بعد النكبة، لم تكن حياتنا، نحن الفلسطينيّين الذين بقينا في وطننا، سهلة، وكذلك لم تكن مستحيلة، ولم يعدنا/يهدّدنا أحد بجنّاتها/بجهنمها. في حياتنا هناء، وهي غير مترعة بالسرور، لكنّها مفعمة بالتحدّيات التي تشلّ النشاط والقوّة والدافعيّة. نحن لا نستطيع أن ننمو ونتطوّر ونرتقي و... بدون معاناة، ومصاعب، وعراقيل، و... وعلينا ألّا نتوقّف عند الصعاب؛ ولا أن نتنازل عن الطموحات. نحن لا نعيش في أجواء مريحة، ولم نولد وفي فمنا ملعقة فضّة؛ كي تكون طموحاتنا الحفاظ على الموروث، والاكتفاء بما متوفّر من مُلك وغنى وترف و... ولم ندفن تحت الركام لتعرّضنا إلى هزّة أرضيّة، وتسونامي؛ كي نصاب بالعجز أمام جبروت التمييز والاضطهاد، أو لنفتّش عن شجرة نخيل "عربيّة"، لنجلس تحتها وننتظر مَن يرجمها؛ لتلقي لنا ثمارها/دراهمها. نعم نحن نواجه صعوبات في حياتنا، و...، وثمّة أفكار متحجّرة مسبقة تضغطنا، وعادات وتقاليد وأعراف بالية، وأعداء، وخونة، و... تقاومنا وتستغلّ ضعفنا. لكن، إذا جعلنا هذه الصعوبات سببا للنهوض والخروج من خانة الاستكانة والراحة، وعملنا بناءً على قواعد وضوابط، وبجدّ ونشاط، سوف نحقّق نسبة عالية من الطموحات، بنتيجة أعلى بكثير من تحصيلات "الناس العزا والناس المعزا"؛ فنحن لا هذا ولا ذاك، وعلينا أن نخاف على مستقبلنا خوفا متفائلا.
ربّما يكون من السابق لأوانه أن يفوز عربيّ منّا برئاسة الدولة، لأنّ التمييز القوميّ: العشوائيّ والمنظّم، والرسميّ والشعبيّ، ضارب أطنابه في الدولة، ونحن أقليّة قوميّة غير مدعومة من مؤسّسات قوميّتنا العربيّة، لا بل...، ونحن ننتمي إلى الشعب/الأمّة الفلسطينيّ/ة، ودولة إسرائيل تعتبرنا مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، ودولتي الرسميّة ما زالت تحتلّ دولة أمّتي!
ربّما يكون من السابق لأوانه أن يترشّح عربيّ فلسطينيّ "إسرائيليّ جيّد" لرئاسة حكومة إسرائيل، ولو كان يحمل أعلى مستوى من الصفات والخصال والخبرة والكفاءات والشهادت والمصداقيّة و...، وله تجربة وحضور وحاضر و... وتاريخ أفضل من كلّ رؤساء حكومات إسرائيل؛ الحاليّ والسابقين .. حتّى لو كان مرشّحا ثالثا وبديلا أفضل لمستقبل البلاد من مرشحَيْن يهوديّين متنافسين على ملء إسرائيل بالمقابر، أو كان ضامنا للأمن والاستقرار والنموّ والسلام والانتعاش الاقتصاديّ والعدل و... أو كان رئيس عصابة أكبر من عصابة بيبي نتنياهو وأخطر منها، ويتقن سياسة التخويف والرهاب أفضل منه، ويستطيع أن يحوّل الأهداف البعيدة المدى بانتهازيّة أكثر منه إلى أُرجوحة استيطانيّة للهو، أو إلى عالم افتراضيّ.
لكن، آن الأوان أن تطرح المرأة العربيّة ترشيحها لرئاسة السلطة المحليّة وعضويتها في قرانا ومدننا العربيّة، يحقّ لها أن تطرح المجتمع الذكوريّ المتعالي أرضًا، كي تخفض من مستوى اضطهاد وتمييز السلطات المركزيّة لسطاتنا المحليّة.
ومن حقّ ابن/ابنة الأقليّة الطائفيّة أو الدينيّة أو ... في قرانا ومدننا العربيّة أن يترشّح لرئاسة وعضويّة السلطة المحليّة، وأن يلقى الدعم العابر للدين والطائفة والعائلة و... والعنصريّة، وأن يفوز بها، وأن يعمل على تحطيم الأصنام والتقاليد البالية المقنّعة والمغلّفة للمعارك الانتخابيّة... ألا تكثر الجنود بالنصر، وتقلّ بالخذلان، لا بعدد الر جال؟ (خالد بن الوليد).
لا يكفي أن نقرع الأجراس، وهذا أضعف الإيمان؛ أمّا المطلوب من شبابنا وصبايانا، من أبنائنا وبناتنا، أن يدكّوا الحواجز وأسوار "القلاع"، ويقتحموا السموات، وأن يحرّروا مجتمعنا من قيود التخلّف والحصار، وتأثيرات الصحراء، المفروضة عليه، والتي من صنع يديه! لأقول: أولئك أبنائي وبناتي؛ فجئني بمثلهم/نّ!