هواية جديدة عند اليسرسار*، المرور فوق الحاجز المعدني الشائك
عميره هس
هآرتس، 2017/9/2 ترجمة: أمين خير الدين
لتعرفَ كلّ أمّ عبريّة أن ابنها الذي يُرْسَل ليضمن على أنّ الخراف اليهوديّة النقيّة جديرة لأن تهنأ بالعشب وبالحريّة في غور الأردن.
بعد قليل، سيردّ علينا الناطق العسكري أن الحاخام أشيرمان قد هاجم ضابط جيش الدفاع الإسرائيلي أوشر عين غال. فقط كذبة كهذه، يمكن أن تتكرر في الردود على أسئلة عن الجنود الذين يعتدون على مواطنين فلسطينيين لكنها غابت هذه المرّة في الرد التي بعثه لي. سألتُ، باختصار، هل قام بتنفيذ التعليمات المُتّبعة على الحواجز المتحرّكة عندما ركل الضابط عين غال خط الحاجز الشوكي المعدني تحت مركبة أشيرمان المتباطئة. أجاب الناطق العسكري على وجه التقريب، إن أشيرمان مرّ فوق الحاجز المعدني الشائك مع المسافرين الأربعة معه. قصة خرافيّة كهذه هامشيّة هُنا، لكنها مُناسبة، كلّ شيء ملائم عندما يخضع جيش الدفاع الإسرائيلي لأسياده المستوطنين ويقوم بمهمته المقدّسة بطرد الرُعاة الفلسطينيين من مراعيهم الخاصة بهم.
يوم الجمعة، 25 آب، حوالي الساعة السادسة صباحا، وصلت مركبتان تقِلُّ نشيطين في إسرائيل، من معارضي الاحتلال، لمنطقة عوجا شمال أريحا. ومنذ شهور يرافق هؤلاء النشطاء الرعاة الفلسطينيين من قبيلة كعابنه، وقد هربوا على مدار سنين من مراعيهم في غور الأردن بسبب اعتداءات المستوطنين. هؤلاء النشطاء أعضاء حركة "تعايش"، وأحيانا يقومون بنشاط ضمن حركة "حاجز ووتش**"، "أنصار السلام"، أو مبادرون ذاتيّون.
وبالمناسبة، هوجم عدد من المرافقين الدائمين في شهر نيسان من هذه السنة من قبل إسرائيليين "مجهولين"، مقنّعين، مسلّحين بالعصي والحجارة، جاؤوا من جهة المستوطنة كوخاب هشاحر. وقد عُرض شريط الهجوم الوحشي هذا في الإنترنيت. شكرا لأنكم سألتم. المهاجمون بخير. والحاخام أشيرمان وثلاثة من المسافرين معه كانوا من المصابين بإصابات خطيرة في نيسان. وقد هاجمهم المستوطنون في الماضي بأماكن أخرى من الضفة الغربيّة، ولا يزالون مستمرّين: ليسوا قبضايات، لا يردّون بالمثل عندما يُهاجمون، فقط يدافعون عن رؤوسهم، مبدئيّا يستنكرون العنف وُيعبِّرون عن ذلك بمعارضتهم للسلب المُنظّم للأرض.
قرار الرعاة بإعادة أغنامهم إلى المرعى يزعج المستوطنين في"مبوؤت أريحا" وفي عِزْبة الأفراد عينوت كيدم غير المُرخّصة وغير القانونيّة. وكما يقول أبناء عائلة نجاده من قبيلة الكعابنه: "حين نخرج للمرعى، يظهر عومر ( عتيديا، صاحب عينوت كيدم) نراه وهو يتّصل بالمحمول الذي بحوزته، وفورا يظهر الجيش". وهذا يؤدّي إلى الحواجز وأوامر إغلاق المناطق مسبقا، فيذهب النشطاء إلى بيوتهم والأغنام إلى الحظائر لتأكل علفا تمّ شراؤه. لتعرف كلّ أُمٍّ عبريّة، أنّ ابنها المجنّد للجيش من أجل ضمان أن الأغنام اليهوديّة فقط جديرة بأن تهنأ من العُشْب النابت ومن الحريّة في غور الأردن.
