الناظر الى المجتمع بدّقه وبرغبة صادقه في ما حوله , يمعن وبسرعه فائقه ان هذا المجتمع يقسم الى اقسام عديدة , كثيرة , متنوعة متفاوته في القد والمظهر وربما الجوهر , وكذلك يتصرف في طيات هذا المجتمع الزاخر على انماط عيش والوان تصرفات غريبه , منها مألوفه ومنها شبه مقبولة ومنها مرفوضه كلياً .
الا أنه يدرك من خلال نظراته ايضاً ان المجتمع أخذ نفرٌ منه اتباع انماط وطرق عيش وتعامل غريبه , غريبه على ما كان قد تعوّد عليه منذ نشأتة ومنذ نعومة اظفاره الى ان اصبح يافعاً يدرك ما حوله بمقدار امكانيته وبموجب ما اوتي به من قدرة او معرفة او ذكاء .
ولا يغيب على احد ايضاً انواع واصناف بني البشر الذين هم من يملاون هذا المجتمع من الجنسين وكل له صفاته , وامكانياته , ونهج حياته وطريقه في الحياة , الا أن الكثيرين يعبثون في حياتهم بأمور قد تكون بعيدة عن اختصاصهم وربما لا تعنيهم بالمرة الا انهم يتطفلون وقد يسببون لانفسهم ولغيرهم المتاعب وعليه اقول :
جاء على لسان احد الحكماء ما يلي عن الرجال واصنافهم , وفي نظري ايضاً ينطبق هذا القول على الجنس الاخر حيث قال :
الرجال اربعة : الاول : رجل يدري ويدري انه يدري فذلك عالم فاتبعوه , يعني ان هذا الصنف من بني البشر يعرف بالضبط ما يريد ويعلم ويعرف ايضاً انه يدري وانه متيقن , فهذا الصنف يستحق التقدير والاحترام والمشورة ,لان مشورة هؤلاء حقاً تعود بالفائدة على طالبيها خاصة وعلى المجتمع عامةً .
والثاني : رجل يدري ولا يدري انه لا يدري فذلك نائم فايقذوه , في هذا السياق يمكن لكل احد منا ان يشيرالى الكثيرين من هذا الصنف , فالبيوت والاسر والمجتمع برمته يحتضن الكثيرين الكثيرين من هذا القبيل , الا انه يترتب هنا التنوية الى ان هذه المجموعة من البشر , "الذي يدري انه لا يدري " يقضي جل وقته في سبات عميق ويحلم انه يعرف كل شيء , وقد يسوقه هذا الحال الى امور ربما تكون عكسيه او سلبيه , يكون في قراراته وخطواته ونهج حياته بعيداً عن الواقع مخطئاً في غالب ما يعمل , وعلينا جميعاً ان نكثرث به لمساعدته قدر المستطاع .
والثالث : رجل لا يدري ويدري انه لا يدري فذلك مسترشد فارشدوه.
في هذا الموضع يصعب على الكثيرين الاعتراف بعدم الدراية او المعرفه الا ان الانسان الذي يعبّر صراحة عن ذلك وبثقه بالنفس وبصدق , فعلى المحيطين به واصدقائه واولى الأمر ان يبذلوا الكثير في تقديم النصائح والارشاد بشكل صريح وامين صادقِ ٍعلى الاستفادة ومن ثم الافادة والعمل على التطور والانجاز ليس على الصعيد الشخصي فحسب وانما على الصعيد الجماعي ايضاً .
والرابع : رجل لا يدري ولا يدري انه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه .
هذا الوضع الرابع يتطلب الانتباه والادراك الكامل من افراد المجتمع , اياً كان هذا المرء , يفرض الواجب على كل عاقل أن يحاول ان ياتي بكل ما اوتي به من فعاليات وتوجيهات لتقريب هذا المرء من الحياة الواقعيه ليصبح عنصراً فعالاً لنفسه لاسرته ولمجتمعه اذا صح هذا التعبير , هذا بدلاً من ان نرفضه , لان رفضه قد يسيء له شخصياً رغم حالته التي تحدثنا عنها , وربما يقوده الى العبث غير المرغوب في صفوف المجتمع .
وهنا من الواجب لا بل من المفروض على المرء العاقل الذي يعي معنى ما ذَكرحتى الان ان يقوم بدورة بقدر ما امكن من باب مصلحة الافراد والمجتمع وصيانةً للنظم والعرف الاجتماعية والاهتمام والعمل بشكل مسؤول وبشكل اصدق واوفى لما فيه خير الصالح العام وتحسيناً لاوضاع الحياة التي يعيشها الناس .