وجدان.. طعنة نجلاء في سويداء قلوبنا..
بمناسبة مرور عام على رحيل الصبية وجدان أبو حميد.
بقلم: شهربان معدي
"كل أزهار الغد مُتواجدة في بذور اليوم
وكل نتائج الغد مُتواجدة في أفكار اليوم.."
وجدان، اليمامة البيضاء المُخضْبة بالدّماء، أميرة، سقطت في بُحيّرة
آسنة، فراشة مُلوّنة، كانت تحوم حول أكمام ورد.. نموذجا في الصون والعفاف،
صبية تتنفس طُهّرًا وحيوية، وفتاة، كسائر بنات جيلها، كانت تظن أن الحياة،
ملابس جميلة، وقطعة شكولا، وموسيقى هادئة..
حتى أتى أحدهم، سلبها نعمة الحياة، أجهض أحلامها الوردية ورماها في الأرض اليباب..
لا أريد يا عزيزي القارئ، أن أفتح عليك أبواب الثرثرة، على مصراعيها..
في زمن صدأت فيه القلوب، ويبس الثرى بين الناس..
في زمنٍ عصيب، حول هذا الشرق العزيز، الذي كان مهدًا للديانات السمِحة، لبركة
دماء، وسوقًا لسبي النّساء، وانتهاك حقوق الإنسان، بيد أناس يعملون باسم هذه الديانات..
ونحن..؟ بكينا كثيرًا.. حتى تقرّحت جفوننا.. كفانا بُكاءً..! لم يعد يجدينا
العويل والبُكاء..
تعالوا اخوتي، نكفكف دموعنا، ونحن على شفا جرف عظيم، في هذا الزّمن
العصيب الذي صودرت فيه المشاعر، وأصبح الإنسان عبدا للعولمة الحديثة،
والرأسمالية والكماليات.. والقيل والقال..
مر ثمانية وستون عاما، عن الإعلان عن حقوق الإنسان، والمرأة الشرقية، ما
زالت أمة للرجل، شاءت ذلك أم أبت..؟ ناقصة عقل ودين!
المرأة التي هي الأم، والأخت والابنة، والزوجة، والحاضنة ومربية الأجيال،
وعاملة النّظافة، ومُديرة المدرسة، والمُمرضة، "وسائر المهمّات التي
تتقنها بإخلاص ومسؤولية"، ما زالت عورة، ومُهمْشة، في الشارع، في أماكن
العمل، في بيتها، وحتى وراء صناديق الاقتراع.. رغم أنها تحمل على كاهلها
همْ مجتمع بأكمله، مجتمع ذكوري محض، نسي أن أجلّ ما يربطه بالمرأة،
إنسانيتهما المشتركة، ومسؤوليتهما المشتركة في بناء مجتمع سليم، خالٍ من العاهات والعلل.
ونحن في مجتمع، "كلٌ يُغني على ليلاه"، وما زلنا أبعد.. بعد الأرض عن
السّماء، من "المدينة الفاضلة"، أتساءل أين الضمائر الحية؟ أين المُنظمات
التي تُعنى بحقوق الإنسان عامة، والمرأة خاصة، بدل الرحلات التّرفيهية،
والبوفيهات العامرة بلذائذ المرطّبات والحلويات؟ والسّيارات الفاخرة..
أين ورشات العمل الجدّية التي يجب أن يُدعى إليها الرجال، وخاصة "الشّباب" قبل النّساء والفتيات،
ورشات عمل موضوعية، مهنية، راقية، تؤكد دورالمرأة، وتضمن لها حقوقها قبل واجباتها،
وان لم تؤت ثمارها، في هذه اللحظات، ولكنها ستثمر إنشاءالله، على مدى الأجيال..
اعذروني اخوتي القُرّاء، وكنت قد كتبت مقالة أخرى، لنستقبل فيها، سنة 2018 بكل الحب والتّفاؤل..
ولكن..؟ ما يحدث في مجتمعنا العربي بشكل عام، والمعروفي بشكل خاص، من حوادث جِِسام وفوضى إجتماعية مقلقة،
أدمت فؤادي، وبعثرت أمنياتي في أرض بور، وحوّلت مُدادي لبركة دموع..
رحمك الله يا وجدان، وصّبر امك، وعائلتك الجّريحة.
وانشاء الله سنة خير وسلام لجميع إخوتي في الإنسانية.