصطفى الرشيد .. وحدّد التوحيد .. على لزوم الارشاد بليونة .. وضرورة النصح بمرونة .. حتى قيل عن أهل الحق أنهم هيّنون ليّنون .. حكماء ديّنون .
5- لا شك عندنا أن خطاب الشيخ وتوجهه خاناه .. وأخطئا الصواب وجانباه .. وعلى هذا ليس هناك أي شك أو التباس .. فالأسلوب خاطئ وكذا القياس .
6- لغة التعميم والشمل .. لغة خاطئة خاصة في حق الأمهات والأخوات والأهل .. ينبغي الترفع عنها .. والإنتهاء منها .
7- في أخواتنا المعروفيات .. متدينات وغير متدينات .. روحانيات كنّ أم جسمانيات ( لم يسمهنّ التوحيد "جاهلات" !!) .. من هنّ عنوان للشرف والحياء والأخلاق .. ومن هنّ مثلاً للعالم بأسره في الفضيلة والأمومة والأدب الخلّاق .. وهذا شرف لنا .. فهنّ أمهاتنا وأخواتنا المعلّمات .. ونعم الزوجات المربِيّات .. والبنات الفاضلات المتعلمات.
8- نعم يجب أن تكون المطالبة للرجال مثل المطالبة للنساء .. ومطالبة الإبن بالأخلاق والالتزام والحشمة .. وتربيته عليها .. لا تقل أهمية عن تربية أخته بالمثل !!
فقد ضمن لهنّ التوحيد .. المساواة والإنصاف الأكيد !
ومع هذه الأخطاء التي أوضحناها .. وبيّنّا له وللجميع معناها .. إلا أنّا نرى أن الشيخ تشفع له نيته في النصح .. وتزيل الكثير مما شنّع عليه من الطعن والقبح .. وتخفف ما وقع به من زلل .. وما صدر عنه من خلل .
من جهة أخرى قام للرد عليه الكثيرون وأكثروا .. واعتلوا منابر الرد وانبرو .. وطعنوا عليه وعلى الشيوخ بنفس ما عليه أنكروا .. من الشمل والتعميم .. والنيل من الآخرين والتقزيم .. فطعنوا في أهل الدين .. وأفاضل العلماء الديّانين .. وأرادوا أن يكونوا لهم أساتذة معلّمين .
وهنا لا بد أن نوضح لمن انتهزوا الفرصة للإصطياد بالمياه العكرة .. وحاولوا جاهدين بأسلوب الخادعين المكَرَة .. أن ينالوا من أهل التوحيد والفضل .. وعمّموا منتقصين من علمائهم متهمينهم بالجهل .. أن القواعد الدينية .. والعلوم التوحيدية .. تُؤخذ من الشيوخ العلماء .. والثقات الأصفياء .. والعارفين الأوفياء .. الذين أفنوا أعمارهم في البحث والتحرّي والدراسة ... وقضوا سني حياتهم في التفقه والتدرج بالحكمة والكياسة .. حتى بلغوا أبلغ المراقي .. مرتشفين من أطهر المنابع وأشرف السواقي .. ينهلون التوحيد نهلاً .. ويستقون الدين من معدنه أزكى منهلاً .
فأنّى لصبية تعلمهم قواعد الدّين وأصوله ؟؟ وقد صالوا وجالوا السنين في التوحيد دارسين فصوله !!
لذلك إذهبوا إليهم واسألوا .. واقصدوهم ومن بحار علومهم فانهلوا .. ولقول الله فيهم فامتثلوا .. وبما أمر من سؤالهم فاعملوا .. مصداقاً لقوله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
أخيراً .. وعذراً على الإطالة .. وفي مسك ختام هذه الرسالة .. نطلب من الإخوة والأخوات .. وأبناء التوحيد والبنات .. أن يتمسكوا بأصول ديننا الحنيف .. وبقواعد المذهب التوحيدي الشريف .. وأن تبقى تعاليم الأنبياء .. ومنهج السلف والأولياء .. نبراسهم وشعارهم .. ووقائهم من كل سوء ودثارهم .. ولنترك العادات الدخيلة .. والموضات المزعجة الهزيلة .. التي تقتل الفضيلة .. وتحيي الرذيلة .. وتأتي على كل خصلة فينا جميلة .. فتكثر العيوب .. وتتعاظم الذنوب .. وتُظلِم القلوب .. وتُسخِط علّام الغيوب .. وحينئذ ملك الدنيا بأسرها لا يفي بالمطلوب .
وللتسهيل عليكم .. وفتح الباب بين يديكم .. سنعقد إن شاء الله حوارات شاملة عامّة .. ولقاءات جامعة هامّة .. بين الشيوخ والشباب .. لنفتح الأبواب .. للتقارب والتفاهم والحوار .. لفهم الآخر وجَسر العوار .. عن طريق جمعياتنا المعروفية .. ومشاريعها الحوارية .. وقد أخذت زمام المبادرة جمعيتَي النهضة والتنوير .. التي أسّسناها في المغار والجليل .. وجمعية الدارة لإحياء الجذور في الكرمل .. مع الأخ والصديق الشيخ وسيم زيدان .. فلا بدّ من حوار يدفعنا للتقارب والتفاهم .. وتلاقٍ يُرسي أسس التعاون والتلاحم .. فهكذا ترقى الأمم المتقدمة .. وتُشحذ الهمم للعطاء والتقدمة .. حتى تصبح في المقدِّمة .
ونسأل الله أن يحفظ الأمّة .. ويزيل الغمة .. ونسأله الإخلاص في القول والنية والعمل .. وتحقيق خير الرجاء والأمل .. إنه سميع قريب .. وللدعاء مجيب .. والحمدلله بدءاً وختام .. وعلى رسوله المصطفى وأنبيائه أزكى السلام .
الفقير لعفوه تعالى اسعيد نزيه ستاوي - المغار .. السبت 27/5/17