فأر غبيّ بقلم راضي كريني
2013-11-08 15:03:00

في تلك الليلة لم يغمض لفأرنا جفن، حاول كلّ الأساليب الداعية إلى النوم التي يعرفها، خرج من جحر ودخل أكثر من جحر، لكنّه بقي يقظًا ويفكّر ويتحسّب من طول قوارضه الغريبة، ظنّ أنّه إذا لم يستخدم أسنانه في قرض عظام حيوان ضخم؛ فإنّها قد تنمو إلى حدّ تمنعه إطباق فكيّه، وإنّها قد تخترق سقف حلقه فيموت.
أشرقت الشمس .. خرج الفأر من جحره الأخير، وصعد إلى قمّة صخرة، استحمّ بنور الشمس، فكّر أن ينحت الصخرة بقوارضه... لكنّه يتمتّع بحاسة سمع قويّة؛ فسمع حركة أسد، وشمّه فانجذب لرائحته.. قال في نفسه سأقضمه وأبري أسناني وأنقذ نفسي، نظر إلى خياله فرآه أكبر من الفيل وظنّ الأسد أصغر من نملة.. تشهّى زجاجة بيرة أو كأس نبيذ، استغرب تقلّص ظلّه كلّما ارتفعت الشمس واتّسعت زاوية سقوط الأشعة عليه، ظنّ أنّ الجوع هو السبب في جزر ظلّه... ففتر حماسه في التهام الأسد ...
عند الظهيرة، تقدّم الأسد من الصخرة ذاتها، وتربّع في ظلّها على الأرض، ولم يكترث للفأر الرابض على قمّتها ... نظر الفأر إلى ظلّه فرآه قد تساوى مع حجمه الطبيعيّ؛ فخاف أن يلتقطه الأسد بمخالب كفّه... فهرب إلى ...!
انتهى عمل الجنرال يعقوب عميدرور كمستشار الأمن القوميّ لرئيس حكومة إسرائيل، ربّما استقال أو أقيل، لاختلافه مع الوزير شطاينتس المسؤول عن الملفّ الإستراتيجيّ والشؤون الاستخباراتيّة، والصديق العزيز لسارة زوجة رئيس الحكومة... ربّما سارة قرّرت إقالة يعقوب!
انتهى عمل عميدرور ابن عائلة الإيتسل، وحلّ محلّه يوسي كوهين نائب رئيس الموساد سابقا، وخرّيج عائلة انتمت للإيتسل أيضا، وتربّت وترعرعت على...!
تسلّق يوسي كوهين الذي يتمتّع بحاسة شمّ قويّة صخرة الأمن القوميّ، وهو الذي عرف عن أمراض العرب ما لا يعرفه العرب عن أنفسهم، واطّلع على خفايا وأسرار الحكم من أوسع الأبواب/من منظار الموساد، فرآها ضخمة وعظيمة كظلّه عند شروق الشمس؛ فسنّ أسنانه وشحذها بمشحذ غربيّ بعد أن خرج من جحور الموساد، وجلس على صخرة أمنيّة... ليلتهم الطرائد العربيّة والفارسيّة.
حسب رأي الخبراء العسكريّين الإسرائيليّين:لم يبقَ في الساحة إلاّ دولة واحدة تهدّد كيان ووجود إسرائيل، لذلك ستأتي الضربة في بداية سنة 2014. سمعنا كلاما حاسما جازما كثيرا وعن تواريخ صفر أكثر، لكنّها آخر تقليعة لإفشال المفاوضات حول النوويّ الإيرانيّ...
لم يقنع بيبي نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، الذي يحبّ الرسوم الكاريكاتيريّة والخطّ الأحمر زعيما غربيّا واحد، بأنّ إسرائيل مهدّدة بالفناء من النوويّ الإيرانيّ!
كيف سيقنعهم وإسرائيل الصغيرة والضعيفة قد صمدت وازدهرت في الماضي أمام تهديد كذا دول... فكيف لها وهي كبيرة وقويّة، وتمتلك السلاح الأشدّ دمارا أن تنهار الآن أمام تهديد إيران الوهميّ؟!
لكنّ إسرائيل لن تصمد أمام المقاطعة والعزلة الدوليّة، ولن تصمد ولن تزدهر أمام التفرقة العنصريّة وإبعاد العربيّ عن سوق الإنتاج، وأمام سياسة الاضطهاد القوميّ وتكريس الاحتلال وتفشّي البطالة، ولن تصمد أمام سياسة الاستغلال، سياسة إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء، ولن تصمد أمام انتعاش الفاشيّة وانعدام الأمن الداخليّ وسيطرة عائلات وعصابات الإجرام المنظّم والفوضويّ على بعض مؤسّسات الحكم المحليّ بعد أن أحكمت سيطرتها بالكامل على الشارع وتجارة الشارع و... وستنهار إذا لم تهتمّ لتربية كافة الأجيال على المحبّة والتسامح والتقبّل و... وإذا لم تجسر الفوارق في نتائج التعليم!
لا تخنقوا إسرائيل بالجدران والأسوار؛ بل حصّنوها بالعدل ونقّوا طريقها من الظلم والعنف والإجرام!

 


 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق