عادِه, ولا بدها تِشتريها؟!
غَضَب عارم اجتاحَ الشّارع العَكّي خاصّة والشّارع العَرَبي بشكل عام.
قوانين عُنصريّة لا تمُت للديمقراطيّة بأيّة صِلة!
قبلَ اتخاذهِ قرارالعودَة إلى البلاد بهَدف الزّيارة طبعًا وليسَ المُكوث, قامَ بالإجراءات اللازمَة حيثُ قامَت وزارة الداخلية والسّفارة الإسرائيلية بالمُوافقة والتوقيع على جَميع التأشيرات وَالمُستندات التي تسمَح بعودتهِ إلى البلاد كزائر وَليس مُواطن, إلا أنّ المَس بحُقوق الفرد (خاصّة العربي) هُوَ فن مِن فنون هذه الدّولة المُجحفة, وَالخيانة بالتعهدات هوَ مَبدأ أساسي لها.
يوسف أبو الخير, أسير أمني سابق تحرّر مِن المُعتقل أثناء صَفقة تبادل الأسرى عام 1985 والتي عُرفت بصفقة الجليل, فاضَت به الأشواق اليَتيمة التي لم تكن يومًا سِوى لهذه الأرض, أرض الوَطن, وَغلبهُ الحَنين ليعيدهُ مرة أخرى إلى هُنا مِن خلال تأشيرات قانونية مُوقعة ليسَ بها أي شَك أو خلل, لكن عوضًا مِن أن يقشعَ الوَطن وَأن يشتم رائحة مَدينتهِ الحَبيبة عكا, تعرَّض للإعتقال فورَ وصولهِ المَطار وَتم تحويلهُ حاليًا للسّجن, مُتعرضًا لكلّ أنواع البُغض العُنصري مُشتمًا رائِحة الظلم التي لم تتوالى الدّولة يومًا عَنهُ إزاء الأسرى.
أود التنويه وَالتأكيد عَلى أن الأسير يوسف أبو الخير لم يأتِ إلا بموجب القانون, أي أنهُ لم يَخترق القانون وَلم تكن هُناك أي نية لفِعل ذلك.
قامَ الشّاباك باعتقالهِ فورَ وُصوله إسرائيل دونَ مُراعاة لسنهِ وَوضعهِ الصّحي أبدًا, مُتغاضيًا بذلك تأشيرات الدّخول التي تمّت بموجب القانون الإسرائيلي, وَدون الأخذ بعين الإعتبار أيضًا بنود الصّفقة التي تمّت عام 1985 مَع العِلم أن أحد هذه البنود هُو عَدَم المَس بالأسرى المُحرّرين بأيّ شكل من الأشكال في أي زمان كان وعدَم إصدار أي حُكم عليهم فور تحريرهم خِلال الصّفقة, حيثُ نصّ الاتفاق آنذاك على أن للمُعتقل حَق أن يختار بأن يُطلق سراحهُ ويخرج خارج الأرض المُحتلة , أو يَبقى بين أهلهِ وعائلتهِ في بيته وعلى أرضه , وعَلى السلطات الاسرائيلية أن تلتزم بعدَم اعتقالهِ بنفس التهم السّابقة لإطلاق سراحهِ، وقد قدّمت السلطات الإسرائيلية تعهداً موثقاً مكتوباً بذلك للصّليب الأحمر الدّولي, محفوظا لديه.
"أن تتعهَّد ( الحكومة الصّهيونية ) بعدم إعادة اعتقال أي أسير مُحرّربنفس التّهم التي دَخل بسببها المُعتقل" هذا هو البند الواضِح وَالأساسي لصَفقة أحمد جبريل,
إلا أنّ جَبروت هذه الدولةِ المُضطهدة التي تنقضُ أي وَعد تقوم به, ما يَزال مُستمرًا فهي لا تأبه لأيّ قانون دُوَلي وَلا تحترم أي تعهّدات أو إتفاقيات قامَت بها وَالأنكى مِن كلّ ذلك أنها تخرق أهم أسُس الدّولة الدّيمقراطية ألا وهو المسّ بحقوق الفرد.
الأسير يوسف (أبو نضال) حُكم عليه بالمؤبدين آنذاك لعمَل اعتبرتهُ الدّولة عَمل إرهابي وَخطر عَلى الأمن الإسرائيلي رغم أننا نتحدّث عَن حقبة مِن الزّمن من أصعَب ما مَرَّ عَلى هذهِ الأرض (فترة الحُكم العَسكري), الذي كان متوقعًا بأن يُقابل بالرّفض وَالمُقاومة وَالنضال وَالحِراك الغاضِب مِن قبل الشباب اليانِعين خاصّة في تلكَ الفترة خلافا عَن يومِنا هذا,
إنتمائهِ لمَجموعة 778 نبعَ مِن كثرة الحِصار وَالضّغوطات وَالعنصريّة القمعيّة التي واجهَها عَرب الدّاخل على الدّوام, حيثُ قضى قرابة ال18 عام من عقوبتهِ في المُعتقل ودفع ثمنًا باهظا لحريتهِ ألا وهوَ المَنفى فقد أبعِدَ إلى ليبيا وَمن ثم استقرّ في اليونان مَنفيًا مُبعدا عن وطنهِ وَأهله طِوال ال35 عام, إلى يَومنا هذا.
ليسَ مِن حَق الدولة اليَوم أن تُصدر عليهِ أية أحكام, فشرعيّة دخولهِ إلى أرض الوَطن توثقت عَلى يَد كبار الضّباط وَالمسؤولين في وزارة الداخلية والسّفارة الإسرائيلية.
ليس للدولة أية حق بمحاكمتهِ أبدًا بعد كل هذه السنوات وبعد دفعهِ ثمن ما فعل, نحنُ لا نتحدّث عن شاب نحن نتحدّث عَن مُسن ذاقَ الأمرَّين من خلال إبعادهِ عن وطنه وأهلهِ ولم يعُد يُشكل أيّ خطر عَلى أمن الدولة أبدًا, إن لم يَمنحهُ الجهاز القضائي الحَق في دخول البلاد على الأقل ليعفو عَنهُ وَيَمنحهُ حق العَودة من حيثُ أتى وَليسَ أن يأمُر باعتقالهِ لإتمام محكوميتهِ فهذه جريمة إنسانيّة تُضاف إلى القائِمَة السّوداء التي لا تُعد ولا تُحصى عَلى هذهِ الأرض, حيثُ سَوف تتأرجح الدّولة الآن عَلى حِبال قانون الطوارئ كما تفعل دائمًا مَع الشّعب الفلسطيني.
**خطوات عِدّة يَجب اتخاذها إزاءَ هذه القضيّة وَأهمّها الإيمان التام بالحَق وَالحُريّة,
**توجّه قضائي يَتمثل في الإستئناف الفوري عَلى قرار المَحكمَة كخطوة أولى.
**تضامُن وَتكاثف وَوحدة الصّف بينَ الجمهور العَرَبي وبين أعضاء الكنسيت إضافة إلى تعاوُن الجَمعيّات وَالمَراكز التي تُدافع عَن حُقوق الأقليّات مِثل (مَركز عَدالة).
**حِراك شَعبي مُنظم داخليًا وَخارجيًا فالقضيّة لا تقتصرُ عَلى أطراف داخليّة فقط.
**صَبر وَنِضال حَتّى نراهُ حُرًا بَيننا قريبًا إن شاء الله.
"عادة, ولا بدها تشتريها؟", بصَراحة هذا المَثل الذي عَلا في ذهني عِندما عَلمتُ بخبر اعتقالهِ, فهذه إحدى أشهَر عادات المُؤسّسة الاسرائيلية عَلى الدّوام في مِثل هذه القضايا, فلطالما تمثلت الدّولة في وَداعتها ظاهريًا وَغشّها باطنيًا, لطالما حَرّرّت أسرى فلسطينيين ومِن ثم أعادت اعتقالهم بحُجج أخرى عاريَة عَن الصّحة, ذلكَ فقط لإرضاء غُرورها وَمصالحِها كونها دولة مُستعلية.
النّضال مُستمر يا أبا نضال, لن نيأسَ أبدًا ما دامَ لله مَعنا.
بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان.عَكّا