الاصلاح بين الناس
للاصلاح فقه ومسالك حيث سار عليه المصلحون المخلصون .
ومن فقه الاصلاح : صلاح النية , ابتغاء مرضاة الله , وتجنّب الاهواء الشخصية والمنافع الدنيوية .
واذا تحقق الاخلاص في الاصلاح , حلّ التوفيق , وجرى التوافق واْنزل الثبات في الاْمر والعزيمة على الرشد .
واْمّا من قصد باصلاحه الترؤس والرياء وارتفاع الذكر والاستعلاء , فبعيد اْن ينال ثواب الاّخرة واْن ينال التوفيق .
وقال تعالى : " لا خير في كثير من نجواهم الّا من اْمر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس , ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله , فسوف يؤتيه اْجرا عظيماّ " .
فعلى المصلح اْن يخبر بما علمه من الخير ويسكت عمّا علمه من الشر . وليعلم المصلح ان الشر لا يطفاْ بالشر , كما ان النار لا تطفاْ بالنار ولكنه بالخير يطفاْ .
فلا تسكن الاساءة الا بالاحسان , وبهذا قد يحتاج المتنازعان الى ان يتنازلا عن بعض الحق فيما بينهما . ..
والذين يقومون بالاصلاح بين الناس هم اولئك الذين اطاعوا ربهم وشرفت نفوسهم وصفت ارواحهم , لانهم يحبّون الخير والهدوء ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس .
فالاديان جميعها اْوجبت على العقلاء من الناس اْن يتوسطوا بين المتخاصمين ويقومون باصلاح ذات بينهم , ويلزموا المعتدي اْن يقف عند حدّه , درءاّ للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع , ومنعا للفوضى والخصام .
فالاصلاح بين الناس موضوع له خطره واْثره , فالقائم بالاصلاح بين الناس يتعرض كثيراّ للاتهام من الطرفين , لاْنه يمثّل الحقيقة في وضوحها .
وقد يحدث اْن كلا الطرفين او احدهما لا يرضى بالحقيقة , فلا بد له من الصبر الواسع على هذا الامر العظيم , وله اْجر عند ربّه سبحانه وتعالى .
فاْن اصلاح ذات البين يذهب وغز الصدور , ويجمع الشمل ويضم الجماعة ويزيل الفرقه والاصلاح بين الناس في دين الله مبعث الامن والاستقرار ومنبع الاْلفة والمحبة ومصدر الهدوء والطماْنينة وانه اّية الاتحاد والتكاثف ودليل الاخوة وبرهان الايمان .
وقال تعالى : " انما المؤمنون اخوة , فاْصلحوا بين اْخويكم " .
والصلح خير تهب به على القلوب المتجافية , رياح الاْنس ونسمات الندى , صلح تسكن به النفوس ويتلاشى به النزاع .