حياتنا ليست لعبة حظّ
راضي كريني
أثارت مذابح الأقباط الأخيرة المشاعر الإنسانيّة لدى البعض، والقبليّة العنصريّة لدى بعض آخر، والعجز والضعف ...، والغضب ...، والكره والحقد. من الطبيعيّ أن يكون ردّ الفعل العاطفيّ هو أوّل ردّ فعل على سماع أو رؤية حدث/مجزرة، لكن، ليس طبيعيّا المبالغة بردّ الفعل العاطفيّ على حساب المنطق والعمل/السلوك.
من الطبيعيّ، أن يلجأ البعض إلى الإيمان والصلوات والدعوات والابتهالات و... في اللحظات الحرجة والمتأزّمة، ومن الطبيعيّ، أن يبكي/يضحك بعض آخر، وآخر يفتّش عن مجموعات مساندة ومعاضدة و... ومعزّية، وآخر يتخيّل ويحلم ويتوهّم نفسه محلّقة فوق الواقع الأليم. وآخر يشغل نفسه بعمل جسمانيّ أو فكريّ، كي ينسى/يتناسى (يتعمّد النسيان). كلّ ردود الفعل هذه طبيعيّة ومشروعة، ولكن حريّ بنا أن نحلّل المشكلة جدليّا (سبب ونتيجة)، وأنّ نحدّد إمكانيّات العمل التي بإمكاننا أن نقوم بها كإسهام في الحلّ، وفي المصلحة العامّة، وفي التخلّص/التخفيف مِن الأزمة ، أو التغلّب عليها، وأن نختار الإمكانيّة الأفضل للمشاركة وللتحرّك ... والتغيير بأفضل أسلوب/سيرورة؛ كي نخسّس من تبعاتها السلبيّة.
علاقتنا بالحياة ليست نِدّيّة؛ فهي ليست بيعًا ومقايضة، بالرغم من أنّ المقايضة مسمّمة لحياتنا، ونحن جزء هامّ مِنها، ومن رزاياها وارتياحاتها. كلّ يقدّم للحياة وفق قناعته وأسلوبه، لكنّ العاقل يعتمد أرقى أسلوب ليقدّم أفضل ما عنده للحياة، بدون حساب للمقابل؛ فهو يستقرئ الاحتمالات الآتية، ويتوقّع أكثر ممّا يُصدم ويفاجأ، كي لا تصبح حياته لعبة حظّ وسلسلة مِن المفاجآت...
لا ترضى بنصيبك ... مِن حقّك ومِن واجبك ومن مصلحتك أن تطمح وتحلم و... ومن الحُمق أن تنتظر نصيبك مِن الحياة؛ لتستر به عيوبك، ولتغطّي على جُبنك، ولتبرّر تردّدك وعجزك.
بإمكان كلّ منّا أن يقلّل من الاضطرابات، والبغضاء، والتوتّرات، وصروف الدهر، والفواجع و... والانتقام! وبإمكاننا أن نعمل من أجل الرخاء والفرج والأمان والاستقرار والسلام و....
ما أبشع التفكير والتفتيش عن المستفيد مِن المذابح!
فالسلطة الديكتاتوريّة تسهم في الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والأخلاقيّة، لتفرض حالات الطوارئ وتدلي ببيانات الغضب والإدانة و...؛ لتلهي الشعب عن أزماتها هي، كي لا يلتفت إلى قضاياه الديمقراطيّة ويقبل استبدادها، ويتعلّق بها، كأهْوَن الشرّين!
أمّا الإرهابيّ، فيُشبع غرائزه الإجراميّة... كي تمهّد الجريمة طريقه للدخول إلى الجنّة!
لكن، الأبشع مِن هذا التفكير، هو أن نعرف أنّ هناك ضحايا تطلب مثل هذه الشهادة؛ كي تدخل الجنّة!
رسالة إلى صديق: لم يقرأ جمال عبد الناصر جيّدا معنى تقبيل حسن البنّا ليد الملك عبد العزيز آل سعود، في سنة 1936، أثناء تأدية البنا الحجّ ... رغم أنّ عبد الناصر علم بدعم آل سعود للإخوان ومساعدتهم في إنشاء فروعهم في مصر وفي كافّة بقاع العالم، ما عدا السعوديّة المشبعة بالفكر الوهابيّ.
كما كافأ مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 الإخوان المسلمين، بعد نجاح الثورة، بأن حلّ جميع الأحزاب باستثناء جماعة الإخوان، على اعتبار أنّها جمعيّة دعويّة! لكن، في 26/10/1954 حاول الإخوان اغتيال عبد الناصر الاشتراكيّ، ليتسلّم الحكم في مصر مَن هو عميل لآل سعود! وكان ما كان.