لأنَّ دِمَاغَك يُخطِئُ في إِدراكِ وتفسيرِ ما تراهُ عيناك ... علي صغير
2015-11-04 10:54:33
لأنَّ دِمَاغَك يُخطِئُ في إِدراكِ وتفسيرِ ما تراهُ عيناك ...
فإِنَّ القمر حينما يكون بدرًا، وفي الأُفق، يبدو لك كبيرًا وقريبًا منك، بالرغم مِن أنه يكون بعيدًا عنك، ويبدو لك صغيرًا وبعيدًا عنك، بعد أَن يرتفع ويُصبح في كَبِدِ السَّماء، بالرغم مِن أنه يكون عندها قريبًا منك ...
حجم القمر ومساحة قرصه لا يتغيَّرانِ مع الانتقال من حالة لأُخرى في كلتا الحالتين المذكورتين، وما تراه عيناك من تغيُّرٍ في حجمه، أَو في طولِ قُطره، أَو في مساحةِ قرصه، ليس سوى خداعًا بصريًّا، فالدِّماغُ لا يقتنعُ بما تراهُ العينانِ، ويُصِرُّ، خطأً، أَنَّ أَحد القُرصَيْنِ أَكبر مِنَ الآخر ... لهذا الوهم، أو الخداع، لا يوجد شرح واحدٌ مُقنع !
هذه الظاهرة الطبيعية الغريبة، التي تُعرف بالعربية بالاسم "وَهْم القمر"، وبالعبرية بالاسم "אַשְׁלָיית הַירֵחַ"، وبالاﻧﭽليزية بالاسم Moon Illusion""، معروفةٌ منذ فجر الحضارة البشرية، فأوَّل ذكرٍ لها موجودٌ على لوحٍ خزفيٍّ يرجع إلى فترة حُكم الملك البابلي آشُور ﺒَﻧﯧﭘﺎل668 – 627) قبل الميلاد).
عندما ننظر إلى القمر وهو بدر، ولا يهم إِذا كان في الأُفق أَو إِذا كان في وسط السماء، فإن الأَشعة المُنبعثة منه تتداخل في العين وتُكَوِّن في قسمها الخلفي، أَي في الشَّبكيَّة، في كلا الحالتين، قرصين قُطْرُ الواحد منهما هو 0.15 ملمتر تقريبًا، أي أَنها تُكَوِّن قرصين متساويَيِ المساحة، ولكن الدماغ يُصِرُّ، خطاً، أَن أحد هذين القرصين أَكبر مِن الآخر، فهو يُصِرُّ أَن قرص البدر وهو في الأُفق أَكبر مِن قرصه وهو في كَبِدِ السَّماء ...
هذه الظاهرة ليست مقصورة على طور البدر وحده، فهي تحصل في كل أطوار القمر، ولكنها تكون بارزة للعيان وأوضح ما تكون، حينما يكون القمر في طور البدر. وهي ليست مقصورة على القمر وحده، فهي تحصل أَيضا في النجوم والمجموعات النجمية، ولكن بسبب الأبعاد الظاهريَّة الصغيرة للنجوم، وهذه الأبعاد الصغيرة ناتجة عن المسافات الهائلة التي تفصل بيننا وبين تلك النجوم، فأن التضخُّم في أحجامها حينما تكون في الأفق، والتناقص في أحجامها حينما ترتفع وتصبح في وسط قبة السماء، لا تكون بارزة بالقدر الكافي للتمييز بينها. وهي تحصل أَيضا في الشمس، فقرص الشمس يبدو كبيرًا وقت الشُّروق وكذلك وقت الغُروب، وصغيرًا عندما تكون الشمس في كبد السماء، ولكن لأن النظر إِلى الشمس يتلف النظر، وقد يُؤدي إِلى العمى، فينبغي عدم النظر إليه مطلقًا، مِن أجل التأكد مِن هذه الظاهرة، أو مِن أجل أي هدف آخر، بدون وقاية للعينين !
علماء وفلاسفة كبار، كبَطْلَيْمُوس، وأَرِسْطُو، والحَسَنِ ابن الهيثم، ورُوْجر بِيْكُون، وليُونارْدو دا ﭬِنْشِي، ويُوهانِّس ﮐِﭘْلر، ورِيْنِيه ديكارْت، ومارِين مَرْسِين، وكْرِيسْتيان ﮪِﯧﭽْينْز، ولِيُونارْد أُويْلِر، والكْسانْدِر فون هُومْبولْت، وهِرْمان فُوْن هِلمْهُولْتس، وآرْتُور شُوْﭘنْهاوِر، وتُوماس هَكْسْلِي الثاني، وكثيرون غيرهم، بحثوا هذه الظاهرة. هنالك نظريات، وهنالك أَفكار، وتوجد آلاف المقالات العلمية، وعشرات الكتب بمُختلف اللغات، تبحث في هذه الظاهرة، ولكن لغاية الآن لا يوجد اتِّفاق على رأي واحد أَو نظرية واحدة أو فكرة واحدة بشأن كيفية حدوثها !
هنالك مَن يقول أَن تفسير هذه الظاهرة ينبغي أَن يكون تفسيرًا فيزيائيًّا، وهنالك مَن يقول أَن تفسيرها ينبغي أَن يكون تفسيرًا نفسانيًّا، وهنالك مَن يقول أَن تفسيرها يجب أَن يعتمد على الفيزياء وعلى علم النفس في آن واحد !
نحن نقول أن القمر عندما يكون في الأُفق يكون بعيدًا عنا، وعندما يرتفع ويصبح في وسط السَّماء يكون أَقرب إلينا، ومرجع ذلك أنه عندما يكون القمر في الأُفق تفصل بيننا وبينه مسافة إضافية على المسافة التي يبعدُها عن الأرض، وهذه المسافة الإضافيَّة هي نصف قُطر الأرض، ومقداره 6,378 كيلومترًا، أما حينما يكون القمر في وسط السماء فلا يفصلنا عنه إلا مقدارُ بُعدِهِ عن الأرض، وهو384,399 كيلومترًا بالمُعدَّل، وهذه المسافة، كما هو واضح، أَطول بكثير مِن نصف قطر الأَرض.
☺ خذ مسطرة، أَو متر قياس، ومدّ ذراعك إلى الأَمام قدر ما تستطيع، وقِسْ قطر قرص القمر وهو في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، وسجِل النتيجة، ثم اجْرِ نفس التجربة عندما يكون القمر قد أَصبح في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا، وسجِّل النتيجة. قارن بين النتيجتين. سوف ترى طول قطر القمر لم يتغير !
☺ خذ قطعة كرتون بطول 30 – 50 سنتمترًا، ولفَّها واعمل منها أُنبوبًا مفتوح الطرفين، ووجِّه الأُنبوب نحو قرص القمر عندما يكون في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، واجعل مساحة فتحة الأُنبوب مساوية تمامًا لمساحة قرص القمر، ثم ثبِّت الأُنبوب وهو في هذا الوضع بورق لاصق، ثم انظر عبر الأُنبوب نفسه إلى القمر عندما يصبح في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا. سوف ترى أَن مساحة قرص القمر لم تتغير !
☺ التقط صورة للقمر وهو في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، والتقط له صورة أُخرى عندما يكون في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا. قارن بين الصورتين، سوف ترى أَن مساحة قرص القمر لم تتغير !
أَفكارٌ، ونظرياتٌ، وأسبابٌ مُمكنة لهذا الوهم ...
• رأي بطليمُوس ورأي أَرسطو: تكبيرٌ ناتجٌ عن تشتُّت ضوء القمر بسبب اصطدامه بالغبار الجوي
بطليْموس (القرن الثاني الميلادي) وأَرسطو (القرن الرابع الميلادي) مِن بعده كانا أَول من علل هذه الظاهرة، وطبقا لتعليلهما يبدو القمر كبيرًا وهو في الأُفق بسبب تكبيرٍ يطرأ على قرصه كنتيجةٍ لانكسار وتشتت الضوء المنبعث مِنه، في أَعقاب اصطدامه بالجُسيمات الصلبة، كحبيبات الغبار، الموجودة في الغلاف الجوي للأرض، وأَصل الضوء المُنبعث مِن القمر، كما هو معروف، هو الضوء الساقط عليه مِن الشمس. بمعنى آخر، يقوم الغلاف الجوي للأرض، طبقًا لبطليمُوس وأَرسطو، بوظيفة العدسة المُكَبِّرة، ولكن الأبحاث أَثبتت أَن الأمر ليس كذلك، فتشتت الضوء المنبعث من القمر بسبب اصطدامه بالغبار الجوي لا يسبب تكبيرًا وتضخيمًا في قرص القمر، وإنما بالعكس تماما، فهو يسبب تصغيرًا له وانكماشًا في مساحته ...
• خداع ﭘونْزُو ((Ponzo Illusion وظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا وهو في الأُفق
هنالك مَن يقول أَن مصدر تضخم قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، هو ما يُعرف في علم النفس ﺒ "خداع أَو وَهْم ﭘونْزُو" (Ponzo Illusion)، المنسوب إلى عالم النفس الإيطالي "مارْيُو ﭘُونْزُو" Mario Ponzo, 1882 - 1960)). وهذا الخداع، أَو الوهم، هو أَحد الأَخدعة البصريَّة المشهورة. ومن أَجل فهم هذا الخداع البصري نضرب المثلين التاليين:
■ خطَّانِ أُفقيانِ مُتوازيان ومُتساويا الطول ومرسومان عموديًا على خطَّين عموديين ومتوازيين آخرينِ مرسومين على صفيحة، ولكنهما مرسومين وكأنهما يقتربانِ الواحد مِن الآخر أو يتداخلانِ الواحد في الآخر مع الابتعاد عن بدايتهما، يبدوانِ، أَي الخطَّانِ الأُفقيانِ المُتساويا الطول، طبقًا ﻟ "خداع أَو وَهْم ﭘونْزُو"، وكأن الواحد منهما أَطول مِن الآخر ... الخط الأَمامي، أي الخط المرسوم عند رأس الصفيحة، يبدو وكأنه أَطول مِن الخط الخلفي، أَي مِن الخط المرسوم قُرب قاعدتها ... هذا الخداع البصري اكتشفه "مارْيُو ﭘونْزُو" عام 1913. ومرجع هذا الوهم أَو الخداع البصري إلى أَن الدماغ يستنتج أَن الخطَّ الأَمامي الأُفقي هو بعيد عن الناظر، لأَنه يبتعد عن النظر، ولذا فهو يقرِّر أَنَّ هذا الخط يجب أَن يكون طويلاً كي يظهر بنفس طول الخط الأُفقي الخلفي، فيكبِّرُهُ ويُضخِّمُهُ، ولكن أَكثر مما ينبغي.
■ عارضتانِ مُتساويتا الطول موضوعتانِ عموديًا على خط سكة حديد طويل ومستقيم، الواحدة موضوعة أَمام الأُخرى وبعيدًا عنها، لا تظهرانِ للناظر إِليهما بنفس الطول، حينما يقف على خط السكة، ويوجِّه نظره عموديا عليهما. في وضع كهذا يبدو لهذا الناظر أَن العارضة الأَمامية، أَي تلك البعيدة عنه، أَطول مِن العارضة الخلفية، أَي تلك القريبة منه.
الذين ينسبون ظاهرة وهم القمر إِلى هذا الخداع البصري يقولون أَن القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، يبدو لنا كبيرًا وقريبًا، تمامًا كما تبدو لنا العارضة الموضوعة على خط السكة الحديدية، والبعيدة عن الناظر، أَطول وأَكبر مِن العارضة الموضوعة على خط السكة الحديدية قريبًا منه.
• خداع إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس (Ebbinghaus Illusion) وظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا وهو في الأُفق
وهنالك أيضا مَن يقول أَن مصدر تضخم قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، هو ما يُعرف في علم النَّفس ﺒ "خداع أَو وَهْم إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس" (Ebbinghaus Illusion)، وهو أيضا خداع بصريٌّ مشهور، ويُؤثِّر في مجال تقدير وإِدراك حجوم الأشياء، وهو منسوبٌ إِلى عالم النفس الألماني "هِرْمان إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس" (Hermann Ebbinghaus, 1850 - 1909).
يُعبَّر عن هذا الوهم عادة بدائرتينِ مُتساويتيِ المساحة مرسومتينِ الواحدة بجانب الأُخرى، ولكن الأُولى منهما محاطة بدوائر أَصغر منها، أَما الأُخرى فمُحاطة بدوائر أَكبر منها، في هذه الحالة يُخالُ للناظر، خطاً بالطبع، أَن الدائرة المُحاطة بالدوائر الصغيرة أَكبر من الدائرة المُحاطة بالدوائر الكبيرة.
الذين ينسبون ظاهرة وهم القمر إِلى هذا الخداع البصري يقولون أَن القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، يبدو كبيرًا وقريبًا، لأَننا نراه على خلفية معالم طبيعية مألوفة في سطح الأرض، كالجبال والتلال والأشجار والبيوت، ونحن نعلم سلفًا أَنها صغيرة الحجم والأبعاد، وبالطبع صغيرة الحجم جدًا بالنسبة للقمر البعيد، ولذا فإن الدماغ يُضخِّم صورة القمر وحجمه عندما يُقارن بين حجمه وحجوم هذه المعالم الصغيرة القريبة.
وهنالك مَن يرفض هذين الخداعَيْن سببًا لظاهرة "وَهْم القمر"، وهذا الرفض يستند، وبحق، إلى الحقيقة التي تقول أَن القرص الكبير للقمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، لا يختفي مطلقا عندما يُنْظَرُ إِليه مِن الطائرات التي تُحَلِّق عاليًا في السماء، أو مِن السُّفُن التي تمخر في عباب البحار والمحيطات، حينما لا تتواجد أجسامٌ أَرضيَّةٌ في الأُفق، قد تكون وراء هذه الظاهرة، كما يدَّعي مُؤيِّدو خِدَاعَي ﭘونْزُو وإِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس، كسببٍ لها.
• رأي الحَسَنِ بن الهَيْثَم: التضخم في قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، ثم التناقص في حجمه عندما يرتفع ويصبح في كَبِدِ السَّماء، يعودانِ إلى عواملَ إدراكيَّة ونفسانية
أَما الحَسَنُ بن الهَيْثَم (965 – 1040 م)، العالِم العربي الشهير، ومِن كبار علماء الرياضيات والهندسة والفيزياء والفلك وطب العُيون وعلم النفس، ومؤسس علم البصريات، والمعروف لدى الغربيين بالاسمين Alhacen و Alhazen، فكان له رأي آخر لا يزال مقبولا حتى اليوم، مع أَنه لا يحل المُعضلة تمامًا. ابن الهَيْثَم يقول أن تشتُّت وانكسار الضوء المُنبعث من القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، في الغلاف الجوي للأرض، يسبب تصغيرًا في حجمه وليس تضخيمًا وتكبيرًا، كما كان يقول كل الذين سبقوه، وعلى رأسهم بطليمُوس وأَرسطو، وقوله هذا هو القول الصحيح. وهو أول مَن قال أَننا نرى الأشياء ليس عن طريق إشعاعاتٍ تخرج مِن العين إلى تلك الأشياء، وإِنما عن طريق الإشعاعات التي تخرج مِن الأشياء نفسها وتدخل إلى العين، ثم إِلى الدماغ الذي يستوعبها ويفهمها ويفسرها، وهذا هو القول الصائب. وابنُ الهيثَم أَيضا أول مَن قال أن هذه ظاهرة التضخم في قرص القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، والتناقص الذي يعقبه عندما يصبح في وسط السماء، ترجع إِلى أسباب إدراكيَّة ونفسانية، فهو يقول أن تعيين المسافة بين الناظر وشيء معيَّن يعتمد على تواجد سلسلة متواصلة مِن الأشياء بين الناظر وبين هذا الشيء، وهكذا عندما يكون القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، تتواجد بينه وبين الناظر إليه أشياء كثيرة مرئيَّة على سطح الأرض تجعل الدماغ يُقرِّر أن المسافة بين صاحبه وبين القمر كبيرة، وأن البدر بعيدٌ عنه، ولذا فإن الدماغ يُكبِّر صورة القمر ويُضخِّمها، أَما عندما يكون البدر في وسط السماء، فلا تتواجد بينه وبين الناظر أشياء مرئيَّة مِن أي نوع كان، ولذا فإن الدماغ يقرر أنه قريب، ومِن هنا لا تكون حاجة عنده لتضخيم قرصه، فيبدو صغيرًا. وبناءً على هذا الأساس نفسه، فعندما تنظرُ إلى طائِرينِ من نفس النوع وبنفس الحجم، يطيران في السَّماء، الأول على بُعد أُفُقِيٍّ معين من ناظريك، والثاني عل نفس البُعد، ولكن عموديًا فوق رأسك، فإنك ترى الطائر الذي يطير أمامَك في الأفق أبعد مِن الطائر الذي يطير فوق رأسك. والحَسَن ابن الهيثَم يتبنَّى في رأيه هذا رأي عالم الفلك الإغريقي كْلِيُومِيدِس (Κλεoμήδης)، وهو رأي يعود ربما إلى عام 200 للميلاد. وبناءً على هذا يقول الحَسَن ابن الهيثَم أن قُبَّة السَّماء تبدو لنا مُفلطحة وليست كرويَّة، بمعنى أن الأُفق يبدو لنا أبعد من السَّمْت (والسَّمْت هو ما يتواجد فوق الرؤوس في الفضاء)، ولذا فعندما يكون القمر في الأُفق يبدو لنا كبيرًا وبعيدًا، أَما عندما يكون في وسط السماء فيبدو لنا صغيرًا وقريبًا.
وقد وضع الحَسَن ابن الهَيْثَم مُؤلفاتٍ عديدة، ولكن للأسف ضاع قسمٌ كبيرٌ منها ولم يٍصلنا إلاَّ قسمٌ منها، ومِن أشهر مؤلفاته "كتاب المَنَاظِر"، وقد تُرجِم هذا الكتاب إلى اللغة الَّلاتينية وطُبِعَ عام 1572 م، وكان له، ولغيره مِن كُتب بن الهيثَم، وكُتب غيره مِن العلماء والفلاسفة العرب، دورٌ كبير في تثقيف أوروبا حينما كانت تعصف بها عواصف الأوهام وزوابع الجهل في العصور الوسطى. على الترجمة اللاتينية لهذا الكتاب أُطلق الاسم التالي:
"الكنزُ البَصِرِيُّ: الكتبُ السَّبعةُ للحَسَنِ العربيِّ، تُنشرُ للمرةِ الأُولى: كتابُ الشَّفَقِ وكتابُ صُعُودِ الغُيُومِ".
وما دُمنا في الحديث عن الحَسَن بن الهَيْثَم، فنُضيف ونقول أن مُحَرِّك البحث التابع ﻟﭽُوْﭽِِل احتفل بتاريخ 1.7.2013 بمرور 1048 عاماً على ميلاده، أَي ميلاد بن الهَيثَم، أما منظمة اليُونيسكو فأَطلقت على السنة الحالية الجارية، سنة 2015، اسم "السنة الدولية للضِّياء"، وذلك بمناسبة مرور 1000 عام على تأليف بن الهَيْثَم كتاب "المَنَاظِر"، وكذلك مِن أَجل تخليد ذكرى مُؤلِّفه، واحترامًا وتقديرًا لأبحاثه الرائدة في مجال الضوء وعلم البصريات، وسائر العلوم. وأَقامت هذه المنظمة ندواتٍ خلال الفترة المحصورة بين التاريخين 18 و 25 مِن شهر أيلول هذا العام، عام 2015، في مقرها بباريس، عُرِضَتْ خلالها انجازات هذا العالِم العربي الكبير في تلك المجالات العلمية.
• الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة (Oculomotor Convergence Micropsia)، وظهور قرص البدر صغيرًا وبعيدًا وهو في كَبِدِ السَّماء
الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة هي وهمٌ يسبِّب ظهور الاشياء أصغر مما هي في الواقع، وقد تنشأ هذه الحالة عن خللٍ طبِّيٍّ في العين، يؤدي إلى ضررٍ في البُقعة الصَّفراء بشبكيَّة العين، تلك البُقعة المعروفة بالاسم "البُقعة الشَّبكيَّة" (Macula Retinae)، أو عن جرح في الدماغ، أو عن بعض الأمراض، كالصَّرع والصُّداع، وعن تعاطي المخدرات، وغير ذلك، وقد تنشأُ أيضا عن عوامل نفسانية، وهي تنشأُ أيضا بشكل طبيعي عندما ننظر إلى هدفٍ معين، ولكن العينينِ تتركَّزانِ على مسافة أقصر مِن المسافة المطلوبة لرؤية هذا الهدف حسب "قانون إِيمِيرْت" (Emmert's Law)، وهذا القانون يقول أن حجم "الصورة التِّلْوِيَّة" (After Image) يزداد مع ازدياد المسافة بين الهدف الذي ننظر إليه والموضع الذي يتم إسقاط "الصورة التِّلْوِيَّة" الخاصة بذلك الهدف عليه، و"الصورة التِّلْوِيَّة" هي الصورة البصرية التي تبقى في الذاكرة بعد زوال المُحَفِّز الذي سبَّبَها، ويقول مُؤيِّدو هذه النظرية أنها السبب في ظاهرة "وَهْم القمر"، كما سوف نوضِّح فيما يلي.
استنادًا إلى مبدأ الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة فإن الدماغ يعرف من خبراته السابقة أن القمر يكون بعيدًا حينما يكون في الأُفق، وذلك لأن الدماغ يعلم أن الأفق نفسه بعيد، ومِن هُنا يظهر القمر في هذه الحالة بحجمه الصحيح، أما عندما يرتفع القمر ويصبح في كبد السماء، وفي هذه الحالة لا تتواجد أجسام بينه وبين المُشاهِد، فإن العينينِ تتركَّزانِ على مسافة قصيرة جدا، أقصر بكثير مِن المسافة الحقيقية بينهما وبين قرص القمر، ولذا فأن قرص القمر يبدو صغيرًا، وأصغر مِن حجمه الصحيح، وبعبارةٍ أُخرى، فإن الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة لا تُعلِّل سبب ظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، وإنما تُعلِّل سبب ظهور قرصه صغيرًا وبعيدًا وهو فوق رأس المُشاهِد، وفي وسط السَّماء.
وهنالك وهمٌ آخر مُعاكس لِوَهم الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة، وهو وهم الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة (Oculomotor Macropsia)، الذي يُعرفُ أيضا باسم "مُتَلازِمَة أَلِيْس في بلاد العجائِب"(Alice in Wonderland Syndrome)، لكثرة وجود أعراض هذا الوهم في رواية "مُغامرات أَلِيْس في بلاد العجائِب" (Alice's Adventures in Wonderland)، للكاتب الاﻧﭽليزي لويس كارُول (Lewis Carroll) مِن عام 1865. في هذه الرواية ترى البطلة تغيراً في أشكال وأحجام العديد مِن الأشياء.
هذا الوهم يسبِّب رؤية الأشياء أكبر مما هي في الواقع، وكالرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة، قد ينشأُ هذا الوهم عن خللٍ طبِّيٍّ في العين، أو عن جرح في الدماغ، أو عن بعض الأمراض، كالصَّرع والصُّداع، أو عن تأثير بعض أنواع اﻟﭬيرُوسات، وعن تعاطي المخدرات، وغير ذلك، وقد ينشأُ أيضا عن عوامل نفسانية، وهناك مِن الخُبراء مَن يقول أن ظاهرة ظهور قرص القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، كبيرًا وقريبًا يعود إلى هذا الوهم، ولكننا نستبعد أن تكون الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة السبب الرئيسي لتلك الظاهرة، وذلك لأن قرص القمر، وهو بدرٌ وفي الأُفق، يبدو كبيرًا وقريبًا لغالبية الناس، وليس فقط لأُولئك الذين يُعانُون مِن وهم الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة.
ظواهر طبيعية أُخرى متعلقة بالقمر
☻القمر البُرتقاليُّ أو الأحمر
يظهر القمر، خصوصًا وهو بدرٌ وفي الأُفق، بلونٍ بُرتُقاليٍّ بارزٍ مائل إلى الحُمرة، هذه الظاهرة ليست خدعة بصرية، وإنما حقيقة علمية، وسببها معروف تمامًا، وهي تحصل عادةً وقت شُرُوق القمر أو غُرُوبه، فنحن عندما ننظر إلى القمر في كلتا الحالتين، فإنما ننظر إليه بشكلٍ جانبي، أي وهو في الأفق، فيصلنا ضوؤه، وهو ضوء الشمس الساقط على سطحه والمُنعكس مِنه، بعد أن يمر في طبقة عرضيَّة سميكة مِن الهواء الجوي، والهواء مليءٌ عادة بالغبار، وأحيانًا بالمُلوِّثات أيضا، وحبيبات الغبار والمُلوِّثات هذه تُشتِّت مِن أمواج الضوء المُتواجدة في الطيف المُنبعث مِن القمر، تلك التي تمتاز بقصرها وبذبذباتها المرتفعة، خصوصًا أمواج الَّلونين الأزرق والأخضر، أما أمواج اللونين البًرتقالي والأحمر، التي تمتاز بطولها الكبير وبذبذباتها المُنخفضة، فلا تتشَّت كثيرًا، ومعظمها يمر في الغلاف الجوي للأرض مِن دون أن يتشتَّت ويصل إلى أعيُننا، وهذه الأمواج هي التي تُكسب القمر مظهره البُرتقالي أو الأحمر، عند شُرُوقه أو غُرُوبه. أَما عندما ننظر إلى قرص القمر وهو في وسط السماء، فإنما ننظر إليه بشكلٍ شبه عمودي، فيصلنا ضوؤه عبر طبقةٍ رقيقة مِن الهواء، فيظهر لنا بلون أبيض أو بلون قريبٍ مِن الأبيض، وذلك لأن تشتُّت الأمواج القصيرة المتواجدة في طيف ضوئه يكون قليلًا. ظاهرة الاحمرار وقت الشُّروق ووقت الغُروب معروفة أيضا في قُرص الشمس أيضا، وترجع لنفس السبب.
☻القمر حينما يكون بدرًا قد يُسبِّب اضطراباتٍ في النوم لدى بعض الناس
أُناس كثيرون يُعانون مِن اضطراباتٍ في النوم حينما يكون بدرًا، وهذه الاضطرابات تظهر في تأخُّرٍ في ميعاد نومهم، وفي تقصير مدَّة النوم، خصوصًا مدَّة النوم العميق، وفي انخفاض في إفراز هُورْمُون المِيْلاتُونِيْن (Melatonin Hormone, C13H16N2O2)، وهو الهُورْمُون المسؤول عن عملية تنظيم دورة النوم والصَّحو، وقد أظهرت الأبحاث أن هذه الأمور تحصل حتى لو لم يَرَ النائمونَ البدر مِن موضع نومِهِم، وحتى لو لم يَدْرُوا مطلقًا أن القمر موجودٌ في طور البدر. سبب هذه الظاهرة غير معروف تمامًا، هنالك نظريات بهذا الشأن، ولكنها لا تعطي جوابًا واحدًا شافيًا.
☻طُول مدة الدورة الشهرية عند بعض النساء قد يكون مُساويًا لطُول مدة الشهر القمري الشمسي
طُول مدة الدورة الشهرية النسويَّة يتراوح بين 21 و 35 يومًا لدى البالِغات، وبين 21 و 45 يومًا لدى الفتيات الصغار، ومعدل طُول هذه المدة هو 28 يومًا تقريبًا، وهذا الرقم مُساوٍ لمعدل طول الشهر القمري، وبالرَّغم مِن أن غالبية الأبحاث تثبت أن لا علاقة بين طُول مدة الدورة الشهرية النسويَّة وطُول الشهر القمري، وأن كل تشابه بينهما ناتجٌ عن عامل الصُّدفة، إلا بحثًا حديثًا أثبت أن طُول مدة الدورة الشهرية عند بعض النساء هو 29.5 يومًا تقريبًا، وهذه المدة هي نفس طُول مدة الشهر القمري الشمسي Lunar Synodic Month )
) وهي كما ذكرنا سابقًا، 29.531 يومًا تقريبًا، والشهر القمري الشمسي هو المدة التي يستغرقها القمر لإنهاء دورة واحدة حول الأرض، بين مُحاقَيْنِ مُتتالينِ له.
☻القمر هو المسبِّب الأساسي لظاهرتيِ المدِّ والجَزْر، وهاتانِ الظاهرتانِ تحصلانِ في سطح الأرض المائي واليابس على حدٍّ سَواء
المدُّ هو ارتفاع أسطح المُجَمَّعات المائية الموجودة على سطح الأرض، خصوصًا المُجَمَّعات المائية الكبيرة، كالمحيطات والبحار، والجَزْر هو انخفاض أسطح تلك المُجَمَّعات المائية. جاذبية القمر والشمس للأرض هي المسبب لهاتينِ الظاهرتين، ولكن تأثير جاذبية القمر أكبر بكثيرٍ من تأثير جاذبية الشمس في هذا المجال، وذلك على الرغم مِن أن كتلة الشمس أكبر بكثيرٍ مِن كتلة القمر، ومرجع ذلك إلى بُعدها الهائل عن الأرض بالمقارنة مع بُعد القمر عن الأرض، فمقدار الجاذبية بين أيِّ جسمينِ، طبقًا لقانون الجاذبية العام لإسْحَق نْيُوتُون، يتناسب تناسبًا عكسيًّا مع مُرَبَّع المسافة بينهما. ومِن المهم أن نذكر هُنا أن المدَّ والجَزْر يحصلان في الماء وفي اليابسة على حدٍّ سَواء، فسطح البحر يرتفع وقت المدِّ، خصوصًا حينما يكون القمر بدرًا أو مُحاقًا فوقه، وكذلك سطح الأرض اليابس، ولكن ظاهرتي المدِّ والجَزْر تكونان واضحتين وبارزتين في الأجسام المائية الكبيرة بشكلٍ خاص، فقد يصل ارتفاع سطح الماء فوق هذه الأجسام إلى عدد مِن الأمتار، وهذا الأمر يتعلق بمقدار عُمق المُجَمَّع المائي، وشكل قعره، وعُمق الشاطئ، وشكله، وأعماق الخلجان وأشكالها، إذا تواجدت خلجان على طول الشاطئ، أما فوق اليابسة فأقصى حدٍ للمدِّ في صخور سطح الأرض فلا يتجاوز عادة 30 سنتمترًا، وهذا الانتفاخ في صخور وجه الأرض قد يًوَلِّدُ حركاتٍ للماغما في باطن الأرض، والماغما هي الصخور المصهورة، وقد يًوَلِّدُ أيضا انفجاراتٍ بركانية، خصوصا في البراكين الفعالة. ظاهرتا المدِّ والجَزْر تنتقلان بشكلٍ دائمٍ مِن موضع لآخر على سطح الأرض، مع تغيُّر موضع القمر والشمس بالنسبة للأرض.
جاذبية الأرض للقمر تسبِّب انتفاخًا أو مدًّا في صخور سطحه، وقد يصل ارتفاع المدِّ في تلك الصخور إلى 55 سنتمترًا، وهي تسبِّب أيضا شُقوقًا في تلك الصخور، وتوسيعاتٍ في الشُّقوق الموجودة في سطحه، وهنالك ما لا يقلُّ عن 3,000 شقٍّ في صخور سطح القمر تكوَّنت بسبب جذب الأرض للقمر. ونظرًا لأن القمر يعرض دائما نفس الوجه للأرض، فظاهرة المدِّ في سطحه تبقى دائما في نفس الموقع مِن ذلك السطح.
☾مواعيد اكتمال القمر لما تبقَّى مِن عام 2015، ولعام 2016
فيما يلي مواعيد اكتمال القمر، أي مواعيد ظهوره بدرًا، في البلاد، ابتداءً من الشهر الحالي (تشرين الثاني)، وحتى نهاية هذا العام (عام 2015)، وكذلك لعام 2016، نقدمها لِمَن يريد أن يتابع الظاهرة التي نتحدث عنها، أي ظاهرة "وَهْم القمر":
عام 2015
☾ 26 تشرين الثاني، الساعة الثانية عشرة ليلاً وأربع وأربعين دقيقة.
☾ 25 كانون الأول، الساعة الواحدة واحدى عشرة دقيقة بعد الظهر.
عام 2016
☾ 24 كانون الثاني، الساعة الثالثة وستٌّ وأربعون دقيقة صباحًا.
☾ 22 شباط، الساعة الثامنة وعشرون دقيقة مساءً.
☾ 23 آذار، الساعة الثانية ودقيقة واحدة بعد الظهر.
☾ 22 نيسان، الساعة الثامنة وخمس وعشرون دقيقة صباحًا.
☾ 22 أيَّار، الساعة الثانية عشرة وست عشرة دقيقة بعد مُنتصف الليل.
☾ 20 حزيران، الساعة الثانية وأربع دقائق بعد الظهر.
☾ 20 تموز، الساعة الواحدة وتسعٌ وخمسون دقيقة بعد مُنتصف الليل.
☾ 18 آب، الساعة الثانية عشرة وتسع وعشرون دقيقة ظهرًا.
☾ 16 أيلول، الساعة العاشرة وسبع دقائق ليلًا.
☾ 16 تشرين الأول، الساعة السابعة وخمس وعشرون دقيقة صباحًا.
☾ 14 تشرين الثاني، الساعة الثالثة وثلاثٌ وخمسون دقيقة بعد الظهر.
☾ 14 كانون الأول، الساعة الثانية وست دقائق صباحًا.
القمر - معلوماتٌ أَساسيَّة
ومِن أَجل إِكمال الصُّورة نقدِّم فيما يلي بعض المعلومات الأساسية عن القمر:
أعمار الصخور: مِن 3.16 مليارد عام (الصخور البازلتية الموجودة في المناطق المُنبسطة المعروفة ﺒ "البحار القمريَّة" (Lunar Maria)، إلى 5.3 مليارد سنة (صخور المرتفعات القمريَّة). أحدث الانفجارات البركانية حصلت قبل 1.2 مليارد سنة تقريبًا.
الكتلة: 7.3477x1022. كيلوغرام (أي ما يُعادل 0.012300 مِن مقدار كتلة الأرض)
الحجم:2.1958x1022. كيومترًا مكعبًا (أي ما يُعادل 0.020 مِن مقدار حجم الأرض)
معدَّل الكثافة: 3.3464 غرام لكل سنتمتر مكعب (أي ما يُعادل 0.606 مِن مقدار معدَّل كثافة الأرض)
مقدار الجاذبية: 1.622 متر في الثانية في الثانية (أي ما يُعادل 0.1654 مِن مقدار الجاذبية الأرضية)
سرعة الإفلات (السرعة المطلوبة لجسم معين كي يخرج نهائيًا مِن نطاق جاذبية القمر): 2.38 كيلومترًا في الثانية (بالمُقارنة مع 12.2 كيلومترًا في الثانية، سرعة الإفلات من كوكب الأرض)
معدَّل طول نصف القُطر: 1737.10 كيلومترًا
طول نصف القُطر الاستوائي: 1738.14 كيلومترًا
طول نصف القُطر القطبي: 1735.97 كيلومترًا
معدَّل البُعد عن الأرض: 384,399 كيلومترًا
البُعد عن الشمس عندما يكون القمر في الحضيض (أي عندما في أَقرب نقطة له خلال دورانه حول الشمس): 356,400. 3704 كيلومترًا
البُعد عن الشمس عندما يكون القمر في الأَوج (أي عندما في أَبعد نقطة له خلال دورانه حول الشمس): 404,000. 4067 كيلومترًا
مقدار شُذوذ المحور: 0.0549
معدَّل سرعة الدوران حول الأرض: 1.022 كيلومترًا في الثانية
مقدار ميل زاوية المحور عن مستوى الدوران: 1.5424 درجة
مقدار ميل زاوية مداره حول الأرض عن ميل زاوية مدار الأرض حول الشمس: 5.145 درجة
درجة حرارة السطح: من +121.11 درجة مئوية في النهار، إلى - 156.67 درجة مئوية في الليل، تقريبًا
كتلة الغلاف الجوي: 2,500 طن تقريبًا
التركيب الكيماوي للغلاف الجوي (عدد الجزيئات للمتر المكعب الواحد خلال الليل، أرقام تقريبية):
غاز الهِيليوم (النظير 4): 40,000
غاز النِّيُون (النظير 20): 40,000
غاز النِّيُون (النظير 22): 5,000
غاز الهيدروجين: 35,000
غاز الأَرغُون (النظير 40): 30,000
غاز الأَرغُون (النظير 36): 2,000
غاز المِيْثان: 1,000
غاز الأَمُوْنْيا: 1,000
غاز ثاني أُوكسيد الكربون: 1,000
وهنالك أيضا قليلاً جدا من غاز الأُوكسيجين، وبعض مركبات الألومنيوم والسيليكون، وربما أيضا بعض مركبات الفوسفور والصوديوم والماغنيسيوم.
دورة القمر حول الأرض
نحن نقول أَن القمر يدور حول الأرض، ولكن الأَصحَّ أَن نقول أَن القمر يدور حول مركز الثِّقل المُشترك بينه وبين الأَرض (Earth – Moon Barycenter)، وهذا المركز يقع بداخل الأَرض على بُعد 4,671 كيلومترًا من مركزها، القمر يدور حول هذا المركز، أَما الأَرض، ألأَثقل بكثيرٍ مِن القمر، فتترجرج حول هذا المركز.
القمر ينهي دورة واحدة حول الأَرض، أَو كما ذكرنا، حول مركز الثِّقل المُشترك بينه وبين الأَرض، بالنسبة للنجوم البعيدة التي نقول عنها أَنها "ثابتة" (وهي عمليًا ليست كذلك !) مرَّة كل 27.322 يوم تقريبًا (27 يوماً و 7 ساعات و43 دقيقة و 11.87 ثانية)، وعلى هذا الشهر القمري يُطلقُ اسم "الشهر القمري النَّجمي" (Lunar Sidereal Month)، أما بالنسبة للشمس فهو ينهي دورة واحدة مرَّة كل 29.531 يوم تقريبًا (29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و 3 ثوان)، وعلى هذا الشهر القمري يُطلقُ اسم "الشهر القمري الشَّمسي"
Synodic Month) (Lunar .
القمر يدور في مدار إهليلجي حول مركز الثقل المُشترك بينه وبين الأرض، تماما كما تدور الكواكب السيارة حول مراكز الثقل المُشتركة بينها وبين الشمس، ودورة القمر حول الأرض، مثل دورات الكواكب السيارة حول الشمس، تخضع للقوانين الثلاثة التي تحكم حركات الأجرام السماوية التي تدور حول بعضها، وهذه القوانين هي "قوانين ﮐِﭘْﻟِر" لحركة الكواكب السيارة.
Kepler's Laws of Planetary Motion)). وبسبب إهليلجيَّة مدار القمر حول الأرض، فأحيانا يكون قريبًا منها، وهذا الوضع يُعرف ﺒ "الحَضِيض" (Perigee)، وأحيانا أخرى يكون بعيدًا عنها، وهذا الوضع يُعرف ﺒ "ألأَوْج" (Apogee)، ومن هُنا ينتج أن القمر عندما يكوب بدرًا، وفي الحَضِيض أيضا، يكون قُرصه وهو في الأُفق كبيرًا، وأكبر بكثير عندما يكون وهو في الأَوْج، وهاتانِ الظاهرتانِ ليستا وهمًا مِن الأوهام، وإنما هُما حقيقتانِ علميتانِ.
وفيما يلي فيلمٌ قصير يوضِّح ظاهرة وَهْم القمر (بالاﻧﭽليزية):
فإِنَّ القمر حينما يكون بدرًا، وفي الأُفق، يبدو لك كبيرًا وقريبًا منك، بالرغم مِن أنه يكون بعيدًا عنك، ويبدو لك صغيرًا وبعيدًا عنك، بعد أَن يرتفع ويُصبح في كَبِدِ السَّماء، بالرغم مِن أنه يكون عندها قريبًا منك ...
حجم القمر ومساحة قرصه لا يتغيَّرانِ مع الانتقال من حالة لأُخرى في كلتا الحالتين المذكورتين، وما تراه عيناك من تغيُّرٍ في حجمه، أَو في طولِ قُطره، أَو في مساحةِ قرصه، ليس سوى خداعًا بصريًّا، فالدِّماغُ لا يقتنعُ بما تراهُ العينانِ، ويُصِرُّ، خطأً، أَنَّ أَحد القُرصَيْنِ أَكبر مِنَ الآخر ... لهذا الوهم، أو الخداع، لا يوجد شرح واحدٌ مُقنع !
هذه الظاهرة الطبيعية الغريبة، التي تُعرف بالعربية بالاسم "وَهْم القمر"، وبالعبرية بالاسم "אַשְׁלָיית הַירֵחַ"، وبالاﻧﭽليزية بالاسم Moon Illusion""، معروفةٌ منذ فجر الحضارة البشرية، فأوَّل ذكرٍ لها موجودٌ على لوحٍ خزفيٍّ يرجع إلى فترة حُكم الملك البابلي آشُور ﺒَﻧﯧﭘﺎل668 – 627) قبل الميلاد).
عندما ننظر إلى القمر وهو بدر، ولا يهم إِذا كان في الأُفق أَو إِذا كان في وسط السماء، فإن الأَشعة المُنبعثة منه تتداخل في العين وتُكَوِّن في قسمها الخلفي، أَي في الشَّبكيَّة، في كلا الحالتين، قرصين قُطْرُ الواحد منهما هو 0.15 ملمتر تقريبًا، أي أَنها تُكَوِّن قرصين متساويَيِ المساحة، ولكن الدماغ يُصِرُّ، خطاً، أَن أحد هذين القرصين أَكبر مِن الآخر، فهو يُصِرُّ أَن قرص البدر وهو في الأُفق أَكبر مِن قرصه وهو في كَبِدِ السَّماء ...
هذه الظاهرة ليست مقصورة على طور البدر وحده، فهي تحصل في كل أطوار القمر، ولكنها تكون بارزة للعيان وأوضح ما تكون، حينما يكون القمر في طور البدر. وهي ليست مقصورة على القمر وحده، فهي تحصل أَيضا في النجوم والمجموعات النجمية، ولكن بسبب الأبعاد الظاهريَّة الصغيرة للنجوم، وهذه الأبعاد الصغيرة ناتجة عن المسافات الهائلة التي تفصل بيننا وبين تلك النجوم، فأن التضخُّم في أحجامها حينما تكون في الأفق، والتناقص في أحجامها حينما ترتفع وتصبح في وسط قبة السماء، لا تكون بارزة بالقدر الكافي للتمييز بينها. وهي تحصل أَيضا في الشمس، فقرص الشمس يبدو كبيرًا وقت الشُّروق وكذلك وقت الغُروب، وصغيرًا عندما تكون الشمس في كبد السماء، ولكن لأن النظر إِلى الشمس يتلف النظر، وقد يُؤدي إِلى العمى، فينبغي عدم النظر إليه مطلقًا، مِن أجل التأكد مِن هذه الظاهرة، أو مِن أجل أي هدف آخر، بدون وقاية للعينين !
علماء وفلاسفة كبار، كبَطْلَيْمُوس، وأَرِسْطُو، والحَسَنِ ابن الهيثم، ورُوْجر بِيْكُون، وليُونارْدو دا ﭬِنْشِي، ويُوهانِّس ﮐِﭘْلر، ورِيْنِيه ديكارْت، ومارِين مَرْسِين، وكْرِيسْتيان ﮪِﯧﭽْينْز، ولِيُونارْد أُويْلِر، والكْسانْدِر فون هُومْبولْت، وهِرْمان فُوْن هِلمْهُولْتس، وآرْتُور شُوْﭘنْهاوِر، وتُوماس هَكْسْلِي الثاني، وكثيرون غيرهم، بحثوا هذه الظاهرة. هنالك نظريات، وهنالك أَفكار، وتوجد آلاف المقالات العلمية، وعشرات الكتب بمُختلف اللغات، تبحث في هذه الظاهرة، ولكن لغاية الآن لا يوجد اتِّفاق على رأي واحد أَو نظرية واحدة أو فكرة واحدة بشأن كيفية حدوثها !
هنالك مَن يقول أَن تفسير هذه الظاهرة ينبغي أَن يكون تفسيرًا فيزيائيًّا، وهنالك مَن يقول أَن تفسيرها ينبغي أَن يكون تفسيرًا نفسانيًّا، وهنالك مَن يقول أَن تفسيرها يجب أَن يعتمد على الفيزياء وعلى علم النفس في آن واحد !
نحن نقول أن القمر عندما يكون في الأُفق يكون بعيدًا عنا، وعندما يرتفع ويصبح في وسط السَّماء يكون أَقرب إلينا، ومرجع ذلك أنه عندما يكون القمر في الأُفق تفصل بيننا وبينه مسافة إضافية على المسافة التي يبعدُها عن الأرض، وهذه المسافة الإضافيَّة هي نصف قُطر الأرض، ومقداره 6,378 كيلومترًا، أما حينما يكون القمر في وسط السماء فلا يفصلنا عنه إلا مقدارُ بُعدِهِ عن الأرض، وهو384,399 كيلومترًا بالمُعدَّل، وهذه المسافة، كما هو واضح، أَطول بكثير مِن نصف قطر الأَرض.
تُريد أَن تتأَكَّد أَن الحجم الكبير للقمر عندما يكون في الأُفق ليس سوى خداعًا بصريًا ؟
إِذا أَجْرِ واحدةً من التجارب البسيطة التالية، أَوِ اجْرِها كلَّها !
☺ عندما يكون القمر في الأُفق، أَي عندما يبدو لك كبيرًا وأَنت تنظر إليه بشكل عادي، أَي عندما تكون عيناك متجهتين إلى الأَمام إليه، أَدِرْ ظهرك له، وافتح ساقيك وانظر إليه عبرهما، أَي انظر إليه مِن الخلف. سوف ترى أن القرص الكبير اختفى وحلَّ محله قرص عادي !إِذا أَجْرِ واحدةً من التجارب البسيطة التالية، أَوِ اجْرِها كلَّها !
☺ خذ مسطرة، أَو متر قياس، ومدّ ذراعك إلى الأَمام قدر ما تستطيع، وقِسْ قطر قرص القمر وهو في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، وسجِل النتيجة، ثم اجْرِ نفس التجربة عندما يكون القمر قد أَصبح في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا، وسجِّل النتيجة. قارن بين النتيجتين. سوف ترى طول قطر القمر لم يتغير !
☺ خذ قطعة كرتون بطول 30 – 50 سنتمترًا، ولفَّها واعمل منها أُنبوبًا مفتوح الطرفين، ووجِّه الأُنبوب نحو قرص القمر عندما يكون في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، واجعل مساحة فتحة الأُنبوب مساوية تمامًا لمساحة قرص القمر، ثم ثبِّت الأُنبوب وهو في هذا الوضع بورق لاصق، ثم انظر عبر الأُنبوب نفسه إلى القمر عندما يصبح في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا. سوف ترى أَن مساحة قرص القمر لم تتغير !
☺ التقط صورة للقمر وهو في الأُفق، أي عندما يبدو لك كبيرًا، والتقط له صورة أُخرى عندما يكون في وسط السماء، أي عندما يبدو لك صغيرًا. قارن بين الصورتين، سوف ترى أَن مساحة قرص القمر لم تتغير !
أَفكارٌ، ونظرياتٌ، وأسبابٌ مُمكنة لهذا الوهم ...
• رأي بطليمُوس ورأي أَرسطو: تكبيرٌ ناتجٌ عن تشتُّت ضوء القمر بسبب اصطدامه بالغبار الجوي
بطليْموس (القرن الثاني الميلادي) وأَرسطو (القرن الرابع الميلادي) مِن بعده كانا أَول من علل هذه الظاهرة، وطبقا لتعليلهما يبدو القمر كبيرًا وهو في الأُفق بسبب تكبيرٍ يطرأ على قرصه كنتيجةٍ لانكسار وتشتت الضوء المنبعث مِنه، في أَعقاب اصطدامه بالجُسيمات الصلبة، كحبيبات الغبار، الموجودة في الغلاف الجوي للأرض، وأَصل الضوء المُنبعث مِن القمر، كما هو معروف، هو الضوء الساقط عليه مِن الشمس. بمعنى آخر، يقوم الغلاف الجوي للأرض، طبقًا لبطليمُوس وأَرسطو، بوظيفة العدسة المُكَبِّرة، ولكن الأبحاث أَثبتت أَن الأمر ليس كذلك، فتشتت الضوء المنبعث من القمر بسبب اصطدامه بالغبار الجوي لا يسبب تكبيرًا وتضخيمًا في قرص القمر، وإنما بالعكس تماما، فهو يسبب تصغيرًا له وانكماشًا في مساحته ...
• خداع ﭘونْزُو ((Ponzo Illusion وظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا وهو في الأُفق
هنالك مَن يقول أَن مصدر تضخم قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، هو ما يُعرف في علم النفس ﺒ "خداع أَو وَهْم ﭘونْزُو" (Ponzo Illusion)، المنسوب إلى عالم النفس الإيطالي "مارْيُو ﭘُونْزُو" Mario Ponzo, 1882 - 1960)). وهذا الخداع، أَو الوهم، هو أَحد الأَخدعة البصريَّة المشهورة. ومن أَجل فهم هذا الخداع البصري نضرب المثلين التاليين:
■ خطَّانِ أُفقيانِ مُتوازيان ومُتساويا الطول ومرسومان عموديًا على خطَّين عموديين ومتوازيين آخرينِ مرسومين على صفيحة، ولكنهما مرسومين وكأنهما يقتربانِ الواحد مِن الآخر أو يتداخلانِ الواحد في الآخر مع الابتعاد عن بدايتهما، يبدوانِ، أَي الخطَّانِ الأُفقيانِ المُتساويا الطول، طبقًا ﻟ "خداع أَو وَهْم ﭘونْزُو"، وكأن الواحد منهما أَطول مِن الآخر ... الخط الأَمامي، أي الخط المرسوم عند رأس الصفيحة، يبدو وكأنه أَطول مِن الخط الخلفي، أَي مِن الخط المرسوم قُرب قاعدتها ... هذا الخداع البصري اكتشفه "مارْيُو ﭘونْزُو" عام 1913. ومرجع هذا الوهم أَو الخداع البصري إلى أَن الدماغ يستنتج أَن الخطَّ الأَمامي الأُفقي هو بعيد عن الناظر، لأَنه يبتعد عن النظر، ولذا فهو يقرِّر أَنَّ هذا الخط يجب أَن يكون طويلاً كي يظهر بنفس طول الخط الأُفقي الخلفي، فيكبِّرُهُ ويُضخِّمُهُ، ولكن أَكثر مما ينبغي.
■ عارضتانِ مُتساويتا الطول موضوعتانِ عموديًا على خط سكة حديد طويل ومستقيم، الواحدة موضوعة أَمام الأُخرى وبعيدًا عنها، لا تظهرانِ للناظر إِليهما بنفس الطول، حينما يقف على خط السكة، ويوجِّه نظره عموديا عليهما. في وضع كهذا يبدو لهذا الناظر أَن العارضة الأَمامية، أَي تلك البعيدة عنه، أَطول مِن العارضة الخلفية، أَي تلك القريبة منه.
الذين ينسبون ظاهرة وهم القمر إِلى هذا الخداع البصري يقولون أَن القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، يبدو لنا كبيرًا وقريبًا، تمامًا كما تبدو لنا العارضة الموضوعة على خط السكة الحديدية، والبعيدة عن الناظر، أَطول وأَكبر مِن العارضة الموضوعة على خط السكة الحديدية قريبًا منه.
• خداع إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس (Ebbinghaus Illusion) وظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا وهو في الأُفق
وهنالك أيضا مَن يقول أَن مصدر تضخم قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، هو ما يُعرف في علم النَّفس ﺒ "خداع أَو وَهْم إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس" (Ebbinghaus Illusion)، وهو أيضا خداع بصريٌّ مشهور، ويُؤثِّر في مجال تقدير وإِدراك حجوم الأشياء، وهو منسوبٌ إِلى عالم النفس الألماني "هِرْمان إِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس" (Hermann Ebbinghaus, 1850 - 1909).
يُعبَّر عن هذا الوهم عادة بدائرتينِ مُتساويتيِ المساحة مرسومتينِ الواحدة بجانب الأُخرى، ولكن الأُولى منهما محاطة بدوائر أَصغر منها، أَما الأُخرى فمُحاطة بدوائر أَكبر منها، في هذه الحالة يُخالُ للناظر، خطاً بالطبع، أَن الدائرة المُحاطة بالدوائر الصغيرة أَكبر من الدائرة المُحاطة بالدوائر الكبيرة.
الذين ينسبون ظاهرة وهم القمر إِلى هذا الخداع البصري يقولون أَن القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، يبدو كبيرًا وقريبًا، لأَننا نراه على خلفية معالم طبيعية مألوفة في سطح الأرض، كالجبال والتلال والأشجار والبيوت، ونحن نعلم سلفًا أَنها صغيرة الحجم والأبعاد، وبالطبع صغيرة الحجم جدًا بالنسبة للقمر البعيد، ولذا فإن الدماغ يُضخِّم صورة القمر وحجمه عندما يُقارن بين حجمه وحجوم هذه المعالم الصغيرة القريبة.
وهنالك مَن يرفض هذين الخداعَيْن سببًا لظاهرة "وَهْم القمر"، وهذا الرفض يستند، وبحق، إلى الحقيقة التي تقول أَن القرص الكبير للقمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، لا يختفي مطلقا عندما يُنْظَرُ إِليه مِن الطائرات التي تُحَلِّق عاليًا في السماء، أو مِن السُّفُن التي تمخر في عباب البحار والمحيطات، حينما لا تتواجد أجسامٌ أَرضيَّةٌ في الأُفق، قد تكون وراء هذه الظاهرة، كما يدَّعي مُؤيِّدو خِدَاعَي ﭘونْزُو وإِﺒﯧﻧْﭽْﮭﺎوْس، كسببٍ لها.
• رأي الحَسَنِ بن الهَيْثَم: التضخم في قرص القمر وهو بدرٌ، وفي الأُفق، ثم التناقص في حجمه عندما يرتفع ويصبح في كَبِدِ السَّماء، يعودانِ إلى عواملَ إدراكيَّة ونفسانية
أَما الحَسَنُ بن الهَيْثَم (965 – 1040 م)، العالِم العربي الشهير، ومِن كبار علماء الرياضيات والهندسة والفيزياء والفلك وطب العُيون وعلم النفس، ومؤسس علم البصريات، والمعروف لدى الغربيين بالاسمين Alhacen و Alhazen، فكان له رأي آخر لا يزال مقبولا حتى اليوم، مع أَنه لا يحل المُعضلة تمامًا. ابن الهَيْثَم يقول أن تشتُّت وانكسار الضوء المُنبعث من القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، في الغلاف الجوي للأرض، يسبب تصغيرًا في حجمه وليس تضخيمًا وتكبيرًا، كما كان يقول كل الذين سبقوه، وعلى رأسهم بطليمُوس وأَرسطو، وقوله هذا هو القول الصحيح. وهو أول مَن قال أَننا نرى الأشياء ليس عن طريق إشعاعاتٍ تخرج مِن العين إلى تلك الأشياء، وإِنما عن طريق الإشعاعات التي تخرج مِن الأشياء نفسها وتدخل إلى العين، ثم إِلى الدماغ الذي يستوعبها ويفهمها ويفسرها، وهذا هو القول الصائب. وابنُ الهيثَم أَيضا أول مَن قال أن هذه ظاهرة التضخم في قرص القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، والتناقص الذي يعقبه عندما يصبح في وسط السماء، ترجع إِلى أسباب إدراكيَّة ونفسانية، فهو يقول أن تعيين المسافة بين الناظر وشيء معيَّن يعتمد على تواجد سلسلة متواصلة مِن الأشياء بين الناظر وبين هذا الشيء، وهكذا عندما يكون القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، تتواجد بينه وبين الناظر إليه أشياء كثيرة مرئيَّة على سطح الأرض تجعل الدماغ يُقرِّر أن المسافة بين صاحبه وبين القمر كبيرة، وأن البدر بعيدٌ عنه، ولذا فإن الدماغ يُكبِّر صورة القمر ويُضخِّمها، أَما عندما يكون البدر في وسط السماء، فلا تتواجد بينه وبين الناظر أشياء مرئيَّة مِن أي نوع كان، ولذا فإن الدماغ يقرر أنه قريب، ومِن هنا لا تكون حاجة عنده لتضخيم قرصه، فيبدو صغيرًا. وبناءً على هذا الأساس نفسه، فعندما تنظرُ إلى طائِرينِ من نفس النوع وبنفس الحجم، يطيران في السَّماء، الأول على بُعد أُفُقِيٍّ معين من ناظريك، والثاني عل نفس البُعد، ولكن عموديًا فوق رأسك، فإنك ترى الطائر الذي يطير أمامَك في الأفق أبعد مِن الطائر الذي يطير فوق رأسك. والحَسَن ابن الهيثَم يتبنَّى في رأيه هذا رأي عالم الفلك الإغريقي كْلِيُومِيدِس (Κλεoμήδης)، وهو رأي يعود ربما إلى عام 200 للميلاد. وبناءً على هذا يقول الحَسَن ابن الهيثَم أن قُبَّة السَّماء تبدو لنا مُفلطحة وليست كرويَّة، بمعنى أن الأُفق يبدو لنا أبعد من السَّمْت (والسَّمْت هو ما يتواجد فوق الرؤوس في الفضاء)، ولذا فعندما يكون القمر في الأُفق يبدو لنا كبيرًا وبعيدًا، أَما عندما يكون في وسط السماء فيبدو لنا صغيرًا وقريبًا.
وقد وضع الحَسَن ابن الهَيْثَم مُؤلفاتٍ عديدة، ولكن للأسف ضاع قسمٌ كبيرٌ منها ولم يٍصلنا إلاَّ قسمٌ منها، ومِن أشهر مؤلفاته "كتاب المَنَاظِر"، وقد تُرجِم هذا الكتاب إلى اللغة الَّلاتينية وطُبِعَ عام 1572 م، وكان له، ولغيره مِن كُتب بن الهيثَم، وكُتب غيره مِن العلماء والفلاسفة العرب، دورٌ كبير في تثقيف أوروبا حينما كانت تعصف بها عواصف الأوهام وزوابع الجهل في العصور الوسطى. على الترجمة اللاتينية لهذا الكتاب أُطلق الاسم التالي:
Opticae thesaurus: Alhazeni Arabis libri septem, nuncprimum editi; Eiusdem liber de Crepusculis et nubium ascensionibus.
وترجمة ذلك هي كما يلي:"الكنزُ البَصِرِيُّ: الكتبُ السَّبعةُ للحَسَنِ العربيِّ، تُنشرُ للمرةِ الأُولى: كتابُ الشَّفَقِ وكتابُ صُعُودِ الغُيُومِ".
وما دُمنا في الحديث عن الحَسَن بن الهَيْثَم، فنُضيف ونقول أن مُحَرِّك البحث التابع ﻟﭽُوْﭽِِل احتفل بتاريخ 1.7.2013 بمرور 1048 عاماً على ميلاده، أَي ميلاد بن الهَيثَم، أما منظمة اليُونيسكو فأَطلقت على السنة الحالية الجارية، سنة 2015، اسم "السنة الدولية للضِّياء"، وذلك بمناسبة مرور 1000 عام على تأليف بن الهَيْثَم كتاب "المَنَاظِر"، وكذلك مِن أَجل تخليد ذكرى مُؤلِّفه، واحترامًا وتقديرًا لأبحاثه الرائدة في مجال الضوء وعلم البصريات، وسائر العلوم. وأَقامت هذه المنظمة ندواتٍ خلال الفترة المحصورة بين التاريخين 18 و 25 مِن شهر أيلول هذا العام، عام 2015، في مقرها بباريس، عُرِضَتْ خلالها انجازات هذا العالِم العربي الكبير في تلك المجالات العلمية.
• الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة (Oculomotor Convergence Micropsia)، وظهور قرص البدر صغيرًا وبعيدًا وهو في كَبِدِ السَّماء
الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة هي وهمٌ يسبِّب ظهور الاشياء أصغر مما هي في الواقع، وقد تنشأ هذه الحالة عن خللٍ طبِّيٍّ في العين، يؤدي إلى ضررٍ في البُقعة الصَّفراء بشبكيَّة العين، تلك البُقعة المعروفة بالاسم "البُقعة الشَّبكيَّة" (Macula Retinae)، أو عن جرح في الدماغ، أو عن بعض الأمراض، كالصَّرع والصُّداع، وعن تعاطي المخدرات، وغير ذلك، وقد تنشأُ أيضا عن عوامل نفسانية، وهي تنشأُ أيضا بشكل طبيعي عندما ننظر إلى هدفٍ معين، ولكن العينينِ تتركَّزانِ على مسافة أقصر مِن المسافة المطلوبة لرؤية هذا الهدف حسب "قانون إِيمِيرْت" (Emmert's Law)، وهذا القانون يقول أن حجم "الصورة التِّلْوِيَّة" (After Image) يزداد مع ازدياد المسافة بين الهدف الذي ننظر إليه والموضع الذي يتم إسقاط "الصورة التِّلْوِيَّة" الخاصة بذلك الهدف عليه، و"الصورة التِّلْوِيَّة" هي الصورة البصرية التي تبقى في الذاكرة بعد زوال المُحَفِّز الذي سبَّبَها، ويقول مُؤيِّدو هذه النظرية أنها السبب في ظاهرة "وَهْم القمر"، كما سوف نوضِّح فيما يلي.
استنادًا إلى مبدأ الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة فإن الدماغ يعرف من خبراته السابقة أن القمر يكون بعيدًا حينما يكون في الأُفق، وذلك لأن الدماغ يعلم أن الأفق نفسه بعيد، ومِن هُنا يظهر القمر في هذه الحالة بحجمه الصحيح، أما عندما يرتفع القمر ويصبح في كبد السماء، وفي هذه الحالة لا تتواجد أجسام بينه وبين المُشاهِد، فإن العينينِ تتركَّزانِ على مسافة قصيرة جدا، أقصر بكثير مِن المسافة الحقيقية بينهما وبين قرص القمر، ولذا فأن قرص القمر يبدو صغيرًا، وأصغر مِن حجمه الصحيح، وبعبارةٍ أُخرى، فإن الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة لا تُعلِّل سبب ظهور قرص القمر كبيرًا وقريبًا، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، وإنما تُعلِّل سبب ظهور قرصه صغيرًا وبعيدًا وهو فوق رأس المُشاهِد، وفي وسط السَّماء.
وهنالك وهمٌ آخر مُعاكس لِوَهم الرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة، وهو وهم الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة (Oculomotor Macropsia)، الذي يُعرفُ أيضا باسم "مُتَلازِمَة أَلِيْس في بلاد العجائِب"(Alice in Wonderland Syndrome)، لكثرة وجود أعراض هذا الوهم في رواية "مُغامرات أَلِيْس في بلاد العجائِب" (Alice's Adventures in Wonderland)، للكاتب الاﻧﭽليزي لويس كارُول (Lewis Carroll) مِن عام 1865. في هذه الرواية ترى البطلة تغيراً في أشكال وأحجام العديد مِن الأشياء.
هذا الوهم يسبِّب رؤية الأشياء أكبر مما هي في الواقع، وكالرُّؤْيَةٌ المُسْتَصْغِرَة، قد ينشأُ هذا الوهم عن خللٍ طبِّيٍّ في العين، أو عن جرح في الدماغ، أو عن بعض الأمراض، كالصَّرع والصُّداع، أو عن تأثير بعض أنواع اﻟﭬيرُوسات، وعن تعاطي المخدرات، وغير ذلك، وقد ينشأُ أيضا عن عوامل نفسانية، وهناك مِن الخُبراء مَن يقول أن ظاهرة ظهور قرص القمر، وهو بدرٌ، وفي الأُفق، كبيرًا وقريبًا يعود إلى هذا الوهم، ولكننا نستبعد أن تكون الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة السبب الرئيسي لتلك الظاهرة، وذلك لأن قرص القمر، وهو بدرٌ وفي الأُفق، يبدو كبيرًا وقريبًا لغالبية الناس، وليس فقط لأُولئك الذين يُعانُون مِن وهم الرُّؤْيَةٌ الضَّخاميَّة.
ظواهر طبيعية أُخرى متعلقة بالقمر
☻القمر البُرتقاليُّ أو الأحمر
يظهر القمر، خصوصًا وهو بدرٌ وفي الأُفق، بلونٍ بُرتُقاليٍّ بارزٍ مائل إلى الحُمرة، هذه الظاهرة ليست خدعة بصرية، وإنما حقيقة علمية، وسببها معروف تمامًا، وهي تحصل عادةً وقت شُرُوق القمر أو غُرُوبه، فنحن عندما ننظر إلى القمر في كلتا الحالتين، فإنما ننظر إليه بشكلٍ جانبي، أي وهو في الأفق، فيصلنا ضوؤه، وهو ضوء الشمس الساقط على سطحه والمُنعكس مِنه، بعد أن يمر في طبقة عرضيَّة سميكة مِن الهواء الجوي، والهواء مليءٌ عادة بالغبار، وأحيانًا بالمُلوِّثات أيضا، وحبيبات الغبار والمُلوِّثات هذه تُشتِّت مِن أمواج الضوء المُتواجدة في الطيف المُنبعث مِن القمر، تلك التي تمتاز بقصرها وبذبذباتها المرتفعة، خصوصًا أمواج الَّلونين الأزرق والأخضر، أما أمواج اللونين البًرتقالي والأحمر، التي تمتاز بطولها الكبير وبذبذباتها المُنخفضة، فلا تتشَّت كثيرًا، ومعظمها يمر في الغلاف الجوي للأرض مِن دون أن يتشتَّت ويصل إلى أعيُننا، وهذه الأمواج هي التي تُكسب القمر مظهره البُرتقالي أو الأحمر، عند شُرُوقه أو غُرُوبه. أَما عندما ننظر إلى قرص القمر وهو في وسط السماء، فإنما ننظر إليه بشكلٍ شبه عمودي، فيصلنا ضوؤه عبر طبقةٍ رقيقة مِن الهواء، فيظهر لنا بلون أبيض أو بلون قريبٍ مِن الأبيض، وذلك لأن تشتُّت الأمواج القصيرة المتواجدة في طيف ضوئه يكون قليلًا. ظاهرة الاحمرار وقت الشُّروق ووقت الغُروب معروفة أيضا في قُرص الشمس أيضا، وترجع لنفس السبب.
☻القمر حينما يكون بدرًا قد يُسبِّب اضطراباتٍ في النوم لدى بعض الناس
أُناس كثيرون يُعانون مِن اضطراباتٍ في النوم حينما يكون بدرًا، وهذه الاضطرابات تظهر في تأخُّرٍ في ميعاد نومهم، وفي تقصير مدَّة النوم، خصوصًا مدَّة النوم العميق، وفي انخفاض في إفراز هُورْمُون المِيْلاتُونِيْن (Melatonin Hormone, C13H16N2O2)، وهو الهُورْمُون المسؤول عن عملية تنظيم دورة النوم والصَّحو، وقد أظهرت الأبحاث أن هذه الأمور تحصل حتى لو لم يَرَ النائمونَ البدر مِن موضع نومِهِم، وحتى لو لم يَدْرُوا مطلقًا أن القمر موجودٌ في طور البدر. سبب هذه الظاهرة غير معروف تمامًا، هنالك نظريات بهذا الشأن، ولكنها لا تعطي جوابًا واحدًا شافيًا.
☻طُول مدة الدورة الشهرية عند بعض النساء قد يكون مُساويًا لطُول مدة الشهر القمري الشمسي
طُول مدة الدورة الشهرية النسويَّة يتراوح بين 21 و 35 يومًا لدى البالِغات، وبين 21 و 45 يومًا لدى الفتيات الصغار، ومعدل طُول هذه المدة هو 28 يومًا تقريبًا، وهذا الرقم مُساوٍ لمعدل طول الشهر القمري، وبالرَّغم مِن أن غالبية الأبحاث تثبت أن لا علاقة بين طُول مدة الدورة الشهرية النسويَّة وطُول الشهر القمري، وأن كل تشابه بينهما ناتجٌ عن عامل الصُّدفة، إلا بحثًا حديثًا أثبت أن طُول مدة الدورة الشهرية عند بعض النساء هو 29.5 يومًا تقريبًا، وهذه المدة هي نفس طُول مدة الشهر القمري الشمسي Lunar Synodic Month )
) وهي كما ذكرنا سابقًا، 29.531 يومًا تقريبًا، والشهر القمري الشمسي هو المدة التي يستغرقها القمر لإنهاء دورة واحدة حول الأرض، بين مُحاقَيْنِ مُتتالينِ له.
☻القمر هو المسبِّب الأساسي لظاهرتيِ المدِّ والجَزْر، وهاتانِ الظاهرتانِ تحصلانِ في سطح الأرض المائي واليابس على حدٍّ سَواء
المدُّ هو ارتفاع أسطح المُجَمَّعات المائية الموجودة على سطح الأرض، خصوصًا المُجَمَّعات المائية الكبيرة، كالمحيطات والبحار، والجَزْر هو انخفاض أسطح تلك المُجَمَّعات المائية. جاذبية القمر والشمس للأرض هي المسبب لهاتينِ الظاهرتين، ولكن تأثير جاذبية القمر أكبر بكثيرٍ من تأثير جاذبية الشمس في هذا المجال، وذلك على الرغم مِن أن كتلة الشمس أكبر بكثيرٍ مِن كتلة القمر، ومرجع ذلك إلى بُعدها الهائل عن الأرض بالمقارنة مع بُعد القمر عن الأرض، فمقدار الجاذبية بين أيِّ جسمينِ، طبقًا لقانون الجاذبية العام لإسْحَق نْيُوتُون، يتناسب تناسبًا عكسيًّا مع مُرَبَّع المسافة بينهما. ومِن المهم أن نذكر هُنا أن المدَّ والجَزْر يحصلان في الماء وفي اليابسة على حدٍّ سَواء، فسطح البحر يرتفع وقت المدِّ، خصوصًا حينما يكون القمر بدرًا أو مُحاقًا فوقه، وكذلك سطح الأرض اليابس، ولكن ظاهرتي المدِّ والجَزْر تكونان واضحتين وبارزتين في الأجسام المائية الكبيرة بشكلٍ خاص، فقد يصل ارتفاع سطح الماء فوق هذه الأجسام إلى عدد مِن الأمتار، وهذا الأمر يتعلق بمقدار عُمق المُجَمَّع المائي، وشكل قعره، وعُمق الشاطئ، وشكله، وأعماق الخلجان وأشكالها، إذا تواجدت خلجان على طول الشاطئ، أما فوق اليابسة فأقصى حدٍ للمدِّ في صخور سطح الأرض فلا يتجاوز عادة 30 سنتمترًا، وهذا الانتفاخ في صخور وجه الأرض قد يًوَلِّدُ حركاتٍ للماغما في باطن الأرض، والماغما هي الصخور المصهورة، وقد يًوَلِّدُ أيضا انفجاراتٍ بركانية، خصوصا في البراكين الفعالة. ظاهرتا المدِّ والجَزْر تنتقلان بشكلٍ دائمٍ مِن موضع لآخر على سطح الأرض، مع تغيُّر موضع القمر والشمس بالنسبة للأرض.
جاذبية الأرض للقمر تسبِّب انتفاخًا أو مدًّا في صخور سطحه، وقد يصل ارتفاع المدِّ في تلك الصخور إلى 55 سنتمترًا، وهي تسبِّب أيضا شُقوقًا في تلك الصخور، وتوسيعاتٍ في الشُّقوق الموجودة في سطحه، وهنالك ما لا يقلُّ عن 3,000 شقٍّ في صخور سطح القمر تكوَّنت بسبب جذب الأرض للقمر. ونظرًا لأن القمر يعرض دائما نفس الوجه للأرض، فظاهرة المدِّ في سطحه تبقى دائما في نفس الموقع مِن ذلك السطح.
☾مواعيد اكتمال القمر لما تبقَّى مِن عام 2015، ولعام 2016
فيما يلي مواعيد اكتمال القمر، أي مواعيد ظهوره بدرًا، في البلاد، ابتداءً من الشهر الحالي (تشرين الثاني)، وحتى نهاية هذا العام (عام 2015)، وكذلك لعام 2016، نقدمها لِمَن يريد أن يتابع الظاهرة التي نتحدث عنها، أي ظاهرة "وَهْم القمر":
عام 2015
☾ 26 تشرين الثاني، الساعة الثانية عشرة ليلاً وأربع وأربعين دقيقة.
☾ 25 كانون الأول، الساعة الواحدة واحدى عشرة دقيقة بعد الظهر.
عام 2016
☾ 24 كانون الثاني، الساعة الثالثة وستٌّ وأربعون دقيقة صباحًا.
☾ 22 شباط، الساعة الثامنة وعشرون دقيقة مساءً.
☾ 23 آذار، الساعة الثانية ودقيقة واحدة بعد الظهر.
☾ 22 نيسان، الساعة الثامنة وخمس وعشرون دقيقة صباحًا.
☾ 22 أيَّار، الساعة الثانية عشرة وست عشرة دقيقة بعد مُنتصف الليل.
☾ 20 حزيران، الساعة الثانية وأربع دقائق بعد الظهر.
☾ 20 تموز، الساعة الواحدة وتسعٌ وخمسون دقيقة بعد مُنتصف الليل.
☾ 18 آب، الساعة الثانية عشرة وتسع وعشرون دقيقة ظهرًا.
☾ 16 أيلول، الساعة العاشرة وسبع دقائق ليلًا.
☾ 16 تشرين الأول، الساعة السابعة وخمس وعشرون دقيقة صباحًا.
☾ 14 تشرين الثاني، الساعة الثالثة وثلاثٌ وخمسون دقيقة بعد الظهر.
☾ 14 كانون الأول، الساعة الثانية وست دقائق صباحًا.
القمر - معلوماتٌ أَساسيَّة
ومِن أَجل إِكمال الصُّورة نقدِّم فيما يلي بعض المعلومات الأساسية عن القمر:
أعمار الصخور: مِن 3.16 مليارد عام (الصخور البازلتية الموجودة في المناطق المُنبسطة المعروفة ﺒ "البحار القمريَّة" (Lunar Maria)، إلى 5.3 مليارد سنة (صخور المرتفعات القمريَّة). أحدث الانفجارات البركانية حصلت قبل 1.2 مليارد سنة تقريبًا.
الكتلة: 7.3477x1022. كيلوغرام (أي ما يُعادل 0.012300 مِن مقدار كتلة الأرض)
الحجم:2.1958x1022. كيومترًا مكعبًا (أي ما يُعادل 0.020 مِن مقدار حجم الأرض)
معدَّل الكثافة: 3.3464 غرام لكل سنتمتر مكعب (أي ما يُعادل 0.606 مِن مقدار معدَّل كثافة الأرض)
مقدار الجاذبية: 1.622 متر في الثانية في الثانية (أي ما يُعادل 0.1654 مِن مقدار الجاذبية الأرضية)
سرعة الإفلات (السرعة المطلوبة لجسم معين كي يخرج نهائيًا مِن نطاق جاذبية القمر): 2.38 كيلومترًا في الثانية (بالمُقارنة مع 12.2 كيلومترًا في الثانية، سرعة الإفلات من كوكب الأرض)
معدَّل طول نصف القُطر: 1737.10 كيلومترًا
طول نصف القُطر الاستوائي: 1738.14 كيلومترًا
طول نصف القُطر القطبي: 1735.97 كيلومترًا
معدَّل البُعد عن الأرض: 384,399 كيلومترًا
البُعد عن الشمس عندما يكون القمر في الحضيض (أي عندما في أَقرب نقطة له خلال دورانه حول الشمس): 356,400. 3704 كيلومترًا
البُعد عن الشمس عندما يكون القمر في الأَوج (أي عندما في أَبعد نقطة له خلال دورانه حول الشمس): 404,000. 4067 كيلومترًا
مقدار شُذوذ المحور: 0.0549
معدَّل سرعة الدوران حول الأرض: 1.022 كيلومترًا في الثانية
مقدار ميل زاوية المحور عن مستوى الدوران: 1.5424 درجة
مقدار ميل زاوية مداره حول الأرض عن ميل زاوية مدار الأرض حول الشمس: 5.145 درجة
درجة حرارة السطح: من +121.11 درجة مئوية في النهار، إلى - 156.67 درجة مئوية في الليل، تقريبًا
كتلة الغلاف الجوي: 2,500 طن تقريبًا
التركيب الكيماوي للغلاف الجوي (عدد الجزيئات للمتر المكعب الواحد خلال الليل، أرقام تقريبية):
غاز الهِيليوم (النظير 4): 40,000
غاز النِّيُون (النظير 20): 40,000
غاز النِّيُون (النظير 22): 5,000
غاز الهيدروجين: 35,000
غاز الأَرغُون (النظير 40): 30,000
غاز الأَرغُون (النظير 36): 2,000
غاز المِيْثان: 1,000
غاز الأَمُوْنْيا: 1,000
غاز ثاني أُوكسيد الكربون: 1,000
وهنالك أيضا قليلاً جدا من غاز الأُوكسيجين، وبعض مركبات الألومنيوم والسيليكون، وربما أيضا بعض مركبات الفوسفور والصوديوم والماغنيسيوم.
دورة القمر حول الأرض
نحن نقول أَن القمر يدور حول الأرض، ولكن الأَصحَّ أَن نقول أَن القمر يدور حول مركز الثِّقل المُشترك بينه وبين الأَرض (Earth – Moon Barycenter)، وهذا المركز يقع بداخل الأَرض على بُعد 4,671 كيلومترًا من مركزها، القمر يدور حول هذا المركز، أَما الأَرض، ألأَثقل بكثيرٍ مِن القمر، فتترجرج حول هذا المركز.
القمر ينهي دورة واحدة حول الأَرض، أَو كما ذكرنا، حول مركز الثِّقل المُشترك بينه وبين الأَرض، بالنسبة للنجوم البعيدة التي نقول عنها أَنها "ثابتة" (وهي عمليًا ليست كذلك !) مرَّة كل 27.322 يوم تقريبًا (27 يوماً و 7 ساعات و43 دقيقة و 11.87 ثانية)، وعلى هذا الشهر القمري يُطلقُ اسم "الشهر القمري النَّجمي" (Lunar Sidereal Month)، أما بالنسبة للشمس فهو ينهي دورة واحدة مرَّة كل 29.531 يوم تقريبًا (29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و 3 ثوان)، وعلى هذا الشهر القمري يُطلقُ اسم "الشهر القمري الشَّمسي"
Synodic Month) (Lunar .
القمر يدور في مدار إهليلجي حول مركز الثقل المُشترك بينه وبين الأرض، تماما كما تدور الكواكب السيارة حول مراكز الثقل المُشتركة بينها وبين الشمس، ودورة القمر حول الأرض، مثل دورات الكواكب السيارة حول الشمس، تخضع للقوانين الثلاثة التي تحكم حركات الأجرام السماوية التي تدور حول بعضها، وهذه القوانين هي "قوانين ﮐِﭘْﻟِر" لحركة الكواكب السيارة.
Kepler's Laws of Planetary Motion)). وبسبب إهليلجيَّة مدار القمر حول الأرض، فأحيانا يكون قريبًا منها، وهذا الوضع يُعرف ﺒ "الحَضِيض" (Perigee)، وأحيانا أخرى يكون بعيدًا عنها، وهذا الوضع يُعرف ﺒ "ألأَوْج" (Apogee)، ومن هُنا ينتج أن القمر عندما يكوب بدرًا، وفي الحَضِيض أيضا، يكون قُرصه وهو في الأُفق كبيرًا، وأكبر بكثير عندما يكون وهو في الأَوْج، وهاتانِ الظاهرتانِ ليستا وهمًا مِن الأوهام، وإنما هُما حقيقتانِ علميتانِ.
وفيما يلي فيلمٌ قصير يوضِّح ظاهرة وَهْم القمر (بالاﻧﭽليزية):
أَوجه القمر.تنتج عن دورانِهِ حول الأرض. |
لا تَسْأَلِينْي فَكَمْ أَهْلُ الهَوَى سأَلُوا هَلْ يَصْدُقُ الدَّهـْـرُ في ما يَرْسِمُ الأَمَلُ وَهَلْ يطَوْلُ بأَحْلامِ الهَوَى الأَجَلُ لا تَسْأَلِينْي فإنّي خائِفٌ وَجِلُ لا يَنْقُصُ البَدْرُ إِلاَّ حِينَ يَكْتَمِلُ مِن أُغنية «إِسألِ الفجرَ والغُرُوب»،كلمات صالح جَوْدَت وغناء فريد الأطرش |
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير