أمين خير الدين
وترجماته من العبرية
بقلم : الدكتور منير توما / كفرياسيف
يقوم الأستاذ الكريم أمين خير الدين من حين لآخر وحال صدور كتب جديدة له بإهدائي نسخة ً منها مشكوراً ومن ضمن هذه الكتب ما كان قد ترجمه عن العبرية , علاوةً على ما نقرأ له من مقالات في المواقع والصحف قام بترجمتها عن العبرية . وقد رأينا في هذه المواد المترجمة أن
الأستاذ أمين خير الدين يعنى أساساً بترجمة مواد تقدّمية إنسانية تحرّرية لكتّاب عبريين من اليهود الليبراليين الذين يتصفون بنبذ كل ألوان وأشكال القمع والقهر والإحتلال حيث يبيّن الأستاذ أمين خير الدين من خلال ترجماته هذهِ مدى عنايته ِ بإبراز آراء هؤلاء الكتّاب بكل وضوح ٍ وشجاعة أدبيّة تسهم في تعريف القارئ العربي على مثل أولئك الكتّاب وآرائهم الإنسانية والسياسية من منظور ٍ يرفض التجاوزات والغطرسة بكل صورها وأشكالها بما تحمله من تداعيات ٍ وأبعاد ٍ تتضمّن التشريد والتهجير والسيطرة على الأرض , واستئصال الحقوق التي تنبع من ممارسات وطرق لا قانونية تتنافى والأعراف السائدة بالمفاهيم الإنسانية والاجتماعية دون أن يقيم لها الاحتلال وزناً أو اعتباراً . وهذا ما يصوره الأستاذ أمين خير الدين في ترجمته من العبرية الى العربية لهذه الكتب والمقالات , وذلك يؤدي الى أن تصبح ترجمته هذه نافذة يطلُّ منها المواطن والقارئ العربي على آراء وأفكار كتّاب ومفكرين يهود يكتبون بالعبرية ليوصل من خلال ذلك كلّ أو على الأقل بعض ما تجود به قريحة هؤلاء الكتّاب التقدّميين من إسهامات نيّرة في عالم الإنسان والبشر بعيداً عن الفئوية والتزمّت الفكري في سبيل تأكيد إنسانية الكاتب بصرف النظر عن انتمائه ِ العرقي أو الديني .
وفي هذا السياق , لا بد لنا أن نشير الى أن ّ الأستاذ أمين خير الدين بترجماته ِ هذه , إنما يقوم بمهمّ شائكة وشائقة في آن ٍ واحد , فالترجمة تُعدّ من الفنون الصعبة التي تحتاج الى دراية شاملة بمعاني وألفاظ اللغتين : المتَرجَم منها والمترجَم اليها , كما أنها تعتمد على الموهبة الأصلية والحس المرهف في إدراك المعاني وظلالها المتدرجة . ولقد نجح الأستاذ أمين خير الدين نجاحاً باهراً في نقل ما كتبه الكتّاب اليهود في المقالات والكتب التي تناولها بالترجمة الى العربية , وكان من ذوي الخبرة والكفاءة في هذه المهمة الشّاقة التي تتطلّب الخلفية الثقافية المستنيرة والواعية , مما يدل على أن الأستاذ المترجم خير الدين قد استطاع الوصول الى أغوار المعاني التي يقصدها الأديب العبري في هذا الصدد . كذلك فإن المترجم بعمله ِ هذا يقوم بدور الجسر الموصِّل بين الحضارتين المتتابعتين والمختلفتين , وبذلك فأنه يسهم في نشر حضارة إنسانية عبر حاجزي الزمان والمكان , سواءٌ على مستوى ألفرد أو المجتمع أو العالم أجمع .
إنَّ ترجمات الأستاذ أمين خير الدين هذه ِ تؤثر إيجابياً في تفهّم القارئ العربي لإنسانية وتضامن بعض الكتّاب العبريين اليهود لمعاناة الشعب المجاور لهم , والضيقات التي يتعرض لها مما يسهم في تقوية الحضارة وترقيتها , وفي تزكية القلوب وتنقيتها . وما من شك في أنّ الناس يتفقون في هذا العصر على أنَّ الترجمة هي نوع من التعاون الثقافي بين الشعوب يكون بالتقاء علمائها وأدبائها والمثقفين من أبنائها , ويمكننا اعتبار الأستاذ الكاتب والمترجم أمين خير الدين من أولئك المثقفين المستنيرين الذين ينتمون الى فئة الأدباء الذين يتخصصون في هذا الفرع من فروع الثقافة الذي يؤدي الى التواصل بين الكاتب العبري والقارئ العربي بغية تنمية المشاعر الإنسانية لتوظيفها سياسياً نحو التخفيف من وطأة الصدامات بين الشعوب , والسير في طريق التفاهم السياسي والوئام الإنساني وتجنُّب العنف , وإحلال السلام .
وهكذا يكون الأستاذ أمين خير الدين من خيرة المترجمين من اللغة العبرية الى العربية لهذه الكتب والمقالات لا سيما وأنه يعايش الأحداث والممارسات التي يتطرّق اليها الكتّاب اليهود مؤلفو هذه الكتب ويدينونها بشتى الأساليب الفكرية والأدبية مما يجعل ترجمة الأستاذ أمين خير الدين مرآة صادقة تعكس معظم الحقائق المعروضة , فللمترجم والكاتب أمين خير الدين أصدق التحيات وأطيب التمنيات بموفور الصحة والعمر المديد وبالمزيد من العطاء .