رؤيا بقلم: هدى أمون
جلست في الخارج؛ لعلي أستنشق بعض الهواء؛ لأزيح ذلك الهم العالق في رأسي وفوق قلبي. دق ناقوس العتمة؛ لإقبال الليل ... لحلول الظلمة والسواد. استعار الليل لون الخيل الدهم ... ففي هذه الليلة كثرت الوطاويط مفتشة عن فرائس، وكان تحرّكها سريعًا، وبالكاد ترى. كانت ليله شديدة السواد كشعر السمراء، لم تنرها النجوم ... ليلة استفقدت فيها للنجوم والكواكب. نظرت الى السماء، وإذا بها تمثل حالتي الحزينة، ترافقها الوحدة والبرد. أخذت أفكر في حالتي من خلال مراقبتي للسماء الداكنة؛ فتغلب عليّ النعاس، وأنا أشعر بالكآبة.
أشرقت شمس الصباح، ودخل النور إلى عيني المغلقتين، اخترق ستائر الغرفة جنّتي، وأخذ يتراقص حولي بين كرات البلور خاصتي ... فتحت النافذة؛ لأستنشق الهواء النقي، وأخذت كوبا من الحليب ممزوجا بالقهوة، جلست أمام النافذة كالبلهاء، أعيش مع الماضي والذكريات، يهب النسيم العليل من حولي، يداعب خصلات شعري، ويلاطفني، وتصفر الرياح من فوقي، فتزقزق الطيور فرحانة، أشتم رائحة الأزهار الفواحة المليئة بقطرات الندى البراقة... كان المنظر ساحرا، ينده الأمل، ويصيح، وهو موجود دائما. أصبحت للحظة كالصماء، لا أسمع، وكالعمياء، لا أرى، ولا أبصر. لم أكن أدري أن ذلك المنظر يريد أن يخرجني من حالة اليأس إلى قمم الأمل.
أقبلت وفود من النجوم، أتت مواكب الكواكب، طلع القمر الساحر بتلك الطلة البهية. باختصار أنيرت حدائق الجو، كان الليل داكنا كريش الغراب، فاجتمع الكون من حوله؛ ليضيف لمسة السحر خاصته، وليزيد من جمال الليل وسحره. في هذه الليلة، أيقنت أنه عليّ الخروج من دائرتي، والتحليق نحو الأمل، فهو دائما موجود، لا يختفي، ولكن أسباب الحياة تقلل من وميضه. أيقنت أنه على الابتسامة ألّا تفارق شفاهنا، فيوم لنا، ويوم علينا. فهكذا هو القدر، ولو ضاق صدرك، فرب السماوات موجود، يستجيب لأي دعاء، وإن لم يستجب لمطلبك بالسرعة التي تتخيلها، لا تقطع الأمل، فإن بعد العسر يسرا، ولا تكره ما هو خير لك، رغم ظلمة الليل، إلا أن نور النهار موجود، ولكننا دائما ننسى ان الله جعل الليل من أجل الراحة، الهدوء والسكينة، فحتى الطبيعة تعلمنا أن الأمل دائما موجود، فلولاه، لما استطعنا البقاء. ماضينا ممكن أن يوجعنا، لكن، إما أن نهرب منه، أو نتعلم منه، فلا شيء يستحق الحزن، فكل شيء سيكون على ما يرام بإذن الله. هكذا هي الحياة، تحزنك؛ لتشعرك بقيمة السعادة والتفاؤل!