نعود إلى يوم الجمعة. توقفت مركبة واحدة عند الحاجز المتنقّل لجيش الدفاع الإسرائيلي بالقرب من مستوطنة ييطيب. والمركبة الثانية –التي قادها أشيرمان- سُمِح لها بالمرور وتابعت سيرها جنوبا عدّة كيلومترات، في طريقها إلى مُخيَم الرعاة المسمّى معرجات. بعد وقت قليل رأى الركّاب حاجزا نقّالا آخر، بالقرب من مفترق الطرق، ورأَوْا جنديا يقف في وسط الشارع. اشيرمان تابع تقدّمه، في المسار الأيمن. كان على الشارع حاجز معدني شائك ممدودا وخط آخر مجموعا، في المسار الأيسر، كأنّهما يقولان" الدخول للشارع ممنوع، والخروج منه مسموح. وعندما اقتربت المركبة، أشار الجندي بالتوقُّف، بدأ أشيرمان بالتباطؤ، ولدهشته أن الجندي – اتّضح أنه ضابط – بدأ يركل الحاجز المجموع تحت المركبة. لحظة مخيفة. لقد ثُقِبَتْ العجلة الخلفيّة اليمنى.
طلب أشيرمان أن يعرف بيانات الضابط. لكنّه رفض. فاستدعى الشرطة، وقد أجبرت الشرطة الضابط بإعطاء بياناته: عندما يقوم جندي بعمل الشرطة، عليه أن يعرّف نفسه كالشرطي.
"وقد أُقيمت حواجز مُؤنْسَنَة في نفس المنطقة، بهدف منع مُصادمات قد تنتج عنها إصابات في الجسم أو في ممتلكات أيٍّ من الطرفَيْن". هكذا أيضا في الضفّة الغربيّة. السلب الحكومي الرسمي للأراضي لا يُشْبِع المستوطنين. ولكي يوسّعوا من سيطرتهم يستعملون العنف الفردي ضد السكان الحقيقيين. الجيش يحيي المستوطنين، ويمنع تحرّكات الفلسطينيين ومرافقيهم.
سيارة (أشيرمان) لم تتباطأ ولم تتوقّف، رغم وجود إشارات مرور في المكان، ولذلك مرّ فوق الحاجز الشائك المعدني والذي وضِع في حينه على الحاجز" هواية اليسر سار، المرور فوق الحاجز المعدني الشائك ، إشارة مرور لو كانت إشارة المرور موجودة (الركاب لا يذكرون أنهم رأوْا إشارة مرور) لقد وُضِعَت إشارة المرور مقابل القادمين من الجهة المُعاكسة وليس من جهة سيرهم.
"بعكس الادعاء القائل إن السيارة تضرّرت بعد محاولة السائق المرور فوق الحاجز الشائك، وأن الضابط لم يحرّك الحاجز بقصد إلحاق الضرر بالسيّارة"، على جيش الدفاع الإسرائيلي أن يفحص جدوى الحاجز الشائك. فيما إذا كانت السيّارة قد مرّت عليه بقصد مُسْبَق، وبعجلاتها الأربع، وفقط ثُقِبَت العجلة الخلفيّة، هذا يعني وجود مُشْكِلة خطيرة في العتاد.
"كانت منطقة مبوؤت أريحا هادئة على مدى سنوات، حتى الشهور الأخيرة حين جاء الفوضويّون الذين يخلقون الاحتكاكات العنيفة في المكان". يا حسرتاه، أين تلك الأيام الجميلة، عندما كان المستوطنون يهدّدون ويعتدون كما يشتهون. كذبة الناطق العسكري هذه ليست جديدة. لكنه هو الذي يثير الغضب أكثر من غير ه.الضبّاط الذين يلوّحون بالتعريف "الفوضويّون"، وهو تعريف غير مناسبٍ في هذا المكان، ويتّهمون بالعُنْف مَنْ يستنكر العنف.
2017/9/4
-----------
* يسرسار : (סמולון) كلمة ساخرة ابتدعها الصحافي روزنبلوم للدلالة على موقف اليسار الإسرائيلي من الاحتلال
** تنظيم يتكون من نساء يهوديّات يضم حوالي 300 إمرأة يهتمّ بمراقبة الحواجز ويرْصُدْن جنود الاحتلال مع الفلسطينيين.