نظرة في موضوع البيبليوثيرابيا ( العلاج بالقراءة ) وقصّة بعنوان " حياتي مُسْتَمِرّة "
بقلم: د. حسام خليل منصور
* محاضر في مجال أدب الأطفال - كليّة المعهد العالي - دالية الكرمل
* مرشِد ( سابِقًا ) في مجال أدب الأطفال في مركز البلد للطفولة المبكرة - دالية الكرمل * هذا المقال هو نظرة مختَصَرَة في هذا الموضوع. * توجد إمكانية لتقديم محاضرات ووَرشات عَمَل في هذا الموضوع.
بداية، يجب التنويه، إلى أنّ قصة حياتي مستمرة هي القصّة الثانية للكاتب، وهي من رسومات الفنانة آية أبو ركن، ومن إصدار دار الحديث للطباعة والنشر لصاحبها المحرّر المسؤول لصحيفة الحديث الكاتب والصحفي فهيم أبو ركن. هذه القصة موجَّهة للمهنيّين، للأهل، وأيضًا للأبناء بين الأجيال 10 سنوات – 15 سنة. تتحدّث هذه القصة عن موضوع الموْت ووفاة شخص عزيز الذي قد يطرق باب أيّ أسرة، خاصّة إذا كان الفقيد هو الأب أو الوالد المسؤول والمرشِد، والتغييرات التي قد تحدث نتيجة ذلك في نَمَط وصورة حياة الأسرة بكاملها وتأثيرها على نفسية الأبناء بسبب الحرمان. وتحاوِل هذه القصّة تصوير هذه الحالة وعلاج موضوع الفراق، وذلك من خلال طرْح بعض الأساليب للتأقلم مع الوضْع الجديد، وبالتالي، محاوَلة الاستمرار في الحياة.
تنتمي هذه القصة إلى القصص العلاجية العديدة التي تدخل ضمن إطار البيبليوثيرابيا - العلاج بالقراءة، ومن هذه القصص، قصة " عيد أختي " للكاتبة د. هالة إسبانيولي التي تتحدث عن ظاهرة الغَيْرة بين الأبناء، قصة " إنني أستطيع " للكاتبة تغريد النجار التي تحاوِل علاج صعوبات الكلام عند الأطفال، وقصّة " راجي رسّام رائع" - القصة الأولى للكاتب - التي تتحدث عن صعوبة نطْق حرْف الرّاء عند الأطفال بالشكل الصحيح، وغيرها.
مصطلح البيبليوثيرابيا – العلاج بالقراءة، مكوّن من مقطعين: ببليو بمعنى كتاب، و- ثيرابيا بمعنى علاج. والبيبليوثيرابيا هي استعمال مواد مكتوبة لكَسْب العلاج بالقراءة الفهم والتعاطف والانخراط في حلّ المشكلات ذات الصلة بحاجات الشخص العلاجية. وهي أيضًا علاج أو إعانة نفسية وعاطفية بواسطة أنواع النصوص الأدبية المتنوعة مثل القصة وغيرها، ويتم ذلك من خلال ارتباط هذه النصوص بتجربة شخصية حصلت أو تحصل مع الطفل وتترك في نفسه أثرًا. ويَسْمَح عندها النصّ الأدبي للطفل أو الشخص، التعبير عن أحاسيسه وعمّا يجول في خاطره وذلك بهدف إراحته نفسيا وعاطفيا، التحرُّر من الضغوطات والقيود النفسية التي يشعر بها، الشعور بالهناء والسعادة عند دخوله إلى عالَم الخيال عن طريق النصّ الأدبيّ والامتزاج بشخصيات النصّ الأدبي، وتنفيس مشاعره من خلال إسقاطها على هذه الشخصيات ورمْي كلّ مشاعره ومخاوفه عليها دون أن يضرّ أحدًا، وهذا يساعده على التخلص من المخاوف التي يُعاني منها، وعلى إزالة بعض الارتباك والحواجز والمشاكل اليومية عنه لبعض الوقت. إضافة إلى ذلك، يستطيع الطفل عن طريق القراءة تحقيق بعض الحاجات النفسية بالنسبة له مثل الحاجة إلى الأمان العاطفي والشعوري والاقتصادي، التضامُن والانتماء، واكتساب الثروة اللغوية. مِن أفضل الوسائل العلاجية من بين النصوص المختلفة في الأدب الواقعي التي يُمكِن استعمالها، هي القصة، وذلك لعِدَّة أسباب منها: 1. قراءتها في وقت قصير واللجوء بعدها للمحادَثة العلاجية، وهذا أمْر مُهمّ جِدًّا للأطفال لأنهم لا يستطيعون التركيز لفترة طويلة. 2. يميل النصّ الأدبيّ إلى التعميم ولا يُكثِر من التفاصيل، ولا يقول كُلّ شيء. يَحثّ هذا التعميم الطفل على الكلام ويدفعه إلى تفسير النصّ بطُرُق مختلِفة وإلى إيجاد الفوارق والحلول من خلال تجربته الخاصّة، وهو يَشترِك بذلك بالنصّ وتأليفه. ومع ذلك، يبقى الطفل غير مُقيَّد بالمكتوب في النصّ ولا في خارجه، بل يبقى حُرُّا.