شولاميت ألوني بقلم راضي كريني
2014-01-30 10:52:25

في 24-1-2014 توفيت شولاميت ألوني، إحدى أبرز شخصيّات اليسار الصهيوني، التي بدأت نشاطها في الإذاعة الإسرائيليّة، وكناشطة في حزب "مباي"، ومن ثمّ انتخبت في الكنيست (البرلمان الإسرائيليّ) السادسة سنة 1965كمندوبة عن حزب "المعراخ" (التجمّع)، ثمّ في سنة 1969 أبعدتها قيادة المعراخ عن الكنيست الثامنة؛ فأسّست حركة "راتس" من أجل حقوق المواطن .. انشغلت بحقوق المواطن والإنسان، عملت ضدّ الإكراه الدينيّ، ونادت بصياغة دستور "ديمقراطيّ" (يتّشح باللمسات الصهيونيّة) لإسرائيل وبالاحتكام إليه، ناضلت من أجل مساواة أبناء أحياء الفقر من اليهود الشرقيّين بأبناء الكيبوتسات والنخبة، الذين جرى تفضيلهم في المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة وترقيتهم ليحكموا سيطرتهم على المؤسّسات السياسيّة في ذاك الوقت.
اختلفت شولاميت ألوني مع اليسار الديمقراطي في إسرائيل، المتمثّل بالحزب الشيوعيّ ومن ثمّ بالجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة، اختلفت معه ودافعت عنه أحيانا، وفي بعض الحالات حملت عبارة"فولتير": "قد أختلف معك في الرأي ولكنّي على استعداد لأن أموت دفاعا عن رأيك" ضدّ التعصّب الدينيّ والطائفيّ بين الأوساط اليهوديّة، لكنّها تخلّت عن سيف فولتير ورسالته الفكريّة والحياتيّة، ولم تكن على استعداد أن تموت دفاعًا عن حريّة رأي اليسار الفلسطينيّ  وسياسته وفكره، انتقدت الاحتلال الإسرائيليّ وتكريسه وممارسته الوحشيّة من منطلق تحرير الإسرائيليّ الصهيونيّ من عنصريّته وتعصّبه وفاشيّته. كنّا نستهجن مثل هذا الطرح لممثّلي اليسار الصهيونيّ،  لأنّه سُمّ زعاف في دسم مبرّرات الاحتلال للإنسان العربيّ الفلسطينيّ المسلوب وطنه، والمقموعة حريّته، وكنّا نسأل شولاميت ألوني: كيف لهذا الجنديّ ورجل الأمن الإسرائيليّ الذي يمارس القمع والإذلال والقتل والتعذيب و... والتمييز العنصريّ والاضطهاد القوميّ في المناطق المحتلّة الفلسطينيّة، وفي البلدات العربيّة الفلسطينيّة داخل الخطّ الأخضر، أن يعود إلى بيته ويصبح إنسانا ديمقراطيّا؟!
كنّا نعي الكساد الديمقراطيّ، ونلاحظ احتراق اليسار الصهيونيّ في أتون بن غوريون والفكر الاستعماريّ والاستعلائيّ، كما لاحظنا تخصّص اليسار الصهيونيّ في النزعة الأكاديميّة، وتعاملهم مع موبقات الاحتلال والاضطهاد القوميّ بطريقة معادلات أكاديميّة في أروقة الجامعات والكليّات! فأصبحت عباراتهم متداولة في الأوساط الأكاديميّة الخاصّة، وبعيدة عن نبض الشارع، لا تؤثّر في توجّه الفقراء والبسطاء اليهود وتدافعهم نحو خشبة الإنقاذ من التمييز ضدّهم إلى أحضان اليمين الصهيونيّ المتطرّف؛ فانقطع الحوار بين اليسار الصهيونيّ والمتلقّي اليهوديّ والعربيّ في الشارع الإسرائيليّ، وفي المصانع، وفي الأحياء الفقيرة و...
كنّا نقول لليسار الصهيونيّ: نحن الفقراء من العرب ومن اليهود، وبشكل خاص الشرقيّين منهم، نستحقّ أكثر من المساواة إذا أردتم أن تعدلوا! لكن لا حياة لمن تنادي.
اليوم بدأ اليسار الصهيونيّ بالاعتراف باستحالة تطبيق المساواة بدون إسنادها إلى العدل، وبدأ في المطالبة بسنّ قوانين التمييز الإصلاحيّ التفاضليّ، وأُقرّ قانون تمييز المرأة الإصلاحيّ، لكنّه يعاني من أسْره في المؤسّسات الأكاديميّة وخنقه في مهده في الكنيست، ولم نشعر بتطبيقه في المناقصات، وفي إشغال الوظائف والمهن، وفي التمثيل الحزبيّ وفي الهيئات والمؤسّسات الحكوميّة و..,
واليوم، بعد سنّ العديد من القوانين العنصريّة، وبعد محاولة إبعاد العرب عن البرلمان ومؤسّسات الحكم، وبعد... وبعد تفشّي الأفكار الفاشيّة في الأوساط الشعبيّة، نقول لليسار الصهيونيّ: انزل إلى الشارع واترك برجك العاجيّ الأكاديميّ، واختلط بالجمهور؛ لعلّنا وإياك نستطيع وقف التدهور الحاصل في بلادنا والمنطقة وبالتالي لنختلف حول تطبيق الازدهار!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق