النحس.. بين التكسير والتغيير!! بقلم حسين الشاعر – شفاعمرو
2014-01-05 11:38:06

مساكين من يفتشون عن اكتساب الحظ السعيد وكسر النحس مع نهاية عام مضى وحلول عام جديد.. نعم مساكين، إن ليلة رأس السنة، تأتي كل سنة ونحن نخسر سنة من حياتنا، والحياة لم تتغير، بل نحن الذين نتغير.
بدون شك أن ليلة السنة الجديدة ليست ككل الليالي، لها سحرها الخاص وضجيجها بألف معنى ومعنى، ليلة حلوة ومُرّة  نستقبل معها عاما جديدا بأجواء الفرح ونودّع القديم بحسرة وربما بغضب.. ليلة تحييها شعوب العالم بأسره من مشارقه الى مغاربه، كل على طريقته، عبر احتفالات وعادات وتقاليد بموروثات ومعتقدات قديمة لا تخلو من غرابة وطرافة،  منها ما يلامس الجنون والشعوذة، لكل منها تاريخها، جذورها ورموزها، وما زال هاجسها منذ أقدم الأزمان وحتى أيامنا جلب الحظ والخير وطرد النحس!!
ونحن هنا في بلادنا وواقعنا ماذا تغيرت علينا الحياة من العام الماضي حتى اليوم.. ما أزعجني وراودني لكتابة هذا المقال، إنني عندما استيقظت صبيحة اليوم الأول للعام الجديد، وكنت مضطراً للذهاب الى جلسة عمل، ولكني أضطررت لتغيير الطريق القصيرة المعهودة والتنقل بسيارتي من حي لآخر ومن شارع الى آخر كي أصل لمكان الجلسة.. وذلك بسبب الحجارة والزجاج الحطم المتناثر في بعض الشوارع..
الى متى سنعتقد أن النحس والحظ السيئ للإنسان انه سيتغير بتحطيم الزجاج وإغلاق الشوارع وحرق الإطارات، أليست هذه معتقدات خرافية مزاجية نفسية ليس أكثر..؟
قد تسألني عزيزي القارئ ما المطلوب مني أن أقدمه للحياة ؟، المطلوب ليس بالكثير.. أنت مطالب بعمران الأرض وتركها أجمل مما كانت عليه حال قدومك! وان تتغير معها للأفضل، أن تعمر فيها قلاع المحبة والخير، وإرواء نبتة الفضيلة والبحث عن المعادن الفريدة التي اندثرت وإظهارها للناس كالصدق والوفاء والإيثار والاستعلاء على مطامع الدنيا وزخرفها.. تستطيع أن تقدم للحياة بيتاً نظيفاً راقياً، وعندها سيبتعد عنك النحس ولا يتعرف عليك،  وما دمت تزرع خيراً فحتماً ستحصد خيراً وليس بذوراً من النحس!!.
يقول ربنا جل وعلا في سورة هود :{ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} ﴿61﴾. هكذا هي تعاليم رب العالمين.. فلماذا لا نتفكر في ليلة السنة الجديدة كيف سنقضي ما تبقى لنا من الوقت بعمل الخير وزرع التسامح والبعد عن النزاعات والاختلافات؟ كيف يمكننا أن نعيش حياتنا بكرامة وسعادة وبصحة وهداة البال والتي تساوي كل المال؟! لماذا لا نتفكر بتربية أبنائنا على العادات الحسنة ليتمتعوا بالخلق الراقي المؤدب؟
تأكد عزيزي القارئ انك في أي موقع كنت بإمكانك إن تقدم سلوكاً منضبطاً واعياً وروحاً سمحة صافية إذا صفي قلبك وراقت نفسك.. وبهذا بإمكانك كسر أي نحس وتكوّنت لديك أفكار جديدة فيها رياح العطاء، بل انك  ستشعر انك تقدم الكثير للحياة، وعندها ستفتح صفحة مشرقة مليئة بالجمال وتحافظ على بيئة نظيفة وتمزق مكانها صفحة أخرى مليئة بالكذب والغش.
تخيل عزيزي القارئ لو أن كل واحد منا تعهد لنفسه أن يجمّل وينمّق الجزء الذي يحتله من العالم في حيه ومدينته فسيجعل من مسكنه جنة، ومن أسرته مثالاً للأخلاق والسلوك الذي ينضح بالجمال والروعة..وان يبدأ بذاته، عندها لن ينتظر احد منا نهاية كل عام ليحطم الزجاج من اجل تغيير النحس، لان النحس ساعتها لن يتعرف عليه!!.


 

 


 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق