لم نطلب الدبس من ط... النمس لنحرم من ذوق العسل راضي كريني
كشف صائب عريقات، أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة، عن تفاصيل "صفقة العصر"(أو "صفعة العصر" كما أسماها أبو مازن) التي عرضها ترامب، بالنيابة عن بيبي، على بعض الحكّام العرب، وتشمل "الصفعة"، ضمّ الكتل الاستيطانيّة الكولونياليّة اليهوديّة الكبرى، أي ما يعادل 10% من أراضي الضفّة الغربيّة لإسرائيل، وإعلان قيام دولة فلسطينيّة منزوعة السلاح، وإبقاء السيطرة الأمنيّة لإسرائيل، إلى جانب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهوديّة، مع انسحابات تدريجيّة لإسرائيل من مناطق فلسطينيّة محتلّة.
لكن، ترامب تاجر فاجر (كذلك نائبه بنس) يعلن ويتعهّد ويطلب ويبتزّ؛ يعلن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ويتعهّد بنقل السفارة إليها، وبتقديم أكثر من 40 مليار دولار كمساعدات سنويّة لإسرائيل ، ويطلب بالمقابل التوقيع على اتّفاقيّات تعاون عسكريّ وتقنيّ وعدوانيّ أكبر. ويفاوض نتنياهو على زيادة المساعدات، مقابل تنازلات ترضي أصحاب رؤوس الأموال الأمريكيّين الذين يموّلون مجمّعات الصناعات العسكريّة الأمريكيّة. لذلك، يشترط ترامب أن تشتري حكومة إسرائيل 75% من أسلحة جيشها من الصناعات العسكريّة الأمريكيّة.
لم يتفاجأ الفلسطينيّ من تصريحات ترامب وبنس، فهي متوقَّعة، أكثر من أيّ وقت مضى، في ظلّ الوهن العربيّ، والانقسام الفلسطينيّ، والمغامرات والمؤامرات والمقامرات السعوديّة والتركيّة و... (لا تتفاجأوا من حرب إعلاميّة و... قادمة بين تركيا والسعوديّة). لقد ثبت للفلسطينيّ، ولجميع الشرفاء في العالم، ثبات السياسة الأمريكيّة في دعم/توريط إسرائيل الرأسماليّة الكولونياليّة المحتلّة على جميع الأصعدة، وفي تبرئتها من كلّ ذنب، وفي الدفاع عن اعتداءاتها في كلّ المحافل الدوليّة، وإن لم ينفع الدفاع، فيجري الانسحاب، وسحب الاعتراف، وتجفيف التمويل، و... يتوقّع الحمَل الفلسطينيّ ارتفاع منسوب اتّهامه بافتعال العنف، وبإغلاق نوافذ الفرص، جرّاء قتال ذئب الاحتلال واتّخاذ إجراءات ضدّه، تزعزع الاستقرار في المنطقة (يا عيني على هيك استقرار) وتحرج الأخوة العرب وتزعجهم و...
إدارة ترامب، هي نسخة حقيقيّة مكشوفة عن نسخ الإدارات الأمريكيّة المتسربلة السابقة؛ جميعها خاضع لمصالح رؤوس الأموال ووسائل الإعلام الصهيونيّة الداعمة لحملات مرشّحي الرئاسة الأمريكيّة التي تتّبع السياسة المكيافيليّة؛ فغايتهم تبرّر وسيلتهم وسياساتهم العدوانيّة على العدالة والحقّ والسلام. فيعنّفون الفلسطينيّ ويتّهمونه بالإرهابيّ الذي لا يستحقّ دولة. وفي ذات الوقت، يضمنون أمن إسرائيل الاحتلال ومستوطناتها ومستوطنيها و... وتفوّقها النوعيّ العسكريّ والأمنيّ. فجاءت إدارة ترامب، واستخفّت بجميع الإدارات السابقة، وأضافت على اعتبراتها بأن اعتبرت إسرائيل حلما ووعدا إلهيّا!
لا شكّ في أنّ الوضع خطير، فنتيجة لتدمير جيوش واقتصاد وحضارة و...وهياكل عظميّة لدول عربيّة، وانتشار العنصريّة وفوضى السلاح وانحلال الفكر... تعيش المجتمعات العربيّة، كما وصفها يوسف إدريس في "فقر الفكر وفكر الفقر" ونضيف فكر الرفض والتكفير والنفور والشكّ و...، نعم الوضع مثير لليأس والإحباط، ومثبط لهمم التقدميّين والمتنوّرين و... ومنعش للاحتلال الإسرائيليّ الوحشيّ، ولعربدات اليمين والمستوطنين الهمجيّة. لذلك، من المهمّ أن نرى الحلّ ونتصوّره ونصوّره للناس لنستخرج العسل من النحل، وأن نبدأ بالسير منه وإليه كي ينتحر الاحتلال ... فالفلسطينيّ هو كـَ "جان" بطل رواية البؤساء لفيكتور هيجو الذي دفع مفتّش الشرطة إلى الانتحار!