الله رحمن رحيم
جدعون ليفي
هآرتس،2017/8/24 ترجمة: أمين خير الدين
المستوطنون في ضائقة، تُقطِّع نياط القلب. حسب ادِّعاءات المحامي الخاص الذي استأجرته الدولة ليدافع عن آلاف قراصنتها ولصوصها– حدث وهميّ بحدّ ذاته – المستوطنون يعيشون "واقعا مُخيفا" يُعْتَبَر"أزمة قوميّة"،"تمزِّق المجتمع". سأوضّح ذلك حالا: حقّا أرجو أن يكون المستوطنون بضائقة كهذه، كما يصفها المحامي المُسْتأجر، لأنه هو مستوطن، وذو أسبقية مُخالِفٍ في البناء، مقابل مبلغ لا بأس به.
حقّا أرجو أن يعيشوا بخوف في بيوتهم المسروقة، على أرضهم المنهوبة، لأن هذا ما يستحقّونه، أرجو أن يكونوا بضائقة كهذه، أن تهتزّ حياتهم لهذا الحدّ، حتى يتنازلوا عن المُلْك الذي سرقوه ويعيدوه لأصحابه. كلّ مَنْ أدّى لظلم كبير كهذا ولجمهور كبير كهذا وخلال زمن طويل كهذا يستحق أن يتذوّق المعاناة التي يسببها الظلم. ربما تكون هذه هي الطريقة التي تؤدي إلى التقويم. اُشكُّ كثيرا أن يكون الأمر هكذا. استغاثة الحرامي المسروق في قاعة المحكمة، ليس لها شبيه منذ مناحة الذي قَتَل والديه لأنه أصبح يتيما ، ظاهرة تشير إلى مرحلة من فقدان الدولة للحياء على امتداد تاريخ الابتزاز الحسّاس الذي يمارسه المستوطنون.
يُعْتَبر الردّ الذي قدّمته الدولة على الالتماسات ضد قانون المصادرة نقطة تحوّل بتاريخ الاحتلال: دولة إسرائيل تطلب تعديلا رسميّا للوصايا العشر بتغير الوصيّة الثامنة إلآ "أُسْرُقْ". بدءا من الآن يمكن أن تسرق، وحتى مُفَضّلٌ أن تفعل ذلك، لأن اللصوص يُعانون. وقريبا: ازْنِ، أقْتُل، تجديدات إسرائيليّة في الوصايا العشر. وتعلن الدولة أيضا، أن البشر الوحيدين اللذين يعيشون في الأرض المحتلة هم يهود- أمّا الباقون- لا وجود لهم، أو أنهم ليسوا بشرا. شحشطةُ حياتهم، ضائقاتهم ومآسيهم . الأصعب بكثير من "ضائقة" المستوطنين، نتجت بسبب جرائم المستوطنين وتحت إشراف الدولة – لا تُحْصى. في نظر الدولة، وليس فقط في نظر المستوطنين، الأغلبية العادلة في الأراضي المحتلّة لا وجود لها. فقط الأقليّة التي تسلُبْ. أشكّ إن كان في تاريخ الأبرتهايد الجنوب أفريقي ألتماس كهذا. أشكّ إن كان في ذاك النظام الشرير تجاهل لاذع من جانب الدولة لملايين المُعْطيات، حتى لو كانوا سودا.
ممثّل الدولة، هارئيل أرنون، كان قد خضع للتحقيق واتّهِم بقضية أري هارو الذي حلّ محل المستشار القضائي للحكومة بعد أن رفض أن يمثّل الدولة، يمثّلُنا جميعا، منذ الآن قولوا: أرنون يمثّلنا، محامي الدفاع عنّا، هو محامي الدفاع عن الدولة النائب الشيطاني عن إسرائيل. من الآن قولوا: كلنا مستوطنون. كلّنا على أرض خاصّة منهوبة. كلّنا نتحمّل المسؤوليّة. أرنون قدّم التماسا باسمكم وباسمي، وباسم الدولة، بأن المستوطنين المقيمين على أراضٍ مسروقة يعانون، ولذلك يجب ترخيصهم. 3500 سارقو الأرض، ليس فقط يُقدّمون للمحكمة إنما يحظَون بحماية الدولة ويفرضون على المحكمة جدول أعمالها، نكبة أجيالٍ.
لا، يا أرنون، هم لا يمزّقون المُجْتمع، أغلبيّة الإسرائيليين لا يهمهم مصيرهم، وهم أيضا لا يستحقون تأييد هذه الأغلبيّة، ليسوا ضحايا، ضحاياهم الضحايا، لا، ليست الدولة وحدها مسئولة عن مصيرهم – هم قرروا وخطّطوا مصيرهم بأيديهم عندما قرروا أن يستوطنوا على أرض ليس لهم. لذلك معاناتهم ليست معاناتنا، وبدون ذلك معاناتهم مفبركة تماما.
من الصعب التكهّن بماذا ستفعل المحكمة مع لائحة العار هذه، اللائحة المُقدّمة من قِبَل الدولة، في مُحاكمة الاغتصاب القادمة يمكن للدولة أن تستأجر خدمات أرنون ليدافع عن المُغْتَصِب، لأن حياته تقلقلت بسبب الاغتصاب. كلّ إسرائيلي عاقل يسأل نفسه الآن: أين ينتهي هذا؟ ومتى نستيقظ؟ وزير الأمن، وقد صدر 155 أمرُ هدْمٍ في مستوطنته ، يمنع إقامة وحدة لتنفيذ هذه الأوامر؛ بينما تفرض المحكمة على مواطنين من البدو غرامة بقدر تكاليف هدم منازلهم، وفي نفس الوقت تُخصِّص الدولة ربع مليار شيكل لمُهجّري عامونا، وللائحة الافتراء هذه.
الله رحمن رحيم على المستوطنين وضائقتهم الكاذبة. ليْتَهُ يرحم قليلا ضحاياهم – فلسطينيين وإسرائيليين.