"شرفة العار" للروائي الشاعر ابراهيم نصرالله / عزت فرح
2014-03-09 13:47:54
الرواية "شرفة العار" هي احدى شرفات الكاتب الروائية: شرفة الهذيان، شرفة رجل الثلج وشرفة العار.
الكاتب فلسطيني يعيش في الاردن، هل للمخيم دور في صقل شخصية الكاتب ابراهيم نصرالله الادبية والشعرية لان العار يلحق بالقاتل وليس بالقتيل. بخاصة ان القتيل دافع عن نفسه وعن أرضه.
شرفة العار عنوان صريح ومباشر لقضية تقض مضاجعنا، وصرخة في وجه العدالة.
في هذه الرواية يصدمنا الأديب إبراهيم نصرالله ببؤس واقعنا الاجتماعي. المجتمع الذي لا يزال "يرفل" بالعادات الجاهلية من اغتصاب النساء اللواتي لا حول ولا قوة لهن، على يد وحوش بشرية، شجعها المجتمع العربي المتخلف بشرعنة غير عادلة لتخفيف جرم القاتل اذا كان "غسلا للعار".
مجتمعات عربية لا تزال متخلفة بعاداتها وقوانينها، حكامها وسياسييها يقدمون على سن قوانين مجحفة يحق المرأة.
إن الرواية مقسمة إلى أربعة أبواب:
1-  ما كان عليّ ان اتوقف عن القص ابدا
2-  خط احمر رفيع
3-  الراية السوداء
4-  الليل الطويل
وكل باب مقسم الى ارقام متسلسلة.
وأمّا ما يقطّع القلب ما تنتهي اليه الرواية من رسالة "منار" البطلة الضحية بخط يدها وأبيها وأمها وأخويها وجميع العائلة _ هذه الرسالة تجعل قلبك يتقطّع الما ويعتصر تجعلك حزينا لما كتبت "منار".
لماذا اختار الكاتب الفلسطيني الأردني اسم شرفة العار لروايته؟
ان النظرة الذكورية للأنثى تؤدي الى القتل، وهذه النظرة لا تلبث ان تمارس اشكالا متنوعة من القتل.
الرواية تعكس قضية اجتماعية ملحّة وخطيرة جدا وهي تشير الى الموروث الجاهلي، اي الجرائم، التي ترتكب بادعاء الدفاع عن الشرف والتي يمتنع الصحفيون والكتاب بغالبتهم عن معالجتها الا القلائل لانهم يخشون ردة الفعل وخوفهم من المجتمع المريض.
هذه القضية  لها جذور عميقة في تاريخنا القديم، حيث كان الرجل  يئد ابنته، يدفنها وهي حيّة، يقتلها خوفا من جوع وشرف.
وفي أيامنا من حق الرجل في مجتمعنا وهو مجتمع ذكوري ان يقتل المرأة وهي التي تعدّى أحد المرضى او الشذّاذ من الرجال عليها واغتصبها رغما عنها ولأنها ضعيفة شرعن الذكر قتلها بحجة الحفاظ على الشرف.
لقد استطاع الكاتب ايصال تجربة الفتاة الجامعية المهذّبة والرقيقة "منار", هذه التجربة المريرة التي ذاقتها اوصلها الكاتب المبدع الى أعماق القارئ، وتلمح انه استطاع تحريك مشاعر واحاسيس القارئ كما شعرت انا نفسي وانه يستطيع ان يشعل ثورتك وغضبك وحنقك أخي القارئ لو قرأت هذه الرواية الممتعة وذلك بسبب الظلم الذي يصفق للقاتل ويسيء للضحية.
كما ان ما أصاب "منار" يؤكد الجو المرعب الذي يثيره ما حصل لهذه الفتاة الرقيقة على يد أخيها "أمين" الذي  يفوح منه عكس اسمه، هذا الاخ الفاشل السيء من كل  النواحي وهو المسبب الرئيسي الذي جعل "يونس" يغتصب منار بسبب الدين المخزي الذي كان ليونس على أخيها أمين.
ولهذا القتل الوحشي أثر نفسي جارف يطارد بنات جنس منار لان كل فتاة تصبح معرضة  لمشروع قتل "شرف" وعار.
أما اسلوب الرواية فاستبق الكاتب الاحداث وقدّم لأقسام روايته_ والسبب كما يرى كثيرون كي يرفع مستوى عنصر التشويق.
الاحداث في الرواية متسلسلة والالفاظ صحيحة وصائبة والجمل ملائمة مما يساعد المؤلف على ابراز الحركة والصوت والاثارة والانفعال: "التفت لوجه نبيلة كان شاحبا كالموت، جسدها في مكان وروحها في مكان اّخر، جافّة كحطبة وساهمة كضياع".
أرى أن اسماء شخوص الرواية  لها مدلولات: فأمين يحمل اسما يغاير صفاته, بينما نبيلة فهي نبيلة بكل ما في الكلمة من معنى ويونس ليس فيه معنى الأنس وهكذا دواليك.
تعتبر تشبيهات إبراهيم نصرالله قادرة على التقاط الصور تقريب المتباعد, بتداخل المشبه بالمشبه به كوحدة واحدة.
"عيناه جامدتان كحجرين بركانيين أسودين، أصابعه متصلبة حول يدي الكرسي كما لو انه ميّت". هكذا يصف والد منار الذي احبها حبا جما والذي اخلص الى زوجته والى بيته عكس ابنه امين وابنه الذي يعمل في الخليج  الذي تأخر في مساعدة اهله رغم يسر حاله، اما ابنه البكر الذي خان زوجته وتزوج عليها التي اجبرت هي وامه ان تخطبها له حيث وضع اهله تحت الامر الواقع. ويلاحظ ان الكاتب اجاد في تصوير قسوة لحظات اغتيال منار لقد صوّر ثقل ظلال الحدث حتى يخيّل الى القارئ انه يرى الحدث.
تعتبر الرواية  ادانة للجميع، لقد اقنع الكاتب ان لا يتردد في ادانة جرائم الشرف وذلك بواسطة اسلوبه الممتع السلس, وسرده المحكم المنطقي.
قال الروائي المبدع ابراهيم نصرالله ان الامر المفزع في كتابة رواية كهذه هو ان تقوم بكتابتها في الوقت الذي تتساقط فيه  الضحايا حولك هكذا قال الروائي في معرض صدور روايته التي وقعها في عمان وهي مفارقة.
ان الكاتب يهدي روايته الى ضحايا جرائم الشرف في العالم باسره والى النساء في كل مكان، آملا ان تفتح روايته افقا لتغيير بعض السلوكيات الخاطئة التي ترفضها جميع الديانات السماوية.
هذه الرواية شرفة جديدة اراد بها الكاتب الوقوف من خلالها على واقع المرأة العربية.
جريمة شرف؟ الجريمة بلا شرف. دائما.
قال أبو الامين والد منار بصدق من لا يرفع رأسه بأولاده لا يستطيع ان يرفعها ببناته.
لو قرأت اخي الرواية لأحببت ان تنهي قراءتها في نفس الليلة فهي رواية مشوّقة يشدك الى قراءتها شخصية: ابو الامين" وشخصية زوجته التي كان معجبا بإخلاصها وتفانيها وشخصية كنته، واكثر من ذلك شخصية منار.
اختيرت الرواية كواحدة من افضل خمسين رواية عربية.
ربما اتحفظ على السبب في جريمة يونس الذي اغتصب منار لسداد دين له على اخيها امين فرأيي المتواضع من المستبعد ان تكون حفنة من دين سببا لهذا العمل اللاأخلاقي المقرف.
ان منار لم تكن بمستوى خريجة جامعة في ردة فعلها ومعالجة طالبة المدرسة التي تعرضت للاغتصاب وجيء بها الى المعالجة الاجتماعية في المدرسة التي هي منار.
ربما هذا ناقوس يقرعه الكاتب لمراجعة المناهج الجامعية ام هي الحقيقة في مجتمعاتنا ان الانثى ضعيفة سلبية جبانة متهاونة ان الامر بحاجة لإعادة حساب. الكاتب يستعين بخاص يعممه والعام يخصصه.
ان جريمة غسل الشرف اراد الكاتب ان يقول في روايته ان هذه الجريمة تضاهي كل الجرائم بشاعة.
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق