لا تعالج الخطأ بالخطأ !! حسين الشاعر – شفاعمرو
2013-12-02 09:17:28
تختلف الأخطاء وتتنوع من شخص لآخر، ومعظمنا يخطئ في حياته العملية والحياتية والاجتماعية وغيرها.. وتتمايل به سفينة الحياة التي تمخر به عباب المحيط فتلاطمه أمواجه تارة، وترسو به في شواطئ التّيه تارة اخرى..

ان الأخطاء واردة لا محالة لها في حياتنا، في البيت، العمل، مع الأصدقاء، وحتى مع أنفسنا، واكبر خطأ نرتكبه هو بعدنا عن الله تعالى.. إذن تتنوع الأخطاء التي يقع من كل الناس كباراً وصغاراً، وهذا امر بدهي، وليست المشكلة في الاخطاء واشكالها وانواعها.. ولكن الخطأ، بل الخطيئة للأسف ان هنالك فئة من ابناء المجتمع ترتكب الخطأ وتعالجه بالخطأ، وقد لا تقدم على علاجه رغم ان الحل أمامها..

مهما كان حجم الخطأ فإنه يمكن علاجه، وأعترف انه لن يكون العلاج في إصلاح ما أفسده الخطأ 100% لكنه على الأقل يصلح أكثر وأفضل في حالة بقينا على حالنا دون الإصلاح، وهذه تحتاج الى معادلة ذاتية ومحاسبة النفس لذاتها قبل أن يحاسبها احد، وهذه فرصة للمصالحة مع الله لأن بطاعته تمطر الخيرات.

كثير منا يستسلم للخطأ ويظن انه فقد القدرة على علاج نفسه وعلاج خطأه لشكه في قدرته أصلاً على العلاج. ولكن من خلال تجربة بعض الزملاء تبين أن السبب يكمن في طريقتنا في التعامل مع الأخطاء وهذا جزء من الخطأ نفسه..

صدق من قال أن الدنيا مدرسة وتجربة الحياة شهادة جامعية، بالرغم من عدم الدخول الى الجامعة أو اجتياز امتحان البسيخومتري، ولكنها شهادة لا تعلق على الجدران في البيت والمكاتب، وللأسف فئة كبيرة من المجتمع لا تحمل هذه الشهادة، وإن كانت لا تكلف أموالاً طائلة، بل تكلف جهدا ودراية ومعرفة ورؤية ومعاملة واحتراما وذوقا. أحياناً يكون السبب فينا في معالجة الخطأ وذلك لعدم الإيمان في قدرتنا، أو اننا نخجل أن نصحح الخطأ، وهنا علينا أن ندرك أن تصحيح الخطأ أقوى وأفضل من البقاء عليه!

على سبيل المثال أولادنا عندما يرتكبون خطأ ننهال عليهم مباشرة وبدون تفكير للحظة باللوم، وبعضنا يحتقرهم ويعظم عليهم الخطأ وكأنهم ارتكبوا جريمة، حتى اننا نشعرهم بأنهم سقطوا في بئر ليس له قاع!!

 أكبر مثال على طريقة إصلاح الخطأ هو قدوتنا ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يتعامل مع الناس بأساليب تربي فيهم الرغبة في الخير وتشعرهم أنهم الى الخير اقرب.. حتى وإن وقعوا في أخطاء.. فعن أنَس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كل ابن آدم خطّاء وخير الخطاءين التوابون)، ففي هذا الحديث العظيم يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أننا كلنا نذنب، وكلنا نخطئ، والذنب والخطأ من سيما البشر.. فنحن نقبل على الله تارة وندبر أخرى، نراقب الله عز وجل مرة، وتسيطر علينا الغفلة أحيانا أخرى، لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ، ولابد أن يقع منا الزلل، فليس لأحد مهما علا شأنه أن ينفك عن الخطأ، إذ هذه هي طبيعة البشر، فالسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أن فتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ، ولولا هذه الرحمة العظيمة لوقع الإنسان في حرج شديد، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه، وانقطع رجاؤه من عفوه ومغفرته.

عزيزي القارئ.. من خلال تجربتنا ولو كانت بسيطة وقليلة الا ان الشطارة في فهمنا، فينبغي علينا ان نتعامل مع المخطئ على انه بحاجة الى علاج وليس أن نحتقره ونزيد الطين بله، لأنه قد يصل الى درجة يشعر معها أنك فرح بهذا الخطأ! وقد تكون أنت القارئ الناصح والطبيب المعالج وأنت لا تدري، فالطبيب الناجح يهتم بصحة المرضى أكثر من اهتمامهم هم بأنفسهم..

وأخيراً تذكر.. ممكن أن يكون الخطأ فينا نحن.. وطريقتنا في التعامل مع الأخطاء أكبر من الخطأ نفسه.. إذاً ضع إشارة قف وأبدأ من اليوم بالمصالحة والتصحيح كي تسير في الاتجاه الصحيح.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق